الحصاد الأمريكي... بعد تورط الإدارة الأمريكية في باب المندب والبحرين العربي والأحمر !!
[عبد العزيز المكي]
تصاعد التوتر بين أنصار الله من جهة وبين الولايات المتحدة وحليفتها الذيل بريطانيا، في الأيام القليلة الماضية، في جبهة المواجهة البحرية في باب المندب والبحرين العربي والأحمر.. تصاعد التوتر بين الطرفين بشكل لافت، بل بعض الخبراء وصفه بالخطير، بينما الصين حذرت من أن هذا التصعيد يمكن أن يجر المنطقة إلى حرب شاملة، أو إلى حرب عالمية ! إذ رد أنصار الله على العدوان الجوي الأمريكي البريطاني على مواقع عسكرية ومخازن أسلحة لأنصار الله في صنعاء العاصمة ومدن يمنية أخرى، الرد اليمني تمثل باستهداف السفن الأمريكية، وإشعال النيران فيها بالإضافة إلى مواصلة منع السفن المتجهة نحو موانئ فلسطين، وقد استهدفت إحدى السفن الأمريكية التجارية رغم أن أمريكا استخدمت التمويه لتصعيب استهدافها من قبل أنصار الله، بوضعها وسط قافلة من السفن، مكونة من (۱۱) سفينة ، لكن صواريخ أنصار الله استهدفتها رغم تحصنها بهذه السفن، وهو ما أثار استغراب الأمريكيين والبريطانيين و كذلك الخوف لديهم، وأشارت بعض المصادر الأمريكية إلى أن الحوثيين يمتلكون أسلحة فتاكة ومتطورة ... يشار إلى أن بعض المصادر الدولية ومنها الصين قالت إن أنصار الله كانوا قد اشتبكوا مع بارجة حربية أمريكية في البحر الأحمر".
وتساءلت المصادر الصينية حينها ، هل تكتمت أمريكا وبريطانيا على بارجتهما وهل غرفت، ولماذا لم يشيرا إلى ظروف فقدان الجنديين الأمريكيين اللذين أعلن عن فقدانهما، واحتمالات غرقهما في مياه البحر بعد هذه المواجهة جاءت رداً على استهداف طائرات هيليكوبتر الثلاثة زوارق يمنية واستشهاد عشرة من البحرية اليمنية...
على أن التصعيد الأمريكي البريطاني على اليمن جاء على خلفية كذبة أمريكية منصوصة، وهي أن عمليات القصف الأمريكي البريطاني لمواقع تابعة لأنصار الله إنما هي لحماية الملاحة الدولية في البحرين العربي والأحمر ! بينما أكد أنصار الله مراراً وتكراراً، أنهم لا يستهدفون الملاحة في هذه الممرات، إنما يستهدفون منع السفن التي تتعامل مع العدو الصهيوني حتى يتوقف عدوان الأخير على غزة وتتوقف مجازره البشعة بحق أبناء القطاع التي تتزايد ضحاياها من الشهداء والجرحى والمشردين بلا مأوى يوماً بعد آخر !!
إن تلاحق الضربات اليمنية للسفن الأمريكية، فضلاً عن السفن المتجهة للموانئ الصهيونية لها عدة دلالات ومعطيات استراتيجية في غاية الأهمية نذكر منها ما يلي:-
١ - سقوط الهيبة الأمريكية، فلم تتعرض القوة الأمريكية المتغطرسة في العالم ، يوما إلى هذا المستوى من التحدي والإرادة والتصميم على إلحاق اكبر هزيمة عسكرية واقتصادية بها، مثلما تتعرض اليوم على أيدي أنصار الله وعلى أيدي أبناء المقاومة العراقية فلا يمر يوم خلال الفترة الأخيرة، إلا وتتعرض به القواعد العسكرية غير المشروعة في العراق وسوريا إلى ضربات أبناء المقاومة العراقية، كما أصبحت القواعد الأمريكية والسفن والبوارج الأمريكية في باب المندب والبحرين العربي والأحمر أهدافاً لأبناء المقاومة اليمنية (أنصار الله بعد ما دخلت أمريكا في مواجهة عسكرية فهم في الآونة الأخيرة.
2۔ إن الولايات المتحدة وبريطانيا أرادتا من خلال قصف بعض المدن اليمنية، نقل المواجهة مع الحوثيين من البحر إلى عمق الأراضي والمدن اليمنية وتكريس معادلة ردع تحد من عمليات أنصار الله التي تستهدف السفن المتجهة نحو الموانئي الصهيونية، وهذا ما أكده جوزيف بايدن وعدد من المسؤولين الأمريكيين، إذ قالوا إن قصفهم لمناطق أنصار الله يستهدف إضعاف قدرتهم العسكرية على ضرب السفن الصهيونية أو المتجهة لموانئ العدو.... لكن بدلاً من أن يكرس الاميركان معادلة الردع هذه كرس أنصار الله معادلة استراتيجية جديدة في البحرين الأحمر والعربي وفي باب المندب باستهداف السفن الأمريكية، وما نتج من تداعيات تكريس قناعة أو معادلة مفادها أن أميركا بعد العدوان على اليمن، ليس أنها باتت غير قادرة على حماية السفن الصهيونية أو السفن المبحرة لموانئ العدو فحسب، بل باتت غير قادرة على حماية سفنها الأمر الذي تسبب في شماتة بعض الدول بأميركا، وفي انزعاج بعض الأوساط السياسية والعسكرية وحتى الإعلامية الأمريكية وانتقادها صراحة لتورط بايدن في محاربة أنصار الله نيابة عن العدو الصهيوني ولحماية سفنه! وما عزز هذه الانتقادات هو مسرح بعض عمليات أنصار الله ضد السفن الأمريكية، فأمريكا استهدفت محافظة الحديدة لتقويض فاعلية القوة البحرية اليمنية، فجاء الرد الحوثي باستهداف السفينة الأمريكية في خليج عدن ما يعني ذلك أن رسالة أنصار الله لديهم من القوة ما يستهدفون بها السفن الأمريكية من أي مكان أو نقطة من اليمن وفي آية نقطة تتواجد فيها هذه السفن، وهذا يعنى بدوره، أن أمريكا عليها أن تزرع عمل مساحة البحرين العربي والأحمر وباب المندب، وخليج عدن وما إلى ذلك بالبوارج الحربية والسفن المقاتلة وهذا من سابع المستحيلات تحقيقه، مایؤكد تكريس المعادلة المشار إليها وإظهار وكشف العجز الأمريكي أمام ضربات أنصار الله.. وكانت صحيفة وول ستريت جورناك قد نقلت يوم ٢٠٢٤/١٤ عن خبيرة مكافحة الإرهاب في معهد امريكان إنتربرايز، كاثرين زيميرمان قولها إن "الحكومة الأمريكية تفاجأت في بعض الأحيان بالقدرات العسكرية للحوثيين" مضيفة أنه " من المحتمل أن المخابرات الأمريكية لا تعرف مكان تخزين العديد من أسلحة الحوثيين...
3- من الناحية الاستراتيجية أن أمريكا وحليفتها بريطانيا هزمتا عسكرياً أمام أنصار الله، فحملاتها الجوية رغم كثافتها واستهدافاتها لمواقع مدنية وعسكرية حوثية بحسب زعمهما، إلا إنها لم تحد من ضربات أنصار الله للسفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية، ليس في البحرين العربي والأحمر وحسب بل امتدت إلى خليج عدن وحتى كتابة هذه السطور ارتفع عدد السفن الأمريكية المستهدفة والتي أصيبت إصابة مباشرة إلى آربع سفن ولذلك أمريكا نفسها أقرت بهذه الهزيمة، جاء ذلك في قيام الإدارة الأمريكية بامر سفنها بعدم الاقتراب من الساحل اليمني .. في السياق ذاته أكد المحلل العسكري الروسي أندريه مارتيانوف في حوار مرئي أجراه معه حساب قواعد جديدة للجغرافيا السياسية، أن الولايات المتحدة تتجه نحو الكارثة في اليمن.. وقال "إن إدارة بايدن فشلت في عملية حارس الازدهار" منذ البداية ووصف إعلان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، هذا التحالف العسكري في البحر الأحمر، بأنه فضيحة كشفت عن المستوى العميق في الخلل الوظيفي داخل البنتاغون وتوقع هذا المحلل الروسي هزيمة مدوية لاستراتيجية أمريكا البحرية في مواجهة الحوثيين، مشيراً إلى أن أمام أمريكا خيار وحيد وهو الحرب البرية وهذه صعبة جداً وبايدن لا يريد قوافل التوابيت تنهال وتتسابق نحو أمريكا ..
من جهتها الأوساط الإعلامية الأمريكية والبريطانية انتقدت الإدارتين الأمريكية والبريطانية على حربهما على أنصار الله واتهمتهما بسوء التقدير وعدم أخذ العبر التاريخية ، في إشارة إلى الهزائم التي منيت بها قوى عسكرية ضاربة ومتفوقة تسليحياً على اليمنيين، حيث تمكن اليمنيون من إلحاق الهزائم العسكرية بهذه القوى وقالت تلك الأوساط، أن العدوان الأمريكي البريطاني سيكون مصيره الهزيمة المحققة فعلى سبیل المثال قالت مجلة التايم الأمريكية في تحليل لها حول الغارات الأمريكية البريطانية على الحوثيين، مؤكدة أن هذه الغارات لم تؤثر على الحوثيين حيث نجحوا في إحراج القوتين البحرينيتين الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر، بصواريخهم وطائراتهم المسيرة، بينما لم تؤد الحملات الجوية إلى فك الحصار البحري عن الكيان الصهيوني وذكرت المجلة الادارتين الامريكية والبريطانية بإخفاقات السعودية والإمارات في مواجهتها العدوانية مع الحوثيين على مدى تسع سنوات للاعتبار منها .. وقالت المجلة: نجح الحوثيون في إخضاع الشحن العالمي بفضل إتقانهم لتكنولوجيا الطائرات دون طيار : وقد وقع الهجوم الأكثر تعقيداً حتى الآن في 9 يناير عندما أطلقوا ١٨ طائرة دون طيار، وصاروخي كروز، وصاروخ باليستي مضاد للسفن، اعترضته القوات الأمريكية والبريطانية .. بالطبع استهدف هذا الهجوم بارجة حربية أمريكية.
استطراداً اعترف مستشار الرئيس الإماراتي الدكتور عبد الخالق عبد الله في تدوينه على منصة X تويتر سابقاً بأن حركة أنصار الله عصية على الهجمات الأمريكية التي تشنها الولايات المتحدة بمشاركة بريطانيا منذ أكثر من أسبوع على اليمن، تحت غطاء حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر الأحمر.. وقال عبد الخالق لا لم تتمكن 25 ألف هجوم لطائرات دول التحالف العربي من إضعاف الحوثي في اليمن، وتساءل ما الذي يمكن أن تفعله ٢٥ ضربة أمريكية تأديبية ضد جماعة انقلابية وظلامية " ( على حد قوله وزعمه.. وقد اعتبر المراقبون هذا التصريح بمثابة اعتراف ضمني بفشل التحالف الذي تقوده السعودية على اليمن منذ تسع سنوات. واللافت أن الرئيس الأميركي بايدن هو الآخر، بعد ان كان يروج ويصرح بأن قصف الحوثيين سوف يشل من قدرتهم على ضرب السفن ، عاد واعترف مؤخرا ... بأن الضربات الجوية التي يشنها الجيش الأميركي لا توقف هجمات الحوثين » . وهذا ما أكده الباحث اللبناني في الشؤون الاستراتيجية الدكتور علي حمية، بأن ما قام به اليمن وضع الأمريكي في ضياع استراتيجي وكسر المعادلة في مواجهة التحالف الثلاثي الأمريكي والبريطاني والصهيوني، وأوضح الدكتور حمية في مداخلة مع قناة المسيرة اليمنية ان اليمن غير خريطة العالم وان الأمريكي كان آتياً لتغيير المعالم الجغرافية والتاريخية والاقتصادية في العالم. وأشار إلى أن اليمن وضع حدا لهذا التغيير وجعل الأمريكي يفكر مرتين بأنه إذا ما استكمل الحرب والعدوان ضد اليمن سيخسر كل مصالحة في منطقة الشرق الأوسط.
4- فشلت الولايات المتحدة، في إضفاء أية مشروعية على عملها العدواني على اليمن، من خلال تشكيل تحالف دولي، فقد تخلى عنها اقرب حلفائها العرب ، السعودية والأمارات، فضلا عن حلفائها الغربيين الذين أعربوا وأعلنوا عن معارضتهم لمواجهة الحوثيين عسكريا ومنهم فرنسا واسبانيا، باستثناء بريطانيا المعروفة بأنها. ذيل الولايات المتحدة، وللإشارة أن أمريكا عندما شكلت تحالفا دوليا لضرب العراق أفغانستان جمعت أكثر من خمسين دولة معها !! بينما في التشكيل الحالي لم تنجح في استقطاب شريك يعتد به غير بريطانيا بالإضافة الى عدد صغير من الدول البائسة، بينها البحرين ما يعني ذلك انها فقدت هيبتها و تأييد حلفائها لها، وبات ظهرها مكشوفاً.. فالحكومة الايطالية وطبقا لما ذكرته مدونة لزيرو هيدج" المتخصصة في الشؤون المالية حول العالم. لم يكن من الممكن أن تشارك دون مناقشة وتصويت في البرلمان للسماح بالعمل العسكري" وقال نائب رئيس الوزراء الإيطالي مانتو سالفيني، أن ايطاليا لم يكن بإمكانها المشاركة في مثل هذه المهمة لأن الدستور لا يسمح بإعمال حرب دون مناقشة في البرلمان لکن مصدراً حكومياً قال إن روما طلب منها المشاركة لكنها رفضت لأنها تفضل سياسة التهدئة " وفقا لما نقلته وكالة رويترز. أما فرنسا فأنها استبعدت العمل العسكري المشترك مع أمريكا وبريطانيا ضد الحوثيين في اليمن وقال الأميرال الفرنسي، إيمانويل سلاوي إنه على الرغم من أن البحرية الفرنسية تنشط في حماية السفن الفرنسية بالبحر الأحمر، ألا أن التفويض الحالي لباريس لا يشمل ضرب جماعة أنصار الله بشكل مباشر. وفي اسبانيا، أكدت وزيرة الدفاع ، ماجريتار وبلز أن اسبانيا لن تشارك في أي عملية عسكرية ضد اليمن، وقالت أن ذلك يشمل رفض المشاركة في عملية الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر». وهكذا بالنسبة لبقية الدول الغربية : ويأتي هذا الإخفاق الأمريكي في تحشيد الأوربيين لأسباب عديدة منها:
أولا: انكشاف كذب الدعاية الأمريكية فأنصار الله لا يهددون الملاحة الدولية، إنما فقط المرتبطة بالعدو الصهيوني.
وثانيا: ظهور الولايات المتحدة كدولة مارقة لا تحترم القوانين الدولية وتتصرف وفقاً لمصالحها ومصالح الكيان الصهيوني على حساب مصالح العالم.
وثالثا: عدم تأثير الضربات الأمريكية والبريطانية لمواقع أنصار الله، إنما جاءت بنتائج عكسية تماماً.
ورابعاً: إخفاق الولايات في حماية لا السفن التجارية الصهيونية، ولا السفن التجارية والعسكرية الأمريكية والبريطانية، كما أشرنا في الأسطر الماضية ولأن أمريكا ظلت لوحدها وبريطانيا، تراجعت عن أهدافها المعلنة، وقالت انها لا تريد الحرب مع أنصار الله وظلت ترسل الوسطاء وعرض المشاريع على أنصار الله ومن هذه المشاريع ما هو مغري، لكن أنصار الله رفضوا كل هذه الوساطات والمشاريع المغرية واصروا على موقفهم حتى تتوقف الحرب العدوانية الصهيونية على غزة.
5- بعد عدوان أمريكا على اليمن ، أصبحت كل المصالح الامريكية والقواعد العسكرية الأمريكية معرضة للاستهداف والتدمير طبقاً لما أعلنه أنصار الله، ذلك ما عرض بايدن إلى انتقادات شديدة من قبل بعض الأوساط الأمريكية.. فعلى سبيل المثال يقول الباحث الامريكي برانكو ماركيتيك في مقاله التحليلي الذي نشرته مجلة جاكو بين التي مقرها نيويورك يقول ( كان بإمكان بايدن استخدام نفوذه على "إسرائيل" لوقف حرب غزة، حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ويمكن وقف الهجمات اليمنية حينذاك، لكن بدلاً من ذلك اختار بايدن التصعيد مع اليمن، الأمر الذي رفع حالة التصعيد في المنطقة كلها ورفع احتمالات تعرض المصالح الأمريكية والبريطانية فضلا عن الصهيونية، إلى الخطر وبشكل كبير !! في انتقاد لاذع لإقدام بايدين على التصعيد مع اليمن .. وحتى هذه اللحظة ما زالت تفاعيل التورط الأمريكي في اليمن تنذر بنتائج وخيمة و تداعيات خطيرة على أمريكا وحلفائها في المنطقة!!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق