قمة الرياض.. قرارات صادمة دفعت الكيان الاسرائيلي لرفع الراية البيضاء!!
[حسن العمري]
* حسن العمري
قمة الرياض وما أدراك ما قمة الرياض العربية الاسلامية غير العادية التي عقدت يوم الأثنين الماضي وخرجت بقرارات صادمة وجهت ضربة قاضية لمخططات الكيان الاسرائيلي واستمراره في جرائم ضد الأبرياء العزل في غزة ولبنان، دفعته لرفع الراية البيضاء استسلاماً واذعاناً منه على المخاوف الجسيمة التي ستصيبه بعد قرار الدول المجتمعة في قمة الرياض العمل على "حشد الدعم لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والكيانات التابعة لها، ومطالبتها كافة الدول بحظر تصدير أو نقل الأسلحة والذخائر الى إسرائيل، الى جانب مطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار "يلزم إسرائيل بوقف سياساتها غير القانونية التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة".. ضربة قاضية أربكت كيان تل أبيب اللقيط ودفعته نحو إحساس الخطورة على وجوده وانتابه الفزع والخوف بشكل كبير.
قمة الرياض التي تميزت بمشاركة رفيعة المستوى من قيادات الدول العربية والإسلامية، وشاركت معظم الدول المؤثّرة على مستوى الرؤساء، دعت وكسابقتها الى وحدة الصف العربي والاسلامي لمواجهة واحتواء تداعيات ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان.. برزت كلمات التي ألقيت فيها نفاق وعمالة وانبطاح وركون وخضوع ونذالة ودعارة غالبية المشاركين فيها، والتي خلت بكل وقاحة ودون استحياء من أي خطوات يمكن أن تغيظ العدو الاسرائيلي وحماته في واشنطن ولندن والعواصم الأوروبية، أو تؤثر عليهم أو تعبر عن توجه جاد وتحرك فعلي، ناهيك عن بعض الكلمات في القمة التي تضمنت عبارات سلبية أو سيئة الى جانب أمتناع الغالبية حتى من دعم صوري للمقاومة في غزة ولبنان التي تبذل الغالي والنفيس من أجل الدفاع عن أراضيها وشعبها والتي تقرها قوانين الأمم المتحدة.
مخرجات قمة الرياض العربية الاسلامية غلبت عليها الصياغات الكلامية والخطابية النفاقية بكل ما للكلمة من معان، مثل المطالبات والمناشدات والتأكيدات والدعوات وإعلان الدعم، في غياب شبه كامل لأي خطوات عملية يفترض أن تضطلع بها القمة التي جمعت قيادات 57 دولة عربية وإسلامية لدعم ومساندة عملية على أرض الواقع لشعبي فلسطين ولبنان وما يتعرضون له من إبادة جماعية ومجازر دموية في كل يوم وساعة ولحظة، فيما راعية القمة منشغلة بمهرجاناتها الداعرة الماجنة الراقصة الخليعة الفاضحة البعيدة كل البعد عن الحياء والأخلاق والتقاليد الاجتماعية ناهيك عن اسلاميتها وأنها بلاد الحرمين الشريفين.
كلمات بمنتهى النفاق والوقاحة أطلقها كبار المشاركين في قمة الرياض العربية الاسلامية تعكس بوضوح الشمس عمالة غالبية المشاركين وخيانتهم لقضية الأمة فلسطين وحتى لأبسط حقوق الانسان، ناهيك عن النخوة العربية والتعاون والتعاضد الإسلامي الفريضة الربانية الأولى على جميع المسلمين.. ولي عهد آل سعود شدد في كلمته بأن "إمعان إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني يعيق جهود السلام.. نجدد رفضنا الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الشقيق.. ندين العمليات العسكرية التي تستهدف أراضي #لبنان ونرفض انتهاك سيادته.. نؤكد ضرورة مواصلة الجهود المشتركة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.."؛ وفي الوقت ذاته كشفت صحيفة “معاريف” العبرية عن مساعٍ السعودية بقيادة محمد بن سلمان نحو إقامة "مكتب ارتباط إسرائيلي في الرياض"، كخطوة أولية تمهيدية لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.
قبل أن يجف حبر قرارات قمة الرياض العربية الاسلامية الهزيلة التي لا تساوي حتى قيمته التي كتبت بها، جاء الرد سريعاً من جانب الكيان الاسرائيلي على لسان وزير المالية "سموتريتش" بأنه "أصدر تعليمات للتحضير لبسط السيادة على الضفة الغربية.. حان الوقت في حقبة ترمب الجديدة لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.. عام 2025 هو عام السيادة على الضفة الغربية.. ليمثل صفعة قوية مدوية بوجه القيادات العربية والاسلامية المنبطحة العميلة رداً على تخرصاتها في القمة.. ذات ما فعله الكيان الاسرائيلي من قبل رداً على المبادرة العربية التي أطلقها ملك آل سعود السابق عبد الله بن عبد العزيز، في "قمة بيروت" عام 2002(مبادرة حل الدولتين) ليأتي رد رئيس وزراء العدو آنذاك شارون سريعاً بقوله "أنها لا تساوي الحبر الذي كتبها".. التاريخ يعيد نفسه.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هو الآخر وبدلاً عن دعم المقاومة وشعبها، دعا متوسلاً الى ضرورة "تنفيذ قرار مجلس الأمن بوقف العدوان الإسرائيلي وإيصال المساعدات لغزة وانسحاب الاحتلال"؛ الى جانب دعمه المقترح الاسرائيلي الامريكي العربي الخياني في السلطة على غزة بقوله "يجب تولي دولة فلسطين مسؤولياتها السيادية وإعادة النازحين إلى بيوتهم قبل إعادة الإعمار".. ليؤكد ما كشف عنه وزير الطاقة الإسرائيلي "إيلي كوهين" سابقاً من أن "أمريكا تتلقى اتصالات من السعودية والإمارات والبحرين والأردن ومصر والمغرب و.. يقولون لواشنطن ادعموا جيشها ونحن ندفع لكم المال لإنهاء المقاومة الفلسطينية، لأن هذا هو الصواب للشرق الأوسط؛ وأننا لن ندفع لإعادة اعمار غزة ما لم تكن تحت سلطة أبو مازن".
قبل يوم من انعقاد قمة الرياض الهزيلة جدد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي في القاهرة، أن "بلاده تعد مسودة مشروع لطرد إسرائيل من الأمم المتحدة"، بسبب رفضها السماح بمرور المساعدات الإنسانية، وارتكاب الإبادة الجماعية في غزة؛ موضحاً أن الخيار الوحيد للتعامل مع دولة ترفض الامتثال لقرارات مجلس الأمن والقرارات الأممية، هو الطرد من الأمم المتحدة".. فيما بيان قمة الرياض دعا الأطراف الدولية الفاعلة الى إطلاق خطة محددة الخطوات والتوقيت لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 1967، والذي سجلت كل من العراق وتونس وإيران تحفظها على ما ورد بشأن "حل الدولتين" لتعارضه مع القوانين الوطنية لهذه الدول التي ترفض الاعتراف بوجود الكيان الاسرائيلي.
الخطوات الدبلوماسية البسيطة المتعارف عليها- مثل سحب السفراء أو طردهم أو التلويح بتجميد العلاقات الدبلوماسية أو قطعها، خاصة من قبل الدول المطبعة والمنبطحة مثل مصر والامارات والبحرين والأردن والمغرب وتركيا التي لها علاقات مع تل أبيب - لم يُؤْتَ على ذكرها في قرارات قمة الرياض لا من قريب ولا من بعيد، ناهيك عن تمكن أمة المليار مسلم بإمكانها استخدام سلاح البترول لوقف العدوان البربري الوحشي على غزة ولبنان.. لكن قياداتها العميلة اكتفت بالترجي من القوى الكبرى وفي مقدمتها أمريكا الراعي والداعم الرئيس عدة وعتاداً ومالاً دعوة "المدلل" الى خفض التصعيد.. بل حتى استُخدمت صياغة فضفاضة في البيان الختامي للقمة الهزيلة، مثل: "دعوة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لممارسة الضغوط الدبلوماسية" على سلطات الاحتلال.
الرئيس المصري السيسي شدد في كلمته بقمة الرياض أن "مستقبل المنطقة والعالم أصبح على مفترق طرق والعدوان على قطاع غزة ولبنان «لم يعد مقبولا».. الشرط الضروري لتحقيق الأمن والاستقرار هو حل الدولتين، وأنه سنقف ضد جميع المخططات التي تستهدف تصفية القضية"؛ ونظامه العميل يرفع هو وملك البندورة الأردني من مستوى التبادل التجاري بين نظاميهما والكيان الاسرائيلي الى مستوى في تأمين ما يحتاجه المستوطن الإسرائيلي فيما ابناء غزة محاصرين ويموتون جوعاً والمساعدات الدولية التي تصل مصر تسرقها القاهرة لتبيعها الى تل ابيب.. ناهيك عن تسهيلات نظام السيسي عبر ميناء الاسكندرية لعبور السفن المحملة بالعتاد العسكري الأمريكي والبريطاني التي رفضت الموانئ الاوروبية تمريرها الى الموانئ الاسرائيلية، ؛ وهو ما أثارته منظمة العفو الدولية بتقرير عن رسو سفينة تحمل أسلحة متجهة "لإسرائيل"، والذي تسبب في ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك رداً على نفي المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، ذلك.
الرئيس التركي أردوغان لم يختلف عن حفنة القيادات العربية المطيعة لراعي البقر.. هو الآخر تشدق كثيرا بدعمه للقضية الفلسطينة وحماس اعلامياً ليطعنهم بخنجر الغدر العثماني المعهود في الظهر أكثر من غيره رغم وحدة العقيدة الإخوانية له مع حماس.. اعتلى منبر قمة الرياض بقوله "يجب عزل إسرائيل دوليا ما لم تنه عدوانها على قطاع غزة ولبنان.. وضعنا قيودا تجارية جديدة على إسرائيل موضع التنفيذ وسنضع المزيد إذا لم توقف عدوانها..".. وحقيقة التقارير الدولية تشير الى نمو كبير في التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب خاصة منذ بدء عملية طوفان الاقصى عام 2023 وحتى يومنا هذا بلغ حوالي 10 مليار دولار- وفق ما نقل موقع بلومبيرغ الأميركي.
الشعب الفلسطيني وشقيقه اللبناني ينتظران من أشقائهم العرب والمسلمين (أقرأ أخوة يوسف)، ترجمة فورية عملية للقرارات والدعوات التي صدرت في قمة الرياض الأخير وما سبقتها العام 2023، وتفعيلا على أرض الواقع لكافة الأدوات المتاحة لفرض وقف العدوان على شعبيهما خاصة غزة، وإغاثته وكسر الحصار عنه، ودعم صمودهم امام الاجرام الدموي الفاحش للكيان الاسرائيلي؛ لا أن تكون "الدعوة لكسر الحصار عن غزة" وإدخال المساعدات لها، فضفاضة لم تشرح آليتها ولم تطرح وسائل تطبيقها ولا كيف سيواجه التعنت "الإسرائيلي" لها والنظام المصري العقبة الاسرائيلية الكأداء في هذا المجال.. كانت أقرب للرغبة والدعوة منه لخطة عملية.
قمة الرياض المسرحية وجهت مطالباتها الى الأمريكي الذي يقدم كل الأسلحة الفتاكة والطائرات المتطورة والقنابل المحرمة دولياً والتي يستخدمها الكيان الاسرائيلي في قتل عشرات الآلاف من أطفال ونساء الشعبين الفلسطيني واللبناني، وهو شريك في كل تلك الجرائم وعدو مبين لهذه الأمة.. الأمريكي يتحرك مؤمنا بالمشروع الصهيوني (من النيل الى الفرات) ويسعى لتنفيذه بكل أدواته وأذرعه العربية الخليجية منها وفي الجوار الفلسطيني.. هذا ما قاله ترامب لمبعوث نتنياهو الخاص وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي "رون ديرمر"، وقمة الرياض تعقد اجتماعاتها الهزيلة- وفق موقع "أكسيوس" الأمريكي.. ثم ما كشفه سفير ترامب الجديد لدى تل أبيب "مايك هاكابي" بإمكانية اتخاذ خطوات لدعم ضم أراضٍ في الضفة الغربية الى كيان الاحتلال، أجاب قائلا "سأعتبر دعم هذا الهدف شرفا عظيما بالنسبة لي"- في حديثه لإذاعة الجيش الإسرائيلي.
ارسال التعليق