المطففون والنظام السعودي
بقلم: مبارك بن راشد الشهواني/ كاتب قطري
“وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ”.
التطفيف هو البخس في المكيال والميزان، بحيث يلتف المجرم حول القانون الواضح والمنطق السليم لكي يبخس الناس حقهم، فإن اعترضوا أو تكلموا صاح بهم المجرم: “ماذا تريدون أيضا، طالبتم بالوزن فلما وزنّا لكم اعترضتوا؟”.
وهذا تماماً ما كان يفعله قوم نبي الله شعيب الذين أهلكهم الله ودمرهم بسبب التفافهم على أمره ومحاولة التذاكي على الناس ومخادعة الله (تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً). “يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون”.
والآن في وقتنا هذا نرى نوعاً جديداً من المطففين الذين يريدون القفز فوق آيات الله وأوامره ومخادعته، وكما طفف قوم شعيب من قبل فإننا نرى الآن النظام السعودي وهو يطفف بكل وقاحة وصفاقة في أحكام جائرة لم ينزل الله بها من سلطان تجاه الزوار القطريين للأماكن المقدسة، فإن اعترضنا على تطفيفهم أو تكلمنا صاحوا بنا (لم نمنعكم من القدوم للحرمين) وكأنه وارد أصلا في أذهانهم المريضة أن يمنعوا من يشاءون ويسمحوا لمن يشاءون بالحج والعمرة.
وأما محاولتهم البائسة لإيقاف اعتراضنا وتكميم أفواهنا بالوقوف عند نقطة النقاش هذه فإنما هو مجرد هروب صفيق وخبث وغدر نعرفه من أخزم وذلك حتى لا نسألهم عن جوهر الموضوع ولبه وهو تنطعهم وتعسيرهم الوصول للمشاعر المقدسة أو ما يمكن تسميته بـ”التطفيف” في المعاملة.
فهم منعوك من الوصول براً للحرمين الشريفين حتى صار لزاماً عليك أن تحجز بالطائرة التي أيضاً عسّروا وصولها فأجبروك على أن تأتي عن طريق دول أخرى لتصبح رحلة الساعتين تستغرق ما يزيد على ١٧ ساعة أي (ثمانية) أضعاف المدة المطلوبة.
وأيضا عندما تدخل أراضيهم فإنك عرضة لأن تكون فريسة سهلة لسلطاتهم الغادرة المتجبرة، ولكونك لم تدخل أراضيهم عن طريق حملة من حملات الحج القطرية، ولأنه أيضاً لا توجد لك سفارة في دولتهم، فهذا يضعك كقطري تحت رحمة أي عسكري أو مسؤول سعودي يستطيع بكل سهولة أن يرميك بتهمة الإرهاب المطاطية كما رأيناهم فعلوا من قبل مع بعض المعتمرين الليبيين في الحادثة المشهورة وغيرهم من التونسيين والجزائريين بحجج أخرى واهية ومختلفة.
فإن نجوت من كل هذا الجور والتعسف، فمن ينجيك من عامة الشعب المغيب الذي تمت شيطنتك في أعينهم من خلال إعلامهم الذي دأب على شن حملات التحريض وخطاب الكراهية؟.
وإن اخترت أن تتجنب هذا كلّه وتبقى في بلادك، رفعوا عقيرتهم كاذبين بأن حكومتك هي من منعك من الزيارة المقدسة وكأنهم لم يرهبوك ويخوفوك بفجورهم وخبثهم وعراقيلهم التي وضعوها في وجهك بلا ذنب منك غير أنك لم تطاوعهم وتنقلب على حكومتك!.
كل هذا ليس إلا غيض من فيض مما رأيناه منهم ومن تطفيفهم، فلا تعجب أيها القارئ الكريم عندما تجد أن ملك الملوك توعد المطففين قائلاً: (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم).
قال ابن كثير:
(أما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السرائر والضمائر في يوم عظيم الهول كثير الفزع جليل الخطب؟) تأملوها.
ارسال التعليق