الخيبات داخليا وخارجيا سمة عهد بن سلمان في السعودية
[جمانة الصانع]
جمانة الصانع
بدون مبالغة فان ما تشهده السعودية على صعيد الفشل المتراكم لم يمر في تاريخها من قبل، ومن المؤكد أن بن سلمان ودائرته الخاصة غير المتورعة عن ارتكاب اية حماقة، قد أسهموا في هذا الانحدار الفظيع، يتجلى ذلك بفشله في سياسته الخارجية تجاه الدول والشعوب، من تقهقره في مشروعه العدواني ضد قطر، بل ربحت الدوحة، وكسبت ثقة العالم خاصة بعد جريمة افناء خاشقجي وتقطيعه اربا اربا، وعن هزيمته في اليمن فحدث ولا حرج، اما عنترياته تجاه ايران التي زرعت في خاصرته (اليمن الجديد) بقيادة الحوثي فهو كمن يناطح جبلا ببعض من الحجارة وسيحتاج لعقود ومئات المليارات الأخرى لاقتلاع ما نسجه حائكو السجاد وطبخوه على نار هادئة ردا على التحرش السعودي المتهور الى أن أتى بن سلمان وخرج على العلن ليقول سننقل المعركة داخل ايران دون حساب العواقب.
لقد شاهدنا كيف عاد محمد بن سلمان صاغرا الى صنعاء بعد أن كان يرفض اي اعتراف بالحوثيين، مقرا بالمعادلة الجديدة التي فرضتها إيران، فوافق على المفاوضات مع حكومة صنعاء وجها لوجه، مع القبول بتقليص حربه المجنونة على أطفال اليمن على أن لا يستهدف الحوثي منشآته النفطية، وهو تسليم ضمني بالهزيمة، ففي الأساس لم يكن هدف الحملة السعودية-الإماراتية منع الحوثيين من استهداف السعودية، بل منعهم من التوسع في اليمن ذاته، وإعادتهم إلى محافظة صعدة!.
أما عن محاولاته في العراق لابعاده عن ايران فقد ولت الى غير رجعة بعد أن أقصي حليفه مقتدى الصدر عن المشهد، وخسارته مع الامارات الملايين التي ابتزهم بها الصدر، وأخيرا وصول شياع السوداني ايراني الهوى الى سدة رئاسة الوزراء في بغداد.
ومؤخرا في ملف الطاقة حاول بن سلمان أن يلعب دور البطل قبل أن يتراجع أمام أدنى اعتراض أمريكي من متحدثة في وزارة الخارجية.
اقتصاديا فيما يتعلق بمشروع نيوم الذي صم مطبلو بني سعود آذاننا به، فيكفي أن نشير الى تحقيق أصدقائه الأمريكيين الذين منحوه حصانة من الملاحقة القضائية بالأمس، حيث نشرت وكالة “بلومبيرغ” عن ملامح الفشل التي تعصف بنيوم، بعد خمس سنوات من إطلاقه، وأنه يتضمن حجما هائلا من الفساد والإنفاق غير المحسوب بمليارات الدولارات، وذلك بعد أن أجرت مقابلات مع أكثر من 25 شخصية من العاملين الحاليين والسابقين في المشروع، والذين كشفوا عن معلومات صادمة حول حجم الهدر المالي الذي يتم في مشروع لا يعدو أن يكون مجرد خيال، وبناء على 2700 صفحة من الوثائق الداخلية “لم يزل هذا المشروع يمنى بالعديد من الانتكاسات، كثير منها ناجم عن صعوبة تنفيذ أفكار محمد بن سلمان المضطربة والمتغيرة باستمرار.
على المستوى العقدي الإيديولوجي يواصل فريق بن سلمان داخل ال سعود توثيق العلاقة مع الانجيليين المتصهينين في أمريكا حتى وهم خارج السلطة، ولم تعد (اسرائيل) عدوا، وكل من ينتقدها او حتى يتعرض للديانة اليهودية فمصيره غياهب السجون أو القتل والاختفاء في الربع الخالي، فالعدو بحسب العقيدة السلمانية الجديدة هم الاخوان المسلمون وحماس وطهران وصنعاء!! وباستبداد بن سلمان وايمانه أنه مفروض الطاعة، فشل في إنتاج خطاب متماسك يمكّنه من تشكيل حلفاء عقائديين مع إسلاميين “معتدلين”، فقد أسهم عداؤه المعلن مع الإخوان المسلمين، في إضعاف تحالفاته في اليمن مع أطراف يُفترض أن يكونوا حلفاؤه الطبيعيين مثل التجمع اليمني للإصلاح، الإخواني.
وفي الداخل قمع التيارات الاسلامية كافة، باستثناء تيار السلفية الجامية، الذي يقوده وزير الشؤون الإسلامية عبد اللطيف آل الشيخ، والذي يقدس ولي الامر الى مرتبة الاله تقريبا في وجوب الطاعة، صلاحيات مطلقة تبيض وجه الولي الفقيه في ايران الذي تتذرع السعودية بمعاداته بدعوى ديكتاتوريته!
ولله في خلقه شؤون، وانا لله وانا اليه راجعون
ارسال التعليق