الأعراب يتجسسون على العرب بأدوات إسرائيلية
التغييرتقف شركة «إن إس أو» وراء مد الأنظمة العربية السلطوية كالسعودية والإمارات والمغرب بهذه البرمجية الخبيثة، بإذن من الحكومة الإسرائيلية أي عمليا من أجهزة مخابراتها، متخصصة ليس سرا بل علانية في تصنيع برامج التجسس التي تمكن حكومات المنطقةمن اختراق الهواتف المحمولة بل والتحكم في كل بياناتها ووظائفها، يمكن للموظف الأمني الذي يستعمل برمجية «بيجاسوس» أن يتحكم في الهاتف مهما كانت درجة حمايته التقنية وأن يستعمله بشكل يقترب من الانسيابية التي يستعمله بها مالكه إذ يمكنه أخذ صور في كل وقت كما يمكنه سماع وقراءة كل النصوص والمحادثات السابقة واللاحقة. والحاصل أن رجل الأمن يرى كل شيء ولا يُرى منه شيء بل حتى لا يُحس به أو يكاد. هذه التكنولوجية الإسرائيلية الخبيثة هي الأكثر تطورا في العالم في هذا المجال كما أنها الأغلى إذ دفعت الرياض عشرات ملايين الدولارات للحصول عليها. إن شركة «إن إس أو» مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية فالجنرال أفيغدور بنغال كان يحتل داخل الشركة دورا مركزيا كرئيس لمجلس إدارتها كما أن الخبراء المعلقين في الإعلام حول «إن إس أو» يقولون إنه قد ساهم في تأسيسها أعضاء سابقون في وحدة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية متخصصة في الحروب الإليكترونية.تبيع اسرائيل هذه المعدات القابلة للاستعمال الإجرامي بدعوى توظيفها حصريا من لدن الحكومات الصديقة أو المهادنة في حربها ضد الإرهاب. لكن ما اكتشف وأُعلن عنه حتى الآن من تجسس بواسطة برمجية «بيجاسوس» من لدن المؤسسة الكندية سيتيزن لاب أو شركة واتساب أو منظمة العفو الدولية يبرهن على أن الحكومات غير الديمقراطية تستعملها ضد المنتقدين للسياسات الرسمية من حقوقيين ومعارضين وصحافيين. وهكذا فإن الحقوقي الإماراتي الشهير أحمد منصور قد توصل، حسب تقرير لسيتيزن لاب في أغسطس/آب سنة 2015 برسالة نصية قصيرة (أس أم أس) تتضمن رابطا خبيثا.ومنصور كان قد اعتقل في 2011 أي سنة الحراك الديمقراطي في المنطقة والتي خلقت رُهابا حقيقيا لدى حكام المنطقة. سيُطلق سراحه بعد أشهر عدة قضاها في السجن ليعتقل من جديد سنة 2017 فيحكم عليه بعشر سنوات سجنا نافذا بسبب انتقاده لحكومة بلاده.إن تكنولوجيا التواصل والتجسس جعلت من الهاتف الذكي سلاحا ذا حدين، فهو يوفر للمنتقد أداة ثورية وفعالة لنشر آرائه ومواقفه وفضح فساد أو استبداد الحاكمين، بل إن الهاتف يساعد على التنظيم والتنسيق بين المعارضين وذلك بدون حاجة لجاهزية معقدة أو مثيرة للانتباه. إلا أن هذا الجهاز الصغير والأنيق قد يتحول إلى أخطر حليف للعدو الذي تواجهه. وهكذا فإن الهاتف كان في مركز حدثين مهمين خطيرين وقعا في منطقتنا السنة الماضية، فالصحافي جمال خاشقجي سلم هاتفيه إلى خطيبته قبل سيره نحو حتفه في القنصلية السعودية في إسطنبول ظنا منه أنه حسنا فعل لما تخلص من هذا المرافق الودود الذي يتحول إلى رتل خامس حالَما يمسه خصم متربص. صديق خاشقجي، المقيم في كندا عمر عبد العزيز، قدم شكوى الشهر الماضي ضد شركة «تويتر» لأنها لم تبلغه باختراق عملاء الرياض لحسابه مما عرضه هو والأشخاص القريبين منه للخطر. وهنا يجب التذكير أن عبد العزيز كان المتعاون الأول لخاشقجي في إطار مشروع «النحل الإليكتروني» الذي كان يريد من خلاله ثلة من المعارضين السعوديين مواجهة الآلة السعودية الرهيبة «الذباب الإليكتروني» التي تضغط وتشهر على مدار الساعة بالمنتقدين لسياسات الرياض سواء من السعوديين أو العرب وخصوصا الصحافيين والحقوقيين منهم.
ارسال التعليق