مؤشرات جديدة لخلافات مصرية سعودية ...... الرياض غضبت من استقبال «السيسي» لمبعوث الرئيس السوري «علي مملوك»
المصدر / الخليج الجديد - محمد خالد:
أثار إعلان المتحدث السعودي باسم قوات التحالف أنه «لا قوات مصرية برية في اليمن»، وقيام صحيفة مقربة من حزب الله اللبناني بالكشف عن أن الرئيس المصري «السيسي» استقبل «علي مملوك» رئيس مكتب الأمن القومي السوري، تكهنات متزايدة علي تزايد الخلافات المصرية السعودية فيما يخص ملفي اليمن وسوريا، وهو ما انعكس على عدم لإتمام زيارة ملك السعودية للقاهرة وهو في طريق عودته من الولايات المتحدة.
ونفى المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي، العميد الركن «أحمد عسيرى»، أمس تواجد أي قوات مصرية على الأراضي اليمنية للمشاركة في العمليات البرية، وقال فى اتصال هاتفي بقناة الإخبارية السعودية، أنه «لا توجد قوات من مصر أو السودان على الأراضي اليمنية، وإلا كان سيتم الإعلان عن ذلك».
وسبق للعميد «أحمد عسيري»، أن أكد في أغسطس/آب الماضي أن «مشاركة مصر منذ البداية كانت بقوات جوية وبحرية وحتى الآن لم يصدر عن القيادة السياسية المصرية بيان بشأن مشاركة قوات برية مصرية»، وأضاف: «إذا شاركت مصر بقوات برية فإن ذلك سيكون إضافة لقوات التحالف، وإذا لم تشارك فإن اتخاذ هذا القرار هو حق سيادي مصري»، مؤكدا أنه «حتى الآن لا توجد قوات برية مصرية في اليمن».
نفي سعودي
وجاء النفي السعودي الرسمي في أعقاب تسريب «مصادر عسكرية» لوكالة رويترز أن 800 جنديا مصريا قد وصلوا بالفعل لليمن يوم 8 سبتمبر/أيلول الجاري للمشاركة في عملية التدخل البري ضمن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين، وبعد أسابيع من الغموض حول تدخل قوات برية مصرية في اليمن من عدمه.
وأكدت «رويترز » نقلا عن «مصدر عسكري مصري رفيع المستوى»، أن أربع وحدات يضم كل منها بين 150 إلأى 200 جندي بالإضافة إلى دبابات ومعدات أخرى، قد وصلت لليمن وأن القوات تم إرسالها في إطار «دور مصر الهام في هذا التحالف الذي يحارب من أجل الأشقاء العرب».
وزاد من الحرج تأكيد «مختار الرحبي» السكرتير الصحفي لمكتب الرئاسة اليمنية في تصريح لموقع «مدى مصر» أنه «حتى الآن لم تصل إلى الرئاسة اليمنية أية أنباء عن دخول قوات مصرية إلى الأراضي اليمنية»، ما دفع أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، لرفض التعليق على ذلك.
وأعلنت السلطات المصرية في الأول من أغسطس/آب الماضي تمديد التواجد العسكري المصري ضمن قوات التحالف لمدة ستة أشهر أخرى من خلال قواتها البحرية والجوية المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن منذ مارس/أذار، كما أكد الجيش المصري على إمداد القوات «بالعناصر اللازمة» في الحرب الدائرة في اليمن حتى يحقق التحالف أهدافه بحماية الأمن القومي لدول الخليج ومنطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وفي أغسطس/آب الماضي ذكر أحد مساعدي الرئيس المعزول «علي عبد الله صالح»، والذي كان قد تنحى عن الحكم في انتفاضة 2011، في مقابلة مع «مدى مصر» في صنعاء أن المصريين يحشدون الآن قوة من حوالي ثلاثة آلاف مقاتل عند مدينة «المخا» المطلة على مضيق باب المندب الاستراتيجي بهدف تأمين الملاحة في البحر الأحمر، ولم يتسن التحقق من صحة هذه التقارير.
وعندما أعلنت مصر انضمامها لعملية «عاصفة الحزم» في بدايتها حرص الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» على التأكيد أن المشاركة ستقتصر على قوات بحرية وجوية، وفي خطاب ألقاه في الكلية الحربية في أبريل/نيسان الماضي قال «السيسي»: «في حال إرسال قوات أخرى سيتم الإعلان عن ذلك».
وبحسب وسائل الإعلام المصرية الرسمية فقد شاركت مصر حتى الآن بقوات جوية إضافة إلى أربع بوارج بحرية، وذلك للمساعدة في تضييق الحصار على اليمن ومنع وصول الإمدادات الإيرانية للحوثيين، كما شاركت مصر في ضربات جوية استهدفت مواقع للحركة.
في حال تأكدت مشاركة القوات المصرية البرية في الحرب، فإنها قد تواجه مهمة شديدة الصعوبة في ضوء الطبيعة الجبلية لليمن. وسواء كانت المواجهة مع الحوثيين أو القاعدة، فإن التقديرات تشير إلى أن التنظيمين قد يظهران مقاومة شرسة بسبب الخبرة التي اكتسبوها عبر عقود من حروب العصابات.
السيسي استقبل «علي مملوك»
وتشير تقديرات سعودية إلى أن الرياض غضبت من استقبال الرئيس «السيسي» لمبعوث الرئيس السوري «علي مملوك»، خاصة وأن اللقاء جاء في أعقاب تأكيد «بشار الأسد» وجود اتصالات مع مصر وقول مصادر مصرية أن القاهرة تدعم الحل الروسي للأزمة السورية بالإبقاء علي الأسد بدعاوي أن التخلص منه معناه انتعاش الإرهاب في سوريا.
وقالت صحيفة «الأخبار»، التابعة لحزب الله، يوم 11 سبتمبر / أيلول الجاري إن رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء «علي مملوك» زار القاهرة «بعيدا من الأضواء»، في الثلث الأخير من شهر أغسطس/آب والتقى عددا من كبار المسؤولين في الجيش والاستخبارات والأمن؛ وتوجت الزيارة باستقبال «عبد الفتاح السيسي» للمسؤول السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن «مملوك» بحث مع مضيفيه المصريين في التعاون الأمني بين البلدين في مواجهة الإرهاب، وفي آفاق الحل السياسي في سوريا، والمبادرات المطروحة، وخطة المبعوث الدولي «ستيفان دي ميستورا»، وأن تلعب مصر دورا أكبر في الشأن السوري، لما تشكله سوريا من عمق استراتيجي للأمن القومي المصري.
وزعمت «الأخبار» اللبنانية أنه تم الاتفاق خلال الزيارة على إعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وصولا إلى إعادة تبادل السفراء قريبا، مشيرة إلى أن مصادر لفتت أخيرا إلى أن «القاهرة تستعد لتسمية الدبلوماسي أحمد حلمي، الذي كان في عداد طاقم سفارتها في بيروت قنصلا عاما مصريا في سوريا».
وكشفت الصحيفة المقربة من حزب الله أن زيارة «مملوك» للقاهرة "تزامنت "مع انفتاح إعلامي مصري على دمشق تمثّل في زيارة وفد إعلامي كبير، بالتنسيق مع الخارجية المصرية، في 20 أغسطس/آب الشهر الماضي، للعاصمة السورية، حيث التقى عددا من المسؤولين، وجال على بعض المحافظات السورية.
وخلال الزيارة، أجرى وزير الخارجية «وليد المعلم» حوارات مع رؤساء تحرير صحف مصرية، ومع قناة «النهار»، في أول إطلالة لمسؤول سوري على التلفزيون المصري منذ خمس سنوات، داعيا القاهرة إلى لعب دور في حل الأزمة السورية، وكشف عن تعاون أمني مشترك لمكافحة الإرهاب، وهاجم تركيا وجماعة الإخوان المسلمين.
وتقول مصادر دبلوماسية أن زيارة «مملوك» السرية للقاهرة والحديث عن عودة السفير المصري الى دمشق، وكذا الغموض المصري في مسألة إرسال قوات برية مصرية للمشاركة في محاربة الحوثيين، هما من أسباب الجمود في العلاقات المصرية السعودية، وتفسر لماذا أجل العاهل السعودي زيارته للعاصمة المصرية.
ومنذ الإطاحة بالرئيس المنتخب «محمد مرسي»، ووصول الرئيس «عبد الفتاح السيسي» إلى كرسي الرئاسة، نأت القاهرة بنفسها كليا عن المواقف العدائية تجاه الرئيس السوري «بشار الأسد»، واحتضنت المعارضة السورية الليبرالية واليسارية، واستضافت لقاءات لها في القاهرة، بدعوة رسمية من وزارة الخارجية، وتحت إشرافها، وحرصت على إبعاد حركة الإخوان المسلمين السورية من المشاركة فيها، ووقفت خلف قرار جامعة الدول العربية بعدم إعطاء مقعد سورية للائتلاف الوطني السوري المدعوم من دولة قطر والمملكة العربية السعودية.
وجاءت الزيارة غير المعلنة التي قام بها اللواء «علي مملوك» إلى القاهرة، ولقائه مع الرئيس «السيسي»، وقادة الجيش والأجهزة الأمنية، كخطوة كبيرة نحو التقارب وعودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين دمشق والقاهرة، في وقت تعلن فيه المملكة أنه لا دور للرئيس السوري في مستقبل سوريا.
ارسال التعليق