في ظل تدهور اقتصادي وصحي.. هل تعود حكومة اليمن خلال "رمضان"؟
التغيير
للعام السادس على التوالي، يأتي شهر رمضان على اليمنيين مع استمرار الحرب وآثارها الكارثية على حياة الغالبية العظمى منهم، واستمرار الأزمة الاقتصادية والإنسانية، والأوضاع الأمنية التي كبدت المدن والبلدات ثمن المواجهات العسكرية المباشرة.
ويزيد من تلك المأساة، أن رمضان يأتي والحكومة المعترف بها دولياً غير متواجدة داخل البلاد، بعدما غادر معظم وزرائها عدن (العاصمة المؤقتة) جنوب البلاد، بعد خلافات وضغوطات تعرضت لها من قبل المجلس الانتقالي الممول من الإمارات.
وبينما لا تزال أفق انتهاء الحرب في اليمن بعيدة، تعمل المملكة على إعادة الحكومة اليمنية إلى عدن، والضغط على المجلس الانتقالي لتسهيل أعمالها ووقف تحركاته التي تضعف الحكومة، بعدما تعرقل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، والذي يعتقد الكثير من اليمنيين أنه السبب وراء تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد.
الرياض بين الحكومة والانتقالي
بينما يمر اليمن بشكل عام والمناطق الجنوبية بشكل خاص بتدهور اقتصادي وأمني وخروج تظاهرات تندد بانهيار العملة المحلية، تتصدر المعارك السياسية بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي، على الرغم من مشاركة الأخير بأربع وزارات ضمن الحكومة.
وتعمل الرياض على وقف الخلافات بين الطرفين، كما لجأت مؤخراً إلى استدعاء طرفي اتفاق الرياض (الحكومة والانتقالي) للاستجابة العاجلة والاجتماع في الرياض.
وقالت وسائل إعلام يمنية، أواخر مارس الماضي، إن الدعوة جاءت من الرياض، بعد أيام من مغادرة معظم أعضاء الحكومة بينهم رئيسها معين عبد الملك مدينة عدن، حيث تعمل المملكة للضغط من أجل "استكمال تنفيذ بقية النقاط في الاتفاق"، معتبرة أن تنفيذ اتفاق الرياض هو الضمانة لتوحيد صفوف الشعب اليمني.
وفي 9 أبريل 2021 أكدت المملكة دعمها الكامل للحكومة اليمنية، في أداء واجباتها ومسؤولياتها، ورفض أي تصعيد من شأنه تعطيل عملها وعمل مؤسسات الدولة أو عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض.
والتقى نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان مع رئيس مجلس الوزراء اليمني، وأشار خلالها إلى أن الدعوة التي وجهتها المملكة لطرفي اتفاق الرياض للاجتماع وحل أي خلافات بالحوار، "هو المسار الوحيد لتحقيق تطلعات الشعب اليمني في الاستقرار".
وجدد الأمير خالد، التأكيد على مواصلة المملكة "الوقوف مع اليمن وشعبها من أجل تجاوز الأزمة والوصول إلى اتفاق سلام عادل يحافظ على الدولة ويحمي حقوق اليمنيين ويهيئ اليمن للانطلاق في مضمار التنمية والاستقرار".
تدهور اقتصادي واحتجاجاتومرت نحو 4 أشهر على تشكيل حكومة المناصفة في اليمن بين (الشمال والجنوب)، وسط "تعقيدات وصعوبات" ما زالت مستمرة أعاقت تنفيذ برنامجها العام الذي لم يحقق أياً من أهدافه الرئيسية.
ورغم أن اليمنيين كانوا متفائلين بتشكيل الحكومة التي أملوا منها حل الأوضاع المعيشية المتدهورة، خصوصا في مسألة تراجع سعر العملة، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل، بعدما شهد الريال تدهوراً وصل في (12 أبريل 2020) إلى 860 مقابل الدولار.
وأدى هذا التدهور في قيمة العملة إلى ارتفاع حاد في الأسعار بشكل غير مسبوق، وسط احتجاجات لسكان من عدة محافظات منذ أسابيع، وفي مقدمتها محافظتي عدن وحضرموت.
كما يشكو سكان المناطق التي تحت سيطرة الحكومة، من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء، مشيرين إلى أن الحكومة المعترف بها دولياً لم تتخذ أي حلول.
لا عودة للحكومة
يرى الصحفي اليمني سلمان المقرمي، أن الخدمات المقدمة من الحكومة "رغم قلتها تهدف لتأمين بقائها في الحكم، مثل المرتبات المتقطعة"، مضيفاً: "لذا لن تعود الحكومة إلى الداخل، أبداً، ولن تستقر مهما كانت الحلول والضغوط".
وأوضح لـ"التغيير"، بقوله: "ليس لأن الانتقالي سيعارض، فهو جزء رئيس منها، لكنه يتفق معها هو الآخر على أن الخدمات ليس مهمة في علاقته مع كل من السلطة والشعب هناك".
ويضيف: "الخدمات التي تحرص عليها الحكومة والانتقالي هي خدمات الوزراء وعوائلهم ومن أتى بهم إلى السلطة، وكل أعضاء الحكومة خلال السنوات السابقة تقول إنهم يعملون لخدمة شخصية لصالح من أتوا بهم إلى الحكم".
وتابع: "مؤسسات الدولة في عدن تدفع قيمة فاتورة الكهرباء وهي أهم خدمة يحتاجها الناس في عدن"، قائلاً إنه "بحسب معلومات خاصة معه أن مديونية الكهرباء في عدن عند مؤسسات الحكومة تجاوزت 100 مليار ريال (120 مليون دولار)، وتتكبد المؤسسة العامة للكهرباء خسائر مضاعفة مع تدهور الريال".
كما ضرب مثالاً بعلاج مسؤولين في الحكومة التي يعد الانتقالي جزءاً منها، في العلاج، فيما لا يستطيع المواطن وحتى الميسورين منهم الحصول على خدمة طبية مناسبة.
ويتفق الصحفي اليمني مصعب عفيف مع ما طرحه "المقرمي"، ويقول إن عودة الحكومة اليمنية إلى عدن "لا يعول عليها كثيراً في تغيير الوضع المعيشي"، مضيفاً: "هناك بعض الوزراء ما زالوا في عدن، لكن منذ تشكيل الحكومة الأخيرة في ديسمبر الماضي بمشاركة المجلس الانتقالي حسب اتفاق الرياض لم يتغير الوضع".
وتابع: "حتى مع عودتها إلى عدن في ديسمبر الماضي لم تتمكن الحكومة من تقديم شيء يذكر فظلت الحكومة مقيدة وحبيسة القصر الرئاسي نتيجة السيطرة العسكرية والأمنية الكاملة لمليشيا الانتقالي".
ولفت في حديثه لـ"التغيير"، إلى أن الحكومة "بحاجة لرغبة ودعم حقيقي من المملكة يمكنها من السيطرة العسكرية والعمل في المحافظات ، وإزالة كل هذه المليشيات المسلحة وإدماجها بالجيش والأمن".
وفيما يتعلق بالانتقالي، يقول عفيف: "بدأ التحشيد لتصعيد جديد في أبين وشبوة وهناك مؤشرات تنذر بجولة جديدة من الصراع قد تنتهي بالسيطرة الكاملة للانتقالي على بقية المحافظات الجنوبية، وبذلك يتلاشى وجود الشرعية لصالح الانتقالي".
رمضان.. كورونا وحرب
ويدخل شهر رمضان على اليمنيين والمستشفيات تعج بمصابي فيروس كورونا، حيث تواجه البلاد منذ أسابيع موجة ثانية من الجائحة التي ضربت جميع المحافظات الـ22، ما خلق تداعيات إنسانية وصحية كبيرة.
وبين تكتم شبه كامل، واعتراف خجول من قبل الحكومة المعترف بها دولياً، تشير الدلائل وارتفاع عدد الإصابات وحالات الوفاة الغامضة إلى أن موجه جديدة وكبيرة من كورونا تجتاح اليمن، في ظل نظام صحي شبه منهار.
ويصارع اليمن كورونا، في وقت يصعب فيه على ثلثي السكان الوصول إلى الخدمات الصحية، ونصف المرافق الطبية فقط وربما أقل من ذلك استمرت بالعمل جراء الحرب، وفق تقارير سابقة لمنظمة الصحة العالمية.
وإلى جانب ذلك ومنذ إعلان المملكة مبادرتها والمعارك في مأرب تتصاعد بشكل كبير، حيث تواجه قوات هادي هجوماً هو الأكبر منذ بدء الحرب في 2015 على المدينة، وسط دعمٍ جوي من قوات التحالف بقيادة المملكة ، ووسط محاولات دولية مكثفة لإنهاء الحرب.
ارسال التعليق