.ال سعود والكيان الإسرائيلي.. مشروع متكامل والراعي واحد
[حسن العمري]
* حسن العمري
احراج الصحفيين للمتحدث بأسم وزارة الخارجية الأمريكي "ماثيو ميلر" قبل أيام بخصوص، هل ستطالب واشنطن تل أبيب بدفع تكاليف إعادة إعمار غزة، كما تطالب روسيا بدفع تكاليف الأضرار في أوكرانيا ؟!، ليجيبه الأخير بشكل محرج وغير متوقع بتاتاً قائلا: أن "دولا في المنطقة (السعودية والإمارات وقطر) ستتكفل بإعادة إعمار قطاع غزة وفق الاتفاق الذي جرى بين إدارة بايدن وتلك الحكومات قبل شهرين".. أكد مرة اخرى على ما كنا نكتبه مسبقاً من أن القرار الخليجي ليس بيد حكامها بل بيد الكابوي راعي البقر كما وصفها الرئيس الأمريكي السابق "ترامب"، وكما أكده ثعلب السياسية البريطانية الصهيوني الماكر "تشرشل" لأول رئيس للكيان الاسرائيلي "حاييم وايزمان" كما جاء في كتاب مذكراته.رد "ميلر" المفاجئ للصحفي بقوله "إن السياسة التي علينا انتهاجها تتمثل في المسار الذي طرحه وزير الخارجية أنتوني بلينكن بعد جولته الخليجية في هذا الاطار، والتي تفضي الى إعادة إعمار غزة ويجنبنا السؤال الذي تطرحه على الطاولة (تحمّل إسرائيل مسؤولية إعادة الإعمار)".. هو تأكيد لما قاله من قبل رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي " بنيامين نتنياهو" من إن "إعادة إعمار قطاع غزة سيتم تمويله من قبل السعودية والإمارات وقطر"، وذلك خلال مشاركة نتنياهو في جلسة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، التي هاجم خلالها اتفاقيات أوسلو قائلا: "كانت أكبر خطأ ارتكبته إسرائيل"- وفق ما نشرته وسائل إعلام عبرية قبل أكثر من شهر."الإدارة الأمريكية وخمس دول دول عربية هي السعودية وقطر والإمارات بجانب مصر والأردن ستعمل على استكمال خطة مفصلة وشاملة لتحقيق سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين ووضع جدول زمني لإقامة دولة فلسطينية" - وفق ما اعلنه البيت الأبيض مؤخراً، حيث يشمل هذا القرار سلطة أبو مازن على قطاع غزة بغية إعادة الإعمار من قبل الدول الخليجية الثلاثة المعنية ما يعني ذلك أن الهدف هو الانقضاض بالكامل على المقاومة الفلسطينية وإخضاع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية الى رغبة الكيان الاسرائيلي بما تسمى "دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتحت وصاية الدول الخمس المذكورة) على قسم من القطاع وصحراء سيناء المتفق عليه مع الرئيس المصري السيسي.وزيرة المواصلات في حكومة الاحتلال الاسرائيلي "ميري ريجيف" هي الاخرى قدمت شكرها الجزيل لكل من الإمارات والسعودية والأردن على دعمهما ومساعدتهما الكبيرة بمد شريان الحياة لكيانها الغاصب والمحتل عبر نقل البضائع وما يحتاجه قطعان المستوطنين والجيش الاسرائيلي، من ميناء جبل علي الإماراتي الى تل ابيب وحيفا مروراً بالأراضي السعودية والأردنية، حيث وثقت بالصوت والصورة هذه الخيانة الخليجية العربية التي تكلف أرواح عشرات آلاف الأبرياء الفلسطينيين في وضح النهار ودون خجل من حكومات تدعي الشهامة والقومية العربية، مشددة "لولا هذه الخدمات الكبيرة لكان من الصعب على تل أبيب مواصلة الحرب على غزة"!!.الشراكة ووحدة المصير والبقاء بين نظام آل سعود والكيان الاسرائيلي لم تعد خافية على أحد إلا أولئك الذين يصرون على بقائهم أغبياء مطأطئي الرؤوس مصدقي الإعلام الأصفر المغفل لابن سلمان وشبكته العنكبوتية الإلكترونية.. في هذا الوقت ونحن نكتب هذه الكلمات كشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي "إن تل أبيب عرضت طائرة دون طيار في معرض أمني كبير في العاصمة السعودية الرياض، بعد أن استخدمتها للمرة الأولى في الحرب على قطاع غزة". بحسب موقع كيان العدو، فإن المسيّرة من طراز «أوربيتر 4» للمراقبة الاستخباراتية وهي ضمن منظومة "سُحب العاصفة"، التي كانت تعتبر أحد أسرار سلاح الجو الإسرائيلي حتى الآونة الأخيرة، واستخدمت المنظومة خلال الحرب على غزة بشكل كبير في عمليات الاغتيال التي تشهدها غزة ولبنان وسوريا"؛ وكذلك في قصف واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات بقطاع غزة، ما أدى الى مقتل عشرات آلاف الأبرياء غالبيتهم من الأطفال والنساء.جواب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "ميلر" يؤكد أن وجود البلدان الخليجية هو من أجل وجود وبقاء "الكيان الاسرائيلي" ليس إلا، وهو ما ذكره "حاييم وايزمان" أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل، رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية منذ عام 1920 حتى عام 1946.. والذي نقل عن رئيس الوزراء البريطاني "تشرشل" خلال لقائه كل من تشرشل ولويد جورج وبلفور في منزل الأخير في لندن في 21 يوليو/تمّوز عام 1921، وخلال هذا اللقاء قام لويد جورج وبلفور وتشرشل بطمأنة وايزمان «بأنهما سيعملان مع السعودية والأردن على تحقيق موطن لليهود في فلسطين»، ليأتي دور العميل البريطاني عبد العزيز المنصب من قبل الاحتلال البريطاني آنذاك على شبه الجزيرة العربية ليطلق وعده بإنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين" عام 1915 وذلك بعامين قبل وعد بلفور عام 1917.رسالة بخط يد عبدالعزيز الى "برسي كوكس" مندوب بريطانيا في المنطقة آنذاك والتي طالما نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رغم إنكار آل سعود زيفاً وبهتاناً لها، والتي أشرنا لها في مقالات سابقة حيث جاءت نص الرسالة تقول: "أنا السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود أقر وأعترف ألف مرة، للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم وكما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها, حتى تصيح الساعة".. إستناداً لهذه الوثيقة الدامغة يقول الرئيس الاسرائيلي حاييم وايزمن في مذكراته ان تشرشل قال لي خلال توديعي في لندن «أريد أن أرى ابن سعود سيداً على الشرق الأوسط وكبيراً كبر هذا الشرق، على أن يتفق معكم أولاً يا مستر حاييم، ومتى تمّ ذلك يجب عليكم أن تأخذوا منه ما تريدون أخذه.. إنشاء الدولة السعودية هو مشروع بريطانيا الأول… والمشروع الثاني من بعده إنشاء الدولة اليهودية بواسطته»، نقطة على راس سطر.بريطانيا الثعلب العجوز هي من قامت بتأسيس دويلة آل سعود في الجزيرة العربية وتعهدت لعبد العزيز ضمان ودعم العرش لأبنائه وأحفاده جيلاً بعد جيل ليس من أجل عبدالعزيز وقبيلته بل ليكون حصان طروادة لتأسيس ودعم الكيان الاسرائيلي الغاصب على أرض فلسطين المقدسة، وبكل الوسائل المتاحة باعتبار أن بلاد الحرمين الشريفين مركز ثقل العالم الإسلامي والعربي، يسهل عملية خداع ومكر وتضليل الشعوب العربية والاسلامية بفتاوى وعاظ سلاطينها الفجرة المارقة الذين حرموا حتى الدعاء لنصرة المقاومة ضد المحتل الاسرائيلي منذ أكثر من عقد ونيف، وكذلك حرموا حتى التظاهر ضد المجازر البشعة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الأعزل عبر ماكنة القتل والإجرام الصهيوني وبدعم بريطاني أمريكي أوروبي خليجي وعربي خياني بوضح النهار.رئيس الوزراء القطري الأسبق "حمد بن جاسم" كتب في تدوينة له على صفحته المعرّفة على منصة انستغرام يقول: "لقد سمعت، أن بعض دول منطقتنا تعهدت بدفع الأموال لإعادة إعمار قطاع غزة، وتولي إدارة القطاع بعد أن تنتهي الحرب.. المفترض يتحمل تكاليف الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة من تسبب به وهي «إسرائيل»".. وليس بلداننا (البحرين والكويت وقطر والسعودية والإمارات كما ذكرها كبير مستشاري الرئيس بايدن).."التاريخ ليس ببعيد، التنسيق في منزل الأمير الوالد بحضور عربي كامل وكذلك الامين العام للمؤتمر الإسلامي بخصوص الوضع الفلسطيني في الأمم المتحدة يعود نفسه حالياً.. الدول العربية تُغَرَّمَ دوماً، كل تلك التكاليف الهائلة، من دون أن يكون لها أي رأي إلا واجب الدفع، كما حدث ويحدث منذ سنوات طويلة".رئيسة حزب العمل الإسرائيلي "ميراف ميخائيلي"، انتقدت بشدة سياسات نتنياهو ورؤيته لما وصفته بـ"اليوم التالي"، في إشارة إلى مرحلة ما بعد انتهاء العدوان ومشاركة دول عربية ذكرناها آنفاً في إدارة ما تسمى "الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح".. وقالت: "لقد عدت الى حملة لا سلطة فلسطينية ولا دولة فلسطينية. لقد جربتها لفترة طويلة، وربما آمنت بها، لقد فشلت فشلا ذريعا. ولم تقدم أبدا بديلا للدولة الفلسطينية"؛ في إشارة منها أن التنسيق مع البلدان الخليجية المعنية لن يجلب ما يصبوا اليه نتنياهو ومن يدعمه في البيت الأبيض، بل سيصب في صالح المقاومة وسيؤدي الى زعزعة عروش المتعاونين.
ارسال التعليق