محمد بن سلمان يرعى التعرّض للذات الإلهية
من الصعب بعد الآن استبعاد حدوث أي أمر في “السعودية”، مع عزم محمد بن سلمان على كسر كل المحرمات التي نصّ عليها الدين الإسلامي وتجاوز العادات والتقاليد المرعيّة في مجتمع شبه الجزيرة العربية.
ليست المرة الأولى التي تثير سياسة محمد بن سلمان “للترفيه”، وتجاوزات مستشاره تركي آل الشيخ الضغينة في نفوس الشعب، دون أن يمتلكوا الجرأة على التعبير والرفض، لكن يبدو أن استضافة مغنية الراب الاسترالية، إيغي أزاليا، في الرياض أثارت موجة من الاستياء والشجب على مستوى العالم الإسلامي، نتيجة أدائها لأغنية تناولت فيها الذات الإلهية بالإساءة.
وأزاليا التي تقاضت مليوني ريال عن حفل الرياض من “هيئة الترفيه”، مغنية تتوجّه خصوصاً إلى النسويات، وتضمنت أغنيتها التي أدتها على المسرح عبارات تدعو إلى السجود “لإلهكَ الأنثى”، وتخاطب الله بالقول: “قل لأنبيائك إن أحداً لا يمكنه إيقافنا”. وفي النهاية، تسبب مستوى الإحراج بوقف الحفل، لكن بذريعة مختلفة، بحسب ما صرحت به المغنية نفسها، التي قالت إن الجمهور السعودي تفاعل معها بشكل كبير، وعزَت الإيقاف إلى تمزق سروالها الضيق أثناء الأداء. وبالفعل، أظهر شريط فيديو سروال المغنية ينشق في منتصف الأغنية.
مغلوبٌ على أمرهم قطيع الوهابية السعودية، إذ مع تولي محمد بن سلمان زمام الحكم الفعلي في البلاد أقدم على تقليم أظافرهم و”حشرهم” في زاوية المشهد إن لم نقل إخراجهم من الكادر أصلاً. الأمر نفسه مورس بحق “رجال الدين” المرتزقين في العالم الإسلامي لناحية تبني سياسة الصمت إزاء مظاهر الفسق والفجور المنتشرة في الحفلات الغنائية التي ترعاها “هيئة الترفيه”.
خُطب الجمعة التي أعقبت الحفل في أنحاء البلاد والتي تُحدّد مواضيعها سلفاً وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، تجاهلت تماماً ما حصل، وكانت الخطبة في المسجد الحرام في مكة عن دعاء النوم، وفي المسجد النبوي عن الرؤيا. وكذلك، لم يجرؤ الكثير من الدعاة والمفتين في معظم أنحاء العالم الإسلامي على ذكر ما حدث، لكونهم يتمولون من “السعودية”.
إلا أنه كان لافتاً، خروج الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين عن صمته وإدانته في بيان، صدر في 30 أغسطس/آب الماضي، “الحفلات الماجنة في البلاد الإسلامية”، وقال البيان ” انتشرت في الآونة الأخيرة الحفلات الماجنة التي فيها ما يغضب الله، ومنها ما جد في إحدى الحفلات الماجنة ،وما صدر فيها من كلمات وتصرفات استفزازية جسيمة في حق الأمة ودينها ومقدساتها، وإساءة كبرى لعقيدتنا وللشعوب الإسلامية، ولكافة العلماء والهيئات العلمائية التي نأمل أن تشاركنا في هذا الموقف الديني والتاريخي ولا نريد أن نتقدمها في ذلك، فهي معنية بواجب البيان الشرعي من هذه الحادثة وأمثالها، ومسؤولة أمام الله تعالى وتجاه الأمة عن واجب البيان والتحذير من مخاطر هذه الاستفزازات المستهجنة والمرفوضة، ومما قد تؤدي إلى الاحتقان العام وفقدان الثقة في المؤسسات العامة وتعاظم التشتت والتفرق ومزيد من التراجع في التقدم الحضاري والعمراني..”
وأكد بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على “نكاره الواضح لهذه الحفلات الماجنة في أي بلد من البلاد العربية والإسلامية، وبشكل أكبر ما تضمنته من تحدٍّ لله الكبير المتعال، وتعد على مقدسات المسلمين ومشاعرهم.”
وطلب الاتحاد من ممن وصفهم بـ” أولى الأمر بصورة عامة، والمسئولين عن هذه الأنشطة بصورة خاصة إيقافها فورا والكف عنها، ومقاضاة من له علاقة بهذا التعدي الجسيم والتحقيق في العبارات والحركات المعادية المستفزة.”
وحثّ ”الهيئات العُلمائية في عالمنا الإسلامي والشخصيات المؤثرة من أكادميين وإعلاميين ومثقفين وأدباء وشعراء ومدونين..أن يبينوا موقفهم الشرعي من هذا المنكر؛ إبراء للذمة، ونصرة للملة، وإقامة للحجة.”
وطال الاتحاد “المسلمين جميعا أن يكونوا في دوائر رضا الله تعالى، ويبتعدوا عن مواضع سخطه وعقوبته، وهو استشعار لمسئوليتهم تجاه أمتهم، وشعوبهم المسلمة الأصيلة، وحرضا منهم على حراسة جناب التوحيد، وقياما بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.”
وختم الاتحاد بيانه بتذكير”عموم المسلمين بأن الإسلام محفوظ ومقدساته ماضية إلى يوم القيامة، وأن عليهم واجب الثبات على الحق والدين والصبر الجميل والدفاع عن دينهم وعدم الوقوع في الاستفزاز والتحريض”.
وقد أثارت المقاطع المصوّرة للمغنية استفزاز العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كتب أحمد دعدوش على منصة “إكس” “مغردة تتعجب من اختيار المغنية الإباحية أكثر أغانيها بذاءة لتغنيها في “دولة متدينة وصارمة”. المغنية نفسها ترد عليها بأنهم وافقوا على الأغاني قبل الحفل. أي أن الجهة الحكومية المنظمة كانت تعرف كلمات الأغاني المليئة بالكفر والإباحية! “
الإعلامي اللبناني حسين مرتضى كتب “انظروا ماذا تقول هذه المغنية التي تم استضافتها في السعودية”
الناشطة الحقوقية الدكتور حصة بنت محمد الماضي غرّدت “نرفض ما يحدث في بلاد الحرمين من احتلال قطاع الطرق آل سعود لبلادنا الطاهرة وفسادهم فيها وفي مقدراتها وقمع الشعب وإفساد أخلاقه بجلب أراذل خلق الله ونشر المخدرات”
ولم يكن ابن سلمان وحده المعرَّض لهجوم، وإنما كذلك رجال الدين الموالون له، ولا سيما “هيئة كبار العلماء” والمفتي عبد العزيز آل الشيخ، والذين وصفهم بعض المغرّدين بأنهم “علماء بلاط ومرتزقة باعوا دينهم لقاء مناصب دنيوية فانية”، متسائلين عن أن هؤلاء “إذا لم تحرّكهم حادثة سبّ الله في الرياض فمتى سينتفضون؟”.
ارسال التعليق