الجانب المظلم من الترويج للسعودية كدولة تقدمية ومنفتحة
سلطت أوساط حقوقية الضوء على الجانب المظلم من الترويج للسعودية كدولة تقدمية ومنفتحة في محاولة مفضوحة لحجب انتهاكات حقوق الإنسان والتعسف بالعمال المهاجرين.
مع إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم استضافة المملكة كأس العالم 2034، وفي ظل محاولتها تعزيز حضورها الدولي على ساحة الأحداث الرياضية الكبرى، يظهر تجاهل متعمد لانتهاكات حقوق الإنسان التي من المتوقع أن تتزايد خلال التحضيرات لاستضافة هذا الحدث العالمي.
وتستخدم السعودية استضافة كأس العالم لتعزيز صورتها الدولية، محاولةً تقديم نفسها كدولة تقدمية ومنفتحة، وعمدت الفيفا إلى قبول الطلب على الرغم من كون الملف الذي قدمته السعودية لاستضافة كأس العالم تجاهل المعايير الواجبة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأبرزت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن حقوق العمال المهاجرين، من أبرز الملفات إثارة للقلق مع تجاهل الانتهاكات التي تطالهم، والمخاوف من انتهاكات إضافية خلال فترة التحضير للبنية التحتية اللازمة لاستضافة كأس العالم.
وتشير التقديرات إلى أن العمال المهاجرين يشكلون أكثر من 30% من السكان في السعودية، وهم يعملون في قطاعات حيوية مثل البناء والخدمات.
وعلى الرغم من التغييرات التي شهدتها القوانين، لا زالت السعودية تطبق نظام الكفالة في العديد من المهن ما يمنح أرباب العمل سيطرة شاملة على حياة العمال المهاجرين، بما في ذلك سحب جوازات السفر وفرض قيود على حريتهم في مغادرة البلاد.
وهذه الآليات تعد انتهاكًا لحقوق العمال الأساسية وتتعارض مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة العمل الجبري.
إضافة إلى ذلك، فإن التحضيرات لكأس العالم تتطلب مشاريع بنية تحتية ضخمة، مثل بناء الملاعب والفنادق وتحسين المواصلات. في ظل النظام الحالي، هناك مخاوف من تعرض العمال المهاجرين للاستغلال خلال تنفيذ هذه المشاريع، وذلك في ظل انعدام وجود مجتمع مدني او منظمات حقوقية أو نقابات عمالية ما يمنع أي نوع من انواع الرقابة أو المسائلة.
يضاف ذلك إلى الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في السجون، حيث يشير التوثيق إلى انتهاكات جسيمة بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة والحرمان من الحق في الدفاع الكافي عن النفس.
ومنذ بداية 2024، أعدمت السعودية أكثر من 100 أجنبي معظمهم من العمال على الرغم من الشوائب التي من المتوقع أن تكون اعترت محاكماتهم.
قصة أحمد عبد المجيد:
أمضى أحمد عبد المجيد، وهو عامل هندي، أربعة عقود في السعودية، حيث عمل في شركة “سيرا” للسفر. مع التغييرات الإدارية في الشركة بعد حملة “مكافحة الفساد” التي قادها ولي العهد محمد بن سلمان وبعد سيطرته عليها، تعرض لسلسلة من الانتهاكات، بينها سحب جواز سفره ومنعه من العودة إلى بلده، إجباره على العمل دون أجر لسداد ديون لا علاقة له بها.
لاحقا، تم ابتزاز عبد المجيد بدفع مبلغ مالي كبير مقابل منحه الحق في مغادرة السعودية ما دفعه إلى بيع ممتلكات عائلته لتغطية هذه الديون تحت التهديد بالسجن.
تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن هذه الممارسات تتعارض هذه الممارسات مع اتفاقية العمل الجبري رقم 29 واتفاقية إلغاء العمل الجبري رقم 105 لمنظمة العمل الدولية، والتي تعتبر السعودية طرفًا فيها، كما أنها تنتهك مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد على حق الأفراد في حرية التنقل والعمل تحت ظروف لائقة.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الاتحاد العالمي لكرة القدم تجاهل موضوع حقوق الإنسان في السعودية في قبوله استضافتها كأس العالم، وعلى رأسه حقوق العمال. وتعتبر أنه لا يمكن التعويل على أي وعود رسمية أو رقابة في الداخل مع انعدام أي دور للمجتمع المدني ومعاداة للمنظمات الحقوقية.
وتعتبر المنظمة أن عدم الاستجابة لطلبات أحمد المجيد وأسرته بالتحقيق فيما حصل معه والتعويض عن خسارته يظهر استحالة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وخاصة مع استمرار تطبيق نظام الكفالة.
وتؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن قصة عبد المجيد وآلاف العمال الأجانب يجب أن تذكر العالم بالتحديات الحقيقية التي تواجه حقوق الإنسان في السعودية بعيدا عن محاولات تحييد هذه الواقع عن صورة السعودية.
ارسال التعليق