الذباب الالكتروني في خدمة انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة
التغيير
يوجه نظام آل سعود جيشا من الذباب الالكتروني في خدمة انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة عبر التغطية عليها ومحاولة تحسين السمعة.
ويرتبط نظام آل سعود بسجل حافل من فضائح الذباب الالكتروني ضمن الانخراط في الصراع في الفضاء الافتراضي الذي أصبح جزءا من الصراع الواقعي، بحيث باتت الجيوش الإلكترونية جزءا من العمل الإعلامي.
ويبرز مراقبون أن آل سعود يفرضون قيودا صرامة على منصات التواصل، وإذا لجأ مواطن لإنشاء حساب وهمي فسيخضع للقوانين الحديثة المتعلقة بوسائل التواصل، وانكشاف الحسابات الوهمية يرتد على النظام الذي يشغّلها.
وكان نظام آل سعود يدفع لوسائل الإعلام من أجل حملات دعاية لتلميع سمعته، لكن دخول مواقع التواصل على الخط أتاح مجالا كبيرا للحرية، ما دفع النظام إلى دخول هذا المجال عبر الحسابات الوهمية.
وتستهدف الحسابات توجيه الرأي العام والتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، في ظل عدم سماح نظام آل سعود بحرية الإعلام.
لكن لجوء نظام آل سعود للحسابات الوهمية هو دليل على فشله في إيصال رسالتها، لاسيما أن الحسابات المحذوفة تركز على أحداث معينة بغرض مهاجمة خصوم النظام ومحاولة تحسين سمعته فضلا عن حرف أنظار الشعب إلى أمور أخرى.
ويشكل الذباب الالكتروني أداة مفضوحة لنظام آل سعود يستخدمها في الترويج لرموزه والتغطية على فضائحهم وانتهاكاته لحقوق الإنسان فضلا عن مهاجمة خصومه.
وأعلنت شبكة التواصل الاجتماعي تويتر أمس أنها حذفت آلاف الحسابات في المملكة ومصر لتلقيها توجيهات حكومية أو نشرها محتوى دعائي لها.
وقام تويتر بحذف 5,350 حسابا من المملكة بسبب “إبرازها محتوى يشيد بقيادة آل سعود، وينتقد نشاط قطر وتركيا في اليمن”.
وتدين منظمات حقوقية دولية نظام آل سعود بالتجسس على معارضين ومستخدمين لتويتر يوجهون انتقادات لها عبر منصة التراسل.
وتمت ادارة الحسابات المرتبطة بالمملكة من خارج المملكة ومن الإمارات، حيث يوجد المقر الرئيسي لتويتر في الشرق الأوسط، وكذلك من مصر.
وقال الموقع الذي يتخذ من سان فرانسيسكو مقرا له في سلسلة تغريدات “أغلقنا 2,541 حسابا تابعا لشبكة مقرها مصر، ومعروفة باسم بوابة الفجر”.
وأضاف “قامت المجموعة الإعلامية بإنشاء حسابات زائفة لإبراز رسائل تنتقد إيران وقطر وتركيا. وتشير معلومات حصلنا عليها من الخارج إلى أن المجموعة كانت تتلقى توجيها من الحكومة المصرية”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحذف شركة تويتر حسابات مرتبطة بالمملكة ومصر لانتهاكها سياسات النشر على منصة التواصل الاجتماعي.
ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبعد أسابيع من توجيه السلطات الأميركية اتهامات بالتجسس لثلاثة سعوديين لوصولهم إلى بيانات شخصية لمعارضين على تويتر، أعلنت الشركة أنها حذفت نحو ستة آلاف حساب كانت جزءا من عملية معلوماتية مدعومة من أحد البلدان وصادرة من المملكة.
وقبل أسابيع سلط موقع بريطاني الضوء على تمدد أحد أقدم وأهم شبكات المعلومات المضللة في الشرق الأوسط فعالة على شبكة تويتر ويتعلق الأمر بشبكات الذباب الالكتروني التابعة لنظام آل سعود.
ويذهب صاحب المقال الكاتب مارك أوين جونز في مقال نشر بموقع ميدل إيست آي البريطاني، إلى أن ما يسمى بشبكة “ديافولو”، التي تروج في الغالب للمحتوى المرتبط بمحطة الأخبار “24 السعودية” وقنواتها الشقيقة، كانت مسؤولة عن نشر خطاب الكراهية الطائفية ونظريات المؤامرة حول حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وتعني “ديافولو” باللغة الإيطالية “الشيطان”، وهو اسم برنامج يُستخدم لأتمتة التغريدات من خلال تطبيق “تويتدك”.
ويقول جونز في مقاله، إن البحث عن الوسم المتعلق بدولة في الشرق الأوسط يقودك للعثور على أحد حسابات الروبوت التي تعرف باسم الذباب الإلكتروني التي عادة ما تقوم بنسخ ولصق المحتوى ذاته، وعرض مقطع فيديو مع شعار شبكة “24 السعودية” المميز في الركن الأيمن السفلي.
وأضاف الكاتب أن الحسابات ذات الصلة صممت لتبدو معقولة نسبيا، حيث غالبا ما تتضمن صور صفحات لأشخاص حقيقيين، على الرغم من صعوبة استنتاج الأرقام الدقيقة، إلا أن التحاليل تشير إلى أن الشبكة تتكون على الأرجح مما يصل إلى 3700 حساب آلي أو نصف آلي.
في الواقع، لإجراء هذه الدراسة، وقع الاعتماد على عينتين، إذ أنشئ كلاهما من خلال تنزيل حوالي عشرين ألف تغريدة تحتوي على عبارة “محلل قناة 24″، وهي عبارة شائعة الاستخدام من طرف شبكة الروبوت.
يذكر أن عوامل على غرار التشابه في تاريخ إنشاء الحساب، والنظام الأساسي المستخدم من قبل الحساب، وعدد المتابعين وأوجه التشابه في المحتوى المنشور من قبل هذه الحسابات، تحدد إمكانية معرفة ما إذا كان الحساب مشبوها.
وأوضح الكاتب أن تحليل الحسابات يشير إلى جهد منسق للغاية، ففي المتوسط، تم إنشاء 34 حساب تويتر جديدا شهريا منذ عام 2009، ولكن في بعض الأحيان، سجّل هذا العدد ارتفاعا. وفي مايو/أيار 2016، أنشئ 335 حسابا، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ما يقارب 382 حسابا.
إذا كانت هذه الحسابات عضوية، فيمكن أن يتوقع المرء توزيعا أكثر توازنا لتواريخ الإنشاء. من جهة أخرى، في حين أن بعض شبكات الذباب لا تعمل إلا بشكل متقطع، فإن الشبكة نفسها نشطة باستمرار، حيث تنتج أكثر من 2500 تغريدة يوميا.
أفاد الكاتب بأن الشبكة تركز باستمرار على القضايا المتعلقة بإيران وتركيا وقطر. فوفقا للتحليل الذي أجراه، احتوى حوالي ثلث إجمالي التغريدات في الأسبوع الماضي على وسم “#إيران”، في حين ظفر وسم “#تركيا” و”#قطر” و”#السعودية” بحوالي 17% من مجموع التغريدات.
وبالعودة إلى عام 2016، كانت شبكة “24 السعودية” تعمل على نشر خطاب الكراهية المعادي للشيعة باللغة العربية. وبعد تلقي الشكاوى، علق موقع تويتر 1800 حساب، ولكن الشبكة كانت أكبر من ذلك بكثير، ولم ينجح هذا الإجراء في عرقلة نشاطها. في ذلك الوقت، من المرجح أن تكون الشبكة قد تضمنت عشرات آلاف الحسابات.
وبيّن الكاتب أنه على الرغم من أن الشبكة خضعت لعملية تصفية منذ ذلك الحين، فإنها حافظت على نفوذها، حيث ما زالت تنشر الدعاية المؤيدة للسعودية والمعلومات المضللة. وتتطرق الشبكة أيضا إلى العديد من المواضيع الشائعة، خصوصا حين قامت بالدفاع عن آل سعود في مواجهة الانتقادات التي تعرضت لها.
فخلال عام 2018، كانت هذه الشبكة نشطة للغاية في نشر نظريات المؤامرة حول تورط تركيا في مقتل خاشقجي الذي قتل في سفارة بلاده وعلى أيدي موظفين في حكومة آل سعود، وفقا لمقال ميدل إيست آي.
وأرفقت الشبكة في الذكرى السنوية لهذه الجريمة التي ارتُكبت في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018، وسم “#جمال خاشقجي” بمقاطع فيديو تروج لشركات آل سعود، في الوقت الذي كان فيه العرض العام الأولي لشركة أرامكو يتصدر عناوين الصحف.
وأضاف الكاتب أنه إثر قيام مجند سعودي بإطلاق النار وقتل ثلاثة من العسكريين الأميركيين في فلوريدا، اخترقت شبكة الذباب الإلكتروني التابعة لـ”24 السعودية” وسم “# إطلاق النار في فلوريدا” عن طريق نشر رسائل الدعم السعودي لمكافحة الإرهاب.
أورد الكاتب أنه نظرا لعملية تصفية حسابات تويتر العربيّة التي تنشر “الرسائل السياسية غير المرغوب فيها” من الإمارات العربية المتحدة ومملكة آل سعود، يبدو من غير المعقول أن تظل هذه الشبكة نشطة.
في الواقع، من الصعب تحديد تأثير الشبكة، لكن مقاطع الفيديو المنشورة على تويتر تحصل في كثير من الأحيان على آلاف المشاهدات. ومع ذلك، يكاد يكون من المؤكد أنها متورطة بالتلاعب بالمنصة، والذي تُعرّفه تويتر بأنه “استخدام تويتر لتضليل الآخرين أو تعطيل تجربتهم من خلال الانخراط في نشاط عدواني أو خادع” ويمكن أن يشمل السخام الإلكتروني أو الاستخدام الضار للروبوتات أو الحسابات المزيفة.
وأكد الكاتب أن استمرار وجود الشبكة يثير تساؤلات حول جهل تويتر بتحويل التطبيق إلى سلاح متصل بآل سعود. وفي الواقع، اتهمت الحكومة الأميركية أخيرا الجواسيس السعوديين الذين عملوا في تويتر بالتجسس لصالح الرياض. ومع ذلك، حتى بعد أن علمت شبكة تويتر بعملية الاختراق، التقى الرئيس التنفيذي جاك دورسي محمد بن سلمان.
أخيرا، قال الكاتب إن تويتر لم تشرح سبب إخفائه لأرشيف سعود القحطاني، وهو مستشار ملكي سابق حظر حسابه بسبب التلاعب بالمنصة. وعلى الرغم من عمليات تصفية حسابات تويتر، فإنه دون وجود محاسبة وشفافية حول العلاقات المحددة لهذه الشركة التقنية مع بلدان معينة، فمن المرجح أن يظل التلاعب بالمنصة شكلا مقبولا من أشكال فرض السيطرة في منطقة الشرق الأوسط.
ارسال التعليق