تعديل قانون الجنسية في السعودية تهميشٌ لفئات وقضاءٌ على الهوية
قال تحليل إن تعديل قانون منح الجنسية الذي طُبّق مؤخرًا في السعودية والإمارات من شأنه أن يحرم فئات مهاجرة عاملة من هذا الامتياز، عدا عن أن القانون قد يضرّ بالهوية الوطنية للدولتين ويؤثر على تركيبتهما الاجتماعية.
وأشار التحليل الذي نشرته الحقوقية والمحللة السياسية “سابينا صديقي”، إلى أنه في حال بقي منح الجنسية حصرًا على فئة المستثمرين ورجال الأعمال والعلماء؛ فسيكون هناك تأثير سلبي على المهاجرين من الفئات ذات الدخل المنخفض، حيث أن تجاهل الجزء الأكبر من العمال الأجانب الموجودين في الدولتين الخليجيتين منذ أجيال يمكن أن يجعلهم مستائين ما لم يتم تقديم حوافز لهم أو منحهم فرصة للتقدم بطلب للحصول على الجنسية.
يُذكر أنه قبل شهرين، تخلت المملكة عن سياساتها الصارمة المتعلقة بالتأشيرات والإقامة وسمحت بمنح الجنسية للمغتربين الذين يطابقون معايير معينة.
ووفقًا للتحليل، فمثل هذه النظرة الثنائية للتعديل لا تكشف الصورة كاملة؛ وبدلاً من ذلك، كان الأساس المنطقي السائد لمنح الجنسية هو استمرار التنافس التجاري الذي يدور بين الرياض وأبوظبي.
وأشارت الكاتبة إلى أن سباق المواطنة قد بدأ فعلاً، وهناك بعض القضايا التي يجب معالجتها على أرض الواقع، وما لم يتم التعامل معها؛ يمكن أن تصبح برامج التجنس غير مستدامة وينتهي بها الأمر بشكل تعسفي مثل سحب ذلك التجنيس.
وقالت الكاتبة: إن قانون منح الجنسية من الناحية العملية، يعني أن الحكومة السعودية ستظل تحاول استبدال الأجانب بالسكان المحليين حيثما أمكن ذلك، لتقليل معدل البطالة بين المواطنين.
وعلى الرغم من سيطرة العمال المهاجرين الأجانب على قطاعات الخدمات والمهن العليا، لا يحق للأطفال المولودين لأبوين مهاجرين في الإمارات الحصول على الجنسية. وبالمثل، ففي السعودية، تفرض القوانين الحالية على جميع غير المسلمين تغيير دينهم والحصول على شهادة توثق دينهم من مرجع ديني مسلم قبل أن يصبحوا مؤهلين للحصول على الجنسية.
ونظرًا لأن حوالي ثلث سكان السعودية هم من العمال المهاجرين، فغالبًا ما تواجه هذه الفئة السكانية ضعفًا وظيفيًا بسبب العقود غير المستقرة وانعدام الأمن، حيث يشكل المهاجرون الأجانب 85٪ من سكان الإمارات و33٪ من السعوديين.
كما أن هناك جانب ثقافي واجتماعي. فنادرًا ما يتفاعل أو يختلط معظم المهاجرين في دول الخليج مع أهل البلاد، ولا تزال بعض المجتمعات تعيش قيمًا قبلية عميقة الجذور وثقافة محافظة، وهو ما سيجعل الأجنبي يواجه المستحيل ليصبح واحدًا من الإماراتيين أو السعوديين.
وعلى الرغم من أن الجو العام لا يزال ليبراليًا في الإمارات، إلا أن النفسية الأساسية لم تتغير. فقد لاحظ عبد الله المهيري، رجل الأعمال الإماراتي في ذلك الوقت أنه “حتى بدون تجنيس الناس، فإن هويتنا الوطنية في وضع سيء للغاية”.
وأخيرًا، يبقى سؤالٌ عالق: “ماذا سيحدث للأشخاص عديمي الجنسية، المعروفين بالبدو، في دول الخليج هذه. فبينما تخطط الرياض لـ”الإصلاحات الاجتماعية” المزعومة، فقد تكون فرصة مثالية لمنح “البدون” وضع الإقامة.
جديرٌ بالذكر أنه في الإمارات، سيتم ترشيح منح الجنسية للمهنيين أو رواد الأعمال الأجانب الموهوبين الذين “سيضيفون قيمة إلى الدولة” فقط من قبل العائلة المالكة الإماراتية أو كبار المسؤولين من مجلس الوزراء والمحاكم والمجالس التنفيذية.
ومن خلال اتباع نهج حذر، حجبت أبوظبي معظم أسماء الذين مُنحوا الجنسية حديثًا.و بمرور الوقت، أصبحت أسماء البعض معروفة من خلال وسائل الإعلام الوطنية وأعلن عدد قليل من هؤلاء الأفراد عن وضعهم الجديد بأنفسهم، إلا أن بعض الذين حصلوا على الجنسية هم من غير العرب وغير المسلمين حتى.
أما في السعودية، ستمنح الدولة الجنسية فقط لأولئك الذين “يستوفون المعايير” و “سيكون من خلال الترشيح القائم على المصلحة العامة فقط ولن يكون هناك أي خيار لتقديم الطلبات”.
وفي كل من المملكة والإمارات، فإن قوائم المواطنين الجدد محدودة والحافز الاقتصادي وراء التحديدات واضح، إلا أن أحد الجوانب المشتركة هو أنه يمكن إلغاء الجنسية في أي وقت.
ووفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة “بيل وميليندا جيتس”، فإن انخفاض معدلات الخصوبة سيكون مشكلة لدول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2100، خاصة في السعودية والإمارات.
ويقول “جيمس ساتر”، الخبير في الهجرة والمواطنة بجامعة “مالطا”: “ستحتفظ الإمارات أيضًا بالحق في سحب الجنسية من المواطنين غير المرغوب فيهم وقد قامت بالفعل ببناء آلية لا تجعل أي شخص عديم الجنسية فجأة”.
ارسال التعليق