هل انتهى عهد ولي العهد محمد بن سلمان
بقلم: فوزي بن يونس بن حديدأسدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خدمة كبيرة للمعارضة في الداخل والخارج حينما أعلن تأييده الكامل للأمير السعودي محمد بن سلمان، رغم أن تحقيقات الاستخبارات الأمريكية توصلت إلى نتيجة محقّقة وهي أن بن سلمان متورط في قضية اغتيال خاشقجي، ورغم أن المراقبين والسياسيين في العالم متأكدون من أن بن سلمان هو الآمر الأول بقتل خاشقجي إلا أن ترامب ما زال يصر على أن بن سلمان ربما يعلم وربما لا يعلم، فإن كان يعلم فتلك مصيبة وإن كان لا يعلم فتلك مصيبة أعظم.
وبعد أن خلصت الاستخبارات الأمريكية وتأكدت أن بن سلمان متورط في القضية وأن الأمر بالاغتيال صدر منه شخصيا، بعد أن استمعت إلى التسجيلات الصوتية وربما أيضا شاهدت مقاطع فيديو، كيفية تقطيع الجثة، تأكد العالم كله أن بن سلمان تورّط في هذه الجريمة لتنكشف جرائم أخرى في السجون السعودية للناشطين والناشطات في المملكة من التعذيب إلى التحرش إلى القتل إلى السطو على الثروة، وبات السعودي يعيش خوفا على نفسه وماله وعرضه، كل ذلك يحدث بدعوى مكافحة الإرهاب والتغيير الجذري في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
وأعتقد أن بن سلمان لم يكن ليقدم على هذه الخطوة الفائقة الخطورة إلا بعد أخذ موافقة صريحة أو ضمنية من ترامب، لأن الدفاع عن بن سلمان كان مفرطا للغاية من ترامب الصديق الحميم لمحمد بن سلمان، إضافة إلى مليارات الدولارات طبعا وحماية إسرائيل، فهل يعني أن الجريمة مدبّرة وقد تدخل فيها أطراف أخرى اشتركت فيها وقدمت التسهيلات المناسبة للسعوديين لوقوع هذه الجريمة غير أن الرياح جرت بمالا تشتهي السعودية والخطة الترامبية.
وإذا علمنا أن لجنة العلاقات الدولية بالكونجرس الأمريكي تطالب بإجراء تحقيق دولي في اغتيال خاشقجي فيعني ذلك أنها غير مقتنعة بخطاب ترامب الأخير الذي تحدث عن أن الجريمة شيء فظيع ولكن لا علاقة لابن سلمان ربما بها، وأنها جادة في محاسبة السعودية وقد تشكل لجنة على مستوى عالمي أو محكمة دولية خاصة تبحث في هذه القضية من كل جوانبها لترى تورّط محمد بن سلمان في العملية من عدمه، وتحقّق في تفاصيل الجريمة وتعلن ذلك أمام الملأ.
فهل انتهى عهد محمد بن سلمان؟ وحتى إذا كان لم ينته فإن العالم مقتنع أنه الآمر لهذه الجريمة البشعة التي هزت العالم بأجمعه، انتهى عهد محمد بن سلمان بعد أن فُضح أمره، وكُشف القناع الذي كان يرتديه باسم الإصلاح ومكافحة الإرهاب، وبهذا الاسم استطاع في وقت وجيز أن يحكم قبضته على مفاصل الدولة السعودية لكنه وبعد هذه الحادثة فقد السيطرة على كل شيء، وينتهي فصل بن سلمان ليبدأ فصل آخر من الحكاية في السعودية، ولن يرتاح العالم إلا بعد أن ينزع الملك ولي عهده، ويستبدله بآخر، ويحاكَم ابن سلمان على ما اقترفه هو وجنوده الذين أتوا إلى إسطنبول وفي حقائبهم أدوات الجريمة البشعة، قدموا ليقتلوا لا ليسيحوا في الأرض، قدموا لتمزيق صوت المعارضة التي تردد صداها في العالم بأضعاف ما كانت عليه سابقا وصار حكم بن سلمان مكشوفا للجميع، بعد أن رجعوا وقد أذابوا جثته بالأسيد.
بل إن منشاره الذي قطع به جثة خاشقجي أصبح رائدا في الكاريكاتيرات العالمية، وحدث أن سخر منه رواد التواصل الاجتماعي في حكاياتهم اليومية، وانطلقت الصحف والمجلات للتعبير عن الإرهاب السعودي الرسمي للشعب السعودي في ظل حكم بن سلمان الذي قال في وقت سابق إنه لا يوقفه شيء إلا الموت، فهل يقدر فعلا على مواجهة معارضيه هذه المرة أم أنه سيجد نفسه محاصرا ومنعزلا في الزاوية لا يتحرك إلا بأمر، لنرى ما تفرزه الأيام القادمة من أحداث وروايات.
ارسال التعليق