النظام السعودي يختصر الطريق ويعتقل الأكاديمي متروك الفالح
يبدو أن نظام ال سعود يصر على تحويل حياة أسرة الأكاديمي متروك الفالح بين المأساة القائمة أو ترقبها. حيث اعتقلت المباحث الجنائية في سكاكا الأكاديمي متروك الفالح قرب منزله يوم الخميس 25 آب / أغسطس 2022.
وجاء الاعتقال على خلفية شكوى مقدمة ضده بسبب تغريدة على “تويتر” طالب فيها الملك سلمان وابنه ولي عهده محمد بالمساعدة بالكشف عن مصير ابنه عامر الذي اعتقل لأسباب غامضة.
واحتجزت المباحث الجنائية جوالات الفالح وهو ما دفعه إلى توجيه خطاب مكتوب إلى “الملك وولي عهده”، نشرته زوجته على صفحتها على “تويتر” طالب فيه الفالح بـ “كف أذى “رئاسة أمن الدولة” عنه وأسرته”.
وكشف الخطاب عن أنَّ “النيابة العامة في الجوف والبحث الجنائي في سكاكا قدَّما شكوى ضد الفالح بتهمة “التحريض والإساءة لسمعة المملكة”، مُستغلّين “نظام جرائم المعلوماتية”.
واعتبر الفالح أنَّ الدعوى “كيدية” وهدفها “الانتقام منه ومن أسرته”، وناشد في خطابه الموجه إلى الملك وابنه “التدخل لإيقاف هذه الشكوى”، واضعاً صفحته على “تويتر” في “تصرُّف السلطات”.
وكان المتروك قد غرد على إثر اعتقال ولده عامر، أن الأخير منذ خروجه من المنزل في عرقة، بعد مغرب يوم السبت (21 نوفمبر/تشرين الثاني2021) لم يعد حتى الآن، مشيرا إلى أنه أبلغ زوجته قبل خروجه بالتزامه باجراء مقابلة ودية وعودته من بعدها، بالإضافة إلى التزامه بمقابلات عمل خلال الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع.
وفي تغريدة أخرى، أوضح المتروك أنهم اتبعوا كافة الوسائل الممكنة للتبليغ عن غياب الإبن عامر، دون أن يتلقى والعائلة أي رد من أي جهة رسمية. وقال في تغريداته: إنه لم يبقَ سوى أمن الدولة للسؤال عنه وطمأنتنا بما يؤكد سلامته عن طريق التواصل معه والاتصال به ولقائه وزيارته إن كان معتقلا ولماذا."
الأمر الذي دفعه إلى مخاطبة “الملك” سلمان، مؤكدا ابتعاد عامر عن أي نشاط سياسي أو حقوقي أو في المجال العام.
يُذكر أن عامر حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد عام 2016 من جامعة كليرمونت في كاليفورنيا، ودرجة الماجستير في اقتصاديات المالية من جامعة بولتكنيك في كاليفورنيا عام 2010. وعمل عامر المتروك محللاً اقتصاديا في وزارة التخطيط والاقتصاد، ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2016 ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
وأشار والده متروك الفالح إلى أن عامر منذ 2018 لم يتمكن من الحصول على وظيفة. يُشار إلى أن آخر ما كتبه عامر الفالح على حسابه في “تويتر” كان في مطلع العام الماضي. وكتب عامر آنذاك: “طوال الفترة الماضية، والكثير من الباحثين يتحدثون وبشكل مستمر، عن بوادر حدوث أزمة اقتصادية عالمية، بناء على تراجع بعض المؤشرات الاقتصادية ومحدودية تأثير السياسات الاقتصادية، وأحداث اليوم قد تكون المُولد لحدوث هذه الأزمة الاقتصادية.
وأضاف: “أولى نتائج الضربة، هو ارتفاع سعر النفط ٣٪-٤٪، الارتفاع لم يكن نتيجة لزيادة في الطلب، ولكن هو نتيجة لتزايد المخاطر السياسية والجيوسياسية في المنطقة والخوف من تأثر خطوط إمداد النفط. هذه المخاطر تأثيرها محدود ولحظي، مما يعني تلاشي آثارها بشكل سريع ولكن في ظل وجود أحد الشرطين.
وقال في تغريدته: “الشرط الأول، أن لا تستمر نوعية الضربات مجهولة المصدر، كأن تقوم ايران باستهداف مستمر لمراكز عسكرية أمريكية أو مراكز وناقلات نفط. وأضاف: “الشرط الثاني، هو لأن لا تصل المرحلة إلى تدخل عسكري أمريكي مباشر، مما يرفع سعر النفط مباشرة، وبشكل مستمر. وأكد أن ” التدخل العسكري المباشر مستبعد، حتى مع تحقق الشرط الأول، لأن ردود ايران لن تكون الا محدودة التأثير ومجهولة المصدر وهو ما قد يُمكّنها من إخلاء مسؤوليتها، حتى تستبعد اي مواجهة مباشرة مع امريكا”.
في سياق آخر، اعتقلت المباحث السعودية في مايو/ أيار 2008 والد عامر، الدكتور متروك فالح، وهو من قيادة اللجنة العربية لحقوق الإنسان، بعد أن خرج إلى عمله كالمعتاد، ثم فقدت وسائل الاتصال به. جاء ذلك بعد أن أصدر بيانا مشتركا عن أوضاع سجن بريدة العام، بعد زيارته لالتقاء زميله المعتقل الدكتور عبد الله الحامد، باعتباره أيضا وكيله.
وكانت محكمة سعودية قد حكمت على الفالح في 15/5/2005 بالسجن ست سنوات من تاريخ توقيفه، قبل أن يصدر عنه وعن زملائه علي الدميني وعبد الله الحامد وعبد الرحمن اللاحم عفوا ملكيا عشية اعتلاء “الملك” عبد الله العرش.
يُشار إلى أن متروك الفالح له عدة مؤلفات في المجتمع المدني والإصلاح الدستوري في “المملكة”. ولم يأت تغييب ولده إلا كشكل من أشكال استمرار المعركة الذي يخوضها محمد بن سلمان بوجه المناديين بأبسط أشكال الإصلاح، فكيف إذا كان الإصلاح المنادى به على شاكلة طرح مفهوم المجتمع المدني في عقول الشباب السعودي ومقاربته من زاوية البيئة “السعودية”، والإصلاح الدستوري الواجب والممكن في “المملكة” بما فيه من انتقاص من لصلاحيات الحكم المطلق الممارس من قبل “الملك” وحاشيته.
لم يمنع اعتقال النظام السعودي للدكتور عامر وحجب مصيره عن أهله وذويه من زيادة منسوب البطش الممارس بحقهم، من خلال اعتقال المستهدف الأول من اعتقال عامر وهو والده متروك الفالح. في خطوة لا تنذر بقرب الإفراج عن عامر بل بوجود قرار بإسكات كل صوت يطالب بكشف الحقيقة.
ارسال التعليق