رَّقاعة آل سعود بدأت وتنتهي بخيانة قضايا الأمة
[حسن العمري]
ليس من العجب أن نرى قطار التطبيع السعودي مع الكيان الإسرائيلي يسير بسرعة تفوق سرعة الصوت، فهو نابع عن رَّقاعة المتولين له والقائمين عليه، في الوقت الذي يحرص فيه العدو الصهيوني كل الحرص على الخروج بذلك الى العلن وهو يكشف بين الحين والآخر عن علاقاته مع الأسرة السعودية الحاكمة وأخواتها الخليجيات بالعلن كاسراً القواعد التي تمسك بها الطرفان وتبنوها منذ عقود لتبقى سرية، وسط إشغال الشعوب العربية والإسلامية بيافطة القومية ومعاداة الاحتلال الهزيلة الكاذبة.
مسألة التطبيع بين آل سعود والكيان الصهيوني كما ذكرنا في مقال سابق أنها "أكذوبة القرن"، فالعلاقة بين الطرفين قائمة منذ قرن ووجود الكيانيين مرتبط ببعض ولولا وعد الاستعمار البريطاني الخبيث للوبي الصهيوني بإنشاء موطن له على أرض فلسطين المقدسة لما كانت هناك ضرورة على إنشاء الكيان السعودي في بلاد الحرمين الشريفين- وفق ما أوشى به رئيس الوزراء البريطاني "تشرشل" الى حاييم وايزمان أول رئيس للكيان المحتل والتي كشف عنها الأخير في مذكراته.
رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق "إيهود أولمرت" وفي حوار مع موقع "إيلاف" الإلكتروني السعودي قبل أيام، كشف أنه "لديه علاقات واسعة وقائمة مع نظام آل سعود وأفراد الأسرة الحاكمة.. وأن الملك السعودي القادم سيزور تل أبيب فيما سيقوم رئيس الحكومة الإسرائيلية ايضاً بزيارة الرياض.. مشدداً على ضرورة أن تبقى العلاقة بين الطرفين سرية كما كانت قائمة على عهد حكومته (2006 -2009)، ومشيداً بنظام آل سعود خاصة العهد السلماني ودور محمد بن سلمان في دعم وتمرير كل الخطط الإسرائيلية الأمريكية ومنها مشروع "صفقة القرن".
مواقع اللغة العربية تكتب أن "الرَّقاعة" تعني "الحَمَاقة وضعفُ العقل والسَّمَاجة، وتُسْتعملُ فيما ينشأُ عنها من قِلَّة الحياء والصفاقة"، الموجودة جملة وتفصيلاً في السلطة السعودية منذ دويلتهم الأولى وحتى يومنا هذا حيث سلطة سلمان المصاب بالزهايمر العضال ونجله المنفلت والطائش؛ بكل ما فيها من معانٍ وأوصاف بسياسته الإجرامية الوقحة تجاه الداخل السعودي وعلى المستوى الإقليمي والدولي بالحرب على الشقيق اليمن المسالم الفقير ودعمه للجماعات الارهابية التكفيرية وفي مقدمتها "داعش" و"جبهة النصرة"- وفق اعترافات وزير الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة".
وتيرة التطبيع بين الكيان الصهيوني ودول مجلس التعاون أخذت وتيرة متصاعدة نحو العلن منذ مطلع العام الجاري 2020، شملت مجالات مختلفة بما في ذلك السياسية والعسكرية والاقتصادية وحتى الرياضية، وبلغت ذروتها مع موعد الإنتخابات الإسرائيلية في 2 مارس/آذار الماضي دعماً لإعادة تصدي " بنيامين نتن ياهو" حكومة العدو؛ تلك التي بدأت في 19 يناير الماضي بإعلان تل أبيب بناء جناحها بمعرض "إكسبو دبي 2020"... حتى مشاركة رئيس بورصة دبي للماس في فعاليات "أسبوع الماس العالمي" بتل أبيب، تخللتها أحداث اخرى في إطار التقارب مع العدو الصهيوني.
وكالة الأنباء الصهيونية "JTA" كشفت أن وفداً من اللوبي اليهودي (الصهيوني) الأمريكي ضم مسؤولين من "مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى" زار السعودية خلال الفترة القريبة الماضية (الأولى من نوعها منذ أكثر من 25 عاما) وعقد اجتماعات مع مسؤولين سعوديين بارزين، وكذا مع الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وزير العدل السابق "محمد العيسى"، حيث ركزت المفاوضات بين الجانبين على ضرورة الإسراع في التطبيع والإعلان عن إقامة العلاقات بين الرياض وتل أبيب في مختلف المجالات ضماناً لصعود نجل سلمان الى العرش!!.
القناة الإسرائيلية الثانية قالت: إن وزارة الخارجية الأمريكية توجهت بطلب رسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية ونظيرتها السعودية، بتشكيل طواقم للبدء بتطبيق خطة التطبيع لتشمل سائر العواصم العربية الخليجية وفق الخطة التي أعدها وزير المواصلات وشئون الاستخبارات الإسرائيلي والطاقة الذرية "يسرائيل كاتس" ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي "مئير بن شبات"، قائمة على تطبيع العلاقات الاقتصادية والأمنية كبداية لتشمل سائر القطاعات، بعيداً عن التوصل لحل للقضية الفلسطينية.
الشارع العربي والإسلامي تعود سماع أخبار رَّقاعة الأسرة السعودية الحاكمة وخيانتهم لقضايا الأمة على مرور التاريخ، لذا لم يفاجئ بخبر مشاركة وزير العدل في السعودي السابق أمين العام لرابطة العالم الإسلامي “محمد العيسى”، ووزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية “أنور قرقاش” جنباً الى جنب رئيس هيئة الأركان العامة لقوات الاحتلال الصهيوني “بيني غانتس”، في المؤتمر الإفتراضي الذي عقدته “اللجنة اليهوديّة الأمريكيّة” (اللوبي الصهيوني) خلال الفترة (14-18) يونيو/حزيران الجاري، للترويج لفكرة “التعايش مع اليهود”، وكأن المشكلة هي مع الدين اليهودي وليس مع احتلال غاصب يمارس صهيونيَّته البشعة ضد الفلسطينيين من شتى الديانات، ويزرع شروره وأحقاده أينما استطاع في العالم العربي والإسلامي.
لم يعد المراقب والمتتبع للشأن السعودي بل الشارع العربي والإسلامي، يستغراب من سير العلاقات السعوديةـ الصهيونية، خاصة المطلع على ما جناه عبد العزيز آل سعود مؤسس الدويلة الثالثة المعروف بمناصرته للوبي الصهيوني لتمكين الكيان المحتل تشكيل دويلته على أرض قبلة المسلمين الأولى، بإعلانه التنازل عن فلسطين لليهود وتسليمه صكّاً لبريطانيا آنذاك؛ وكل الذي جرى آنذاك ومن بعده وما يحدث هذه الأيام من قيام الرياض بالإعلان المكشوف والمفضوح في العهد السلماني عن بيع القضية الفلسطينية في عملية تمتمة وتتويج لما قام به الجدّ عبد العزيز.
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي “محمد العيسى” سبق وأن كُرم في إجتماعات “اللجنة اليهوديّة الأمريكيّة” التي تعدّ واحدة من الجماعات المناصرة لكيان الاحتلال الصهيونيّ، كما تم تكريمه في 9 يونيو/حزيران الماضي من قبل ما يسمى “حركة مكافحة اللاسامية” وإتحاد “السفارديم” الأمريكي، بجائزة هي الأولى من نوعها بالنسبة لقياديّ مسلم مشارك في ما يطلقون عليه "مكافحة معاداة السامية" هي في الحقيقة حلقة وصل مهمة في مسلسل التطبيع الخليجي الصهيوني؛ كما وأثنى حساب “إسرائيل بالعربية” التابع لوزارة خارجية الاحتلال الصهيوني على تصريحات “العيسى” حول ضرورة التعايش مع تل أبيب، في إطار سعيّ العهد السلماني الحثيث للتطبيع.
رئيس الوزراء القطري الأسبق حمد بن جاسم آل ثاني، كشف في فبراير الماضي وفي سلسلة تغريدات له بحسابه على موقع "تويتر" عن اتفاقية "عدم إعتداء" ستوقعها دول مجلس التعاون الخليجي وكذا مصر والأردن والمغرب مع "إسرائيل"، وتنص الاتفاقية ايضاً على عدم إنضمام أي من طرفي الاتفاق الى ائتلاف أو منظمة أو تحالف مع أي طرف ثالث ذي طابع عسكري أو أمني، أو الترويج له أو مساعدته. في وقت كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن إتصالات مكثفة جرت بين واشنطن وتل أبيب والقاهرة والرياض لتنظيم قمة في القاهرة بين "نتن ياهو"، وولي العهد محمد بن سلمان.
موقع "أفريكا إنتلغنس" المختص بنشر الأخبار الخاصة، أفاد بأن "بن سلمان" طلب من رئيس موريتانيا محمد ولد الغزواني خلال لقائهما في الرياض شباط الماضي، التواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتياهو" وحاول جاهداً لإقناعه بضرورة تفعيل العلاقات مع "تل أبيب"!!... فيا ترى متى سنتخلص من آل سعود ورَّقاعتهم؟؟!!
ارسال التعليق