دول خليجية أمام اختيار صعب: هزيمة حماس أم استقرار المنطقة
قد تفضل دول بمجلس التعاون الخليجي، ليس بينها قطر، نهاية سريعة للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، رغبةً منها في عدم اتساع الصراع إقليميا، حتى لو أدى ذلك إلى عدم هزيمة حركة "حماس".
تلك القراءة طرحها إيلان زلايات ويوئيل جوزانسكي، في تحليل بـ"معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، على ضوء حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة لليوم الـ46.
وهذه الحرب خلّفت أكثر من 13 ألفا و300 شهيد، بينهم ما يزيد عن 5 آلاف و600 طفل و3 آلاف و550 امرأة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وأضاف زلايات وجوزانسكي، في تحليله، أنه "باستثناء قطر، تشترك دول الخليج في هدف إنهاء سيطرة حماس على غزة، وإضعاف المحور الذي تقوده إيران، وتوجيه ضربة لأيديولوجية (جماعة) الإخوان المسلمين (التي تنتمي إليها "حماس")".
وتابعا: "إلا أن أولويتهم الرئيسية تتلخص في الحفاظ على الوفاق الإقليمي الذي تحقق في الأعوام الأخيرة، وخاصة فيما يتصل بإيران، ولذلك فإن المخاطر التي ينطوي عليها الصراع الإقليمي قد تدفعهم إلى تفضيل نهاية سريعة للصراع على المنفعة التي قد تترتب على هزيمة حماس".
ويقول الاحتلال إن حربه تهدف إلى إنهاء حكم "حماس" لغزة والقضاء على القدرات العسكرية للحركة وإعادة نحو 240 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، أسرتهم "حماس" خلال هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وهذا الهجوم شنته "حماس" في مستوطنات محيط غزة، وقتلت خلاله 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431، بالإضافة إلى الأسرى الذين ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
و"فيما يتعلق بـ "اليوم التالي" (على أمل القضاء على حماس)، فمن الممكن أن تكون هذه الدول الخليجية مستعدة لتكون جزءا من جهد لتحقيق الاستقرار في غزة"، كما زاد زلايات وجوزانسكي.
وأردفا أن هذا سيكون "ضمن واقع استراتيجي يتم بموجبه تجريد حماس من قدراتها العسكرية والحكومية، وتحتفظ الولايات المتحدة بدور نشط في المنطقة، وتتجدد العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية".
زلايات وجوزانسكي اعتبرا أن "الحرب بين إسرائيل وحماس وضعت دول الخليج في موقف معقد: فبعضها يقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، في حين انخرطت دول أخرى، وخاصة السعودية، في اتصالات تهدف إلى إقامة العلاقات".
ويتألف مجلس التعاون الخليجي من 6 دول هي السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وسلطنة عمان، وتقيم أبوظبي والمنامة فقط علاقات رسمية معلنة مع تل أبيب، بينما انخرطت الرياض في مباحثات ثلاثية تضم واشنطن أيضا لتطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل.
وقال زلايات وجوزانسكي إن دول الخليج وضعت "مؤخرا اللمسات الأخيرة على سلسلة من اتفاقيات المصالحة، على أمل أن تعمل الاتفاقيات على تعزيز الاستقرار الإقليمي والسماح لهم بتحويل اهتمامهم إلى الشؤون الداخلية".
وأردفا: "كما أظهرت كل من الرياض وأبوظبي سياسات خارجية مستقلة ونشطة تشجع على توقع قيامهما بدور أكثر نشاطا في التطورات الإقليمية".
وتشعر الأنظمة الملكية في الخليج بالتهديد إزاء العلاقات العامة والإنجازات العسكرية التي قد يمنحها هجوم "حماس" لكل من إيران وجماعة الإخوان المسلمين، وتتمنى هذه الأنظمة لو ترى انتهاء حكم حماس في غزة وإضعاف حزب الله (في لبنان)"، كما أضاف زلايات وجوزانسكي.
واستطردا: "وهم فضلا عن ذلك يخشون أن تؤدي أي إنجازات تحققها حماس وحزب الله إلى تعزيز أعضاء التحالف الإقليمي الإيراني وأيديولوجية الإخوان المسلمين".
وأوضحا "أنهم، بعبارة أخرى، يخشون أن يعطي إنجاز حماس المصداقية لحجة الإخوان المسلمين بأن الإسلام السياسي قادر على النجاح حيث فشلت الأنظمة العربية".
وقادت دول خليجية ما تُعرف بـ"ثورة مضادة" أنهت تجارب حكم ديمقراطية في دول عربية، بينها مصر وتونس، بعد احتجاجات الربيع العربي في عام 2011 التي تصدرها الإخوان وأطاحت بأنظمة حاكمة توصف بالاستبداد، وهو ما شكل تهديدا لمستقبل الأنظمة الملكية في الخليج، وفقا لمراقبين.
وبحسب زلايات وجوزانسكي، فإنه "في الحرب بين إسرائيل وحماس، كانت السعودية والإمارات، اللتان تسعيان إلى وضع نفسيهما كلاعبين رئيسيين في العالم العربي، سلبيتين نسبيا".
وأوضحا أنه "بصرف النظر عن البيانات الرسمية والمساعدات الإنسانية، فقد تركتا الساحة الدبلوماسية لقطر؛ لأنهما لا يزالان يعتمدان على الحماية الأمريكية من هجوم إيراني محتمل".
واستدركا: "لكن يظل بوسع البلدين أن يلعبا دورا في تحقيق الاستقرار في "اليوم التالي لحماس"، وهذا يعتمد على توجيه إسرائيل ضربة قاتلة للحركة، واستئناف عملية سياسية إسرائيلية فلسطينية تشمل السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى المشاركة الأمريكية الكبيرة في المنطقة".
وبالنسبة لاحتمالات التطبيع، رأى زلايات وجوزانسكي أنه "في حين أنه من المستحيل تصور اقتراب إسرائيل والسعودية من التطبيع مع استمرار الحرب، فقد تركت الرياض الباب أمام التطبيع مفتوحا، لكن من المرجح بعد الحرب، أن يكون العنصر الفلسطيني في أي اتفاق تطبيع أكثر بروزا".
وبجانب التزمات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية، ترغب السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة أكثر تطورا، وتشغيل دورة وقود نووي كاملة، بما يشمل تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، وفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية.
و"ترى السعودية والإمارات أن إيران ليس لديها مشكلة في استخدام وكلائها (ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية حاليا) وكيف تحشد الولايات المتحدة قوتها العسكرية للدفاع عن إسرائيل، وقد تشجعهما هذه التطورات على التقرب من إسرائيل والولايات المتحدة"، بحسب زلايات وجوزانسكي.
ارسال التعليق