ماذا بعد 7 سنوات من الحرب العبثية على اليمن والواقع العربي المُمزّق
بقلم: علي آل غراش
تشهد الحرب على اليمن تصعيدا منذ بداية العام الميلادي الجديد 2022 بعد 7 سنوات منذ اندلاعها في مارس/آذار في عام 2015 ؛ حيث أعلن يومها وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير من الأراضي الأمريكية واشنطن عن انطلاق عاصفة الحزم، وبعد ساعات قال المتحدث الرسمي باسم تحالف الرياض أنه خلال أيام سيتم إنهاء الأعمال الحربية للحرب بعد تحقيق الأهداف التي بدأت من الساعات الأولى بتدمير الصواريخ والطائرات ومخازن الأسلحة إعلان يعبر عن نشوة النصر العاجلة واستصغار والاستهانة من الطرف الآخر وهذا ما أثبتته الأيام حيث إن الحرب ما زالت لغاية اليوم مستمرة بنيرانها المستعرة التي اندلعت قبل 7 سنوات… وتحولت الساحة اليمينة إلى مستنقع لدول العهر العربية بقيادة الرياض المسؤولة عن أعظم كارثة إنسانية في التاريخ الحديث وسفك دماء الابرياء اليمنية العربية الاسلامية والتسبب في التهجير وانتشار الامراض والجوع بسبب الحصار من قبل تحالف الرياض منذ 7 سنوات!.
مع الذكرى السنوية السابعة للحرب العدوانية الإجرامية العبثية ضد شعب اليمن تشهد الحرب تصعيدا، عنف يقابله عنف، وهناك دمار هائل وضحايا وبالخصوص في الجانب اليمني الذي يتعرض يوميا للقصف بأحداث الطائرات الحربية والقنابل ليصبح اليمن أسوأ كارثة إنسانية في العالم!!.
هذه السطور محاولة لتسليط الضوء على الجانب المأساوي الكارثي للحرب العبثية العدوانية الإجرامية، والدعوة لإيقافها لأنها عبثية لا يمكن أن تتحقق أهداف من شنها ولن تتحقق في ظل الواقع الجديد .. ، حيث تتجه الحرب نحو المزيد من التصعيد، الذي يعني ان الدمار سيكون شاملا وستتعرض مدن كل من يشارك في الحرب لنار الحرب المدمرة، لتصبح كمدن اليمن، عنف مقابل عنف وتدمير مقابل تدمير... فالحرب ليس مجرد نزهة؛ ينبغي إيقاف الحرب كي لا تتسع دائرة النار، والحفاظ على الأرواح في اليمن والجزيرة العربية والخليج.. والعمل على تطوير دول الجزيرة العربية ومنها حتما اليمن لتكون كل الدول تعيش في أمان وسلام وازدهار.
الحرب والوجه الفظيع:
الحرب على اليمن بعد كل هذه السنوات السبع، كشفت عن وجهها الفظيع منذ الساعات الأولى؛ تدمير للبنية التحتية والمباني العسكرية والمدنية وسقوط ضحايا وتقطيع لاشلاء المدنيين، وفاحت منها رائحة البارود والدماء إلى حد انها ازكمت الأنوف وكشفت عن حقيقة الضمائر والقلوب لبعض العرب باننا نعيش في زمن غابت وماتت الضمائر بحيث يقتل شعب عربي على يد من يدعون العروبة والإسلام، ويسقط الالاف من الجرحى والقتلى، وكل مناظر الدماء والاشلاء لأطفال اليمن الأبرياء لا تحرك مشاعرهم، والمثير عدم إهتمام الإعلام العربي لتلك الأرواح والاشلاء والدماء .. لمجرد أنهم من الطرف الآخر في الحرب الدموية والتدميرية والمأساوية والاستنزافية التي أدت إلى هدر المال العربي بعد سفك الدم العربي الذي ظهر انه أرخص .. بل لا قيمة له!.
حرب استخدم خلالها الإعلام الجديد بكل وسائله للتبرير والترويج للحرب العدوانية والتأثير على أكبر عدد من الشعب العربي في العالم العربي وخارجه لتلك الأعمال الحربية المدمرة ضد شعب عربي يمثل أصل العروبة شعب اليمن المحاصر من البر والجو والبحر والممنوع من شراء الأسلحة ولو البسيطة لمواجهة دول التحالف التي تحصل على الدعم العسكري اللوجستي وبالخصوص في مجال التصوير عبر الأقمار الصناعية من الدول الغربية ذات الخبرة العسكرية، وتشتري الأسلحة المتنوعة والمتطورة والذكية في التدمير والقتل- لأكبر عدد ممكن من الأبرياء من كافة دول العالم فهي دول غنية، اي حرب تفتقد التكافئ، بينما الشعب العربي يعاني من أزمات كثيرة يبحث عن سبل الحياة الأساسية الكريمة فهو بأمس الحاجة للدعم، لا أن يشارك ولو بالموقف في حروب مدمرة ، ووصل الأمر بسبب تلك الحرب ان دول التحالف تطلب العون من العدو الحقيقي للعرب والشرفاء في العالم وهو الاحتلال الصهيوني لطلب المساعدة منه؛ لأنه خبير في العدوان والقتل والتدمير؛ للقضاء على الأخ العربي في اليمن!!.
الحرب والواقع العربي:
إنها حرب تعبر عن واقع الأمة العربية وحال شعوبها المغيبة عن أي رأي في اتخاذ قرارات مصيرية كالحروب إذ يتم الزج بها في الحروب العبثية كالحرب على اليمن، وفي حملات إشعال نيران الفتن والخلافات والتشويه، والتخلي عن القضية الفلسطينية، ومن جهة أخرى العمل على جر الشعوب العربية نحو التطبيع مع الصهاينة عبر وسائل الإعلام المتنوعة، وانسياق بعض الإعلاميين والكتاب في مشروع السلطات التي تتبنى التطبيع بالكذب والتزييف للحقائق وتجميل صورة العدو الصهيوني، والطعن وتشويه سمعة أهل الأرض الفلسطينين ..، بالإضافة إلى إستخدام وسائل الترهيب والتخويف والقمع والاعتقال التعسفي والتعذيب لمن يعارض .. في ظل إستهداف وتغييب وتهميش أي دور عربي مقاوم يرفض التطبيع والحروب بين الشعوب العربية.. بينما الجامعة العربية تحولت إلى مجرد أداة لتحقيق أهداف من يشنون الحروب ويتسابقون للتطبيع مع الكيان الصهيوني، إنها مفرقة وممزقة وليست جامعة من خلال دورها بالعمل ضد مصالح الشعوب العربية؛ الجامعة ماتت منذ سنين وكان ينبغي التخلص منها .. واكرام الميت دفنه!.
حرب اليمن سفك الدم العربي:
الحرب المدمرة والتي وصفت من قبل المراقبين والمتابعين بالعبثية لعدم تحقيق اي هدف من التبريرات التي لأجلها شنت الحرب العدوانية، قد ألحقت بالعرب أضرارا كبيرة؛ بأن يقتل شعب عربي اليمن وهو أصل العرب ويدمر بأيدي عربية.. ليشهد اليمن أسوأ كارثة إنسانية في العالم، حيث بلغ عدد القتلى في الجانب اليمني في نهاية عام 2021 نحو "377 ألف شخص، وذكرت تقارير دولية" أنه في عام 2021، يموت طفل يمني دون سن الخامسة كل تسع دقائق; واضاف التقرير ;يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، وذلك وفق الأمم المتحدة. وتسبّب النزاع في نزوح ملايين عن منازلهم وتدمير مئات المدارس وتعطيل النظام الصحي. ويتوقع التقرير "أن يبلغ عدد الأشخاص الذي يعانون من سوء التغذية 9,2 ملايين بحلول عام 2030، فيما ;سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 22 مليونًا، أي 65 بالمئة من السكان"، وهم نحو 30 مليونا اليوم. كما جاء في التقرير!!. من المؤلم أن يتعرض شعب اليمن المظلوم لكل هذا العدوان ويتحول البلد السعيد الى أسوأ كارثة إنسانية.. إنه شعب عربي يستحق التضامن ورفض الحرب العبثية.
حرب استنزاف وخسائر:
حرب تحولت إلى استنزاف لثروة والمال العربي، وتعرض أطراف الحرب لخسائر مالية واقتصادية فادحة وخاصة دول تحالف الرياض، لقد شهدت السعودية زيادة كبيرة في النفقات العسكرية نحو 200 مليار ريال سنويا تقريبا " 53 مليار دولار " منذ شن الحرب 2015، وتعتزم السعودية تخصيص 171 مليار ريال للإنفاق العسكري في العام 2022.
ونتيجة النفقات العسكرية قد زاد عجز الموازنة العامة لدى حكومة الرياض خلال سنوات الحرب بشكل كبير لدرجة لجوئها للدين العام، وفرض ضرائب كبيرة على المواطنين نحو 15 بالمائة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والضرورية منها المنتجات النفطية وبيعه على الشعب في أكبر دولة منتجة للطاقة كما يباع في الأسواق الدولية المستهلكة!!.
وحول الخسائر والإنفاق العسكري في دولة الإمارات تشير التقديرات انها تنفق نحو " 1.3 مليار دولار على تدخلها في اليمن شهريًّا وبما يساوي 16 مليار دولار سنويًّا ".
بينما تعرض الاقتصاد اليمني لخسائر جسيمة نايجة الحرب منذ اندلاع الحرب 2015، "تقديراتها الأولية تزيد عن 125 مليار دولار، فضلًا عن كارثة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم".
الحرب والإعلام العربي بلسان عبري مبين:
نتيجة الحرب على اليمن صب إهتمام وسائل الإعلام التي تدور في فلك دول التحالف الرياض بهذه الحرب العدوانية والعبثية على حساب قضايا كبرى ومصيرية، كالقضية الفلسطينية التي هي أهم قضية عربية; بل أكثر من ذلك أن هذا الإعلام الذي يتحدث باللسان العربي اصبح الناطق باسم حكومة الاحتلال العبري حيث إن بعض دول التحالف مثل الإمارات والبحرين ومن يدعم تلك الحرب بالجنود وهو السودان ذهبوا زحفا للاعتراف بالكيان الصهيوني المغتصب المجرم والتعاون معه، وطلب مساعدته في الحرب ضد اليمن !.
حرب اليمن شهدت حربا إعلامية عبر وسائل الإعلام الجديد من خلال برامج التواصل للوصول إلى أكثر عدد ممكن من المتابعين وأسر أكبر عدد منهم وتوجيههم حسب مصلحة كل طرف في الحرب المدمرة، وبالخصوص من قبل اعلام الدول التي تشن الحرب.. الذي اعتبر أي نقد أو إبداء أي رأي مخالف حول الحرب يصنف بأنه عدو وخائن يتم استهدافه، فقد تم اعتقال عدد من المواطنين والمقيمين في دول الخليج بسبب التعبير عن الرأي حول الحرب على اليمن، ورفض شنها، ووصل الترهيب والتخويف والقمع بملاحقة كل من له رأي لا يعجب تحالف الرياض كما حدث مع الإعلامي جورج قرداحي وزير الإعلام السابق في الحكومة اللبنانية، الذي أجبر على الاستقالة بضغط سعودي لأنه وصف الحرب بالعبثية لعدم تحقيق اي مكاسب خلال السنوات الماضية ودعوته إلى إيقاف الحرب حبا للشعب المملكة والخليجي واليمني!.
الحرب وضياع البوصلة:
وضع الأمة العربية في هذا العصر مؤلم وسيء والقادم أسوأ..، في ظل قراءة الواقع المزري.
العالم العربي يعاني حالة من الضياع في كل الاتجاهات، لقد ضاعت البوصلة وتحديد الطرق ومعرفة المصالح، فقد تشابه على العرب كل شيء لدرجة عدم معرفة الأخ والصديق والحق مقابل الباطل والاعداء والمحتلين والقتلة، والنور مقابل الظلام، والحب والسلام مقابل الحرب والكراهية والحقد ..، حالة سيئة أعظم من القوم لقد تشابه عليهم البقر كما جاء في القرآن الكريم، إلى درجة الارتهان والارتماء في حضن العدو المعتدي المجرم القاتل الكيان الصهيوني؛ الذي يحتل الأراضي العربية فلسطين الحبيبة وقلب الأمة العربية القدس ويحتل أراضي الجولان من سوريا وغيرها وينكل بالشعب العربي في فلسطين، ويحتل المزيد من الأراضي والمنازل وتهجير أهلها، وممارسة المزيد من القمع والاستبداد والاعتقالات التعسفية والتعذيب والتحرش والقتل لكل الأحرار والشرفاء من فلسطين، العدو الذي يشن الحروب المدمرة والمتكررة على غزة بين الفينة والأخرى.
حرب تدميرية:
الحرب على اليمن حرب استنزافية تدميرية.. الخاسر فيها العرب، والرابح أعدائهم ومن يبيع الأسلحة وجني مئات المليارات من الدولارات من المال العربي لتدمير البلاد العربية وقتل العرب!!
من مآسي هذه الحرب الطويلة حسب زمن الحروب في العصر الحديث، والأكثر مآسوية هو غياب أي نور للسلام والحلول الدبلوماسية.
ومهما كان الاختلاف في الميول ووجهات النظر حول الحرب، إلا أن معظم المراقبين يتفقون على أن هناك دم عربي يسفك على يد العرب وتدمير بلد عربي بالمال العربي لدرجة تحول اليمن إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم حسب وصف الأمم المتحدة، وأصبح الواقع لا يحتمل؛ ولهذا يجب المطالبة لإيقاف تلك الحرب العدوانية العبثية من باب إنساني وديني وقومي ووطني وعلى أحرار الأمة العربية والشرفاء في كل مكان التحرك حسب المقدرة والمساحة المتاحة للمساهمة بإيقافها لمصلحة الجميع.
لقد حان الوقت لإيقاف الحرب والبحث عن حلول سلمية عبر الحوار والدبلوماسية، بعد فشل تلك الحرب التي مر منذ شنها نحو 7 سنوات بدون تحقيق اي هدف سوى الدمار والقتل والفشل والتدمير وهدر المال العربي ودخول دول المنطقة في أزمات اقتصادية، والأهم والأكثر مرارة والأسوأ هو الارتماء في الحضن الصهيوني!.
لا مصلحة من الحرب:
استمرار الحرب ليست في مصلحة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. ومن يريد مصالح العرب شعوب وأنظمة حاكمة، العمل على إيقاف الحرب التي تحولت كما يصفها الكثير بالعبثية نتيجة عدم تحقيق أهداف!.
من العقل والمصلحة العربية والوطنية إيقاف الحرب؛ ووقف استمرار سفك الدماء؛ فالخسائر تتراكم إلى حد الغرق!!.
نعم لإيقاف الحرب من باب ديني وإنساني وقومي .. نعم لحماية الأرواح من القتل وحماية البلاد.
العقلاء ضد الحروب والقتل والتدمير، فالحرب دمار ونار للجميع.. والكل خاسر فيها والنار ستشعل المنطقة.. العنف يولد العنف.. والدم يجر الدم؛ من لا يريد العنف والدمار والقتل فلا يشن الحروب وينشر العنف والدمار والقتل.
ليرتفع صوت العقلاء للمطالبة بإيقاف الحرب.. يكفي دمار وقتل .. نعم للبناء والأعمار والازدهار في دول الخليج واليمن وفي كل الوطن العربي. اللهم أحفظ العباد والبلاد.
ارسال التعليق