حرب اليمن.. هل يُنهي بايدن أكبر مأساة في العالم بحال فوزه؟
التغيير
ينتظر العالم بأسره نتيجة الانتخابات الأمريكية التي من المنتظر عقدها في الثالث من نوفمبر 2020، وما إذا كان دونالد ترامب الجمهوري سيفوز بعهدة ثانية، أم سيكون الفوز حليف المرشح الديمقراطي جو بايدن.
وتبدو السياسة الخارجية مهمشة في المناظرات أو اللقاءات الصحافية للمرشحين أكثر من أي وقت مضى، وإن حضرت، فإنهما يتطرقان في الغالب إلى ملفات كإيران واتفاقات التطبيع الإسرائيلية الإماراتية والبحرينية والعلاقة مع الصين، لكنهما لم يتطرقا إلى الحرب في اليمن، والتي تسببت بأكبر مأساة إنسانية في العالم.
ويطرح الكثير تساؤلات حول ما سيقوم به المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، جو بايدن، الذي قال إن إدارته في حال فوزه بالانتخابات ستعيد تقييم العلاقات الأمريكية مع المملكة وستنهي دعم واشنطن للحرب في اليمن، وهو ما قد يعني إن حدث، بداية لإنهاء حربٍ استمرت لنحو 6 أعوام.
بايدن وحرب اليمن
بعد ترشيحه رسمياً من قبل حزبه، أعلنت حملة بايدن، وبشكل رسمي ضمن برنامجه الانتخابي، أنه سينهي دعم الولايات المتحدة لحرب المملكة في اليمن إذا انتُخب رئيساً.
وجاء في بيان على صفحته الانتخابية حول برنامجه "سنعيد تقييم علاقتنا بالمملكة، وننهي الدعم الأمريكي لحرب المملكة في اليمن، ونتأكد من أن أمريكا لا تتنكر لقيمها من أجل بيع الأسلحة أو شراء النفط".
ويتفق برنامج بايدن مع الكونغرس الأمريكي، الذي يؤيد بشكل عام وقف الدعم العسكري للتحالف في اليمن وبيع الأسلحة، في ظل عدم الرغبة بانخراط أمريكي أكبر في الحرب في اليمن، واستمرار دعم للمملكة والإمارات في هذا السياق.
ويعود ذلك لأسباب عدة، من بينها الضغوط والانتقادات القوية والمستمرة من منظمات حقوق إنسان أمريكية ودولية، لدور واشنطن وخروق حقوق الإنسان ومقتل المدنيين بشكل متواصل في غارات التحالف.
ترامب وأوباما
لكن من غير الواضح إلى أي مدى سيطبق بايدن هذه الوعود، خصوصاً أن الدعم الأمريكي لهذه الحرب لم يبدأ مع ترامب، بل تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان بايدن نائبه.
لكن الرئيس السابق، أوباما، قام قبل فترة وجيزة من انتهاء فترته الرئاسية بوقف بيع القنابل الذكية للمملكة بهدف تقليل معدلات الوفيات في صفوف المدنيين.
في المقابل فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه الرئاسة في 2016، يعلن دائماً مواصلة جيش بلاده تقديم مختلف أنواع الدعم للتحالف بقيادة المملكة الذي يحارب أنصار الله في اليمن.
ويتمتع ترامب بعلاقة وطيدة ب محمد بن سلمان، بلغت ذروتها بتوقيع اتفاق لبيع أسلحة أمريكية للرياض بقيمة 110 مليار دولار ستصل إلى 350 مليار حتى عام 2027.
وكان ترامب دائماً يتحدث عن أموال المملكة وأن هذه الأموال يمكن أن تنعش اقتصاد بلاده، معتبراً أن هذا الربح يكفي للتغاضي عن جرائم حكومة الرياض.
اليمن ملف هامشي
يقول الكاتب والصحفي اليمني شاكر خالد، إنه لا يمكن قراءة انعكاسات نتائج الانتخابات الأمريكية على اليمن بمعزل عن انعكاسها الأهم على المملكة، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية "ظلت محورية بالنظر إلى المملكة كدولة مهمة لها في المنطقة".
ويؤكد أن سبب مأساة اليمن، يرجع إلى أنها "تأتي في الهامش وهي ملف تابع للمملكة بنظر صانعي السياسة الأمريكية".
وأضاف في حديثه لـ"التغيير"، "الخطاب الذي يقدمه بايدن تجاه المملكة، وهو خطاب يهددها بوقف الحرب في اليمن ومنع مدها بالمؤن العسكرية اللازمة وكذلك رفع العقوبات عن عدوتها إيران، هو خطاب مناقض بالمجمل لسياسة ترامب".
إلا أنه يرى أن السياسة الأمريكية "عودتنا على مدى سنوات أن ذلك ما يتطلبه خطاب الحملات الانتخابية"، مضيفاً: "في الواقع بعد الانتخابات والفوز يتبدل الخطاب ويميل الساسة إلى انتهاج سياسة واقعية. هذه السياسة لم تتجاوز المملكة تماماً ولم تفطم من إغراءات ما تقدمه المملكة من صفقات".
ويعتقد "شاكر" أن المملكة "تدرك ذلك جيداً، ولذلك نشطت حتى خارج دوائر صنع القرار عبر دعم لوبيات بهدف دعم سياستها والتغاضي عن ملف انتهاكاتها الحقوقية".
وحول ما إذا كانت ستوقف واشنطن حربها في اليمن، أو مساعدتها للمملكة، يقول: "لا أتوقع مثلاً أن توقف واشنطن غاراتها بدون طيار في حال تبين لمخابراتها وأجهزتها عن هدف محتمل بشأن تهديدات تنظيم القاعدة في اليمن سواء بفوز بايدن او ترامب".
وأضاف: "مع ذلك، لا نستبعد تماماً محاولة بايدن تنفيذ برنامجه في حال الفوز، إنما ليس بتلك الحدية التي يطرحها تجاه المملكة الآن".
ويرى أن المملكة"بكل تأكيد ستخسر جنون ترامب تجاه إيران. وربما قد تفقد ورقة التحكم في حرب اليمن مع حدوث متغيرات جديدة في المنطقة، لأنه كان مساعداً على استمرار حربها في اليمن ومنع مشرعين من اصدار قرار بوقف مدها بالأسلحة اللازمة لمواصلة الحرب".
وتابع: "هذه مهمة كان لها صدى سيئاً في اليمن بمفاقمة معاناة الشعب اليمني جراء استمرار الحرب بدون أفق مؤكد ووجود من الأجندة لآل سعود البعيدة عن مصلحة اليمنيين".
لا ثقة في بايدن
ويتفق الباحث اليمني نجيب السماوي، مع ما طرحه شاكر، من عدم ثقة اليمنيين بأي وعود يطلقها بايدن أو القيادات الأمريكية بشأن حرب اليمن.
ويقول لـ"التغيير"، بالأساس فإن بايدن كان نائب أوباما عندما بدأت الحرب في اليمن، وكان الدعم الأمريكي هو أساس هذه الحرب.
لكنه في الوقت ذاته، يقول إن بايدن في حال فاز على ترامب، ربما يلجأ إلى الضغط على المملكة للتوصل لحلول لحرب اليمن، عبر اتفاق سياسي ترعاه الأمم المتحدة.
وفي حال فوز ترامب، فإن "السماوي" يرى أن ذلك يعني أن الدعم الأمريكي للمملكة سيستمر وربما بشكل أكبر مما كان عليه قبل المفاوضات الأخيرة بين حكومة هادي و أنصار الله، مضيفاً: "ربما قد يلجأ ترامب لوضع أنصار الله أو قيادات منهم كإرهابيين".
اليمن..المأساة العالمية
في مارس عام 2015 شنّت المملكة وحلفاؤها حملة جوية ضد أنصار الله، وذلك من أجل دعم وتثبيت حكومة عبد ربه منصور هادي، لكنها وبعد نحو 6 أعوام لم تحقق سوى كارثة إنسانية عالمية وفقاً للأمم المتحدة.
وتسببت الحرب في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، حيث بات 80% من السكان بحاجة إلى مساعدات، ودفع الصراع الملايين إلى حافة المجاعة.
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن 16 مليون شخص في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي و3 ملايين يعانون من سوء تغذية حاد.
كما تشير منظمة "موقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث ACLED"، إلى أن أكثر من 100 ألف شخص قتلوا منذ بدء الحرب في اليمن، بينهم 12 ألف مدني، إضافة إلى أن 85 ألف شخص ماتوا نتيجة المجاعة التي سببتها الحرب.
ارسال التعليق