الحلف الصهيوني - السني هل تنتمي لهذا الحلف دون أن تعلم
بقلم: محمد حسن زيد...
هناك حلف "شيعي - سني" قائم بين إيران وحزب الله وأنصار الله والحشد الشعبي مع عدد من التنظيمات السنية كحماس والجهاد الإسلامي وهذا الحلف تجمعه فكرة جوهرية هي "مواجهة المشروع الصهيوني" كما ان هذا الحلف لا يهاب تقديم التضحيات حتى لو كانت بين قادته حيث سقط له قادة من إيران وقادة من حزب الله وقادة من حماس وقادة من الجهاد الإسلامي وقادة من أنصار الله وقادة من الحشد الشعبي وامتزجت دماء جميع الشهداء على اختلاف بلدانهم وقومياتهم ومذاهبهم ليثبتوا ان هذه الأمة جسد واحد في مواجهة أعداء الله ورسوله والمؤمنين..
هذا الحلف *يهدف آنيا* إلى رفض التطبيع مع كيان إسرائيل المزروع غصبا في قلب العالم العربي *كما يهدف استراتيجيا* إلى إزالة كيان إسرائيل من الوجود لذلك فهو يُوجه لهذا الكيان الطارئ "ضربات ذكية تحمل رسائل مضمونة الوصول" حسب توصيف الخبير العسكري والاستراتيجي التونسي توفيق ديدي أثناء تحليله للضربة الإيرانية لإسرائيل صباح 14 إبريل 2024..
هذا الحلف يستخدم أسلوب توجيه ضربات نوعية لإسرائيل تُزعزع استقرارها وتُنهك كيانها وتقلق مستوطنيها لأن هذا الحلف "الشيعي - السني" يعجز ماديا عن توجيه ضربات قاضية لإسرائيل بسبب الفجوة الكبيرة في موازين القوى بين هذا الحلف "الشيعي - السني" وبين القوى الغربية المتكالبة التي زرعت إسرائيل في فلسطين وما زالت تمدها بشريان الحياة صحبة قوىً عربية وإسلامية للأسف الشديد..
وكما قلنا فالضربات النوعية التي يستخدمها الحلف "الشيعي - السني" هي ضربات تحمل رسائل عسكرية وسيكيولوجية ينبغي أن تتسم بالذكاء ويُراعى فيها توازن رعب دقيق لا يمنح إسرائيل وحلفاءها المبرر لإفراغ قوتهم النارية المتفوقة وفي نفس الوقت يُبقي إسرائيل عاجزة عن الاستقرار والسلام والتطبيع لأن حصولها على الاستقرار والسلام والتطبيع معناه انتصار مشروعها الاستيطاني وترسيخ وجودها الشاذ على أنقاض دولة فلسطين، فإسرائيل لا حياة لها إلا بالسلام وهو ما يسعى لتحقيقه حلف مضاد لهذا الحلف "الشيعي - السني" ألا وهو الحلف *"الإسرائيلي - السني" The Israel–Sunni Alliance* وهذا هو العنوان الذي اختارته صحيفة جيروزاليم بوست Jerusalem Post الصهيونية وتحدثت عن تفاصيله باقتضاب في مقال نشرته بتاريخ 21 نوفمبر 2017.
فالحلف "الإسرائيلي - السني" هو مصطلح سياسي استخدمه وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس في مقابلة له مع صحيفة واشنطن بوست Washington Post الأمريكية بتاريخ 26 فبراير 2017.. هذا المصطلحُ يصف الحلفَ القائم بين إسرائيل وعدد من الأنظمة السنية التي تقود عملية التطبيع العربي الإسلامي مع كيان إسرائيل لذلك يجد هذا الحلفُ نفسَه في مواجهة حتمية مع الحلف "الشيعي - السني" لتضاد المشروعين وتعاكسهما فهذا الحلف "الإسرائيلي - السني" يعمل على تحجيم تأثير إيران بعد أن عجز عن إسقاطها كما يعمل على قطع دعم إيران للقوى العربية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل والتي يُعبَّر عنها في وسائل الإعلام بـ"أذرع إيران"..
وهذا الحلف "الإسرائيلي - السني" له مصاديق وشواهد على أرض الواقع فهناك حالة تطبيع رسمية بين عدد من الأنظمة السنية وبين كيان إسرائيل تجاوزت شكليات تبادل السفارات لتصل إلى مستوى تعاون استراتيجي شامل ووجودي بينهما يتضمن تحالفا عسكريا وتنسيقا أمنيا وتعاونا اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا بل ان هذه الأنظمة السنية باتت تشكل حاجز الدفاع الأول لصد جميع الهجمات النوعية التي تستهدف إسرائيل سواء كانت هجمات صاروخية أو سياسية أو إعلامية أو حتى كانت مجرد شعارات يصرخ بها طفل أو يُلصقها في جدار..
هذا الحلف "الإسرائيلي - السني" يصد هذه الهجمات الموجهة لكيان إسرائيل صدا عسكريا وصدا إعلاميا وسياسيا فالصواريخ التي تستهدف إسرائيل يسقطها في الأجواء ثم يقلل من شأنها وتأثيرها في وسائط الإعلام..
ولأن هذا الحلف عاجز عن تجميل وجه إسرائيل القبيح عند جمهور أهل السنة فإسرائيل التي قامت على سحق الشعب الفلسطيني ذي الأغلبية السنية من الطبيعي أن تكون عدوا لجمهور أهل السنة، والحل كان بخلق عدو بديل لجمهور أهل السنة عبر شيطنة إيران وأذرع إيران وحشد الرأي العام ضدها واستغلال التباين المذهبي والأيديولوجي معها وتضخيم ذلك التباين وتعزيزه وتصويره كبُعبع وخطر داهم حيث لم ينجُ - نسبيا - من هذه الشيطنة الممنهجة سوى حركة حماس لانها سنية رغم المحاولات الكثيرة المتكررة لـ"تشييعها" وشيطنتها!
وطالما يُسيطر الحلفُ "الإسرائيلي - السني" سيطرة تامة على وسائل توجيه الرأي العام في أوساط الجمهور السني - العربي فإنه لن يتورع عن تضليل الناس وتجنيد الحمقى والمغفلين ليخوضوا معارك إسرائيل الوجودية نيابة عنها سواء كانت معارك إلكترونية تُخاض في وسائط التواصل الاجتماعي أو كانت حتى معارك عسكرية وسياسية تُسفك فيها الدماء وتُدمر بها الأوطان..
فالمتأثرون بالحلف "الإسرائيلي - السني" أربعة أنواع:
- نوع أول يكتفي بمعاداة "إيران وأذرعها" وفي نفس الوقت يُعلن الموالاة الواضحة لإسرائيل بلا حياء..
- نوع ثان يُعادي إيران ويسكت تماما عن إسرائيل ويتفادى التعبير عن أي موقف تجاهها.
- نوع ثالث يُعادي إيران ويُعادي أذرعها لكنه يستثني في عدائه حركة حماس لانها سنية.. وهذا عداؤه لإيران وأذرعها هو لسبب مذهبي فهو شخص متعصب غير مُنصِف لا يعنيه إلا معركة المذهب لا معارك الإسلام وستظل إيران في عينه كاذبة حتى ولو صدقت، وسيظل ينظر لإيران بعين الشك والريبة مهما قدمت من الدعم والدماء والتضحيات ومهما دفعت من الأثمان في سبيل قضايا الأمة وهو ما يشهد لها به جميع المنصفين والشرفاء، وحتى حركة حماس تشهد لإيران بذلك وفي مختلف المناسبات..
- نوع رابع يُعادي إيران وإسرائيل معا مُتهما إيران بانها متحالفة سرا مع إسرائيل لكنه في واقع عدائه لا يتحرك إلا ضد إيران وأذرعها ولا يصدر فتاوى الجهاد إلا ضد إيران وأذرعها لكن حين يكون مطلوبا منه التحرك ضد إسرائيل يتحجج بالضعف أمامها ويتخفى خلف فقه الضرورة!
سؤال: *هل هناك في أهل السنة فئة ليست مع الحلف "الإسرائيلي - السني" ولا مع الحلف "الشيعي - السني"؟*
الجواب نعم.. هناك فئة تشعر بصدق انها تُعادي إيران وإسرائيل معا لكن هذه الفئة في الحقيقة ليست إلا ضحية للحلف "الإسرائيلي - السني" وتابع له وهي لا تعلم، لأن هذا النوع مصدر معلوماتهم الذي يُعادون بموجبه "إيران وأذرعها" انما مرجعه هو تلك الأنظمة السنية المتحالفة مع إسرائيل والتي تُهيمن تماما على وسائل الإعلام وتوجيه الرأي العام العربي - السني هؤلاء يُسيطرون على القنوات الخليجية عموما الترفيهية منها والإخبارية والقنوات المصرية والقنوات اللبنانية وتلكم هي أهم أدوات التأثير في الشارع العربي - السني كما يُسيطرون على أهم منابر الفتوى السنية وأوسعها تأثيرا كما يملكون جيوشا إلكترونية ضخمة وذبابا يتحرك في الشبكة العنكبوتية بنشاط يُشيع التفرقة بين المسلمين ويؤجج الفتن المذهبية ويشيطن الشرفاء والأحرار والمجاهدين!
وهنا يأتي الدور المهم لحماس وللجهاد الإسلامي وغيرهما من التنظيمات والشخصيات السنية الصادقة والواعية فهؤلاء يُدركون جميعا من خلال صدقهم ان إيران هي الحليف الصادق الوحيد للقضية الفلسطينية رغم انتمائهم السني ويُدركون أيضا أن اتحاد المسلمين شرط جوهري لمواجهة المشروع الصهيوني وهو أفضل قطعا من مواجهة مذهب إسلامي واحد لإسرائيل ويُدركون كمية التضحيات التي قدمتها إيران على هذه الطريق المضمخة بدماء مئات آلاف الشهداء الإيرانيين على مدى أربعين عاما كما يُدركون مدى خطورة استهداف إيران وتحويل النظام فيها إلى نظام موال للصهيونية لتعود كما كانت في عهد الشاه رضا بهلوي فهذا النظام البهلوي لم يتعرض لأي تحريض مذهبي ولا استنفار سني - عربي رغم انه كان نظاما شيعيا - قومجيا إيرانيا واضح المعالم والسحنة!
لكن لماذا لم يكن أحد من أهل السنة أو العرب يستنفر ضد نظام رضا بهلوي؟ السبب لأنه كان حليفا علنيا لإسرائيل وكان قد فتح سفارة لها في العاصمة طهران وحيَّدَ نفسَه تماما عن الصراع العربي الصهيوني واهتم بمصالحه القومية والقُطرية والمذهبية فتمت مكافأته بتعيينه وكيلا لأمريكا في المنطقة وشُرطيا مهيمنا عليها كان الأعراب وكثير من العرب يتسابقون لنيل رضاه والركوع في حضرته وبين يديه!
من المستفيد يا أهل السنة إن عاد نظام إيران كما كان أيام رضا بهلوي؟ من هو السني العاقل الذي يعمل من أجل حصول ذلك؟ والله المستعان هو نعم المولى ونعم النصير.
ارسال التعليق