بعد قرار أمريكا سحب بعض منظوماتها الصاروخية من المنطقة...هل بات الظهر السعودي مكشوفا؟ وماذا تكشف هذه الخطوة!؟
[عبد العزيز المكي]
في 18/6/2021 أعلنت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، ونقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة الرئيس جوبايدن باتت تخفض بشكل حاد من أعداد الأنظمة الأمريكية المضادة للصواريخ في الشرق الأوسط، معظمها في السعودية، ضمن عملية إعادة تنظيم توزيع القوات الأمريكية في العالم ولفت المسؤولون الأمريكيون بحسب ما نقلت الصحيفة المذكورة، إلى أن البنتاغون ويعمل على سحب ثمانية بطاريات مضادة للصواريخ من مجموعة دول، بما يشمل العراق والكويت والسعودية والأردن. وأشارت الصحيفة إلى البدء بسحب " نظام ثاد" للصواريخ من السعودية إلى جانب تقليص أساطيل المقاتلات النفاثة المخصصة للمنطقة. وبحسب وول ستريت جورنال فأن عملية السحب لهذه المنظومات ستطال المئات من العسكريين الأمريكيين العاملين في الوحدات المشغلة أو الداعمة لتلك المنظومات.
يشار إلى أن بعض الأوساط الإعلامية، كانت قد قالت إن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن كان قد أحاط بن سلمان علما بهذه الخطوة الأمريكية في مكالمته معه قبل أيام...
وفيما تعتبر عملية إعادة انتشار أو سحب بعض القوات الأمريكية من المنطقة أو زيادة أعدادها وإضافة أسلحة جديدة أو منظومات صاروخية وحاملات طائرات، وقاذفات استراتيجية عملية مألوفة.. فأن هذه الخطوة المفاجئة أثارت الكثير من الجدل والنقاش ليس في داخل الاوساط العسكرية فحسب، بل في أوساط السياسيين والمراقبين والمحللين أيضاً، فضلاً عن الأوساط الإعلامية، نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة لأسباب عديدة منها:
1- إن روسيا والصين متوثبتان تنتظران الفرصة لانسحاب أمريكا من المنطقة، وملئهما الفراغ الذي يتركه هذا الانسحاب، وهذا ما يدركهُ بعض القادة والمسؤولين الأمريكيين بشكل واضح، ففي مايو الماضي، حذّر قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال فرانك ماكينزي، من أن تراجع الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط يفتح الباب أمام دولة كبرى جديدة مثل روسيا والصين للدخول بقوة عسكرياً إلى هذه المنطقة. مشيراً إلى وجود قلق سعودي من تقليص واشنطن وجودها في الخليج. ومؤكداً أن الشرق الأوسط بشكل عام يعتبر منطقة تنافس شديدة بين القوى العظمى، مشدداً على ضرورة الحاجة إلى تعديل الوضع الأمريكي في المنطقة. وقال إن روسيا والصين في مرحلة البحث عن طريق لاستغلال الفراغ الناتج عن الانسحاب الأمريكي. مشيراً إلى أن روسيا مستعدة لبيع أنظمة الدفاع الجوي لمن تستطيع، ولدى الصين أهداف طويلة المدى في إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة.
2- يواجه النظام السعودي بالذات ظرفاً عسكرياً حرجاً بسبب تطورات الوضع العسكري لعدوانه على اليمن لغير صالحه، فقوة أنصار الله تضاعفت بشكل بات يهدد النظام السعودي، إذ أن مسيّراتهم وصواريخهم المجنحة باتت ترتاد أقصى المدن السعودية والمراكز العسكرية والنفطية والاقتصادية الأخرى للنظام في عمق المملكة بشكل متواصل وتلحق الخسائر الفادحة بهذه المراكز، فيما فشلت المضادات السعودية الأمريكية الصنع من صدها، الأمر الذي دفع بترامب الرئيس السابق إلى إرسال منظومة ثاد المتطورة إلى السعودية لصد هذه المسيرات والصواريخ، والتي يشملها إجراء السحب الحالي، كما اشرنا، هذا بالإضافة إلى احتدام المواجهة في الجبهات اليمنية الأخرى والتي تؤشر بحسب مراقبين أمريكيين إلى احتمالات حصول انهيارات عسكرية كبيرة في صفوف القوات السعودية والإماراتية ومرتزقتها أمام زحوفات وهجمات أنصار الله، وبالتالي حصول تطورات استراتيجية خطيرة لأميركا وللنظام السعودي ونظيره الإماراتي. والى ذلك، يتزامن هذا السحب الأمريكي للأنظمة المضادة للصواريخ في وقت هُزِمَ فيه العدو الصهيوني أمام المقاومة الفلسطينية في غزة خلال حرب الأحد عشر يوماً الأخيرة، ما شكل ذلك انكساراً لحلفاء العدو وأمريكا وعلى رأسهم النظام السعودي، حيث بات الأخير يشعر بالخطر من صعود محور المقاومة في المنطقة، بعد هذه المواجهة أكثر من أي وقت مضى، سيما بعد ما كشفت هذه المواجهة إخفاق أنظمة القبة الحديدية الصهيونية في صد صواريخ المقاومة التي تعتبر اقل تطوراً من صواريخ إيران المتطورة جداً، إذ كان حلفاء العدو وأمريكا يتطلعون إلى شراء هذه القبة بعد إخفاق الباتريوت والثاد في صد صواريخ أنصار الله، وذلك لحمايتهم من الصواريخ الإيرانية فيما لو حصلت مواجهة مع إيران، التي يعتبرها حلفاء أمريكا والعدو، أو أن الصهاينة والاميركان يصورون لهم، أنها تشكل خطراً عليهم، ويزعمون أنها تريد التمدد في المنطقة على حسابهم!! ولأنهم، أي حلفاء أمريكا يتصورون بعد هذه التطورات، بأن الخطر تضاعف عليهم، فذلك يتطلب دعماً عسكرياً أمريكيا مضاعفاً، لا أن يقل هذا الدعم كما هو حاصل بعد الخطوة الأمريكية الأخيرة، ولذلك فأن التعبير عن قلق هؤلاء الحلفاء من هذه الخطوة مبرر جداً. ففي هذا السياق نشرت صحيفة هاآرتيز الصهيونية مقالاً للكاتب طال ليف رام المقرب من المؤسسة الأمنية الصهيونية، حول ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال بشأن خفض واشنطن لقواتها في الشرق الأوسط، نشر موقع رأي اليوم ترجمته العربية في 21/6/2021، عبر الكاتب في هذا المقال عن قلق المؤسسة الأمنية الصهيونية من خطوة تقليص أمريكا لقواتها ومنظوماتها الصاروخية في المنطقة، وقال إنها ستؤثر على أداء الكيان الصهيوني العسكري والأمني في مواجهة ما اسماه " الأنشطة الإيرانية" وحزب الله في لبنان وختم الكاتب مقاله قائلاً: تنوي الإدارة " الإسرائيلية" عرض الفجوات العملانية والاستخبارية التي يمكن أن تنشأ عقب خروج القوات الأمريكية من مناطق مختلفة في الشرق الأوسط، إضافة إلى ما قد تحتاجه " إسرائيل" لسد هذه الفجوات حسب الكاتب!
أما في الخليج فقد نصح الدكتور عبدالله النفيسي، الكويتي المعروف، بعقد دول الخليج العربية اتفاقات دفاع مشترك مع تركيا بعد قرار الإدارة الأمريكية سحب بعض منظوماتها الصاروخية. وقال النفيسي في تغريدة له على تويتر في 19/6/2021:" قرار إدارة بايدن بالتخفيض العسكري الشامل في المنطقة، بما فيه سحب الباتريوت من السعودية والكويت سيفتح المنطقة للتغوّل الإيراني"! . وتابع النفيسي الذي اشتهر بالدفاع عن الوجود التركي موجهاً نصيحته لدول الخليج العربية قائلاً:
" وأفضل رداً على ذلك توقيع اتفاقيات دفاع مشترك مع تركيا"! وفي السعودية تحديداً اعتبر بعض الخبراء السعوديين، بحسب ما ذكر موقع العربي الجديد في 20/6، ان الدفاعات السعودية دخلت في مرحلة اختبار حقيقي بعد إعلان البنتاغون سحب منظومة متطورة مضادة للصواريخ وتجدد الهجمات الحوثية داخل العمق السعودي وبحسب الموقع المذكور، " يعتقد خبراء أن السعودية تفتقر إلى الكفاءة المطلوبة في التعامل مع التهديدات المقبلة على المنشآت النفطية، وسد الفراغ الذي تركته منظومة ثاد التي كان الهدف منها حماية منشآت آرامكو". ونقل الموقع المشار إليه عن باتريك شميدت، وهو ضابط بحري أمريكي قوله: " لكي تتمكن السعودية من تحسين قدرتها على الصمود في وجه التهديدات الجوية، تحتاج إلى مزيد من الدعم والتدريب على القيادة والتحكم، بالإضافة إلى جهود تحصين الأهداف، والعمليات الاستخباراتية الأستباقية للتدمير قبل الإطلاق ضد شبكات التهديد، وعمليات الضربات الهجومية ضد البنية التحتية الصاروخية للعدو". ما يعني ذلك ان النظام السعودي في أحوج ما يمكن للدعم العسكري الأمريكي بحسب هؤلاء الخبراء.
3- تآكل السلاح الاقتصادي الذي استخدمته واشنطن ضد خصومها من محور المقاومة أو ضد بعضهم، فمما هو معروف، أن الولايات المتحدة تستخدم هذا السلاح كرديف وكخيار موازي للخيارات العسكرية، من أجل إنهاك الخصوم، لكنها في االآونة الأخيرة رمت بكل ثقلها في استخدام هذا السلاح بعد ما أيقنت أن الخيار العسكري مع بعض أطراف محور المقاومة غير مضمون النتائج وقد يرتد عليها وعلى حلفائها، ولذلك استنفرت كل طاقتها في حشد هذا السلاح ضد إيران ولبنان واليمن، من أجل إنهاك هذه الأطراف، لكن رغم اعتراف واشنطن بأنها استنفذت كل ما في جعبتها من أعتدة اقتصادية، إلا أن ذلك لم يحقق لها ولحلفائها وأدواتها في المنطقة النتائج المرجوة، رغم أن تلك العقوبات تركت تداعيات ومصاعب ومشاكل اقتصادية ومعيشية وغيرها على شعوب تلك الدول المستهدفة إلا أن هذه الأخيرة ظلت صامدة وتحملّت كل هذه النتائج التي تركتها العقوبات والتي وصفت بعض الأحيان بأنها كارثية! وبالتالي فأنه من المنطقي كما يقول بعض الخبراء، أن تحافظ أمريكا على قوتها العسكرية لمواجهة التهديدات المحتملة بعد ما أخفقت بقية الأسلحة الأخرى، غير أن واشنطن تصرفت كمن يسبح عكس التيار!! وهو الأمر الذي دفع الكثير من الخبراء إلى التساؤل وإثارة علامات استفهام كثيرة، كما اشرنا في بداية الحديث.
4- كشف العدوان السعودي على اليمن والمتواصل منذ أكثر من ست سنوات، وأيضا العدوان الصهيوني الاخير على غزة ، كشفا أن سلاح الصواريخ هو السلاح الفيصل في المعركة، اذ تفوق على سلاح الجو وبقية الأسلحة الأخرى، وبات مؤثراً جداً، وحاسماً في حسم المواجهات لصالح الطرف الذي يمتلك هذا السلاح، ولأن أنصار الله والحشد الشعبي في العراق، وحزب في لبنان إلى سوريا وإيران، يمتلكون ترسانة ضخمة من هذا السلاح، ويطورون من قدرات هذا السلاح باستمرار، باتت كلمتهم هي العليا في أي مواجهة مع حلفاء أمريكا، أو مع الكيان الصهيوني، ولذلك قلنا إن أوساط هذا الأخير عبرت عن القلق من الخطوة الأمريكية، وكان يفترض بالنسبة لأميركا بحسب رؤية حلفائها وعملائها في المنطقة أن تعزز من وجود تلك المنظومات المضادة للصواريخ وان تطورها لتصبح قادرة على الصواريخ المهاجمة، لا أن تقلل من وجود هذه المنظومات!
الأميركان وعبر إشارات غير مباشرة أوحوا إلى أن خطوتهم تلك جاءت للتركيز على التحديين الصيني والروسي وهذا أيضاً ما ذهب اليه الكثير من المحللين والمراقبين، فطبقاً لما نقله موقع " الخليج أونلاين" في 19/6/2021، عن المحلل السياسي محمود علوش، رؤيته: " أن هذه الخطوة الأمريكية تأتي في سياق توجه أمريكي لتقليل الانخراط في صراعات الشرق الأوسط، والتركيز على مواجهة التحديات التي تشكلها الصين وروسيا على المصالح الأمريكية والغربية في العالم".و أضاف علوش في حديث له للموقع المذكور قائلاً " الولايات المتحدة تريد من حلفائها في المنطقة أن يصبحوا أكثر اعتماداً على أنفسهم في مواجهة التحديات العسكرية، يمكن ملاحظة ذلك بعد قرار واشنطن وقف دعمها لعمليات التحالف بقيادة السعودية في اليمن". واستطرد قائلاً: " يسعى الأمريكان لتخفيف التزاماتهم العسكرية تجاه حلفائهم للتركيز على جبهات أخرى مع روسيا والصين".
مشيراً إلى أن ذلك سيوفر الفرصة للقوى الإقليمية الكبرى في المنطقة لزيادة دورها، في إشارة إلى إيران وتركيا، ذلك فضلاً عن إقدام كل من روسيا والصين على ملئ الفراغ الذي يتركهُ الاميركان، بحسب قوله، أي علوش.
ورغم أن هذه الرؤية تنطوي على نوع من الصحة، إلا أنني أرى أن ثمة أسباب أخرى دفعت الأمريكان إلى سحب منظوماتهم المضادة للصواريخ أو بعضها من المنطقة منها ما يلي:-
1- تراجع أهمية المنطقة- منطقة الشرق الأوسط- بالنسبة للولايات المتحدة لأسباب عديدة منها ما يلي:
أ- إن الحماية العسكرية لهذه المنطقة، خاصة حماية الكيان الصهيوني والأنظمة العربية العميلة أصبحت عملية مرهقة للولايات المتحدة، وكذلك حماية الإمدادات النفطية للغرب من تلك المنطقة، فأمريكا ترى أنها تتحمل كلفة هذه الحماية لتلك الإمدادات لضمان وصولها للحلفاء الغربيين بينما هؤلاء الحلفاء لا يقدمون لأميركا ما يستحق أو يكافئ هذه الحماية كما جاء ذلك على لسان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ب- بعد اكتشاف النفط الصخري في الولايات المتحدة أصبحت الأخيرة مصدرة للنفط، حيث تراجعت أهمية المنطقة من الناحية النفطية بالنسبة للولايات المتحدة ولذلك تغيرت النظرة الاستراتيجية للولايات المتحدة التي كانت تحكم العلاقة مع عملائها وتقديم الحماية لهم لقاء بقاء تدفق النفط الرخيص لواشنطن ولذلك فأمريكا باتت ترى أنه غير المنطقي التضحية بدماء الأمريكيين دفاعاً عن هذه الأنظمة وعن ضمان وصول النفط للغرب.
ت- أصبحت القوات الأمريكية وقواعدها في المنطقة ليس غير قادرة على حماية الحلفاء والأدوات وحسب، بل وغير قادرة على حماية نفسها، فقد باتت أهدافاً سهلة لصواريخ ومسيّرات خصوم أمريكا من فصائل المقاومة في العراق وسوريا واليمن وغيرها في ظل انكسار هيبة القوات الأمريكية وتطور أساليب وأسلحة هذه الفصائل خصوصاً أسلحة الصواريخ والمسيّرات، وبالتالي أصبح التواجد الأمريكي عبئاً على الولايات الأمريكية بدلاً من حماية وحراسة المصالح غير الشرعية لأميركا ولحلفائها.
2- الهزائم العسكرية والسياسية المتلاحقة التي منيت بها الولايات المتحدة خلال العشرية المنصرمة، فأمريكا خلال تلك المدة تعرضت لعدة هزائم عسكرية مباشرة وغير مباشرةـ، مباشرة، هُزمت في أفغانستان في مواجهة الشعب الأفغاني ومقاومته وإصراره على طرد الاستعمار الأمريكي، وأيضا هزمت في حرب الإرادات مع إيران على الصعيد العسكري، عبر المناوشات التي حصلت في البحر وعبر إسقاط الطائرة الأمريكية المتطورة في الخليج وتراجع ترامب في اللحظة الأخيرة خوفاً من نشوب حرب غير مضمونة النتائج لأميركا.. وغير مباشرة، عبر الوكلاء والأدوات كهزيمة العدو الصهيوني أمام فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة في حرب الأحد عشر يوماً الأخيرة، وأيضا التحالف السعودي الإماراتي المدعوم من أمريكا والعدو الصهيوني في اليمن، وايضاً هزائم أدوات أمريكا وعملائها على الصعيد السياسي في المنطقة، في ظل تحول نوعي متصاعد في وعي الرأي العام في المنطقة ضد أمريكا وضد عملائها وأدواتها.
3- و قد تزامنت هذه الهزائم العسكرية والسياسية، مع هزائم مدوية للأسلحة الأمريكية حيث تفوقت عليها أسلحة دول صاعدة مثل إيران، والصين وروسيا، ولذلك شكل هذا الأمر فضيحة لمضادات الصواريخ من نوع الباتريوت والثاد والقبة الحديدة في الكيان الصهيوني، حيث أخفقت هذه المنظومات في صد صواريخ المقاومة الفلسطينية وصواريخ انصار الله اليمنية، رغم أن تطورها لا يقارن بتطور ودقة الصواريخ الإيرانية، كما أكد ذلك وزير الدفاع الصهيوني الأسبق ليبرمان. ولذلك بات يشكل وجود هذه المنظومات إحراجا متزايداً للولايات المتحدة وحتى للعدو الصهيوني، فضلاً عن الكلفة المادية والنفسية لإخفاقات هذه المنظومات وتلاشي ثقة الأطراف الدولية، خصوصاً الأدوات والعملاء بالأسلحة الأمريكية وهو ما بات ينعكس سلباً على الصناعات العسكرية الأمريكية.
4- و لعل الأهم من ذلك، هو تراجع القوة الأمريكية على الصعد الداخلية والخارجية، فثمة انهيارات وتداعيات تشهدها الإمبراطورية الأمريكية تشبه إلى حد كبير الأيام الأخيرة للاتحاد السوفيتي، والأيام الأخيرة للإمبراطورية البريطانية، ومثيلتها الإمبراطورية العثمانية، وما إليها.. فهذه الإمبراطوريات عند ما أصبحت على حافة الانهيار قامت بجمع أطرافها لحماية نفسها واطالة عمرها، لكنها في النهاية انتهت إلى النتيجة المعروفة بسبب انهيار منظوماتها الفكرية والأخلاقية مثلما هو حال الإمبراطورية الأمريكية اليوم.
وفي كل الأحوال فأن هذا الانسحاب سوف يترك ظهور السعوديين مكشوفة أمام التحديات والأخطار، كما يؤكد ذلك ان رهان هؤلاء على أمريكا وحمايتها ودعمها هو رهان خاسر بكل المقاييس، فأميركا تتخلي عن عملائها وأدواتها متى ما رأت ان تلك الحماية والدعم تتعارض مع مصالحها!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق