2018 عام ابتزاز واعتقالات ومحاكمات واغتيالات
أكد مراقبون وخبراء أن السلطات السعودية مارست سياسة الابتزاز والاعتقال والمحاكمات والاغتيالات بحق معارضيها خلال 2018، الذي أراد له ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يكون عاما قاتما على صعيد ملف حقوق الإنسان، ابتدأ بمساومات تحت الإكراه لرجال أعمال وأمراء على ثرواتهم وأموالهم مما أثر على المناخ الاستثماري بالمملكة، واستمر باعتقالات لناشطات ورموز حقوقية وأكاديمية، ومحاكمات لدعاة وعلماء يقبعون داخل السجون من أواخر 2017، وانتهى به الأمر باغتيال مدو لصحفي سعودي شهير داخل قنصلية المملكة في مدينة إسطنبول التركية، لتختم الرياض العام بفضيحة دولية لا تزال تبعاتها تتوالى حتى اللحظة.
وقال موقع الخليج الجديد إن ماكينة القمع دارت بوتيرة نشطة وبوقود لا ينضب في 2018، لتنتج مصفوفات من الوقائع المؤلمة، والتي جعلت السعودية مملكة خوف لا صوت فيها يعلو فوق صوت الشاب محمد بن سلمان، ولي العهد اسما والملك فعلا، بحسب رأي كثيرين، وخلفه جوقة تعزف لحنا مخيفا للجميع تردد صداه في الجزيرة العربية وتعداه لتسمعه المنطقة والعالم بمزيج من الاستنكار والدهشة، فقد كان الجميع ينتظر رؤية طموحة تنفتح بالبلاد بعيدا عن انغلاق الفكر وتشدد المذهب، فإذا بالانفتاح يتحول إلى احتقان برزت معه شرايين المملكة، معبرة عن خطر يتزايد على استقرارها، بحسب ما رأت وسائل إعلام ومراكز بحثية عالمية.
ابتزاز بملف اعتقال 200 أمير ووزير ورجل الأعمال
أكد الموقع الخليجي أن المحطة الأولى لحكاية 2018 القاتم حقوقيا كانت في فبراير عندما أعلنت السلطات السعودية إغلاق ملف الاعتقالات التي طالت أكثر من 200 من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال، في أكبر عملية بطش بمراكز القوى الحقيقية والمحتملة التي قد تمثل خطرا على ولي العهد محمد بن سلمان.
وقال الخليج الجديد إن الاعتقالات التي تمت في نوفمبر 2017، وحولت فندق “ريتز كارلتون” في العاصمة الرياض إلى سجن كبير وفخم كانت مفارقة تحدث عنها العالم، وكانت التحليلات متعجبة والمحللون يتخبطون حول حقيقة ما يحدث.
الإغلاق جاء بتسويات أعلن النائب العام السعودي سعود المعجب، حينها، أن حصيلتها تجاوزت 100 مليار دولار، كان الرقم مفزعا وموحيا بما هو أكبر من مجرد حملة مكافحة فساد، لقد دفع المحتجزون دماء قلوبهم بالتعبير الدارج ليشتروا حريتهم، لاسيما بعدما أوردته وسائل إعلام عالمية من تعرضهم للضرب والإهانة والتعذيب، وعندما يطال التعذيب بشرة غضة لينة تربت في كنف الدلال يكون الأمر جحيما لا يطاق. المثير أن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، صرح قبل أيام أن حصيلة ما تم جمعه فعليا من الموقوفين بتهم فساد هو 13 مليار دولار، أي أننا نتحدث عن حوالي 87 مليار دولار فرقا بين ما أعلنه الجدعان.
اعتقالات ليبرالية
“أنا من أعطي وأنا من أمنح ولا ينبغي أن ينسب الأمر لأحد سواي”.. قد يكون هذا الشعار هو الأصلح للتعبير عن الاعتقالات المفاجئة التي نفذتها السلطات السعودية بحق ناشطات نسويات وناشطين في مايو 2018، حيث كان الضحايا هم (هن) من قادوا حملات لا تنسى لمنح المرأة حق قيادة السيارة في المملكة، وقال الموقع إن الناشطين والناشطات قبل أن يجنوا ثمار ما طالبوا به فعليا بأسابيع، جرى التنكيل بهم (بهن) حتى لا تتشتت دائرة الضوء عن ولي العهد الشاب “الليبرالي المنفتح”، بحسب تفسيرات لمحللين ومتابعين.
محاكمات الدعاة
في سبتمبر 2017، شنت السعودية حملة اعتقالات طالت العشرات من العلماء والدعاة والأكاديميين والكتاب المحسوبين على التيار الوسطي أو ما يعرف بـ”تيار الصحوة”، والذي توعد ابن سلمان بمحوه من المملكة في حرب لا هوادة فيها، بعد أن ألصق به كل سبب منع تقدم البلاد وازدهار أحوال العباد.
وفي سبتمبر 2018، سيق معظم هؤلاء المعتقلين إلى محاكمات سرية في الرياض، بعد أن ذبلوا لعام في زنازين انفرادية وعانوا من تعذيب بدني ونفسي مستمر، بحسب تقارير حقوقية وشهادات لبعض ذويهم.
وبحلول 10 من نفس الشهر وصل عدد الذين خضعوا لمحاكمات سرية أمام المحكمة الجزائية في الرياض إلى 15 معتقلا، أبرزهم: الشيخ سلمان العودة، وعوض القرني.
ورغم قرب العام الحالي من نهايته، لا يزال الدعاة والعلماء والأكاديميون القابعون في زنازينهم لا يعرفون ماذا تحمل لهم الساعة المقبلة؟ هل هو حكم بالقتل أو السجن لفترات طويلة، أم أنه الأسر المستمر بلا جديد.
اغتيال خاشقجي
العام الحالك السواد اكتسى بلون الحمرة في أواخره، وكانت حمرة مشبعة بالبشاعة، صحفي وكاتب شهير يقصد قنصلية بلاده طالبا إنهاء معاملة حكومية من أجل أمر شخصي، فيتم قتله وتقطيع جسده وإخفاء جثمانه، فلا قتل اعتياديا ولا جنازة تأنس فيها الروح بمشيعيها، ولا قبر يضم عظام صاحبه بكرامة.
بقدر بعثرة المشهد جاءت الفضيحة، “جمال خاشقجي” عوقب على معارضته لتوجهات ولي العهد السعودي الاستبدادية، والقمع بالمملكة، بالقتل والتقطيع والتذويب (بحسب إفادات جهات تحقيق تركية) داخل قنصلية المملكة في مدينة إسطنبول التركية، في 2 أكتوبر 2018.
التعامل الأمريكي
تشجيع فصمت فمأزق فاستنكار.. هكذا كانت محطات التعامل الأمريكي مع قطار ابن سلمان الحقوقي في 2018، تشجيع على احتجاز الأمراء ورجال الأعمال المناوئين وابتزازهم، وصمت على اعتقال الناشطات والناشطين، ومأزق بسبب الكذب السعودي في مسألة اغتيال “خاشقجي”، وأخيرا جاء الاستنكار الذي لا بد منه، بسبب فجاجة التعامل من الرياض مع القضية الزلزال.. “قتل وتقطيع خاشقجي”.
الأكيد هو أن ولي العهد السعودي ينهي 2018 بعدما فجر تكتل داعميه إقليميا ودوليا، وبات في نظر العالم عدو حقوق الإنسان المسلح بمليارات النفط، والتي أبقته واقفا حتى الآن، ومن الحكمة القول إنه سيظل واقفا طالما بقيت تلك المليارات تحت تصرفه، رغم العواصف الشديدة التي قد تنتظره في 2019.
ارسال التعليق