مقال “مسموم” لعبد الرحمن الراشد تناول فيه حرب غزة بلسان صهيوني
في مقاله لصحيفة "الشرق الأوسط" خرج الإعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد، بمقال يستغل فيه مأساة سكان غزة لشيطنة المقاومة والهجوم عليها دون أن يذكر الاحتلال أو ينتقده بأي كلمة!
خرج الإعلامي والكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد، الذي شغل مناصب إدارية سابقاً في صحيفة “الشرق الأوسط” و”قناة العربية” ومعروف بمواقفه الداعمة للتطبيع مع الاحتلال، بمقال وصف من نشطاء بأنه “مليء بالسموم عن حرب غزة واعتداءات الاحتلال على الفلسطينيين”، وينم عن حقد أعمى للمقاومة بل وللشعب الفلسطيني كله، الذي أظهر الكاتب أنه يتباكى عليه فيما لم يذكر قاتله بشطر كلمة.
وشارك عبد الرحمن الراشد مقاله على حساباته في منصات التواصل وشن فيه هجوماً كبيراً على الفلسطينيين المقاومين وحملهم مسؤولية تدمير غزة، فيما لم يجرؤ على الحديث عن جرائم الاحتلال ولا بشطر كلمة مقابل الهجوم على المقاومة.
وذهب الكاتب السعودي لترويج الدعاية الإسرائيلية في أن حماس والفلسطينيين وحدهم هم الخاسرون مما حصل في 7 تشرين الأول/أكتوبر حتى اليوم، وأن الإسرائيليين يجدونها فرصة لتصفية حساباتهم حسب قوله.
وقال: “عشرات الآلاف من الأسر بلا ماء أو كهرباء أو وقود أو سكن، ومن دون مستشفيات أو مدارس. فيديوهاتهم وأخبارهم تدمي القلب.
فهل يمكن أن يتواضع المبتهجون قليلاً، ويتأملوا مصير الناس؟”
وتابع الراشد في مقاله الذي لم يتطرق فيه لجرائم الاحتلال بكلمة: “نحو مليون ونصف المليون فلسطيني، أهل نصف غزة الشمالي، تم تهجيرهم عشرين كيلومتراً إلى جنوبها، ليعيشوا في العشرين كيلومتراً المتبقية من القطاع مع المليون فلسطيني!”
وأثار مقال الراشد غضب العديد من النشطاء، الذين هاجموه بشراسة لمحاولته تشويه صورة المقاومة التي انطلقت من الشعب وتسعى لتحرير الأرض المحتلة التي تحوي مقدسات المسلمين وخذلها كل العرب والمسلمين، حسب وصفهم.
كما حاول الكاتب التبرير لمواقف حكام العرب المخزية تجاه غزة بقوله “حتى قبل السابع من أكتوبر، كنا ندري أن مصر لن تشن الحرب، والسعودية والكويت والعراق لن تقطع البترول أو الغاز، وأبو مازن لن يلغي أوسلو، وعشائر الأردن لن تعبر النهر، و«حزب الله» سيعض على بيروت، وما تبقى من الدول الاثنتين والعشرين العربية لن تفعل شيئاً. أبداً، لا توجد مفاجآت.”
مضيفا: “ولو كنت أنت صاحب قرار بينهم، ستفعل مثلهم. لم يشركك أحد، ولم تستشر في قرار الهجوم. أيضاً، أنت لن تدمر بلدك وشعبك من أجل عنوان في الأخبار، أو فيديو في «تيك توك»، أو التصفيق لك في ساحة الإرادة.”
هل كانت غزة في الجنة قبل الحرب؟
وتحدث الصحفي الفلسطيني ورئيس تحرير صحيفة (وطن) نظام المهداوي، عن فكرة جوهرية ومهمة للرد على الكاتب السعودي، الذي كانت بلاده تسابق الزمن للتطبيع قبل أن يفشل هذا المشروع بفضل عملية “طوفان الأقصى”.
وقال المهداوي عن مقال الراشد: “لم يبلغنا أي حياة التي كان يعيشونها (سكان غزة) في ظل حصار محكم لعقود من إسرائيل ومصر وتخلي العرب عنهم لمعاقبتهم على حكم حماس”.
وأضاف الكاتب والإعلامي الفلسطيني، حول عبدالرحمن الراشد: “في كل مقاله لم يتطرق إلى جرائم الاحتلال إنما خصصه للهجوم على المقاومة الفلسطينية متهكماً ساخراً والأهم يتباكى على الفلسطينيين”.
وختم المهداوي تغريدته على منصة إكس، التي رد فيها على الكاتب السعودي مغرداً: “مع كل هالبكاء المنتشر في النت من شاكلة الراشد لم نشاهد فلسطينياً واحداً من غزة يقول ما يقوله الراشد وبقية الليبراليين العرب المتصهينين”.
وخاطب المغرد محمد عبدالله البليهي، عبدالرحمن الراشد قائلاً: “تناول بمقال آخر العقاب الجماعي لمواطني غزة من قبل دولة الاحتلال ومحاباة العالم الذي يدعي الحضارة للتعسف وتدنّي الأخلاق تحت مسمى الدفاع عن النفس قبل ما تراه عن الواقع الملموس”.
وذكر عاصم معلقاً: “إذا كان لديك كلمة خير فقلها وإذا لم يكن فدعها لما بعد نهاية الحرب، شعبا مهجر ومآسيه مستمرة منذ 75 عاماً وليس من 7 أكتوبر”.
وغرد محمد علي: “ليس متوقع منك غير هذا. أسلوب ظاهره التعاطف وباطنه الشماتة” فيما ذكر متابع آخر: “كل تسديداتك خارج المرمى. اتقي الله وأنت في ٱخر عمرك”.
ويشار إلى أن “عبد الرحمن الراشد” من رموز مثقفي وإعلاميي السلطة في السعودية، ودائمًا ما يتصدر لحمل مسؤولية تسويق أفكار ومشروعات العائلة المالكة إلى العالم، وآخرهم مشروع التطبيع مع “إسرائيل”، فمن خلاله يستطيع القارئ معرفة ما يدور في أروقة الحكم، ليس في المملكة وحدها، بل والحلف الخليجي الذي يدور في فلكها.
ويصدر “الراشد” نفسه دائما على أنه أحد رموز التيار الليبرالي في المملكة، لكن الذي يبحر في منهجه لن يجد مشروعًا ليبراليًا يدافع عنه، بل مشروعه الحقيقي هو “السلطة”، يسخر نفسه لتبرير أفكارها وقراراتها، ويسوقها إلى الرأي العام العالمي، يستفيد من خبرته في الدراسة بالغرب وموهبته ليصعد دائمًا إلى أعلى مراتب ثقة السلطة.
ويعطي الإعلامي السعودي آل سعود الحق في كل شيء، يضع قضية التطبيع مع “إسرائيل” تحت وصايتهم الأخلاقية، يقررون ما يشاءون أو يرفضون، يعطيهم الحق في فرض التطبيع أو جعله قسرًا على الأروقة الحكومية.
وهناك العديد من الدلائل على أن أقصى طموح الراشد هو إرضاء أولياء الأمر وأصحاب السلطة بالمملكة، فقد خصص جهود شركته الخاصة لإنتاج الوثائقيات في تسويق ملوك آل سعود، فعل ذلك مع الملك فهد عام 2005، وأنتج فيلمًا من 5 أجزاء استغرق 5 سنوات كاملة، وصوره بتكلفة إنتاجية ضخمة بعد أن أجرى مقابلات في 15 مدينة بالعالم.
يكشف الراشد عن مساوئ مثقف السلطة الذي يتقلب في الأفكار دون قيد أخلاقي أو شروط تحترم عقول متابعيه، فقط مصالح السلطة الحاكمة ولا يهم أي شيء آخر، فينذر نفسه لشرعنة الحلول السعودية.
ارسال التعليق