الاخبار
لماذا اضطر ال سعود للإعتراف باللقاء الذي جمع وزير دفاعها برئيس المخابرات السوري
إفتتاحية صحيفة ″رأي اليوم″:
اخيرا، وبعد صمت طويل وتجاهل تام، اعترف متحدث رسمي سعودي باللقاء الذي تم بين اللواء علي المملوك رئيس مكتب الامن الوطني السوري، والامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وزير الدفاع، الذي يدير المملكة العربية السعودية، وكل سياساتها الامنية والدفاعية والاقتصادية وحروبها في كل من اليمن وسورية. المتحدث الرسمي الذي نشرت صحف سعودية اعترافه هذا تفضل وقام بايضاح مسألتين ثانويتين: الاولى ان اللقاء تم في جدة وليس في الرياض، والثانية ان من حضر اللقاء من الجانب السعودي هو نائب رئيس الاستخبارات السعودي المتخصص في شؤؤن الشرق الاوسط. ليس المهم ما اذا كان اللقاء مع رجل الامن الاول في سورية تم في الرياض او جدة، وانما المهم انه حدث، وعلى ارض سعودية، ومع الرجل الاقوى فيها، ونجل العاهل السعودي. المسؤولون السعوديون ظلوا يرددون على مدى السنوات الخمس الماضية تقريبا انهم لن يدخلوا في حوار مع سورية، وانهم مصممون على اسقاط النظام السوري، وعدم مصافحة اي من المسؤولين فيه لان اياديهم ملطخة بالدماء، ولكن المسؤولين السوريين في المقابل لم يكرروا الكلام نفسه، ويعيدوه الى اصحابه، بأيديهم ايضا، اي المسؤولين السعوديين، ملطخة بدماء الشعب السوري من خلال دعمهم بالمال والسلاح لفصائل المعارضة المسلحة التي تقاتل النظام وجيشه، ومن تقتلهم هم من السوريين ايضا، وبعضهم مدنيون ابرياء حتما، كما ان الجيش يمثل في معظمه سورية الرسمية، ومن كان يعترض على قيادته السياسية والعسكرية، انشق وانضم الى المعارضة، او خلع البزة العسكرية والتجأ الى مخيمات اللجوء في تركيا لانه يريد الامان له ولعائلته، ولا يريد ان يكون طرفا في هذه الحرب التي تدمر البلاد والعباد. المصدر السعودي فسر الماء بالماء عندما قال ان الهدف من هذا اللقاء كان تعرية القيادة السورية امام حلفائها الروس، ورفضهم التنازل، حتى كأن الروس الذين دعموا النظام طوال السنوات الماضية من عمر الازمة لا يدركون جيدا ان كل ما تعرضت له سورية من حروب يعود الى رفض النظام مرور انبوب الغاز القطري عبر اراضي سورية الى تركيا، لكي يلغي سلاح الغاز الروسي وهيمنته على اوروبا. التسريبات حول هذا اللقاء جاءت من الطرف السوري حتما، لان اول من نشر اخباره صحف قريبة من سورية وايران، واذا صحت بعض الفقرات التي جرى نشرها حول ما دار فيه، مثل العبارة التي تقول بأن الامير محمد بن سلمان قال “لا نريد اسقاط النظام، وانما انسحاب الفصائل الشيعية المقاتل في سورية”، وهي تبدو صحيحة، فان هذا يؤشر الى رغبة القيادة السعودية تغيير سياستها في سورية، والاعتراف بالنظام والتعاطي معه، ولم تعد تراه نظاما غير شرعي، مثلما ظلت تردد طوال السنوات الماضية. واذا كانت القيادة السعودية تريد ان يظل الصراع في سورية سوريا بحثا، فانه من حق اليمنيين الذين تقصفهم الطائرات السعودية ليل نهار منذ اربعة اشهر ان يطالبوا بالشيء نفسه، بل ما اكثر منه، لانه لا توجد ميليشيات شيعية ايرانية او عراقية او حزب الله اللبناني تقاتل على ارض اليمن، واذا كانت قوات الحوثي شيعية، حسب التوصيف السعودي، فهي يمنية عربية صرفة. نحن في هذه الصحيفة “راي اليوم” كنا منذ اليوم الاول للازمة السورية نؤكد على رفض الحلول الامنية والعسكرية، سواء التي كان يتبناها النظام، او تلجأ اليها المعارضة المسلحة، تحت عنوان الدفاع عن النفس، وضرورة الحوار للوصول الى الحل السياسي، لان النظام السوري ليس مثل النظام الليبي يمكن الاطاحة به وتغييره بسهوله، لانه يملك حاضنة شعبية سورية تؤيده، وجيش قوي يدافع عنه، وقوى اقليمية وعالمية تسانده وتدعمه ماليا وعسكريا وسياسيا مثل ايران وروسيا وحزب الله في لبنان. وبكلمات اخرى نقول نحن نؤيد اللقاء السعودي السوري، ونتمنى ان يتطور من حوار امني الى حوار سياسي، مثلما نتمنى ان يتكرر الشيء نفسه في اليمن، وان لا تؤدي الانجازات الميدانية الاخيرة المتمثلة في استعادة عدن والضالع ولحج من التحالف “الحوثي الصالحي” الى تصليب الموقف السعودي، فهذه الاستعادة تمت على ايدي القوات الخاصة الاماراتية، والقوات اليمنية التي جرى تدريبها في الخارج، بينما اقتصر الدور السعودي على القصف الجوي فقط، والدفاع عن مدينتي جيزان ونجران على الحدود مع اليمن، وما اعتراف الامارات بمقتل ثلاثة جنود من ابنائها اثر انفجار لغم في ابين الا قمة جبل الثلج فقط، والحروب كرّ وفر، والامور بخواتمها ولا شيء يدوم على حاله. الشعب السعودي يحتاج الى اقصى درجات الشفافية من حكومته ومسؤوليته، وحالة الانكار لا تفيد مطلقا، علاوة على كونها لم تعد ذات جدوى في ظل اتساع دائرة نفوذ شبكات التواصل الاجتماعي والتقنية الحديثة التي جعلت المعلومات متوفرة للجميع في ثوان معدودة.
ارسال التعليق