بعد أن كانوا فاعلين في المنطقة.. أمريكا تحول آل سعود لحصان طروادة في صراعها مع إيران
[ادارة الموقع]
ثامر الشمري
الرضوخ الكامل بكل ما تحمله الكلمة من معنا.. هذا هو الحال الذي وصلت إليه السعودية مؤخرًا بعد وصول سلمان وابنه لسُدّة الحكم، فطلبات ترامب باتت أوامر "إلهية" لا يمكن حتى التفكير بها أو بمدى ضررها أو نفعها للشعب والدولة ، فمكالمة تلفونية واحدة من ترامب قلبت الرأي السعودي رأسًا على عقب، وتبدلت المواقف السعودية وبدا واضحًا أن تلك المكالمة لم تكن بين رئيسي دولتين، بل بين رئيس ووزير للنفط لا يستطيع إلّا الموافقة على طلبات سيده، وكيف لا فقد أصبح من الواضح أنّ السيد ولي الأمريكي هو وليُّ نعمة الملك ومن بعده ولي عهده الذي تسلط على ما ليس له بمساعدة السيد الأمريكي وأموال السعوديين الذي لا حول لهم ولا قوة.
قرار التعويض السعودي للنفط الإيراني لم يكن قرارًا سعوديًا اصلا، بل أتى في خضم الصراع الأمريكي الإيراني، إذ تحاول أمريكا أن تستخدم السعودية كحصان طروادة لتعويض النفط الإيراني إذا ما تمكّنت أمريكا من التأثير على الدول المستوردة لهذا النفط، وعلى هذا الأساس لم يجد ترامب أفضل من الملك سلمان وابنه ليقوموا بتعويض النفط الإيراني.
أكثر من ذلك؛ لم تكتفِ الرياض بالتعهد لواشنطن بتعويض النفط الإيراني، بل أصبحت ملكيةّ أكثر من الملك ذاته، وبدأت بالتفاوض مع عدد من الدول كالهند مثلاً، واعدةً إياها بتعويضها عن النفط الإيراني، إذ تستورد الهند ما حجمه 18 في المائة من إنتاج النفط الإيراني.
المسؤولون الأمريكيون الذين ومنذ خروجهم من الاتفاق النووي يحاولون الضغط على حلفائهم في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط للالتزام بالعقوبات على إيران، وذلك بهدف الضغط على طهران، ولهذه الغاية برز ال سعود كأحد أركان هذه المؤامرة ضد طهران، فعلى الرغم من أن الضغط على طهران قد يُحدث هزّة في سوق النفط العالمية، ومحاولات السعودية التخفيف من هذه الهزّة؛ غير أنّ الكثير من الأسئلة بات الخبراء يطرحونها للعلن تتعلق بقدرة ارامكو السعودية على تعويض النفط الإيراني، فمن الناحية النظرية وكما يقول مراقبون فإنّ السعودية تستطيع، لكن ما إذا نظرنا إلى الناحية العملية نجد أنّ الرياض غير قادرة على هذا التعويض، وفي أفضل تقدير لن تكون قادرة على ذلك في العام الأول، فرفع إنتاج النفط لا يكون بقرار سياسي فقط، إنما يعتمد على ما تمتلكه السعودية من بنىً تحتيّة تمكّنها من رفع إنتاجها، وأموالًا لزيادة الإنتاج، ناهيك عن نقله من مصادر استخراجه وإيصاله إلى الأسواق المستهدفة.
وحتى إذا تمكنت الرياض من تعويض النفط الايراني على المستوى المتوسط والبعيد، فإنّ أسعار النفط ستشهد ارتفاعًا كبيرًا مختلف الدول لا تُريده، لما لهذا الأمر من تأثير على اقتصادياتها، ولا سيما أوروبا ودول آسيا.
وعلى الجانب الآخر فإنّ السعودية التي تُعتبر أكبر منتج للنفط في العالم وأحد الأعضاء المؤسسين لمنظمة أوبك، فإنها بإجراءاتها تلك تكون قد خرجت عن المبادئ الأساسية للمنظمة، فأيُّ رفعٍ للإنتاج يستلزم موافقة كافة الدول الأعضاء، وهو الأمر الذي لم تلتزم به الرياض، ناهيك عن أن أيّ رفعٍ للإنتاجٍ يجب أن يُراعي حاجة السوق وقدرته على استيعاب تلك الكميات.
وبالإضافة لما سبق؛ فإنّ سلوك السعودية هذا واتباعها خُطى السيد الأمريكي سيزيد من حالة الاستقطاب والصراع في المنطقة، الأمر الذي سينتج عنه حالة من عدم الأستقرار في كافة دول المنطقة، ولن تكون الرياض بمنأى عن ذلك الصراع، خصوصًا وأنها متورطة في الوحل اليمني على حدودها الجنوبية، بالإضافة لأزمتها الكبيرة مع جارتها قطر.
وبناءً على ما سبق فإنّ الجميع يعرف بالعلاقات المتوترة بين السعودية والقوّة "السُنية" الكبرى في المنطقة (تركيا)، وبعد التصريح التركي بأنّ أنقرة لن تُشارك في العقوبات المفروضة على طهران، في حين أنّ مشاركة السعودية في حصار بلدٍ مسلم وعضو في منظمة التعاون الإسلامي سيضع السعودية في حرجٍ كبير أمام الرأي العام الإسلامي
ومن نافل القول التساؤل عن مدى "العبودية" الذي وصلت إليه المملكة العربية السعودية، إذ لم يبق أمام حكامها الجدد وفي سبيل إرضاء السيد الأمريكي إلّأ إعطائه مفاتيح الكعبة المُشرفة ليشرف هو بنفسه عليها، إذ لم يتبق من سلطة آل سعود في المملكة إلا سيطرتها على بيت الله الحرام، فهل سنشهد اليوم الذي يصلي بنا ترامب إمامًا في المسجد الحرام بعد أن تكون السعودية قد تخلّت عن كافة سلطاتها وأعلنت الرضوخ والعبودية الكاملة للأمريكي.
ارسال التعليق