
أبو منشار والجزار.. لقاء ودًي وتقاطع المصالح برعاية الكابوي!!
[حسن العمري]
* حسن العمري
أبو محمد الجولاني أو ما أطلق على نفسه أسم "أحمد الشرع" أعتى إرهابيي الشرق الأوسط ويداه ملطختان بدماء مئات آلاف الأبرياء في العراق وبلاد الشام بمجازر دموية ضد الأبرياء العزل؛ يحل ضيفاً مكرماً معززاً محترما مستقبلاً بالأحضان من قبل محمد بن سلمان في الرياض ليصدق المثل العربي الشهير "الغربان على أشكالها تقع" أو بالأحرى يجب القول أن "الذئاب على أشكالها تقع"، حيث أن "أبو منشار" و"جزار داعش" وجهان لعملة الإرهاب الدموي البغيض، وابتسامتهما العريضة ما هي إلا ضحك على ذقون الضحايا الذين سقطوا بفعل سياراتهم الـ 5000 المفخخة في العراق والعمليات المشابهة في سوريا ولبنان؛ كل ذلك إرضاءآ للكابوي الأمريكي المخبول "ترامب" بعد إيعازه لبقرته الحلوب بذلك، كرد صغير لجميله عن غض الطرف عن تنشيره جمال الخاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول عام 2018.
رئيسة وزراء الكيان الصهيوني "غولدا مائير" والتي تولّت الحكم قبل أكثر من خمسة عقود، كتبت في مذكّراتها تقول: "سيتفاجأ العرب ذات يوم أننا أوصلنا أبناء إسرائيل إلى حكم بلادهم".. رغم كراهيتي الشديدة لقول هذا لكن "غولدا مائير" صدقت بقولها حيث نشاهد تسابق هؤلاء الأقزام العملاء الخونة للتطبيع مع العدو الصهيوني المحتل والحفاظ على مصالحه وتنفيذ وعود أجدادهم لأبناء عمومتهم من "بني صهيون"، ولو كانت حية حتى يومنا هذا لفرحت كثيرا وهي ترى أن تحقق هدفها وما خططت له حيث غالبية الحكام العرب باتوا أكثر منها صهيونية بعد أن أوصلوهم لسدة الحكم في بلداننا العربية الخليجية والجوار لفلسطين المحتلة؛ وها هم يقومون بأدوارهم على أفضل وأكمل وجه، وكما رسموها لهم.. هل هناك أحلى من هكذا حكام لعدو الأمة والدين لا ما في أبدا، فهاهم يقدّمون التضحيات الكبيرة خدمة لأهداف الصهيونية العالمية بتمزيق الأمة وإعادة تقسيمها وفق "سايكس بيكو" من جديد، والقادم سيكون أسوأ بكثير.
سباق حميم بين حكام الخليج المتصهينين (تميم وبن زايد وابن سلمان) للحصول على فرصة تقبيل الراعي الصهيوامريكي وتقديم أفضل ما يمكن تقديمه على طبق الإخلاص لكل ما تنبس به شفتاه قبل إصداره الأوامر لبقراته الحلوبة.. أيام قليلة ، تكشف عن تحركات دبلوماسية نشطة في المنطقة ترمي الى إعادة رسم خارطة الطريق الصهيونية الأمريكية التي أعلنت عنها كونداليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية السابقة عام 2006 وتحطمت على جدار انتصار حزب الله على العدو الاسرائيلي بعد 33 يوماً من الحرب الضروس ليهزم الأخير في جنح ظلام الليل الدامس يجر أذيال الفشل والخيبة من ورائه.. الأن وبعد انقلاب الورقة وخيانة الأسد وداعمه وحليفه العسكري الكبير الدب الروسي طعن المقاومة بظهرها، لابد من التسابق لإبداء الولاء للعم سام وفتح الملفات الساخنة لـ"إعادة تدوير الإرهاب" ضمن الاستراتيجية الأمريكية من جديد وهي “مشروع الشرق الأوسط الجديد” و”صفقة القرن”، التي تسعى أمريكا لفرضها على حكام المنطقة العربية الإذلاء المنبطحين.
"نحن لم ندرب المعارضة السورية فقط، بل تحملنا رواتبهم؛ الحقيقة تفرض نفسها.. نحن امام تحالف مع السعودية وقطر والامارات بهذا الخصوص، بهدف إسقاط الأسد وقطع الطريق على محور ايران - حزب الله - حماس.." - يوسي كوهين رئيس الموساد الإسرائيلي.. انها الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع ، والتي تفسر صمت إرهابيي الجولاني ومن وحلفائه الذين استولوا على السلطة في سوريا تجاه العدوان الإسرائيلي واحتلاله لأكثر من 665 كيلومتر مربع مهم واستراتيجي من الأراضي السورية في أطراف العاصمة دمشق وما حولها بعيداً عن الجولان المحتل.. ورغم التهاني التي قدمها خالد مشعل للجولاني بإسقاط بشار لكن الأخير أصدر أوامره بسحب سلاح الفصائل الفلسطينية، وإغلاق معسكرات التدريب وأمرهم بالتزام سقف العمل السياسي، مؤكدًا أن سوريا الجديدة لن تكون منطلقًا لأي عمل مقاوم باتجاه الحليف الاسرائيلي.. أنه تقاطع المصالح بين أثنين من أعتى إرهابيي وجزاري الشعوب في المنطقة.
يفسر الكثير من المراقبين إكساب الشرعية لإدارة "الجزار الجولاني" يمثل فرصة جيدة لتثبيت أركان الارهاب والارهابين، وازدواجية المعايير الغربية المتشدقة بحقوق الإنسان في التعامل مع حالات مماثلة، بمساعدة الأنظمة الموروثة التي دعمت الجماعات الإرهابية التي عصفت بالمنطقة العربية تحت مسمى"الربيع العربي"- وفق مجلة فورين أفيرز الأميركية.. أنظمة عربية عديدة اليوم تنتظر الإجهاز على المقاومة الفلسطينية واللبنانية خدمة للعدو المحتل وتلبية لرغبة العم سام، لأنّ انتصار المقاومة كما ادعى "نتنياهو" يعني ببساطة أنّ الدّور قادم على هذه الأنظمة الانبطاحية الذليلة الخيانية العميلة، التي ترتعد خوفا وفزعا ورعبا فيما المقاومة اعلنت مرارا وتكرارا انها بعيدة كل البعد عنها طالما لم تساند الاحتلال والإرهاب.. حسب تربية بني صهيوني لقادة هذه الأنظمة نراهم اليوم يضغطون على النتن ياهو "الإسراع في إنهاء المقاومة" الفلسطينية منها واللبنانية، التي تشكّل حجر عثرة في طريق المزيد من الانبطاح والتطبيع .
قبل زيارة المقاتل في تنظيم "القاعدة" للرياض واستقباله بكل ودً من قبل "بن سلمان" بحفاوة وعناق، قام وزير خارجيته الشيباني في زيارة رسمية الى قطر والإمارات والأردن، تلك البلدان التي حظي تنظيمه الإرهابي "هيئة تحرير الشام" بدعم لوجستي وعسكري إلى جانب تركيا والسعودية اللتان لم تتوانيا في دفع المقاتلين والسلاح والمال لهذا التنظيم الارهابي الإجرامي طيلة أكثر من عقد مضى، الى جانب الدعم الأمريكي البريطاني الفرنسي اللوجستي منه والأمني والعسكري والإعلامي الواسع النطاق.. كل ذلك من أجل تقويض محور المقاومة المتصدي الوحيد للتوسع الصهيوني ومشروع "اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات"، وهو ما يفسر استضافة كيان تل أبيب لجرحى هذه الجماعات الإرهابية في مستشفياتها إلى جانب تسليحها وتدريبها، ليضم اليوم أراضي جديدة لكيانه العنكبوتي.
"إيلي كارمون" الباحث فى مجال الإشكاليات الإستراتيجية فى "المركز الدولي لمكافحة الإرهاب" في هرتسليا في تل أبيب، شدد بالقول: أن "هذه المساعدات الطبية التي كانت تقدم لمقاتلي الجماعات السورية ضد دمشق (2637 عبوة من مستلزمات طبية عام 2017 و694 طن من الأغذية وعلاج "أكثر من 685 جريح منهم") خاصة لجماعة (فرسان الجولان) في بلدة الخشاب و(لواء عمر بن الخطاب المتمركز في قرية بيت جن) و(كتائب شهداء اليرموك)، هو ضمن مشروع تنسيقي مع الأردن ومصر وأنظمة خليجية هي السعودية والإمارات وقطر التي كانت تدفع لنا تكاليف ذلك.. الأمر بالنسبة لإسرائيل يستهدف ضمان وصولهم للسلطة في سوريا و حصولنا على حليف جديد مهم في المنطقة التي تحاصرنا فيها المقاومة لإزالتنا، وقد نجحنا في ذلك.."؛ وهو ما أكده معتصم الجولانى، المتحدث باسم جماعة "فرسان الجولان" في حديثه لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قائلًا: "لقد دعمتنا إسرائيل بشكل بطولي ولولا المساعدات الإسرائيلية ما كنا لنحيا حتى الآن".
موقع "فورين بوليسي" كشف في تقرير له، أن جانب من المساعدات الاسرائيلية للجماعات السورية المسلحة تمثلت في تزويدهم ببنادق إم 16 وبنادق آلية ومدافع هاون وسيارات نقل، كانت تنقل عبر ثلاثة معابر فى هضبة الجولان (الواقعة تحت الإحتلال الإسرائيلى منذ عام 1967)، إلى جانب دفع مساعدات مالية 100 دولار لكل مقاتل تصل من قطر والإمارات والسعودية.. فيما كشف موقع "Mint Press News" في مقال له للكاتب روبرت إنلاكش، عن الدعم الأميركي والإسرائيلي الخليجي الكبير للمسلّحين في سوريا، وما هو الهدف من تنفيذ هجومهم.. فيما نشرت صحيفة "غراي زون" تقريراً كان طمأنة من السيناتور الجمهوري ريك سكوت من فلوريدا لما تسمى بـ "المعارضة السورية" قائلاً: "إنّ الإسرائيليين يريدون أشخاصاً منكم أنتم في السلطة".. "جيمس جيفري"، السفير الأميركي السابق والممثل الخاص للمشاركة السورية خلال إدارة ترامب الأولى كان قد وصف "هيئة تحرير الشام" الارهابية بأنها "أصل" للاستراتيجية الأميركية في إدلب - وفق صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ارسال التعليق