السعودية...وعملية توازن الردع الثالثة اليمنية...الرسائل والأبعاد الاستراتيجية
[عبد العزيز المكي]
رداً على الجريمة النكراء الأخيرة وليس الآخرة، التي ارتكبها الطيران السعودي الإماراتي في الجوف وراح ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء اليمنيين لا لذنب سوى أنهم تجمعوا حول حطام طائرة التورنيدو السعودية الساقطة، التي أسقطتها دفاعات الحوثيين.. ورداً على التصعيد العسكري لقوات ما يسمى بالتحالف السعودي، ورداً على المماطلة والتسويف السعوديين في التعاطي والاستخفاف بالدم اليمني، والمراوغة بإنهاء الحرب وإقامة السلام في اليمن...
رداً على هذه الجرائم وغيرها نفذ اليمنيون في عصر يوم الجمعة الموافق 22/2/2020 عملية توازن الردع الثالثة، استهدفت منشآت أرامكو ومواقع حساسة أخرى في مدينة ينبع السعودية الواقعة على البحر الأحمر والتي تقع على بعد أكثر من 1000كم من أقرب نقطة يمنية من الحدود مع المملكة السعودية، وذلك بـ 12 طائرة مسيرة، وبصاروخين مجنحين من نوع قدس، وبصاروخ ذو الفقار الباليستي بعيد المدى، طبقاً لما أعلنه المتحدث باسم الجيش اليمني العميد يحيي سريع، والذي قال، إن هذه الطائرات المسيرة والصواريخ أصابت أهدافها بدقة والحقت خسائر فادحة، واعترف نظام ال سعود بها، لكنه كعادته قلل من أهميتها كما فعل في عملية توازن الردع الثانية التي استهدفت منشآت أرامكو في بقيق وخريص، وتبين فيما بعد أنها أصابت أهدافها، ولم تستطع منظومات الباتريوت الأمريكية المنصوبة لحماية هذه المنشآت من الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية المغيرة على هذه المنشآت، والتي أوقفت في حينها نصف الانتاج السعودي من النفط أي بمعدل أكثر من خمسة ملايين من مجموع الإنتاج اليومي البالغ عشرة ملايين ونصف برميل نفط..
يبد أن نظام ال سعود اعترف بفداحة الضربة الجديدة ولكن على لسان بعض المعلقين والمحللين السعوديين، والمرتزقة اليمنيين الموالين لهذا النظام.. فالمتحدث باسم قوات ((التحالف السعودي)) العقيد الركن تركي المالكي وفي سياق تعليقه على عملية الحوثيين قال: " أنه إذا لم يضع المجتمع الدولي النظام الإيراني والحرس الثوري تحت المسؤولية القانونية، ومخالفة القانون الدولي والقرار 2231، فسيستمر الحوثيون في إطلاق صواريخهم الباليستية وكذلك الطائرات والقوارب السريعة المفخخة، في تهديد لأمن وسلامة اليمنيين، ودول الجوار وحرية الملاحة والتجارة العالمية " على حد قوله، وذلك يعكس شدة تأثيرات هذه العملية وفتكها بأهدافها مما اضطر هذا المتحدث إلى الإدعاء بأنها إيرانية في محاولة لتقليل تأثيراتها النفسية على قوات التحالف البربري وعلى الداخل السعودي أن ينسبها للحوثيين، الذين هم من طورها وأنتجها..
وفي السياق ذاته، وكإشارة على التخبط والارتباك السعودي من هذه العملية الجديدة شن الناشط والمغرد السعودي ثامر الشمري هجوماً شديداً على دولة الإمارات متهماً إياها بأنها وراء الاقتصاد المتردي للمملكة السعودية، بالقول في تغريدة له "الإمارات جلبت للسعودية الدمار" وأضاف "ان الإمارات داعم للحوثي بصواريخ يقصف بها شركة آرامكو"! على حد زعمه.
وإذ لم تكن عملية توازن الردع الثالثة، من ناحية الأيلام والخسائر لنظام ال سعود، بمستوى عملية توازن الردع الثانية التي استهدفت منشآت أرامكو في بقيق وخريص كما أشرنا، الّا أنها تفوقها من حيث الرسائل والابعاد الاستراتيجية، والتي نشير الى بعضها بما يلي:
1ـ ان تتزامن هذه العملية مع زيارة وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو الأخيرة للسعودية، فهذا ما ضاعف من أهميتها العسكرية والسياسية والأمنية بغض النظر عن الأضرار التي الحقتها بمنشآت أرامكو، فبومبيو الذي زار وتفقد قاعدة سلطان الامريكية في الرياض، تعهد للسعوديين بحماية بلاده لهم من التهديد "الأيراني" مجدداً تعهدات رئيسه دونالد ترامب السابقة، كما نشرت وزارة الخارجية الامريكية حول هذه الزيارة بياناً جاء فيه: "زيارة بومبيو الى قاعدة الأمير سلطان الجوية ومنظومة باتريوت المحاذية تبرز العلاقة الأمنية الأمريكية السعودية طويلة الأمد وتؤكد مجدداً تصميم أمريكا على الوقوف مع السعودية في مواجهة السلوك الايراني "الخبيث "، وبهذه المنظومات سنقوم بمهمة حماية السعودية من أي هجمات مستقبلة ". ما يعني ذلك ان عملية توازن الردع الثالثة، تعتبر رسالة واضحة لنظام ال سعود، ولاميركا نفسها مفادها، ان ضربات الحوثيين تطال النظام ومؤسساته النفطية والحساسة، ولا يمكن أن تحميه أمريكا منهم، لا منظومة باتريوتها ولا القوات الاضافية التي جلبتها أمريكا إلى السعودية بعد عملية توازن الرعب الثانية، والتي في حينها تعهد ترامب بأن هذه القوات أرسلت لحماية السعودية، أما الرسالة الى أمريكا، فهي رسالة تحدي بأن الحوثيون ماضون في تطوير اسلحتهم والحاق الهزيمة بالاسلحة الأمريكية، ومنها اختراق منظوماتهم المضادة للصواريخ والطائرات، فالعملية جاءت لتثبت لبومبيو ان بلاده عاجزة عن حماية السعودية وان تحججه بالكلام عن الحماية، واستعراض العضلات الأمريكية لحلب المزيد من الأموال السعودية، يبقى في دائرة هذا الحلب، والابتزاز الامريكي للأموال السعودية، واموال بقية الدول العربية الخليجية ليس اكثر.
2ــ عملية توازن الردع الثالثة، هي رسالة غير مباشرة لكل من الامارات الشريك الثاني في التحالف، ولبعض الدول الاوروبية سيما فرنسا التي ما زالت تمد نظام ال سعود بالاسلحة والصواريخ الفتاكة التي يستخدمها في قتل أبناء الشعب اليمني الأبرياء، وفي تخريب وتدمير بنية بلادهم التحتية وغير التحتية! للامارات، مفادها ان اليد الطولى للحوثيين قادرة على الوصول الى أبوظبي ودبي وغيرها من بقية المناطق الإماراتية، ان ظل محمد بن زايد يراوغ ويخادع بالادعاء انه إنسحب من اليمن، فيما بعض قواته ومرتزقته من الشركات الامنية الصهيونية والامريكية، ومن العملاء اليمنيين يحشدون ويدججون أنفسهم بالاسلحة في الساحل الغربي استعداداً لشن هجوم مباغت على ميناء الحديدة، العملية اليمنية جاءت لتؤكد لبن زايد أن عليه ان يأخذ التحذير بجدية، والّا فأن المسيرات والصواريخ المجنحة والبالستية التي قطعت مسافة حوالي 1400كم من انطلاقها في صنعاء وحتى وصولها الى منشآت ينبع السعودية لهي قادرة على الوصول الى أبعد مركز استراتيجي واقتصادي حيويي في الامارات. أما بالنسبة للدول الغربية، فعليها أن تضع في حساباتها، ان مصالحها وسفنها الحربية في باب المندب والبحر الأحمر وفي خليج عدن، ستكون أهدافاً مشروعة للشعب اليمني، ان ظلت تمد نظام ال سعود بالأسلحة والمعدات الحربية، خاصة وان الكثير من المنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني في تلك الدول تطالب الحكومات الغربية باستمرار، بوقف مد نظام ال سعود بالأسلحة لارتكابه المجازر تلو المجازر البشعة والمروعة بحق أبناء الشعب اليمني المظلوم، ولفرضه الحصار الظالم على هذا الشعب منذ بدء العدوان، قبل ست سنوات وحتى اليوم !!
3ـ عملية ينبع جاءت لتصحيح فهم نظام ال سعود الخاطئ لمبادرة السلام التي تقدم بها رئيس المجلس حكومة صنعاء "محمد المشاط" بعيد عمليتي خريص وبقيق، فالظاهر ان نظام ال سعود إعتقد ان تقدم الحوثيين بهذه المبادرة، مؤشر ضعيف على كل الأصعدة، سيما العسكرية والاقتصادية، ولذلك بدلاً من أن يستجيب هذا النظام لهذه المبادرة ويستفيد من هذه الفرصة التأريخية، راح يماطل ويسوّف الوقت من أجل الاستفادة من هذا الوقت في الاعداد والاستعداد لجولة جديدة من المعارك، ظناً منه أنه سوف ينتصر وفعلاً حشد قواته ومرتزقته ونزل بكل ثقله، وشن هجوماً ضخماً على جبهة منهم القريبة من صنعاء العاصمة، وبغطاء ناري من الطيران المقاتلات ومن الدبابات الزاحفة والعربات وناقلات الجند المدرعة والمتطورة، بهدف التقدم نحو صنعاء والسيطرة على العاصمة والحاق الهزيمة العسكرية بالحوثيين!! لكن ما ان إنجلى دخان المعركة الضارية التي استمرت محتدمة وحامية الوطيس، بين قوات "التحالف السعودي" المهاجمة وبين الحوثيين وحلفائهم من الجيش اليمني، حتى تبين ان القوات الغازية مُنيت بهزيمة عسكرية ساحقة حيث قتل منها المئات واسر الألوف ومثلهم من الجرحى، فضلاً عن الغنائم من المعدات العسكرية من الدبابات والمدرعات والمدافع الامريكية المتطورة وهي تعد بالعشرات، فيما حرر اليمنيين المئات من الكيلومترات المربعة وسيطروا على فرضة نهم ووصلوا الى الحزم مركز محافظة الجوف، وتمددوا نحو مشارف محافظة مأرب، حيث أطلق اليمنيين على هذه المعركة الفاصلة بعملية " البنيان المرصوص " في اشارة واضحة الى صمودهم وثباتهم أمام هجوم العدوان ودحره وتحقيق كل هذه النتائج العسكرية الباهرة، ثم جاءت عملية توازن الردع الثالثة لتعزز وتؤكد باليقين وبالعين المجردة، أن جماعة الحوثي من ناحية القوة العسكرية عدة وعديداً، ومن ناحية الصمود والالتفاف الشعبي، هم أقوى من بداية العدوان، بل ان قوتهم ورغم كل هذه الحصارات الظالمة يزدادون قوة ومناعة وصموداً، وتطويراً للسلاح الذي من الواضح، انه قلب موازين المعارك لصالحهم بوجه عدوان وبلطجة ال سعودي. وبالتالي فأن استخدام الصاروخ الباليستي ذوالفقار مع الطائرات المسيرة وصواريخ القدس المجنحة يدخل في هذا الأطار أيضاً، ليفهم نظام ال سعودي ان اليمنيين يطورون اسلحتهم باستمرار ويفاجئون عدوهم بسلاح جديد اكثر تطوراً، فقد فاجأ هذا الصاروخ نظام ال سعود، وهم لم يفيقوا بعد من صدمة الصاروخ الجديد اسقط طائرتهم المتطورة المقاتلة من طراز تورنيدو، بعد إدخال الحوثيين لمنظومة صواريخ مضادة للجو جديدة ومن صنع يمني، ان نظام ال سعود استوعب كل هذه الرسائل، واذا ظل غيباً فالعملية توازن الردع الرابعة ستأتي اكثر إيلاماً ووجعاً لهذا النظام الفاشل والمهزوم وبناءاً على ذلك يمكن القول، ان عملية توازن الردع الثالثة، هي بالاحرى رسالة سلام، لان هز وعي هذا النظام البائس وايقاظه من غطرسته وعنجهيته، سوف يوضح له الصورة جلية بأن بات أمامه أحد طريقين لا ثالث لهما، فأما ان يواصل العدوان، وحينها سيمنى بالهزائم المتتالية، وبسقوط المزيد من القتلى من جيشه والمرتزقة وبلطجيته، واحتمال خسران مدن باكملها، لأن استمرار هذا العدوان بات في غير صالح نظام ال سعود وباعتراف أسياد النظام الامريكان والصهاينة وحتى الغربيين وذلك في ضوء قراراتهم المستمرة لمعطيات العدوان الميدانية وعلى وقع الهزائم والانكسارات المتتالية للعدوان في جبهات القتال.. أما الطريق الآخر، فهو الجنوح للعقل وحفظ ما تبقى من ماء الوجه والتفاوض مع اليمنيين، لحل الأزمة اليمنية حلاً مرضياً لكل الأطراف. ويبدو ان قراءة الحوثيين لمواقف وتصرفات نظام ال سعود توحي بل تؤكد ان هذا النظام يواصل سياساته الخاطئة، الأمر الذي ينذر بتلقيه الكثير من الضربات المؤلمة والمؤثرة جداً حتى على مستقبله السياسي.
4ـ عملية توازن الردع الثالثة جاءت بعد نشر اليونان لمنظوماته المتطورة من الباتريوت المضادة للجو على الأراضي السعودية وفي المناطق الحيوية والحساسة مثل منشآت أرامكو، حيث استعان نظام ال سعود بهذه المنظومات بعد عجز المنظومات التي إشتراها من المصانع الأمريكية، ويفترض ان النظام لجأ الى تلك المنظومة اليونانية باعتبارها اكثر تطوراً من مثيلاتها السعوديات، ولذلك، وكما قالت المصادر اليونانية ان النظام السعودي صرف أو أنفق عشرات بل مئات الملايين من الدولارات، كلفة نشر هذه المنظومات وطواقمها من الجيش اليوناني، ولكن صواريخ ومسيّرات الحوثيين أصابت أهدافها بدقة في ينبع رغم انتشار هذه المنظومات الجديدة التابعة للجيش اليوناني، ما يعني ذلك التطور الذي حققه اليمنيين في صناعاتهم العسكرية المتنامية، وذلك ما يشكل أيضاً رسالة لنظام ال سعود بأنه مهما سعى للاستعانة باسلحة متطورة أخرى، فأن ذلك لا يحميه من ضرباتهم، وهذا ما اعترفت به وما زالت تعترف به حتى الأوساط الغربية نفسها.. ففي هذا السياق كتبت صحيفة الاندبندنت البريطانية في 23/2/2020 تعليقاً على عرض الحوثيين لاربع منظومات جديدة مضادة للجو، وهي ثاقب 1،2،3 وفاطر جاء فيه.. " ان امريكا والغرب يسعون لاطالة امد الحرب على اليمن من أجل الربح من وراء بيع الاسلحة للتحالف". وأشارت الصحيفة البريطانية الى : " ان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تواصل إفلاسها الأخلاقي باستمرار تقديم الاسلحة للتحالف من أجل الحرب التي يؤدي استمرارها الى نتائج عكسية من الناحية الاستراتيجية." وأوضحت الصحيفة البريطانية : " ان القدرات العسكرية لقوات صنعاء صارت أفضل مع استمرار الحرب، وأصبحت تشكل تهديداً أمنياً اكثر خطورة على المملكة والامارات اللتان يحكمها محمد بن سلمان ومحمد بن زايد ". وتابعت الصحيفة قائلة: " أن قوات الحوثيين تزودت مؤخراً باسلحة وتدريب عالي الكفاءة ومنخفض الكلفة وبات بأمكانها إغراق السعودية في صراع طويل الأمد وإثارة والنزاع فيه غير مجدي فهو على عكس أفغانستان والعراق لا تربطهُ حدود طبيعية مع ايران ليكون للأخير دور حيوي في دعمه كحامية للمسلمين الشيعة". وأشارت الصحيفة البريطانية الى التطور المضطرد الذي طرأ على سلاح الحوثيين مؤخراً، والذي بات يشكل خطراً على دول العدوان بحسب قولها.
أما الابعاد الاستراتيجية لهذه العملية، فهي كثيرة كما كانت لعملية توازن الردع الثانية، نذكر منها ما يلي:
أولاً: إن اعتراف نظام ال سعود بأنه رصد إنطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من صنعاء، يسقط نظرياته ونظريات اسياده الامريكان والصهاينة القائلة ان هذه الصواريخ والطائرات اطلقتها ايران من الجنوب الايراني أو من الاراضي العراقية، في محاولة لانكار تطور الاسلحة اليمنية، والتقليل من شأن القدرات اليمنية، كما فعلوا ذلك في عملية توازن الردع الثانية التي ضربت منشآت أرامكو في بقيق وخريص، أما الاعتراف السعودي في هذه المرة، فهو اعتراف بالقدرات العسكرية للحوثيين وبالتالي فأن المردود النفسي على نظام ال سعود سيكون كبيراً ومؤثراً، بل وعلى الداخل السعودي، وهو ما اتضح من خلال تعليقات المواطنين في السعودية، والتي جاء أكثرها تهكمياً وشامتاً وساخراً من النظام الذي فتح أبواب خزائنه للأمريكان وللغربيين لعقد صفقات شراء الأسلحة المتطورة والمعقدة بينما فتكت أسلحة الحوثيين منخفضة الكلفة بمنشآته النفطية والحيوية دون ان يكون لهذه الأسلحة المتطورة أي دور في حمايته من الأسلحة اليمنية !
ثانياً: وكما فعلت ضربات عملية توازن الردع الثانية، فان عملية ينبع أيضاً فعلت فعلها في هروب الاستثمارات الخارجية من مملكة آل سعود، وهذا ما أشارت اليه الاوساط الاعلامية الغربية أو بعضها، فنظام ال سعود كما يعلم الجميع انه بذل مساعي كبيرة بعد ضربة بقيق وخريص، من أجل طمأنة المستثمرين الأجانب، ومنها أي تلك المساعي جلب المزيد من القوات الامريكية، بمعية منظومات باتريوت وثاد اكثر تطوراً، ومنظمات يونانية كما أشرنا، ما يعني اخفاق كل تلكم المنظومات، مضاعفة القلق والخوف عند المستثمرين الأجانب وحتى عند مستثمري الداخل السعودي، ما يؤثر على التنمية وعلى البناء في هذا البلد.
ثالثاً: الأكثر من ذلك ان استهداف ينبع له أبعاد استراتيجية فائقة مقارنة مع بفيق وهجرت خريص، مع ما لهذه المواقع من أهمية استراتيجية كبيرة أيضاً، فينبع كما أشرنا انها تبعد عن صنعاء 1400 كم، وكما قلنا ذلك يشير الى دقة الصواريخ اليمنية ومسيرات الحوثيين، وجعل كل هداف الحيوية في المملكة والامارات تحت طائلة هذه الاسلحة، هذا اولاً، وثانياً، ان استهداف المنشآت في هذا الميناء السعودي يعني تهديداً مباشراً لصادرات النفط السعودية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، على عكس ما كان يتوقعه وآل سعود وأسيادهم الامريكان ان هذا الطريق يشكل ضماناً لتدفق نفط ال سعود الى الغرب وامريكا ان أقدمت ايران على سد مضيق هرمز، وثالثاً، ان ينبع تعتبر مركزاً تجارياً وصناعياً وسياحياً، وبالتالي ان استهدافه سوف يؤدي الى شل كل هذا النشاط التجاري والاقتصادي والسياحي الذي يعول عليه نظام ال سعود، سيما محمد بن سلمان نفسه الذي يعتبر ان ما تحققه المملكة من دخول ماليه، بفعل هذا النشاط يعتبر مدخلا بل مرتكزاً أساسياً لتحقيق رؤيته لـ 2030م، بحسب زعمه، الأمر الذي يؤشر بوضوح إلى الأيلام الشديد لبن سلمان تحديداً، الذي تركته عمليات توازن الردع الثالثة.
رابعاً: ان عمليات توازن الردع الثانية والثالثة وتطور اسلحة الحوثيين المضادة للجو.. كل ذلك وغيره فرض معادلة جديدة في العدوان على اليمن، وهي ان الاستقرار والأمن والسلام في السعودية، يقابله وضع مماثل في اليمن، والعكس صحيح، ومعادلة أخرى فرضتها هذه العمليات العابرة للحدود، وهي انه مقابل قتل المدنيين اليمنيين العزل وتخريب البنى التحتية لليمن، عقاب نظام ال سعود، بتدمير مؤسساته ومنشآته الحيوية النفطية وغير النفطية.. وذلك ما شكل نكبة لنظام ال سعود، والتي أي هذه النكبة ستترك آثاراً متفاعلة على المديات المتوسطة والبعيدة على الداخل السعودي، والتي من شأنها تقويض الاستقرار السياسي للنظام نفسه وبدون شك.
ارسال التعليق