عن التخوّف الأمريكي من اتفاقية أمنية مع السعودية
مع تعقّد المشهد أمام الإدارة الأميركية بما يتعلق بفرص إتمام صفقة التطبيع بين الكيانين السعودي والإسرائيلي قبل الانتخابات الرئاسية، إلى جانب تعقّد الصفقة بحد ذاتها، وجهات نظر جديدة في الإعلام الغربي يقرأ أصل الصفقة الأمنية بعين مرتابة وغير مطمئنة لرفع سقف التعاون الأميركي مع "نظام بغيض".
اتفاقية ثنائية تعني ربط أميركا بنظام دموي:
رأى موقع " ذا أنترسبت" الأميركي أن بايدن يريد من الصفقة الثنائية ربط الولايات المتحدة بأحد أكثر الأنظمة بغضًا في العالم لعقود قادمة، وإبرام صفقة أمنية بعيدة المدى مع السعودية، واصفة الصفقة بأنها الاتفاقية التي من شأنها أن تضع حياة الأمريكيين على المحك لحماية الديكتاتورية السعودية والسير بنا نحو حرب باردة جديدة.
بعد خوضها حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية، تبذل إدارة بايدن كل ما في وسعها لتمرير الصفقة السعودية، على أمل أن يؤدي حل أزمة غزة إلى تحقيق فوز قبل الانتخابات.
وكجزء من الصفقة، تلتزم الولايات المتحدة بالدفاع عسكريًا عن السعودية، الدكتاتورية القمعية التي كانت بمثابة قوة مدمرة في المنطقة لسنوات.
يُعدّ الدفع لوضع القوة العسكرية الأمريكية بين السعودية وأعدائها بمثابة تناقض صارخ لوعود الرئيس بداية ولايته، عندما ترشح للرئاسة، حين تعهد بايدن بجعل السعودية "منبوذة" بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان ووقف مبيعات الأسلحة إليها.
اتفاقية الدفاع مع السعودية تعني التضحية بالدماء والأموال الأمريكية لحماية حكومة اشتهرت في السنوات الأخيرة بأفظع الجرائم وبدلاً من ذلك، فإن اتفاقية الدفاع مع السعودية تعني التضحية بالدماء والأموال الأمريكية لحماية حكومة اشتهرت في السنوات الأخيرة باغتيالها الصحفي جمال خاشقجي وحربها الوحشية في اليمن
نبّه الموقع من أنه إذا لم يتم إيقاف الاتفاق، فإنه سيعزز النهج العدائي تجاه إيران و"يزيد من جرأة الديكتاتوريين مثل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان". وليس سراً أن سعي بايدن للتوصل إلى صفقة سعودية يدور إلى حد كبير حول تصعيد حربها بالوكالة ضد إيران و"منافسة القوى العظمى" مع الصين.
دانييل موتون، المستشار الكبير السابق لكبير مساعدي بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكغورك، أوجز الخطوط العريضة للاتفقاية الثنائية التي لم يوضع لها عناوين عريضة، حيث كتب بعد شهر واحد فقط من 7 أكتوبر، بما يبيّن نوايا المخطط:
"سيبدأ الأمن طويل المدى في الشرق الأوسط بالقدرة على الحفاظ على نظام ردع إقليمي دائم ضد إيران ووكلائها"، واضعًا رؤية شاملة للمناورة المنسقة ضد إيران والصين وروسيا، بالإضافة إلى إيران. الدفع باتجاه حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
تابع موتون: سيسمح هذا التقدم بدوره لإسرائيل بتطبيع علاقتها مع المملكة العربية السعودية ودمج نفسها بشكل أكثر شمولاً في المنطقة”، في إشارة إلى القدرة على “إطلاق العنان الكامل لمبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية.
السعودية جزء من الانتشار الأميركي في المنطقة:
معهد تشاتام هاوس تساءل "إلى أي مدى قد تكون واشنطن والرياض على استعداد للذهاب من دون إسرائيل؟"، معتبرا أنه إذا كان السعوديون والأمريكيون قد ربطوا صراحة أي اتفاق ثنائي بالتعاون الإسرائيلي، فإن التقدم الأخير الذي أحرزوه لا يعني الكثير.
المعهد السياسي قال أنه إذا استمر فشل إسرائيل في الالتزام بشرط حل الدولتين، فلن يكون هناك تطبيع سعودي إسرائيلي. ونتيجة لهذا فإن الكونجرس الأميركي لن يصادق على اتفاقية دفاع أميركية سعودية، حيث يشكل الدور الذي يلعبه مجلس الشيوخ الأميركي في التصديق على اتفاقيات الدفاع الرسمية بين الولايات المتحدة والدول الأجنبية دوراً لا غنى عنه. وفي هذا الاطار، في لحظة نادرة من الإجماع بين الحزبين، اتفق الديمقراطيون والجمهوريون على المضي قدمًا في إبرام اتفاق أمريكي سعودي فقط إذا احتضنت الأخيرة إسرائيل رسميًا.
غراهام: ابن سلمان يريد من إسرائيل القضاء على حماس قبل حلّ الدولتين:
وهو على عكس ما أتى على لسان السيناتور الأميركي ليندسي غراهام الذي أكد أن شرط ابن سلمان للتطبيع هو تدمير حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، متسائلا "ما هي مصلحة السعودية في أن تستثمر في "فلسطين الجديدة" إذا بقت حماس؟"، ما يبين مفهوم حل الدولتين في الذهن السعودي وهو إنهاء حماس وجعل غزة تابعة لسلطة فلسطينية تحت الغمرة الإسرائيلية، يسمونها فلسطين في الإعلام حصراً.
المعهد يشير إلى أنه قد لا تكون الفوائد الأمنية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة ــ وهو أمر طبيعي نظراً للتفاوت الهائل في القوة بين البلدين، ولكنها ليست صغيرة أيضا.
المعهد السياسي قال أن السعودية في حال اتمام الاتفاق الأمني ستكون ملزمة بتزويد الجيش الأمريكي بإمكانية وصول معززة إلى سمائها وأراضيها، وهو ما سيكون مفيدًا للمخططين الاستراتيجيين في البنتاغون الذين يعملون على الوضع العالمي. كلما كان الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط أكثر توزعا، أصبح أكثر أمانا.
أما مجلة "فورين بوليسي" فقد وصفت الاتفاق الأمريكي السعودي بـ"المهمة الحمقاء"، معتبرا أن الاتفاقية الأمنية الأمريكية ستكون مكافأة لسلوك ابن سلمان المتهور الذي انتهك الأعراف الدولية وزعزع استقرار الشرق الاوسط بما فعله باليمن ومع قطر ورئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري وقتل خاشقجي. قائلا أنه من أجل النظام الدولي، يجب على بايدن التخلي عن صفقته المقترحة مع الرياض.
ارسال التعليق