سيناريو مخيف يواجه معتقلي الرأي بالسعودية
[من الصحافة]
لم يكن يخطر في بال أحد أن توظف المملكة العربية السعودية قنصليتها في إسطنبول، الموجودة بالأصل لخدمة مواطنيها في تركيا، وتسهيل أعمالها الدبلوماسية، إلى مكان للتحقيق والتعذيب حتى الموت لكاتب صحفي معارض. السعودية فعلت ذلك حقاً، واستدرجت قنصليتها الصحفي جمال خاشقجي إلى داخل غرفها، وهناك كان ينتظره فريق اغتيال متخصص لتنفيذ مهمة التحقيق معه وقتله، ونفذ الفريق القتل والتقطيع لجثة الرجل، حسب ما ينقل عن التسريبات الأمنية التركية. ولم تكثرت السلطات السعودية لأي اعتبارات دبلوماسية أو مخاطر من خسارة علاقاتها بتركيا، حين انتقمت من أحد معارضيها خارج أراضيها، فكيف الحال في التعامل مع المعارضين الموجودين داخل سجونها منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى سدة الحكم. ويمثل ما حدث لخاشقجي سيناريو مخيفاً عن كيفية معاملة السلطات السعودية للمعتقلين المعارضين في سجونها بالداخل، وطريقة التحقيق معهم، في ظل عدم وجود أي مظاهر للعدالة القانونية. ولم يكن خاشقجي الأول الذي قتل تحت أيدي محققين سعوديين، فقد سُجل داخل السعودية مقتل المعتقل سليمان الدويش بعد تعذيبه حتى الموت، بسجن مرتبط بـ “الديوان الملكي مباشرة”، حسب ما وثق حساب “معتقلي الرأي” المختص في رصد الاعتقالات داخل السعودية. وقد كشفت تفاصيل مروعة عن طريقة قتل الدويش داخل السجون السعودية من جراء التعذيب، كان أفظعها، وهو سبب وفاته المباشر، إدخال عصا في مؤخرته مراراً حتى فارق الحياة في سجن معروف، ولا يتبع لوزارة الداخلية ولا لرئاسة أمن الدولة، بمعنى أنه سجن سري وخاص، ومرتبط بالديوان الملكي مباشرة!”. وفاة المعتقل الدويش جعلت المؤسسات الحقوقية الدولية تدق ناقوس الخطر تجاه المعتقلين داخل السجون السعودية، إذ طالبوا أكثر من مرة بتوفير محاكمات عادلة لهم، وإطلاق سراحهم فوراً.
وتقطع طريقة قتل واختفاء خاشقجي الشك باليقين حول تأكيدات سلطان العبدلي- وهو محامٍ سعودي سابق- قيام السلطات السعودية بتعذيب معتقلي الرأي بالكهرباء على أماكن حساسة من الجسم خلال التحقيق معهم. وقال العبدلي،“سجنت في المدينة المنورة، ووضعت في زنزانة ضيقة جداً من الرخام وسُلط علي المكيف طوال اليوم وبقي القيد في رجلي ساعات طويلة. ومن وسائل التعذيب في سجن “الرويس” بجدة، قال العبدلي في تغريدة جديدة له: “يتم إطفاء السجائر في صدور الشباب، ولقد رأيت شاباً يثعب (يتدفق منه) دماً قانياً مرة وقد توالى عليه محققون آخر الليل وتفردوا به بالكهرباء والعصي والدوس بالأرجل، ياسادة، أقبية المباحث شيء لايوصف.. دعوا عنكم إهانات النفوس والكرامة وهي أشد وأقسى، وأما الأعراض فحدث ولا حرج”.
ولم تكتفِ السلطات السعودية بالتعذيب والترهيب لمعتقلي الرأي داخل سجونها، بل صعدت تجاههم من خلال إصدار أحكام إعدام بحق الكثير منهم بتهم، مع مواصلة مطالبات النيابة العامة السعودية بإعدام المعتقلين السعوديين في البلاد، بتهم “الإرهاب والتحريض”، وسط محاكمات غير عادلة ولا تخضع للقوانين المتعارف عليها دولياً. آخر هذه المحاكمات كانت للداعية السعودي سلمان العودة، حيث عُقدت له محاكمة “سرية”، يوم الثلاثاء 5 سبتمبر 2018، طالبت فيها النيابة العامة القضاء بـ “قتله تعزيراً”، بعد توجيه 37 تهمة إليه.
ارسال التعليق