عرين “القوات اللبنانية” للإتجار بالمخدرات بغطاء سعودي
تتلطى القوات اللبنانية خلف خطاب السيادة واستقلال لبنان، وتحرره من “الاحتلال الإيراني” وغيرها من الشعارات التي زادت جرعتها في الآونة الأخيرة مع كل اقتراب من موعد الانتخابات النيابية المرتقبة في لبنان في مايو/ أيار المقبل.
ففي الوقت الذي أتت ورقة الشروط “السعودية” عبر الوسيط الكويتي ببند ينص على ضرورة وقف تهديد أمن “السعودية” من بوابة تصدير المخدرات إليها، تغيب عن الذاكرة الجمعية ما تم كشفه في العام 2010 من تواطؤ النائب عن حزب القوات، إيلي كيروز، في حماية التجار والمساعدة بنقل تاجر المخدرات بطرس الحبشي المطلوب بـ 59 مذكرة.
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية قد كشفت حينها، أن الحبشي (مواليد 1962) أوقف داخل سيارة خاصة تابعة لعضو كتلة القوات اللبنانية النائب إيلي كيروز على حاجز ضهر البيدر.
وعلى الرغم من نفي الحزب صلته بالمدعو حبشي إلا انه من غير المنطقي أن يسمح الفريق الأمني التابع لكيروز أن يقل أحدهم من دير الأحمر إلى بيروت وهو لا يعلم هويته كما ادّعى، مستخدمًا الحصانة النيابية من خلال سيارة النائب.
الكلام المثار فرض وجود روايات عديدة، لكن الثابت، بحسب مسؤول أمني، أنّ بطرس الحبشي كان يخضع للمراقبة قبل أيام من توقيفه.
ويروي المسؤول المذكور أن بطرس كان يستقل سيارة رباعية الدفع للتنقّل، لافتاً إلى أن الموقوف كان في محلة الجديدة قبل أن يقصد بلدة دير الأحمر، للمشاركة في جنّاز جندي في الجيش اللبناني من آل حبشي. لكنه يشير إلى أن بطرس لم يصعد في سيارته أثناء طريق العودة، بل صعد في سيارة النائب كيروز.
على الرغم من جهود القوى الأمنية في ضبط عمليات التصنيع، إلا ان الغطاء السياسي لهؤلاء التجار تحول دون توقيفهم، لتقتصر عمليات الضبط على كميات قليلة من المخدرات ومعدات وآلات بدائية تستخدم للتصنيع.
وفي 6 فبراير/شباط 2021 حيث ضبط الجيش “معملًا لتصنيع المخدرات في دير الأحمر وحمولة شاحنتين من حشيشة الكيف، وحمولة شاحنة من حبوب القنبز بالإضافة إلى معدات وآلات تستخدم في تصنيع مادة الحشيشة”.
حسب البيان الصادر عن قيادة الجيش اللبناني. مصادر مطلعة على عملية التصنيع والتهريب أكدت أن بلدة دير الأحمر البقاعية -منطقة نفوذ حزب القوات اللبنانية-، تُعد المنطقة الأولى في لبنان لناحية الكميات المزروعة من نبتة الحشيشة، حيث تقدّر حجم المساحات المزروعة فيها 33 ألف دنم تقريبا، وبالتالي فهي بحاجة لأكثر من معمل لتصنيع هذه الكميات.
وعن كيفية تصريف المحصول تقول المصادر إن “دير الأحمر تعمل منفردة، لديها مزارعها ومعاملها الخاصة، ولا تتعامل بشكل مباشر مع أي من مزارعي البلدات المجاورة، إلا لضمان محاصيلهم، فتكون عملية معالجة الموسم كاملة من قطافه إلى دقّه وتنظيفه من الشوائب، وتصنيعه وتوضيبه للتصدير داخل مصانع تابعة لها في المنطقة، وعلى اعتبار ان أغلب الكميات التي يتم انتاجها تصدّر إلى الخارج، ولا يبقى منها في الداخل الا كميات قليلة لاستعمالهم الداخلي، فإن التصدير يسلك طريق بتدعي- دير الأحمر- عيناتا إلى بشري، ومن ثم كوسبا وصولًا إلى شكا، ثم تستكمل رحلة النقل بالزوارق البحرية”.
يذكر بأن الجيش اللبناني كان قد كشف في أغسطس/آب 2021، مداهمته لمستودعات في مزارع بمنطقة “رياق”، ومصادرته 400 طن من مادة المازوت كانت موجودة في خزاناتها السبعة، معلناً قيامه بتوزيعها على عدد من المستشفيات والافران والبلديات والمزارعين.
ليتبين لاحقاً أن هذه المزارع تعود، للقيادي في القوات اللبنانية إبراهيم صقر، الذي وللمناسبة كان من أكثر المرحبين، بقرار حاكم مصرف لبنان لرفع الدعم عن الوقود نهائياً.
وللعلم فإن الصقر أيضاَ، يمتلك ما يقارب 6 محطات وقود موزعة على العديد من المناطق، إضافة لشركة توزيع غاز الاستعمال المنزلي. نيترات البقاع في سبتمبر/أيلول الماضي، ضُبطت شاحنة في بلدة إيعات (بعلبك) محملة بـ 20 طناً من نيترات الأمونيوم، اشتُريت لـ”تركيب طربوش لأحد الأشخاص المحسوبين على الثنائي الشيعي لتحميله مسؤولية النيترات التي يحتفظ بها مارون الصقر (عُثر عليها لدى الكشف على خزانات تحوي ملايين الليترات من البنزين الشهر الماضي) بدلاً من تحميلها للقوات اللبنانية، بإيعاز من السفيرة الأميركية” في بيروت دوروثي شيا.
وفي إفادة مدير المشتريات في مستودع سعد الله الصلح لبيع الأسمدة الزراعي، أحمد الزين، قال الزين إنّ السفيرة الأميركية التقت القيادي القواتي إبراهيم الصقر، شقيق مارون الصقر، “لغرض تنفيذ هذا المخطط (..) وهذا الكلام على مسؤوليتي ولديّ أدلّتي”.
وعلمت “الأخبار” أنّ الزين اتصل مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي بواسطة هاتف أحد الضباط، قائلاً له إنه “شاهد ملك”، ويُريد ضمانات حماية للإدلاء بإفادته خشية تعرّضه للقتل.
وطلب توفير الحماية له خشية “تصفيتي وتسميمي في النظارة إثر فتح هذا التحقيق”، ما دفع عقيقي إلى الحضور شخصياً للاستماع إليه. وأقرّ مالك شاحنة “نيترات البقاع” سعد الله الصلح، عقب توقيفه على أيدي عناصر القوة الضاربة في الجيش في فاريا، بأنه اشترى النيترات من مارون الصقر، وأنّ هذه لم تكن المرة الأولى، مشيراً إلى أنّ الصقر”يبيع النيترات لأصحاب الكسارات والمقالع”.
وفيما كانت التحقيقات تتركز لتحديد مصدر النيترات، أفاد الصلح بأنّ” الصقر كان يُهرّبها إلى لبنان داخل مستوعبات شحن الأسمدة الزراعية”.
وهذا أوجد فرضية جديدة، بعدما كانت فرضيتان قيد التداول، الأولى تهريب النيترات من سوريا أو سرقتها من مرفأ بيروت.
وفي هذا السياق، علمت “الأخبار” أنّ التحليلات المخبرية للخبراء الكيميائيين توصلت إلى أنّ نقاوة النيترات المضبوطة وكثافتها مختلفة تماماً عن تلك التي كانت في العنبر الرقم 12.
كذلك ذكر الخبراء أنّ عمر النيترات المضبوطة في بعلبك حديث مقارنة بالنيترات التي كانت في المرفأ.
ارسال التعليق