حكام العرب رفضوا إقامة دولة فلسطينية مستقلة
كشفت وثائق أمريكية عن مداولات أظهرت أن الحكام العرب كانوا لا يَقلون تشددا عن الكيان الصهيوني، بشأن رفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة فيما لو تم الوصول لاتفاق حل الدولتين.
وبحسب هذه الوثائق فقد كانت حجة الحكام العرب أمام المسؤولين الأمريكيين والغربيين هي أنه إذا تم إقامة دولة فلسطينية مستقلة “فستكون أداة للاتحاد السوفيتي”، لكنهم كانوا يطلبون أن يظل مطلبهم هذا سرا.
ففي إحدى الوثائق التي كشف عنها الأرشيف الوطني الأمريكي، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، للرئيس المصري أنور السادات، إن بعض قادة منظمة التحرير الفلسطينية هم جواسيس للاتحاد السوفييتي، فيرد السادات: “بل كلهم جواسيس للسوفييت”!.
وتذكر وثيقة أمريكية تضمنت محضر اجتماع ما بين الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، والرئيس البرازيلي “ارنستو جيزل” عقد في البرازيل بتاريخ ٢٩ / ٣ / ١٩٧٨، أن الرئيس البرازيلي “جيزل” قال للرئيس الأمريكي “كارتر” إن المستقبل ليس في صالح “إسرائيل” الذي يحكمها الأكثر ريدكالية (في إشارة لبيغن).
وتابع أن البرازيل تدعم قرار الأمم المتحدة رقم ٢٤٢، وتعترف بدولة إسرائيل، وترى البرازيل أيضا أنه ينبغي لإسرائيل أن تعيد المناطق التي احتلتها خلال الحروب، وأن للفلسطينيين الحق في البقاء كدولة مستقلة؛ فلهم الحق في الأرض والوجود الوطني.
وقال “جيزل” ـ بحسب الوثائق المفرج عنها ـ إن العرب يزدادون قوة في العدد والمال والعتاد، اليوم الوضع في صالح إسرائيل، وهي دولة قوية ذات قدرات غير عادية، ولكن في المستقبل ستميل الميزة نحو العرب.
وأكد الرئيس “كارتر” أنه يتفق مع تنبؤ الرئيس “جيزل” وأن وجهة النظر البرازيلية للوضع تتناسب تماما مع وجهة نظر الولايات المتحدة باستثناء واحد، وهو قيام دولة فلسطينية.
وتابع موضحا: فالولايات المتحدة ترى أنها لن تساهم في الاستقرار في الشرق الأوسط “إذا كانت هناك فلسطين مستقلة بين إسرائيل والأردن”، نحن نفضل الإدارة الإسرائيلية الأردنية المشتركة لمدة خمس سنوات تقريبا، بعدها يكون للفلسطينيين خيار بعد ذلك بين الانتساب إلى إسرائيل أو الأردن.
وقال الرئيس كارتر إن تخمينه هو أن الفلسطينيين سيختارون الانضمام إلى الأردن.
وقال الرئيس الأمريكي ضمن هذا المحضر مع الرئيس البرازيلي والذي نشره الأرشيف الوطني الأمريكي تحت رقم: (ار. جي ٥٩، ملف بي: ٨٥٠١٠٤ – ٢٢٤٨)، إن القادة العرب يعترفون سرا أن رؤية فلسطين كدولة مستقلة “ستكون نقطة محورية للتخريب مثلها مثل ليبيا أو العراق أو كوبا أو الاتحاد السوفيتي، وكمصدر مستمر للاستفزاز.”
لكن الرئيس البرازيلي اعترض على ذلك وقال إنه يتعين على الغرب أن يفضل قيام دولة فلسطينية مستقلة، بعد ذلك يمكن أن يترك للعرب إقناع الفلسطينيين بأفضل حل “ما لم تتخذ الدول الغربية موقفا إيجابيا فسوف نخسر الفلسطينيين.”
وثيقة أمريكية سرية أخرى لدى مكتبة كارتر تحت رقم (صندوق ٦٣- ٣/ ٧٨، ١- ٥- ٧٨- زيارة الرئيس كارتر للبرازيل وفنزويلا) تضمنت محضر اجتماع الرئيس الأمريكي “كارتر” مع الرئيس الفنزويلي “كارلوس اندريس بيريز” بتاريخ ٢٨/ ٣ / ١٩٧٨ في كاركاس.
وفي هذا المحضر المشار إليه قال الرئيس الأمريكي “كارتر” ردا على سؤال للرئيس الفنزويلي “بيريز” عما إذا كان بالإمكان إشراك الاتحاد السوفيتي مع أمريكا في إيجاد حل للقضية الفلسطينية: “إن الولايات المتحدة تبقي الاتحاد السوفيتي على اطلاع تام، لكن حكام دول المنطقة لا ترغب في رؤية الاتحاد السوفيتي يلعب دورا مهما.”
وتابع كارتر:”فمصر والأردن وسوريا أعربت عن قلقها العميق حين وقعنا اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي، والمشكلة هي أن السوفييت ما زالوا يطالبون بالانسحاب الإسرائيلي الكامل ودولة فلسطينية مستقلة تحت إشراف منظمة التحرير الفلسطينية، لكن في السر لا يريد الحكام العرب رؤية الفلسطينيين بدولة مستقلة تماما من شأنها أن تفتح بلدانهم للخراب!.”
فرد الرئيس الفنزويلي “بيريز” بالقول إنه يتفهم تعنت السعوديين بشأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقال الرئيس “كارتر” إن العديد من القادة في المنطقة اتخذوا موقفا مختلفا سرا عما اتخذوه علنا “إنهم يريدون السلام مع إسرائيل بشدة لدرجة أنهم سيعدلون موقفهم لقبول حل السادات الإسرائيلي.”
وهناك أيضا وثيقة أمريكية وصفت بالسرية جدا، تضمنت محضر اجتماع ما بين الرئيس الأمريكي “كارتر”، مع الملك السعودي خالد بن عبدالعزيز في الرياض بتاريخ ٣/ ١ / ١٩٧٨، وبحضور (الأمير فهد والأمير عبدالله والأمير سلطان) تم تناول العديد من القضايا فيه.
وفي هذا الاجتماع وحين طرح الرئيس كارتر “المخاوف” من إنشاء دولة فلسطينية مستقلة والتي رددها الحكام العرب له، حيث قال كارتر: “ثمة خشية أن تكون الدولة الفلسطينية المستقلة هدفا مركزا لنفوذ ليبيا والعراق وغيرهما”.
الأمر الذي أدى لوقف المحادثة لتتحول ما بين الملك خالد والأمير فهد بشكل سري، ثم استأنف الملك خالد حديثه مع الرئيس “كارتر” قائلا: “إذا تم تأسيس الدولة الفلسطينية كدولة مستقلة بضمانات دولية، على شاكلة قبرص، فلن يكون هناك مجال لهذه المخاوف.”
يذكر أن الأمير فهد ـ ملك السعودية فيما بعد ـ كان من أشد الرافضين لقيام دولة فلسطينية مستقلة، أسوة ببقية الحكام العرب “ولكن في السر”.
ارسال التعليق