صفقة إماراتية سعودية لمقايضة عدن بشبوة
التغيير
بعيدا عن الأضواء، تحاول سلطات آل سعود إبرام صفقة مع الإمارات جنوب اليمن، لكن ما مدى نجاعة ذلك ومستقبل المكونات المحلية كالانتقالي وهادي؟
في أبين، شمال عدن، والجبهة الأكثر قابلية للانفجار، يقود ضباط سعوديين مفاوضات بين الانتقالي وهادي وقد عقدوا خلال الساعات الماضية اجتماعات شاركت فيها قيادات عسكرية من قوات هادي في شقرة وأخرى عن المجلس الانتقالي أو القوات المتمردة عن هادي.
تقول المصادر التي شاركت في الاجتماع أن حكومة آل سعود تريد تشكيل قوة مشتركة بين الانتقالي وهادي لإدارة ملفي زنجبار وجعار في أبين، الخاضعتان حاليا لسيطرة الانتقالي، مقابل ذلك تسلم مديريات في شبوة الخاضعة لقوات هادي لعناصر النخبة التابعة للانتقالي، على أن يكون الفصل في المرحلة الثانية بشأن عدن وشبوة.
حتى الأن يبدو أن آل سعود والإمارات متفقتان إلى حد ما. فالانتقالي رحب بالخطوة وأعلن رغبته بتشكيل قوة مشتركة لتولي مهام أبين، وقد ظهرت قيادات عسكرية موالية له كفضل حسن قائد العسكرية الرابعة المنشق عن هادي وثابت جواس أيضا بمدينة شقرة حيث تتمركز قوات هادي في حين زارت قيادات من قوات هادي لمدينة زنجبار في إطار تهيئة الأجواء للتقارب بينهما وقد يتوقع أن تشهد هذه المحافظة التي تعيش منذ أغسطس الماضي توترا وهجمات متصاعدة اتفاقا بين الطرفين.
وفي شبوة أيضا، انسحبت قوات هادي، منتصف الأسبوع من مدينة عزان مما سمح بسيطرة قبائل على المديرية، وهو ما يشير إلى أن الانسحاب تم وفق اتفاق سري نظرا لعدم اندلاع معارك بين الطرفين اللذان يخوضان حربا رغم سريان اتفاق الرياض.
هذه التطورات هي في الأساس مقدمة لعملية مقايضة سعودية – اماراتية.
تريد سلطات آل سعود عدن لسحب بساط الانتقالي من عاصمته، فهي تدرك أن فرص الانتقالي في ظل الصراع المناطقية الأخيرة قد تبدو ضئيلة جدا في شبوة، في حين كل ما يهم الإمارات الآن وقد دنت اليمن من اتفاق سلام، وسط استمرار الضغوط الدولية لتحقيق ذلك، الحصول على المحافظة النفطية كمكسب ولو بدون الانتقالي.
عندما وقع هادي والانتقالي اتفاق الرياض في نوفمبر الماضي، عقد ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد مع محمد بن سلمان اجتماع سري على هامش الاحتفال بتوقيع فرقاء حكومة هادي، وكانت شبوة وعدن وسقطرى محور الاهتمام.
أصرت أبو ظبي على ضم سقطرى الواقعة عند اهم نقطة تقاطع خليج عدن بالمحيط الهندي وبحر العرب إلى جانب شبوة المطلة على بحر العرب والثرية بالنفط والغاز ضمن حصص الانتقالي، لكن بن زايد لم يخرج سوى بوعود من بن سلمان بإبقاء إدارة إماراتية على منشأة بلحاف للغاز المسال بغية تعويض أبو ظبي من كارثية الأزمة مع قطر بعد تهديد الأخيرة بقطع الغاز عن أبو ظبي، فقرر إبقاء الصراع قائم وعرقل تنفيذ اتفاق الرياض عبر أدواته المحلية ممثلة بالانتقالي.
الآن يبدو الوضع مختلف عن نوفمبر الماضي. فربما سقوط مأرب والجوف ونهم بيد قوات صنعاء دفع الرياض لمراجعة حساباتها مع أبو ظبي التي ظلت تلعب من تحت الطاولة وتمزق الفصائل الموالية للرياض من الداخل كالطاعون. أضف إلى ذلك استعانة أبو ظبي بالقوات الأمريكية التي أبحرت على طول الشريط الساحلي لليمن من لحج في الغرب حتى سقطرى في الشرق.
يبدو ذلك جليا بإعادة الإمارات منظومتها الدفاعية “باتريوت” إلى مأرب بعد سحبها واشتراطها انسحاب الإصلاح من أبين وشبوة وحضرموت.
رغم مؤشرات التقارب بين سلطات آل سعود والإمارات لا تزال ثمة فجوة كبيرة بينهما برزت في سقطرى، حيث نشرت حكومة آل سعود عناصرها ودباباتها في شوارع الجزيرة ردا على نجاح الإمارات بتفكيك الفصائل التابعة لها من الداخل عبر دعم التمردات.
وفي البيضاء أيضا يحتدم صراع الطرفين بالوكالة بين قطبي “الإرهاب” القاعدة وداعش بدعم من الدولتين لم يعد سريا بعد ما كشفته “المقاومة” في البيضاء، وكذا في تعز حيث يصعد ابتاع الرياض ضد فصائل الإمارات في الساحل الغربي.
على الصعيد المحلي، يظهر ما يشبه التمرد على سلطات آل سعود داخل “الشرعية” وأولهم بطانة مكتب هادي التي تضم أبنائه ونائب مدير مكتبه للشؤون الاقتصادية، فهؤلاء الذين يخوضون حاليا صراعا مع السفير السعودي، الحاكم الفعلي للشرعية، يقبضون على كافة مصادر الداخل في المناطق الخاضعة لسيطرة “التحالف” بينما يحاول السفير تجريدهم خدمة لأجندة بلاده خصوصا في قطاعات النفط والموانئ البرية والبحري والجوية والتي تحقق عائدات بمليارات الدولارات سنويا، وتذهب جميعها لصالح هؤلاء ومتعاونين معهم في السلطة المحلية.
ثمة ايضا جناح تركي- قطري بدأ نفوذه يتعاظم ليس داخل “الشرعية” بل في صفوف قواتها، حيث ظهر ضباط اتراك قبل ايام يشرفون على قوات هادي في ابين وتحديد التابعة لنائبه محسن، وفي شبوة اجرى التيار الذي يتزعمه المحافظ والقيادي في حزب الإصلاح محمد بن عديو خلال الأيام الماضية تغييرات واسعة في صفوف القوات العسكرية المنتشرة هناك خشية اختراقها من قبل الإمارات أو تفكيكها من قبل هادي، كذلك السيناريو يتكرر في تعز ومأرب.
قد تنجح سلطات آل سعود والإمارات بإبرام صفقة في الجنوب لاسيما في ظل رغبة آل سعود بإعادة التصعيد في شمال اليمن وتحديدا البيضاء مع ضغوط السلام الدولية، لكن أي صفقة من هذا النوع قد تفتح الباب لصراعات على الصعيد المحلي والإقليمي قد لا تنتهي وقد تجر اليمن إلى صراعات دولية نظرا لمحاولات التقارب الروسي- الصيني مع أطراف محلية.
ارسال التعليق