السعودي بين خيارات أحلاها مرّ.. حفظ السلام مع اليمن أم انخراط في المواجهة
لا تجرؤ "السعودية" إلى اليوم؛ على الإعراب علناً عن موقفها الحقيقي تجاه مجازر "حلفائها" -من الأمريكان والصهاينة- بحقّ كل أوجه الإنسانية في قطاع غزة. وكلّ ما يصدر على ألسنة سياسييها من تنديد بقتل الغزّيين؛ ما هي إلا استرضاء للرأي العام العربي والإسلامي.
ولكن صمتها عن كل حديث يجري على ألسنة القادة الغربيين وعلى رأسهم أميركا وفي الصحف العالمية، سواء عن دعمها ودفعها للاستمرار بالعدوان على غزة على أمل القضاء على قوة المقاومة الفلسطينية في غزة، أم في وضعها على لائحة البلدان التي يزعم الأميركان أنها ستشارك في إدارة أمور قطاع غزة بعد "القضاء على حماس"، هي خير دليل على موقفها الحقيقي.
ويمتد موقفها غير المعلن؛ اليوم بما يتعلق بشكل اصطفافها الى جانب الكيان الإسرائيلي في مواجهة القوة اليمنية القائمة على حدودها الجنوبية في تهديدات الأخيرة للمصالح البحرية الإسرائيلية.
هل إشعال جبهة اليمن مجددا مصلحة سعودية:
حول ما زعمته وكالة رويترز مؤخرا بأن "الرياض طلبت من واشنطن، ضبط النفس في الرد على الهجمات التي تشنّها القوات المسلحة اليمنية"، وتابعت وفقاً لمصدرها بأن "السعودية تسعى إلى دفع عملية السلام في اليمن حتى مع احتدام الحرب في غزة، خشية أن تخرج عن مسارها"، يشكك محللون بصدقية هذه "التسريبات" على اعتبار أن السعودي لا يمانع إعادة إشعال جبهة اليمن ولكن بشرط تدخّل أميركي قوي وأساسي في هذه الحملة مع تقديم ضمانات بأن هذه العمليات ستضعف القوة العسكرية لأنصار الله وستكبح قوتها المتصاعدة.
ومن جهة أخرى فإن ابن سلمان اليوم بما حملته رؤية 2030 من مشاريع مضخّمة تهدف بالدرجة الأولى لاستقطاب الأموال الخارجية، لا شك من أنها تحتاج بشدة إلى عنصر الاستقرار والأمان لكي تستمر وتُبنى، وهذا العنصر لن يكتمل في ظل عدم ضمان هدنة دائمة مع صنعاء.
فتدرك "السعودية" ما أعلنه اليمن من استعداده لمواجهة الإسرائيلي وكل من يتعامل ويساند هذا العدو، إذاً "السعودية" حال دخلت على خط الدفاع عن الإسرائيلي بشكل علني ورسمي فهي تضع نفسها ضمن أهداف اليمن العسكرية. كما أنه يتلقى رسالة اليمن حين يقول الأخير بأن أمنه سينعكس أمنا للجميع وإن لم يتحقق فلا أمن للجميع.
وهذه الهدنة -غير المكتملة واقع الحال- يُعاد وضعها من الطرف الأميركي وبتخاذل سعودي إلى مربع الصفر.
وفي السياق، وبعدما جرى تداول أنباء في وسائل إعلامية؛ عن مشاركة"حكومة المجلس الرئاسي اليمني" في تحالف دولي جديد لـ"حماية خطوط الملاحة"، ليتم النفي من قِبل مسؤول في "وزارة" دفاع الحكمومة المُعيّنة سعوديّا.
وحذّرت أحزاب اللقاء المشترك في صنعاء أي فصيل أو مكون يمني من الانضمام لأي تحالف يخدم الاحتلال الإسرائيلي.
وأكّدت أحزاب اللقاء المشترك أنّ "أبناء الشعب اليمني سيقفون ضد أي مكون ينخرط في أجندة العدو الصهيوني تحت غطاء حماية الملاحة".
أتى هذا بعد أن أعلنت الولايات المتحدة عن سعيها لتشكيل تحالف دولي لـ"حماية الملاحة في البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق باب المندب من التهديدات اليمنية"، وفق قولها.
تبعاً للإعلان الأميركي حول تشكيل قوة بحرية، يأتي تعليق صحيفة هآريتس الصهيونية بالقول "إن ما قد يكون مطلوباً هو استعراض كبير للقوة في المستقبل القريب، وهو عرض لا يمكنه انتظار إنشاء قوة بحرية دولية مثل تلك التي تريد الولايات المتحدة تشكيلها في المنطقة. إن الرد على تحرك الحوثيين سيكون بمثابة حالة اختبار ليس فقط في البحر الأحمر، ولكن في مواجهة التهديدات التي أعربت عنها إيران بشكل متكرر، فيما يتعلق بنيتها الإضرار بالمرور الحر في الخليج الفارسي (العربي)".
وتابعت الصحيفة "جاء إعلان الحوثيين ردا على الفيتو الذي استخدمته الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي بشأن اقتراح يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، لكنه كان أيضا ردا ساخرا على الخطة الأمريكية لتشكيل قوة متعددة الجنسيات".
وأضافت "السعودية التي بدأت الحرب في اليمن عام 2015، على أمل الانتهاء منها خلال أسابيع، غرقت في الغبار اليمني لمدة ثماني سنوات. وعلى الرغم من تفوقها العسكري الواضح، والمجهزة بأفضل الأسلحة الأمريكية، إلا أنها سوف تضطر إلى إنهاء الحرب بالتفاوض مع أنصار الله، في ظل الشروط التي وضعوها".
معتبرة وجود مخاوف "سعودية" أخرى تتمثل في "أن الهجوم الأمريكي على الحوثيين يمكن أن يضر بالعلاقات بين الرياض وطهران، تماماً كما يقوم البلدان بإعادة تأهيل علاقاتهما ببطء، بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية في مارس الماضي".
وتابعت "لهذا السبب أيضاً لا يتعجل السعوديون في الرد على الطلب الأميركي للانضمام إلى القوة المتعددة الجنسيات التي تريد تشكيلها، والتي تهدف إلى تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر".
وختمت بالقول "المفارقة هي أن الولايات المتحدة، التي دفعت من أجل إنهاء الحرب في اليمن، وحتى تجميد مبيعات الأسلحة إلى السلطات السعودية التي كان من المقرر أن تساعدها في حربها في اليمن، سوف تشرع الآن في حرب مع الحوثيين".
إذا الأكيد هو وجود دفع أميركي لإدخال "السعودي" في مسار المواجهة مع اليمن لكن هذا ما يتعارض مع المصلحة السعودية، ولكن بالمقابل فالخيار النهائي ليس بيده ولكن بيد الأميركي ومصلحته تقع تحت القرار والمصلحة الأميركية.
عودة أميركية للتلويح بورقة الإرهاب:
وعاد الحديث عن إعادة تصنيف حركة أنصار الله كجماعة إرهابية، ففي عهد ترامب كانوا قد وضعوا أنصار الله على لائحة الإرهاب وعادوا وتراجعوا عن هذا التصنيف بعد أن ادركوا انعكاسه السلبي على مجرى المفاوضات.
حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي "في ضوء استهداف الحوثيين الأخير للمدنيين، والآن قرصنة سفينة في المياه الدولية، بدأنا مراجعة التصنيفات الإرهابية المحتملة وسنكون كذلك”. النظر في خيارات أخرى مع حلفائنا وشركائنا أيضًا".
وتعلّق صحيفة "واشنطن بوست" على الأمر بالقول أنه "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة وشركاؤها سيكونون قادرين على ردع الحوثيين أو إخماد مطالب إسرائيل باتخاذ إجراء قوي. إن إجراءات مثل الضربات العسكرية أو تصنيف الحوثيين كإرهابيين يمكن أن تؤدي إلى تعقيد الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والولايات المتحدة وآخرون لإنهاء الحرب الأهلية الكارثية في اليمن".
ونقلت قول غريغوري جونسن، وهو زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن الوضع ترك للولايات المتحدة خيارات محدودة. وأضاف أن إدارة ترامب صنفت الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، لكن إدارة بايدن تراجعت عن ذلك جزئيا لأنه كان سيحد من القدرة على تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن.
تحوّط إسرائيلي مقابل تصعيد يمني:
وتأكيدا على أهمية العلميات اليمنية، ذكر قائد سلاح البحرية الإسرائيلية السابق، اليعيزر ميروم، أنّ القوات المسلّحة اليمنية تفرض حصاراً بحرياً كاملاً على "إسرائيل"، وهذا الأمر أدّى إلى تعطيل خروج ودخول 95% من البضائع إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق ما قال.
وأضاف ميروم، لـ "القناة 12" الإسرائيلية، أنّ "ساحة البحر الأحمر ليست ساحة لنا، لكن يمرّ من خلالها النقل البحري المهم لإسرائيل، وهي تحتاج لهذا الممرّ بشكل كامل".
كما لفت إلى أنّ 95% من البضائع الداخلة والخارجة من وإلى "إسرائيل تمرّ عبر البحر، وأنّ جزءاً كبيراً منها يأتي من الشرق، من الصين ودول مشابهة، منها مواد خام ومواد مصنّعة بشكل نهائي، وتمرّ عبر قناة السويس لتصل إلى موانئ حيفا وأشدود، وفي ظل الحصار اليمني، السفن لا تعبر باب المندب".
وتلقّت الموانئ الإسرائيلية، ينقل موقع "غلوبز" العبري عن مصادرأنّ "مجلس الأمن القومي الإسرائيلي" أصدر تعليمات بإزالة جداول وصول ومغادرة السفن عن مواقعها، والإعلام الإسرائيلي يتحدّث عن تهديد اليمن وقدرة اليمنيين على اكتشاف السفن التي سترسو في الموانئ الإسرائيلية من خلال بحث بسيط على الإنترنت.
وبحسب الموقع، فإنّ السفينة "ستريندا" كانت تبحر رسمياً من ماليزيا إلى البندقية، ولكن بسبب الموقع الإلكتروني لميناء "أشدود"، كان من الممكن معرفة أنّ السفينة النرويجية من المقرّر أن ترسو في "إسرائيل" في 4 كانون الثاني/يناير. وقد هاجم اليمنيون السفينة عندما لم تكن هناك سفن حربية أميركية في المنطقة المجاورة.
في هذا الإطار، نصح عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، محمد علي الحوثي، بـ"تجنب المخاطر في البحر الأحمر والاستجابة السريعة لأوامر البحرية اليمنية"، وأيضاً بـ"عدم تزوير الهوية ورفع أعلام غير أعلام الدول المالكة، وعدم الذهاب إلى الموانئ المحتلة بفلسطين".
ارسال التعليق