احتفالات الذباب والبعوض السعودي بتبرئة القحطاني
كتب المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس عن قرار المحكمة السعودية يوم الإثنين الحكم على خمسة بالإعدام في جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده يوم 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2018، قائلا: “لا نزال بدون أجوبة عن جريمة قتل خاشقجي”.
وقال إن الهاشتاغ الذي كان الأكثر تداولا “تريند” على “تويتر” في السعودية بعد إعلان المدعي العام عن الأحكام التي صدرت على متهمين بقتله كان سعود القحطاني. وتساءل الكاتب عن السبب، مجيبا أن المحكمة برأته، مع أنه كان وقت القتل من أقرب المقربين لمحمد بن سلمان. وكانت الأدلة حول تورطه بالجريمة قوية بدرجة دفعت وزارة الخزانة الأمريكية لفرض عقوبات عليه لأنه “كان جزءا من التخطيط والتنفيذ للعملية التي قادت لقتل خاشقجي”. ولكن المدعي العام لم يجد أدلة ضده ولهذا برئت ساحته.
كانت الأدلة حول تورط القحطاني بالجريمة قوية بدرجة دفعت وزارة الخزانة الأمريكية لفرض عقوبات عليه لأنه “كان جزءا من التخطيط والتنفيذ للعملية التي قادت لقتل خاشقجي”.
ويقول إغناطيوس إن السعوديين كانوا يأملون يوم الإثنين بإسدال الستارة على القضية من خلال الحكم على خمسة من المشاركين بالإعدام، لكن ما حدث في الحقيقة هو استمرار لحالة الإنكار التي بدأت مباشرة بعد اختفاء الصحافي الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” مباشرة، حيث أكد المسؤولون في حينه أنه لم يقتل.
ويرى أن الأحكام هي بمثابة فقأ عين الأمريكيين الذين يضغطون منذ أكثر من عام على ولي العهد لمحاسبة المسؤولين والاعتراف بدور القحطاني بالجريمة.
وقال الكاتب إن أصدقاء وأنصار القحطاني كانوا في حالة من النشوة يوم الإثنين. ليس لأن تبرئته كانت تعني رفضا واضحا للنقد من منظمات حقوق الإنسان والصحافيين، بل كانت رسالة معناها “حلوا عنا”. وقال شخص: “القحطاني وحده جبهة ضد أعداء الوطن، وعودته اليوم تعني عودتهم إلى أوكارهم”، وكان هذا الرجل يحتفل بعودة القحطاني الذي ظل حتى مقتل خاشقجي مسؤولا عن حملة على منصات التواصل الاجتماعي موجهة ضد أعداء ولي العهد. ويرى الكاتب أن الحكم يعني بالنسبة للقحطاني عودته إلى “تويتر” ليوجه “هاشتاغ القائمة السوداء” ويفعل “ذبابه الإلكتروني”.
وفي تغريدة أخرى وضع شخص صورة القحطاني أيام عزه وكتب تحتها تعليقا: “فارس ورمز للولاء إلى الوطن”. ويعلق إغناطيوس أن ماهر المطرب الذي قاد فرقة القتل في إسطنبول لم يكشف عنه وإن كان اسمه من بين الذي صدرت عليهم أحكام بالإعدام. لكن بيان المدعي العام كان واضحا أنه وفريقه تصرفا بطريقة فردية وبدون توجيه رسمي من القحطاني أو غيره. وهو ما يدهش السعوديين الذين يعرفون أن المطرب لن يتصرف بدون أوامر.
وكتب سعودي يوم الإثنين: “كان المطرب ضابط أمن ذكيا وتبع الأوامر من مسؤوليه المباشرين”، “وليس من المعقول أن يكون ماهر قد قرر في لحظة سريعة قتل جمال خاشقجي بدون أوامر رسمية لعمل هذا”. ويقول إغناطيوس إن قضية خاشقجي تمثل خرقا للثقة ليس لنقاد المملكة ولكن لداعميها في سي آي إيه، البنتاغون ووزارة الخارجية والكونغرس، و”أخبرني مسؤولون في هذه الفروع الحكومية أن المملكة تحتاج لإعادة بناء علاقات قوية مع الولايات المتحدة لأن تظهر أنها طوت الصفحة وأن عملية قتل لمعارض سعودي مقيم في الولايات المتحدة لن تتكرر أبدا، ومن المتوقع أن يوسع قرار الإثنين فجوة الثقة لا تضييقها”.
ولا تزال سي أي إيه تعتقد أن محمد بن سلمان يتحمل مسؤولية قتل خاشقجي ولهذا السبب تعتبر القضية مهمة وتضرب على وتر حساس. ويقول الكاتب إن قرار الخارجية المدعوم من المخابرات الأمريكية التوقف هذا الخريف عن تدريب ضباط رئاسة المخابرات العامة السعوديين هو إشارة عن التشظي في العلاقة بين البلدين. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن تدريبا كهذا قد يكون مفيدا وأثنوا على التعاون مع المخابرات السعودية خلال السنوات الماضية ولكن المشكلة ليست هنا.
بل وتخشى الخارجية والمخابرات الأمريكية أن الأمير المتهور لم يتعلم من دروس قتل خاشقجي وربما ارتكب أخطاء جديدة. ويعلق الكاتب أن حالة الصحافي خاشقجي لديها أثر غريب من الارتداد الدائم. فكلما طالب الغرب بالمحاسبة رد البعض في السعودية بالتمحور الداخلي والدفاع عن ولي العهد ورجاله. وكتب سعودي عن الذين برئت ساحتهم يوم الإثنين: “لقد خدموا السعودية وهذا يظهر أنهم أبرياء”.
ويعلق الكاتب أن هذه المشاعر مفهومة لأن أحدا لا يريد رؤية انتقادات خارجية لمسؤوليهم. ولكن إغلاق القضية لن يتم إلا بعد جمع المحققين الأدلة والحقائق وفحصها وتقديمها للرأي العام، لكي يفهم من فعلها ومن أمر بها ويتحمل مسؤولية القتل، وهذه أسئلة أساسية في أي قضية جنائية لكننا مع جمال خاشقجي لا نزال نعرف الجواب.
ارسال التعليق