لهذه اسباب معاداة الإمارات والسعودية لجماعة الإخوان التي بنت بلدانهم
قال السير «جون جنكينز» في مؤتمر لبرنامج «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية - الشرق الأوسط» مؤخرا إن الخط الفاصل الذي يقسم وجهات نظر دول الخليج العربية حول جماعة الإخوان المسلمين يرتبط بالمحتوى السياسي للجماعة أكثر بكثير من ارتباطه بالموضوع الديني. وتحدث «جينكينز»، السفير البريطاني السابق لدى السعودية والذي كان يعمل منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط، في حلقة حول الإسلام السياسي في الخليج في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017.
الاتصالات التاريخية
انخرط قادة الخليج في العلاقة مع جماعة الإخوان منذ تأسيسها في مصر عام 1928. وبحلول منتصف القرن العشرين، كانوا يرون رواد الصحوة الإسلامية كحلفاء في مواجهة القومية العربية، التي اعتبرها حكام الخليج حركة تهديد علمانية حداثية. وقد فر آلاف من أعضاء الإخوان من القمع السياسي في مصر والشام للاستقرار في الخليج في السنوات الأولى من تأسيس دول الخليج. ومع عدم وجود خريجي جامعات تقريبا بين السكان الأصليين، شغل هؤلاء المهاجرين أدوارا تعليمية وأخرى مهنية، وحتى بعض المناصب الحكومية رفيعة المستوى.
ووفقا لـ«جينكينز» فقد جاء «التلميح الأول للمتاعب» مع ترحيب جماعة الإخوان المسلمين بالثورة الإيرانية عام 1979. وقد رحب أعضاء الإخوان بالثورة باعتبارها مبشرة بالحكم الإسلامي، وبالرغم من أن الإخوان سنيين وإيران شيعية فقد اعتبرت حكومات الخليج ذلك نذير ثورة. وارتفعت المخاوف مرة أخرى في عام 1990 عندما انتقد زعماء الإخوان المسلمين السماح بدخول القوات الأمريكة إلى السعودية في أعقاب الغزو العراقي للكويت. وفي أعقاب الغزو، انتقدت السعودية حركة الصحوة التي كانت خليطا من المتدينين السعوديين ونشطاء سياسيين من الإخوان.
الفجوة المتنامية
وكشفت الاضطرابات السياسية التي وقعت في العالم العربي في عام 2011، عن عمق الشقوق بين دول الخليج وجماعة الإخوان المسلمين. وقال «جينكينز» إن مواقف دول الخليج تتبع ثلاث مدارس فكرية متنافسة. حيث تعتبر المدرسة الأولى موجة الفكر الإسلاموية السياسية «موجة المستقبل»، والثانية تأخذها على أنها جزء طبيعي من المشهد السياسي ويشارك القادة في قطر وتركيا خليطا من هذه الآراء، وقد بدأوا في الترويج لها بشكل أكثر حزما في أعقاب التحولات الإقليمية. ومن بين دول الخليج العربي بدأت قطر في التعامل مع الإسلام السياسي كأداة يمكن أن توسع نفوذ البلاد في منطقة تشهد تحولات مضطربة في السلطة.
وقد رأى معسكر ثالث في الإسلاميين طليعة خطيرة. وخشيت السعودية والإمارات من أن تقع مصر تحت سيطرة الإخوان المسلمين وبالتالي بقية دول شمال أفريقيا. وكانوا يخافون من أن هذا الاحتمال في الوقت نفسه قد يجعل إيران تزداد حزما في المنطقة، في حين تقوم الجماعات الجهادية السلفية بجذب المواطنين الشباب في الوقت الذي تميل القوى الغربية فيه أيضا إلى تقليص التزاماتها في الشرق الأوسط. ورأى «جنكينز» أن هذه الدول رأت في الإسلام السياسي «أخطر تحد للاستقرار في المنطقة من حيث ازدهارها وأمنها وبقاء نخبها الحاكمة منذ المد العالي للناصرية في الستينيات».
تصورات التهديد
وفي حين أن السعودية والإمارات هما الأكثر تقاربا في وجهات نظرهما من جماعة الإخوان، فقد أشار «جنكينز» إلى بعض الاختلافات الدقيقة. بالنسبة إلى النظام الملكي السعودي، الذي يستند حكمه إلى ولاءات تستند إلى عواطف وطنية ذات شرعية دينية، فإن الإسلاميين يمثلون «تهديدا أيديولوجيا عميقا على الدولة». وتشير مؤشرات التعاطف مع الاخوان بين بعض شرائح المجتمع السعودي قلقا لدى الرياض. وفي الوقت الذي يقود فيه ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» مشروعا يتضمن ليبرالية اجتماعية واقتصادية أكبر، فإن الانتقادات الدينية للسياسة حساسة بشكل خاص.
وبالنسبة إلى دولة الإمارات، فإن التهديد الذي يشكله الإسلام السياسي الذي تتبناه جماعة الإخوان يرتبط جزئيا بشرعية القيادة. وقال «جنكينز» إن حجم دولة الإمارات الصغير وتفككها إلى سبع يزيد من مخاوف الحفاظ على التماسك، ورأى أن ذلك كان مهددا بتأثير الإخوان المسلمين، وهي الجماعة التي حظرت في الإمارات في عام 2014.
وبينما تتشاطر الإمارات والسعودية شكوكا واسعة حول الإسلام السياسي داخل حدودهما، فإنهما قد تتسامحان معه في الدول الصديقة عندما يعمل تحت سيطرة الحكومة وتكون تحت السيطرة. وقال «جينكينز»: «القضية لا تتعلق أساسا بوجود الإسلام السياسي، بل حول من يسمح له بالاستفادة منها، وما إذا كانت سيقبل الخضوع لسلطة الدولة». واستشهد «جينكينز» بتجارب الكويت و البحرين، حيث احتلت فروع الإخوان مكانة جيدة إلى حد كبير في البرلمانات الوطنية. وبعيدا عن الخليج، يبدو أن السعودية والإمارات تتسامحان مع المشاركة السياسية للإخوان في أماكن مثل المغرب والأردن. وفي سوريا، كانت السعودية على استعداد لدعم الجهات المنحازة للإخوان المسلمين في المعارضة، في حين أن دولة الإمارات لم تفعل ذلك.
الخليج الجديد
ارسال التعليق