مأزق النظام السعودي المتفاقم في اليمن القسم الثاني
[عبد العزيز المكي]
في القسم الأول من هذه المقالة، تعرضنا إلى الوجه الأول من المأزق السعودي في اليمن، الذي قلنا انه بات يزداد تفاقماً وتعقيداً يوماً بعد يوم، وما ينتجه من تحديات للنظام السعودي وأخطار تهدد وجود النظام نفسه، وخلصنا إلى أن التصدع الداخلي في جبهة ما يسمى التحالف، ثم الأطماع الإماراتية في اليمن والدور الذي أنيط بالإمارات من قبل الامريكان والصهاينة، كل ذلك قوض الأحلام السعودية في اليمن، وقلص من النفوذ التاريخي للنظام السعودي وهيمنته على الأوضاع في اليمن، وفيما لا زالت تفاعلات وتداعيات التصدع الداخلي لجبهة التحالف وتفاقم المنافسة والأطماع السعودية الإماراتية في المناطق اليمنية تلقي بظلالها الكثيفة على النظام السعودي وتؤرق استقراره وراحته وتزيد من معاناته واستنزافه المادي والمعنوي، فأن الجانب الآخر من الأزمة او من المأزق السعودي هو الآخر بات أكثر إيلاما، وأشد وطأة على كاهل محمد بن سلمان كما سنرى بعد قليل تفاقم قوة جماعة الحوثي... وهزائم التحالف السعودي العسكرية لعل أخطر تطور تشهده الساحة اليمنية على صعيد المواجهة العسكرية مع الحوثيين، هو انتقال من مرحلة الدفاع عن المحافظات التي يسيطرون عليها وإيقاف القوات الغازية السعودية والإماراتية والسودانية عند حدودها الحالية، والمدعومة أمريكيا وصهيونياً، وبكل أنواع الدعم المالي والعسكري والحصار الجائر، و.و... إلى مرحلة الهجوم وبداية مرحلة الانهيارات في صفوف العدوان وتفككها.
وأن يحدث هذا التحول بعد قرابة الست سنوات من الصمود والثبات فذلك مؤشر كبير لتطورات كبيرة تشهدها جبهة الحوثيين، نشير إلى بعضها بما يلي:-
1ـ على عكس النظام السعودي وبقية قوى العدوان، التي تعتمد على المصانع الأمريكية في تزويدها بالأسلحة المتطورة والفتاكة وتنفق المليارات من الدولارات على شرائها لضرب الشعب اليمني المظلوم بها!! على عكس قوى العدوان، فإن الحوثيين الذين يحاصرهم التحالف السعودي، براً وبحراً وجواً، ومُنعوا من ابتياع قطعة سلاح واحدة!! اعتمدوا على أنفسهم وفجروا طاقاتهم الخلاقة، حيث انبرى شبابهم الواعي والذكي إلى تطوير التصنيع العسكري وطوروا أسلحتهم وصنعوا الأسلحة التي كسرت التوازن العسكري مع قوى التحالف الغازية لصالحهم وألحقت بالأسلحة الأمريكية المتطورة هزيمة كبيرة فصواريخهم البعيدة والقريبة المدى الدقيقة الإصابات ومسيّراتهم الفتاكة أوجعت النظام السعودي وإصابته في مقاتل متعددة، ولقد اعترف حتى سادة بن سلمان وبن زايد الامريكان والصهاينة بالانجازات العسكرية على صعيد التصنيع وإنتاج الأسلحة المتطورة بهذا التحول الهائل في الوضع العسكري للجماعة المحاصرة.
ليس هذا وحسب، وإنما اقترن هذا التطور في التصنيع العسكري مع تطور مماثل على صعيد التكتيك العسكري وفن القيادة العسكرية، ورسم الخطط العسكرية الدقيقة واجتراحها وهو ما شهد لهم الميدان بذلك، حتى أن بعض الخبراء الامريكان اعتبروا هذا التطور في الخبرة والقيادة والتكتيك في إدارة المعارك مع السعوديين وحلفائهم ومرتزقتهم، أحد عوامل انتصارات الجماعة وهزائم قوى التحالف المعتدية بقيادة السعودية.. كما جاء ذلك في تقرير مؤسسة جيمس تاون للأبحاث والتحاليل الأمريكية الشهيرة وذات الصلة بمركز القرار في الولايات المتحدة، الذي أعده مايكل هرتون زميل الشؤون العربية في جيمس تاون، المؤسسة المذكورة، ومما جاء فيه بالصدد المذكور..".. إنهم راهنوا- السعوديون ومرتزقتهم وحلفائهم- على انتصار سريع على الحوثيين لكنهم الآن وبعد أكثر من خمس سنوات فقدوا رهانهم بشكل واضح، واثبت الحوثيون ومن تحالف معهم أنهم قادرون على الصمود والقدرة والإبداع الاستراتيجي والتكتيكي".. ويضيف التقرير معترفاً بقلب الحوثيين المعادلة إلى الهجوم وتحقيق الانتصارات الكاسحة على الخصم.." صمد الحوثيون وحلفاؤهم لخمس سنوات من القصف الجوي والحصار والهجمات على جبهات متعددة من قبل القوات المدعومة من السعودية والامارات. بالإضافة إلى الأموال التي يصرفها التحالف، وخضوع الحوثيين للمراقبة الجوية والأقمار الصناعية، ومع ذلك تفوقوا على التحالف، ولم يضعفوا وإنما أصبحوا في حالة هجوم عبر جبهات متعددة".
وتحدث مايكل هرتون مفصلاً عن الحوثيين وكيف طوروا أساليبهم الحربية ورفعوا كفاءات قياداتهم العسكرية من الجندي حتى القائد الكبير، مقابل تخلف وتراجع خبرات أعداءهم واعتمادهم على قيادات عسكرية هزيلة، وخطط عسكرية هزيلة، مع انعدام الخلاقية والدوافع لمواجهة بأس الحوثيين، لأن أكثرهم من المرتزقة، والدافع الأساسي لهم هو "الأموال"، وحينما تشح هذه الأموال يتقاعس هؤلاء عن القتال ويفرون من ساحة المعركة كالأرانب في أول مواجهة، وكذا الأمر بالنسبة لقياداتهم العسكرية والسياسية القليلة الخبرة، وذلك ما شكل بنظر هرتون عاملاً من عوامل تفكك قوى تحالف العدوان وهزائمها المتلاحقة أمام الحوثيين وتحقيقهم انتصارات جديدة، وفي هذا الإطار خلص هرتون في تقريره إلى القول "إن قدرة الحوثيين على تحدي وهزيمة القوات المتفوقة تكنولوجياً تذكر بأنه، كما جاءك وقال الخبير الاستراتيجي العسكري والطيار المقاتل العقيد جون بويد (الآلات لا تخوض الحروب، التضاريس لا تخوض الحروب، البشر يخوضون الحروب، يجب أن تدخل في عقول البشر، هذا هو المكان الذي يتم فيه كسب المعارك".
2ـ زيادة التفاف الشعب اليمني بكل قبائله وفصائله السياسية وشرائحه الاجتماعية حول الجماعة ورفدهم بالمقاتلين والدعم والصمود.. وفي الواقع أن هذا الالتفاف كان منذ بداية العدوان، غير انه تعاظم بفعل خمسة عوامل مهمة هي:-
أ- اكتشف أبناء الشعب اليمني، خصوصاً الساكن منهم في المناطق التي يسيطر الحوثيين اكتشفوا إن ما يسوقه الإعلام السعودي، والأمريكي وكل إعلام قوى العدوان من تشويه وتخريب لسمعة الحوثيين، كله مزيف وغير صحيح، وقد لمسوا الحقيقة، بين ما يسمعونه ويعيشونه فعلاً.
ب- اكتشف أبناء الشعب اليمني ليس في محافظات الشمال وحسب وإنما في جميع المحافظات اليمنية، أن وطنية الحوثيين ودفاعهم عن استقلال الوطن وقطع دابر الهيمنة السعودية، أمر حقيقي ولا جدال فيه، وما عزز هذه القناعة لدى أبناء الشعب اليمني ليس صدق الجماعة ومصداقيتهم في الممارسات العملية والميدانية في الدفاع عن كرامة الشعب اليمني وعن حرمته وهويته وما إلى ذلك وحسب، وانما انكشاف حقيقة مرتزقة السعودية والأمارات وذلتهم وخضوعهم للسيدين الإماراتي والسعودي، وخيانتهم لبلدهم ولشعبهم ووقوفهم إلى جانب العدو الذي يفتك بأبناء جلدتهم بالطائرات والأسلحة الأمريكية الفتاكة، مقابل حفنة من الدولارات تسلم إليهم بعد وضع "البسطال" الإماراتي والسعودي على رؤوسهم!!
جـ قدم الحوثيين وحلفاؤهم في اليمن إلى جانب أخلاصهم وتفانيهم في الدفاع عن سيادة اليمن حتى الاستشهاد في سبيل ذلك.. قدموا نموذجاً مقبولاً ورائداً للاستقرار والأمن وإدارة الدولة، وتوفير العدالة النسبية وما إلى ذلك، مقارنة بالنموذج الذي قدمه الاحتلال في المدن والمحافظات المحتلة في الجنوب اليمني حيث الفوضى الأمنية والاغتيالات والصراعات الداخلية والنهب والسلب والاعتداء على الأعراض، والخطف وما إلى ذلك مما أصبح ظاهرة عامة وشاملة في نماذج حكم المرتزقة وأسيادهم المحتلين في مدينة عدن وباقي المحافظات الجنوبية، أن بعض أهالي الجنوب بدؤوا يهربون إلى مناطق الحوثيين، طلباً للامان واستقرار العيش هناك!
دـ انكشاف الأهداف الخبيثة للنظامين السعودي والإماراتي وأطماعهما في ثروات اليمن، بشكل لا لبس فيه في ضوء الصراع بين الطرفين وتقاسمها الكعكة اليمنية في الجنوب، فلا شرعية ولا عودة لصنعاء، ولا لإقامة نظام يمني يحظى بتأييد الشعب اليمني، فهذه كلها أثبتت وقائع الحرب وتطوراتها زيفها وبعدها عن الواقع، بل وتبخرها يوماً بعد آخر من قاموس المحتلين، إنما استخدمت لتبرير العدوان واصنفاء المشروعية عليه!!
هـ ـ كل ذلك وغيره ساهم مساهمة فعالة من وعي الشعب اليمني، بل شكل صدمة حتى للمرتزقة المنخرطين مع العدوان ضد بلدهم، ولذلك نراهم بين الحين والآخر، من يستيقظ ضميره ويرجع إلى ذاته فيترك المحتلين ويندم ويؤوب إلى رشده، ومن بين هؤلاء قيادات عسكرية وقبلية كبيرة وصلت إلى صنعاء واصطفت مع الحوثيين في مواجهة المحتلين، وكان آخر قوافل الآئبين إلى أهلهم وناسهم.. وليس أخيريهم، انشقاق كلاً من العقيد إبراهيم محمد حسين الهلاني والمقدم عبد الغني علي ناصر الذعواني من قيادات لواء حفظ السلام بالمنطقة السابعة في جبهات الجدعان عن قوات هادي والانضمام إلى الحوثيين وذلك 4/7/2020، وكان القائد العسكري الكبير العميد الركن عبد الملك الأبيض قد سبقهم في الانشقاق عن قوات هادي المرابطة في الساحل الغربي والوصول إلى صنعاء يوم 1/7/2020، حيث استقبله القيادي البارز في جماعة الحوثي محمد البخيتي بحضور نائب رئيس لجنة المصالحة الوطنية الشيخ على القيسي والدكتور طارق الشامي رئيس الدائرة الإعلامية لحزب المؤتمر وعدد من أعضاء مجلس الشورى، كما سبق هؤلاء للعائدين الكثير من الضباط والقادة ورؤساء قبائل في الفترات الماضية بعدما فتحت صنعاء باب العفو عن الذين يعودون إلى صوابهم والاصطفاف مع شعبهم بوجه العدوان.
كل هذه العوامل وغيرها، قلبت المعادلة، ونقلتها كما قلنا من مرحلة الدفاع والصمود إلى مرحلة الهجوم، ففي هذه المرحلة لاحظنا التطورات المتسارعة والهائلة التي شهدتها ساحات المواجهة بين الحوثيين وقوى التحالف، فلأول مرة تقريباً يتقديم الحوثيين على كل الجبهات تقريباً ويحرزون تقدماً استراتيجياً على صعيد الحرب مع قوى التحالف، دعونا نتوقف مع أهم جبهات هذه المواجهة نظراً لأبعادها الضخمة على العدوان وتطوراته اللاحقة، وهي ما يلي:
1ـ عمليات توازن الردع الرابعة: وهذه العمليات التي تمت بقصف الرياض بأسراب من الطائرات المسيرة ومن الصواريخ المجنحة بعيدة المدى، يوم 23/حزيران/2020، تعتبر من أخطر عمليات الردع للحوثيين ضد آل سعود جرت في العمق السعودي، وأكثرها إيلاما على الإطلاق، حيث استهدفت مواقع عسكرية استراتيجية في الرياض، منها مقرات وزارة الدفاع، والاستخبارات العسكرية وقاعدة سلمان الجوية، وقد تحدث عنها المحللون والإستراتيجيون وكذلك الصحف الغربية كثيراً، وقد تبين أنها قتلت في مقر الاستخبارات 17 ضابطاً سعودياً معظمهم من القادة والطيارين، طبقاً لما كشفه فيما بعد حساب "الردع القطري"، حيث قال هذا الحساب.." انه قتل في مبنى المخابرات بالرياض ليلة أمس- 23 حزيران- ما لا يقل عن 17 ضابطاً وجندياً سعودياً، داخل مبنى المخابرات نتيجة قصف الحوثيين للمبنى ".. وقد تبين لاحقاً أن أكثر هؤلاء الضباط من الأمراء السعوديين، هذا ما أكده المعارض السعودي راشد الدوسري، حيث وصف قصف الحوثيين لمقر الاستخبارات العسكرية السعودية بالرياض بالفاجعة التي ألمت بآل سعود، وقال مخاطباً أبناء شعب المملكة ما نصه.. "بعد الحزن يأتي الفرح.. أزف إليكم موت عدد كبير من أمراء آل سعود بسبب قصف الحوثي اليمني على وزارة الدفاع" وأضاف الدوسري قائلاً: "الخبر أكد مع أنهم متكتمين عليه، الضربة كانت قاصمة! يا رب زد وبارك وانتقم من آل سعود الكفرة الفجرة" بحسب قوله.
ولعل ما يؤكد إيلام هذه الضربة لآل سعود هو الرد الهستيري بقصف صنعاء وصعدة بالطائرات ولأكثر من خمسين غارة في ليلة واحدة بعد عمليات الحوثيين، حيث قيل إن طيارين أمريكان شاركوا في عمليات الرد الجوية السعودية الهمجية التي استهدفت المناطق الآهلة بالسكان ومخازن أغذية ووقود!!
في السياق ذاته اعتبر الخبير العسكري اليمني العميد عابد محمد الثور في تصريحات حول العمليات له لوكالات الإعلام، اعتراف السعودية بأنها اعترضت ثماني طائرات يمنية مسيّرة بأنها دلالة على أن الضربة اليمنية النوعية حققت نتائج الكبيرة وقال العميد عابد محمد: "إن اليمن من خلال عملية توازن الردع الرابعة، كشف حقيقة النظام السعودي وقواته المسلحة والأكذوبة التاريخية التي استمرت لعقود من الزمن، وهي تشتري الأسلحة بمليارات الدولارات، بعدما تم فضح الجيش الأسطوري" وأضاف متهكماً "إن الضربة اليمنية قد مرغت أنف جيش "الكبسة" السعودي بالتراب وأصبح أضحوكة العالم وحديث الشارع والصحافة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي" مشيراً إلى أن الضربة التي طالت وزارة الدفاع في الرياض لهدف استراتيجي حملت بعداً ميدانياً وسياسياً، ودلالة كبيرة على القدرة باستهداف رأس النظام في الجيش وهي وزارة الدفاع السعودية، أن هذه الوزارة واقعة تحت السيطرة الأمريكية ويديرها خبراء أمريكيون وإسرائيليون" وزاد هذا الخبير القول بأن العمليات إضافة إلى أنها أعطت مؤشراً لمرحلة قادمة جديدة في مسار العمليات الهجومية باتجاه أهدافٍ استراتيجية كما حصلت سابقاً باستهداف منشآت أرامكو، فإنها أي تلك العمليات، تعتبر الأولى والوحيدة والأكبر مما سبق باتجاه عسكري، ورسالة للسعودية بأن عملية التوازن وضرب الاقتصاد بات سهلاً وسيتم في المرحلة القادمة ضرب العصب والقوة التي تتباهى بها السعودية"..
وربط هذا الخبير بين العمليات تلك وزيارة رئيس الموساد الصهيوني السرية للرياض بمعنى أن العمليات كانت رسالة اقتدار وتحد يمني للنظام السعودي وللامريكان وللكيان الصهيوني في آن واحد، وهذا ما أكدته فعلاً تحليلات وردود أفعال الصهاينة والأمريكان ومعهم حلفاؤهم الغربيون على تلك العمليات التي جاءت مدينة ومنتقدة لها بشكل صاخب، فيما هي ساكتة عن جرائم النظام السعودي اليومية في اليمن!!
وفي هذا السياق علق مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق لشؤون الدعم الاستراتيجي جيمس فارويل على العمليات معترفاً بإيلام هذه الضربات لآل سعود بشكل غير مباشر بالقول "إن السعوديين سيحاولون الرد على عمليات صنعاء.. لكن هذا لم يعد سهلاً، لأن السعوديين لديهم الكثير من الأهداف التي ستضربها صنعاء، لكن الأمر لا ينطبق على صنعاء، فليس لديها أهداف قيمة" واعترف فارويل بإخفاق السعودية في تحقيق أهدافها في اليمن، وبحماقة محمد بن سلمان في دخول هذه الحرب بالقول: "ان تدخل السعودية في اليمن لم يؤت نتائج طيبة، وان صنعاء تحاول الآن فرض ضغوط كبيرة على السعودية لتعجيل خروجها". معتبراً ان الأذكياء في هذا العالم يترددون كثيراً عن الدخول في مثل هذه الحروب، أي أن بن سلمان أحمق، وبحماقته تورط بهذه الحرب يقول إنها جعلت المواطن في المملكة بعد الضربات الحوثية يشعر بأمن أقل وهذا ليس في صالح ولي العهد السعودي..
وهناك الكثير من المحللين والخبراء من الغربيين والعرب من تحدث عن هذه العمليات وإيلامها ووجعها لبن سلمان، وعن رسائل الإهانة والتحدي له ولأمريكا التي مثلتها بصواريخها وطائراتها المسيّرة الدقيقة والفتاكة، نكتفي بهذا القدر..
2ـ فتنة ياسر العواضي الرمز القبيلي والعضو البارز في حزب المؤتمر الشعبي، فالسعودية أمام إخفاقاتها العسكرية في جبهات القتال، حاولت اختراق الجبهة الداخلية للحوثيين وتفجيرها من الداخل عبر إقناع ياسر العواضي بالانشقاق لأنه يتمتع بتأييد من طيف قبلي واسع في محافظة البيضاء، وكان ما كان من تحشيد وتحريض للعواضي بدعم من السعودية بحجة أن الحوثيين قتلوا امرأة وهي عملية تمت على أيدي عملاء السعودية لإيجاد المبرر لإثارة الفتنة، غير أن الحوثيين أخمدوا فتنة العواضي خلال24 ساعة رغم الدعم السعودي بـ200 غارة جوية على قوات الحوثيين التي هاجمت معاقل العواضي ففر إلى مأرب، ومن ثم طالبته قبائل مأرب بالخروج من مناطقها فقرر الذهاب إلى الأمارات، وبالتالي فأن هذه الفتنة تسببت في خسارة النظام السعودي القبائل التي كانت مخدوعة بالعدوان وتتعاطف معه على خلفية هذا الخداع، حيث اكتشفت أن قوى العدوان هدفها السيطرة على مقدرات اليمن ولا يهمها مصالح الشعب اليمني وشرائحه وقبائله، فتركت هذه القبائل دوائر التردد، والمواقف الرمادية والتحقت بالحوثيين، لترص من صفوفهم وتمنح قواتهم قوة إضافية في مواجهة العدوان ليزدادوا بأساً وصلابة وتحدياً وتسريعاً لتحقيق الانتصارات.
3ـ معركة مأرب المحتدمة حتى كتابة هذه السطور والتي يتقدم نحوها الحوثيين من أربعة محاور، والتقارير حتى يوم 6 تموز 2020 عن تقدم وإطباق على المدينة، وتكبيد لقوات العدوان ومرتزقته بالخسائر الفادحة في الأفراد والقيادات والمعدات ولم تسعف الهجمات الجوية الداعمة لقوات العدوان والمتواصلة منذ احتدام المعركة في هذه الجبهة من تغيير المعادلة أو إيقاف تقدم قوات الحوثيين. وإذا نجح الحوثيين في تحرير مدينة مأرب النفطية الإستراتيجية يكونون قد وجهوا ضربة قاصمة نفسية وعسكرية للعدو السعودي ولسيدته أمريكا، لأن مأرب تشكل أحد أضلاع المثلث النفطي الأسود في اليمن، فيما الجوف وشبوة يشكلان ضلعيه الآخرين، والجوف باتت تحت سيطرة الحوثيين، علماً أن هذا المثلث والسيطرة عليه يعتبر من الأهداف الرئيسية لأمريكا والسعودية في شن العدوان الغاشم والظالم على شعب اليمن..
كل هذه التطورات، كرست قناعة حتى عند أسياد السعوديين وعند السعوديين أنفسهم أنهم خسروا تلك الحرب، وأنهم بات من المستحيل عليهم تحقيق الانتصار فيها وإلحاق الهزيمة بخصمهم الحوثيين، فهذه مؤسسة جيمس تاون الأمريكية التي سبق واشرنا إليها وقلنا أنها قريبة من القرار الأمريكي اعترفت بتقريرها الذي أعده مايكل هرتون بتفوق الحوثيين عسكرياً على العدوان، وقال انه بات من الصعب جداً تحقيق التحالف أي انتصار في هذا العدوان للأسباب التي ذكرها التقرير وأشرنا إلى بعض منها في السطور السابقة، وأضاف، إن هناك جانباً آخراً من العوامل التي منحت الحوثيين القوة والتفوق، وهي في غاية الأهمية والخطورة، وهي بحسب ما جاء في تقرير المؤسسة الأمريكية: "إن اليمنيين في مختلف المذاهب السياسية يحسبون أن الحوثيين فقط هم القادرون على منع القوى الخارجية من تمزيق اليمن.. وآخرون يدعمون الحوثيين لأنهم يوفرون قدراً من الأمن والقدرة على التنبوء، خاصة عند مقارنتهم بجنوب اليمن". من جهتها مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها الذي أصدرته يوم 3 تموز2020 قالت "إن السعودية غير قادرة على الانتصار في هذه الحرب" التي تخوضها في اليمن.. وبعدما اعتبرت المجموعة " مطالبة السعودية بعودة حكومة عبد زربه هادي إلى صنعاء من خلال استسلام الحوثيين بأنه بات أمراً غير واقعي بالمرة"، قالت في تقريرها: "أن التوازن العسكري يميل لصالح الحوثيين". داعية جميع الأطراف إلى حل الأزمة بالتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب. بل إن حتى بعض أزلام ورجالات النظام السعودي اعترفوا بهزيمة بلادهم بشكل غير مباشر وأشاروا إلى عمق المأزق الذي بات نظامهم بقوة في دهاليزه المظلمة والخطيرة، ففي هذا السياق اعترف المهندس سلطان الطيار الدبلوماسي والمستشار السعودي البارز، في تغريدة له على حسابه في صفوف التحالف هي التي أوصلت الأخير هذا الضعف بحسب قوله وقال.. "الحقيقة المرة لولا انحراف البوصلة إلى سقطري والمهرة، ما كان الحوثي بعد كل هذه السنين يقصف الرياض". وبعد تحميله الإمارات مسؤولية ما سماه فتح جبهات جانبية في جنوب اليمن استنزفت جبهة التحالف، اعتبر أن المزاج الشعبي في اليمن تغيّر لصالح الحوثيين وضد التحالف، قائلاً" بينما ينشغل السعوديون والإماراتيون بالأجندات والأطماع الجانبية، يتسع نفوذ الحوثي في اليمن"! وقبل هذه التغريدة كان الطيار قد اعترف بشكل صريح في تغريدة أخرى بالتفاف الشعب اليمني حول الحوثيين، بعد انكشاف الأهداف الاستعمارية للسعوديين والإماراتيين قائلاً: "إن المزاج العام يتغيّر بشكل لافت ضد التحالف الذي كان يراه البعض لاستعادة الشرعية ثم أصبح يعتقد أنه لأخذ الجزر من الشرعية وتسليمها للأمارات مضيفاً "هذا المزاج حقيقة لا يمكن إنكارها" وأردف متساءلاً: "كيف يمكن إقناع الشعب اليمني بان التحالف داعم للشرعية إذا كان يتم الانقلاب عليها في سقطري الآمنة التي لا يوجد فيها حوثي واحد؟" هذا المستشار يؤكد مأزق النظام السعودي وتخبط الأخير في المستنقع اليمني!!
ارسال التعليق