معارضة سعودية تفضح النظام السعودية في منتدى حوكمة الانترنت
على هامش مؤتمر منتدى حوكمة الإنترنت الذي نظمته الأمم المتحدة في "الرياض"، خلال سبتمبر الحالي، كُسِر حاجز الصمت المفروض من "نظام" آل سعود على حرية التعبير عن الآراء الناقدة لسياسة الحكم القائمة في البلاد، وذلك من خلال تسجيل مداخلة عبر الفيديو لناشطة حقوقية في الخارج تعرب فيها عن رفضها لسياسة قمع المعارضة في شبه الجزيرة العربية.
المداخلة سجلتها المعارِضة لينا الهذلول من خلال مشاركتها، عبر الفيديو، على هامش مؤتمر الحوكمة، في حالة نادرة من انتقاد سياسات محمد بن سلمان في قمع المعارضة.
انتقاد رئيسة قسم التواصل في مؤسسة "القسط" لحقوق الإنسان، للسياسة السعودية وُصِفت بـ"اللحظة التاريخية"، ولعلها الفائدة الوحيدة من عقد هكذا مؤتمرات على أرض الجزيرة العربية تحت سيطرة آل سعود.
بدأت الجلسة بدقيقة صمت تقديرا لمنتقدي الحكومة "الذين تم اعتقالهم بشكل تعسفي" في "السعودية" ومختلف دول المنطقة.
وفي حين تم تخصيص مقعد شاغر للهذلول إلى جوار مديري الجلسة مع لافتة تحمل اسمها، أفادت الناشطة، في مداخلتها البعيدة، إنّ "اليوم يمثّل مقعد شاغر صوتي في رمز صارخ للإسكات الذي يواجهه الكثير منا".
وأضافت أنه في السعودية "لا أحد آمن على الإنترنت وحتى ما يُعتبر انتقادا بسيطا يمكن أن يصبح جريمة".
وأشارت لينا الهذلول في كلمتها إلى إجراءات حظر السفر، مفسِّرة لماذا تتحدث عبر الفيديو عوضا عن القدوم شخصيا لبلادها.
وقالت "كنت أتمنى أن انضم لكم بشخصي لكنّ بسبب المخاوف الأمنية وحظر السفر غير القانوني المفروض على عائلتي منذ 2018، يظل ذلك مستحيلا راهنا".
وتعقيبا على المنتدى، قالت جوي شيا ، الباحثة في شؤون "السعودية" في هيومن رايتس ووتش: "لقد انخرطت السلطات السعودية في هجوم مستمر على حرية التعبير عبر الإنترنت، ومع ذلك فهي تستضيف مؤتمراً عالمياً للإنترنت. وإذا كانت الحكومة السعودية جادة حقاً بشأن الحقوق الرقمية، فيتعين على السلطات الإفراج فوراً عن عشرات النشطاء المسجونين بسبب حرية التعبير على الإنترنت".
جلسة النقاش التي عُقدت خلال المؤتمر تناولت معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، وهي أول نص من نوعه للهيئة الأممية، والتي وافقت عليها الدول الأعضاء في آب/أغسطس رغم المعارضة الشديدة من نشطاء حقوق الإنسان الذين حذروا من مخاطر المراقبة المحتملة.
وفي حديثها عن هذه النقطة، قالت لينا الهذلول إن "السعودية" تمثل "قصة تحذيرية" حول كيف يمكن للمعاهدة أن تغذي قمع المعارضة.
وقالت "على مدى السنوات القليلة الماضية، كشفت مراقبتنا وأبحاثنا عن المدى المزعج لجهاز المراقبة في السعودية، سواء عبر الإنترنت أو خارجه".
وأضافت أنّ "المجتمع المدني (في السعودية) لم يعد بوسعه الحديث بشكل مستقل وأولئك الذين يجرؤون على التعبير عما تعتبره الحكومة معارضة يتم إسكاتهم عبر السجن أو ما هو أسوأ".
وقد سجنت "السلطات السعودية"، بناء على ما تسميه "قانون مكافحة الإرهاب"، مئات الناشطين وغيرهم، وحكمت على العشرات منهم بالسجن لفترات طويلة للغاية. يأتي هذا في حين لا يمكن للمنظمات الحقوقية الجزم بأعداد هؤلاء نظرا للتكتم الشديد الذي يحيط بهذه القضايا التي "تُحرج" مندوبي البلاد في المؤتمرات الدولية، مع الانتقادات التي تتعرض لها حكومة بلادهم عليسمح التعريف الواسع للإرهاب باستهداف النقد السلمي.
أمام القوانين المرسومة على مقاس مصالح "النظام"، فإن "قانون مكافحة الإرهاب" يقوّض الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة لأنه يمنح النيابة العامة ورئاسة أمن الدولة سلطة اعتقال واحتجاز الأشخاص ومراقبة اتصالاتهم وبياناتهم المالية وتفتيش ممتلكاتهم ومصادرة الأصول دون إشراف قضائي.
كما ويمنح قانون حماية البيانات الجديد في المملكة العربية السعودية واللوائح التنفيذية لهيئات الحكومة صلاحيات واسعة النطاق للوصول إلى البيانات الشخصية. ويُسمح للكيانات التي تتحكم في البيانات بالكشف عن البيانات لهيئات الدولة بناءً على "أسباب أمنية" غامضة وواسعة النطاق، والتي لم يتم تعريفها في القانون. ولا يبدو أن القانون ينص على أي إشراف مستقل على هذه الصلاحيات الحكومية.
ولا تكتفي "السلطات السعودية" بقمع المعارضة في الداخل، بل تجسست مرارا وتكرارا على مواطنيها من خلال هجمات رقمية مستهدفة المعارضين في دول الاغتراب في اوروبا وأنريكا وكندا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصدرت المحكمة العليا في المملكة المتحدة أمرا يمنح الإذن للمدافع السعودي البارز عن حقوق الإنسان، يحيى عسيري، برفع دعوى ضد الحكومة السعودية لاستخدامها برامج تجسس ضده بين عامي 2018 و2020.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الأحكام الصادرة بسبب منشورات سلمية على مواقع التواصل الاجتماعي كان لها تأثير مخيف للغاية على حرية التعبير داخل "السعودية" وعلى المعارضين الذين يعيشون في الخارج.
ارسال التعليق