ما قاله اعلام بعض الانظمة العربية البائسة.. وما قاله اعلام الأعداء.. حول الهجوم الإيراني على العدو!!
[عبد العزيز المكي]
رغم ان الهجوم الإيراني بالمسيرات والصواريخ المجنحة والبالستية على العدو ، ثم الرد الصهيوني الهزيل جدًا، مضت عليه فترة من الزمن، الا انه مازال مثار جدل وتحليل في الاوساط الإعلامية والسياسية الغربية، وكذلك في الأوساط الصهيونية، لأن هذا الهجوم كما بات معروفا للقاصي والداني وضع المنطقة في واقع جديد، تغيرّت فيه كل معادلات الصراع مع العدو ومع داعميه وحاميه الاميركان والغربيين، باعتراف الصهاينة وخبرائهم واعلامهم أنفسهم .. فهذا المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي جون بولتن والمعروف بعدائه لايران ولكل ما يرتبط المقاومة قال في تصريحاته لقناة السي ان ان الامريكية في ٢٠٢٤/٤/١٦ أن "الهجوم سيشكل قواعد اشتباك جديدة ويعيد رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة في ظل فشل أمريكا وإسرائيل " وحلفائهما في المنطقة من التصدي له أو حتى الرد عليه .. "واللافت ان الاميركان يصفون الهجوم الإيراني ومازالوا بالهجوم غير المسبوق، ويعد بنظرهم الأول من نوعه منذ تأسيس دولة الاحتلال الصهيوني. كما جاء ذلك على لسان منسق مجلس الأمن القومي الامريكي جون كيريي خلال تصريحات متلفزة حول تأثير الرد الإيراني والهجمات الصاروخية على العدو حيث أقرت قائلا : لم نرَ هذا من قبل". واضاف في حوار مع السي ان ان الامريكية في ٢٠٢٤/٤/١٤: لم نرَ هذا من قبل. لقد كنا نراقب هذا عن كثب قدر الأمكان . هل يمكنني أن اخبرك أننا توقعنا كل طائرة مسيرة وكل صاروخ ؟ على الاغلب لا " . وابدى كيريي اعجابه بالهجوم الايراني من ناحية قوته واتساعه وادارته قائلا: " من المؤكد ان لدينا فكرة جيدة عما كانت ایران تخطط للقيام به". وتابع كيربي قائلا: " أن الضربات الانتقامية التي شنتها ايران على اسرائيل كانت غير مسبوقة حقا من حيث الحجم والنطاق والمدى...".
أما الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست فقد كتب مقالاً مطولاً حول تداعيات الهجوم الإيراني على العدو ومما جاء فيه.. " أرادت طهران إنشاء سابقة تتمثل في قدرتها على ضرب "اسرائيل" مباشرة دون إثارة حرب واسعة النطاق، وأرادت أن تقول للولايات المتحدة ان ايران قوة في الخليج جاءت لتبقى وتسيطر على مضيق هرمز، لقد أرادت أن تقول لكل نظام عربي يتملق "لأسرائيل" أن نفس الشيء يمكن أن يحدث لهم. لم تصل سوى حفنة من الصواريخ إلى هدفها، لكن كل رسالة أرسلوها وصلت، وهكذا كان الهجوم بمثابة نجاح استراتيجي وانتكاسة لسمعة "إسرائيل" باعتبارها الفتى الرئيسي المتنمر في المنطقة"، ويضيف هيرست في مقالة قائلاً..." وعلى نحو مماثل، تجد الولايات المتحدة أن أحد الركائز الرئيسية للسياسة الخارجية ينهار بين يديها للمرة الخامسة خلال ثلاثة عقود من الزمن" في إشارة إلى الكيان الغاصب.. من جهتها وكالة بلومبيرغ الامريكية تحدثت عن الرد الأيراني على الكيان الصهيوني مؤكدة أن طهران أطلقت واحدة من اكبر صليات الصواريخ الباليستية في التاريخ واشارت الوكالة إلى أن " الوابل الصاروخي الايراني أصاب هدفه، وهو النظام الاقليمي ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أننا اليوم بتنا في شرق أوسط كشفه يوم السابع من اكتوبر وتداعياته "مضيفة أنه " سیتم خوض صراع حول مستقبل الشرق الاوسط وسيكون هذا الصراع طويلاً ومتوتراً ووحشيا في بعض الاحيان " . في السياق ذاته نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية مقالا للصحفي ياروسلاف تروفيموف، قال فيه ان الضربة الأيرانية على الاحتلال كانت هائلة بكل المقاييس وقالت الصحيفة ان الهجوم الإيراني خلق واقعاً جديداً في المنطقة .. بدورها صحيفة لوفيغارو الفرنسية اكدت في مقال لها ان فعالية عقيدة الضاحية " انتهت بالفعل بعد الهجوم الإيراني، الذي استهدف اسرائيل ، في إشارة إلى ما تسميه الصحيفة الفرنسية "ردع العدو لخصومه"، ورأت الصحيفة "ان صورة الدولة، التي لا يمكن المساس بها، والتي تحظى بالاحترام لأنها ترهب الآخرين " صارت بدورها بعد الهجوم الذي تعرضت له "اسرائيل" معلقة بخيط رفيع". واكدت لوفيغارو ان اثار هذا الهجوم باتت عميقة وغائرة في جسم الأمن الصهيوني قائلة : " ان "اسرائيل" لم يكن أمنها مهددًا إلى هذا الحد يوماً، منذ إنشائها في عام ١٩٤٨ ، ودعمها بقوة من الولايات المتحدة" . وفي الوقت الذي ركزت فيه الصحيفة الفرنسية على ضعف العدو وتحطيم إيران لهيبته وكبريائه وقوته المصطنعة في المنطقة، اشارت إلى القوة المتصاعدة لايران وتحديها للعدو ولأمريكا، اذ قالت .. بمعزل عن برنامجها النووي، فأن ايران هي القوة العسكرية الأولى في المنطقة، في الخليج، وجيشها هو أحد أقوى الجيوش في المنطقة، من حيث الموارد البشرية والاسلحة، مع ٣٥٠ ألف جندي، ٣٥٠ ألف جندي إحتياطي .. واضافت الصحيفة قائلة : " .. ان الحقيقة غير السارة واضحة منذ بداية الشائعات بشأن تدخلها المحتمل ، لم تظهر ايران أي ضعف، بل على العكس من ذلك أظهرت قوة لا تصدق" .. وتابعت قائلة:" ان الهجوم الإيراني شكل نجاحاً استراتيجيا هائلا من جميع النواحي، وان "اسرائيل" لم تعد وحدها الخائفة بشدة من ايران، بل هناك الغربيون والعواصم العربية التي فهمت الرسالة تماماً ...
على أن الجدل والتعبير عن الخوف من الواقع الجديد الذي أوجده الرد الإيراني على جريمة العدو بضربة قنصلية ايران في دمشق، جاء كبيراً وصريحاً ومتواتراً من الأوساط الصهيونية على صعيد الاعلام والخبراء وحتى السياسيين والعسكرين، ففي هذا السياق، قالت صحيفة معاريف " إن الإيرانيين إنتصروا قبل إرسال صواريخهم وطائراتهم إلى اسرائيل . وفي مقال لها رأت الدكتورة في علم النفس الاجتماعي والباحثة الاسرائيلية في السلوك فى عصر الديجيتال، لير از مرغليت، في تعليق على الرد الايراني على العدو.. ان " انتصار ایران تحقق قبل الهجوم بوقت طويل" وأكدت مرغليت ان ایران لم تفشل ، وان هناك في طهران اشخاص عقلاء عرفوا بالضبط ما الذي كانوا يفعلونه، كانت كل خطوة مخططة جيدًا .. واعتبرت مرغليت ان رد ايران كان له في الاساس ، مغزى رمزي "، لكن في الخلاصة ، إيران لا تريد وهي غير معنية بفتح جبهة لا مع الولايات المتحدة ولا مع أسرائيل ، اذ تعمل ايران وفقاً للقواعد التي تمليها هي، وإنها تفعل ذلك بعقلانية مطلقة، ولا يبقى لنا الا ان نتعلم من اللباقة التي تعمل بها .. وكانت وسائل اعلام عبرية قد قالت أن هجوم ايران ليلة ١٤ أبريل2024 كان الهجوم الاكثر تركيزاً وتنسيقاً من الذخائر الدقيقة (الصواريخ الموجهة) في التاريخ الأمني العالمي (( .. فصحيفة يدعوت احرونوت العبرية اكدت أن الرد الأيراني على اسرائيل كانت ، مهزلة استراتيجية ، بالنسبة إلى كيان الإحتلال وتحدثت الصحيفة عن " فشل استراتيجي منيت به "أسرائيل "بعد الرد الإيراني... يضاف الى ذلك، ان الصحافي الصهيوني رونين بيرغمان المقرب من جهاز الموساد الإسرائيلي، اكد نقلا عن عضو في حكومة الحرب المصغرة، ان الدمار الذي احدثته الصواريخ والمسيرات الأيرانية كان ضخماً جداً، ولو شاهد الأسرائيليون لقطات حية له، لهرب ٤ ملايين منهم فوراً... بدوره المتحدث باسم الجيش الصهيوني دانييل ها غاري قال ان هذه الصواريخ تسببت في أضرار هيكلية لن تعرف أبداً ، لكن الرسالة وصلت الى أسرائيل" مفادها ان إيران لديها القدرة على ضربها وضرب أهدافها من مسافة بعيدة ، دون الحاجة الى الاستعانة بحزب الله أو أنصار الله في اليمن أو حلفائها في العراق ... وفي السياق يقول الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في مقال له في صحيفة ميدل ايست أي البريطانية، ان الرسالة التي وجهتها إيران إلى الولايات المتحدة هي بنفس قوة رسالتها إلى العدو التي اشار اليها المتحدث باسم الجيش الصهيوني دانييل ها غاري .. يقول هيرست الا ايران مستعدة لمهاجمة اسرائيل" بالصواريخ البالستية وتحدي الغرب، بما في ذلك توجيه تحذير مباشر لبايدن، ويمكنهم أن يفعلوا الشئ نفسه ضد أي حليف للولايات المتحدة في منطقة الخليج إيران لا تريد الحرب لكنها قادرة على الرد" . واضاف ديفيد هيرست قائلا : لذا، اذا كانت (ايران) لاتريد الحرب، فأن الرسالة الموجهة إلى الولايات المتحدة هي ان عليها كبح جماع طفلتها المراهقة العنيدة : إسرائيل الطفلة التي دللها والداها لفترة طويلة، وتعتقد أنها تستطيع أن تفعل بالمنطقة ما تريد». واستطراداً اكدت القناة ١٣ الأسرائيلية " أنه لم يسبق أن نفذت دولة في العالم هجوماً كبيراً بهذا الحجم عبر الصواريخ البالستية كما فعلت ايران ، مشيرة الى انه حدث اكبر من أسرائيل".. وبحسب المعلق السياسي في القناة آري شبيط، فأن الخطورة تكمن في امتلاك ایران قدرات دولة عظمى.. ورأى شبيط أن الفرضية السابقة حول إيران، والتي تفيد باعتمادها سياسة الصبر الاستراتيجى، قد تغيرت وانه تبعاً لذلك، يجب أن تكون كل خطوات اسرائيل " محسوبة جداً، مضيفاً: ان اسرائيل ملزمة ببلورة الحلف الغربي العربي الاسرائيلي لأن الحدث اكبر منها ويستوجب توحيد كل القوى .. وكانت صحيفة «اسرائيل هيوم " العبرية قد ذكرت في تقرير ان الهجوم الليلي من إيران هو تذكير صارخ بفقدان الردع الاستراتيجي "لاسرائيل" والولايات المتحدة ، كما انه خلق فرصة لتغيير الوضع الجيوسياسي في الشرق الاوسط واردفت الصحيفة قائلة ان" ایران وضعت نفسها في مواجهة مباشرة مع اسرائيل، وتصرفت بشكل واضح ضد التحذير الرئاسي الامريكي الصريح بعدم التحرك".. هذا غيض من فيض الاعترافات واقرار الأوساط الأمريكية والغربية والصهيونية بان الهجوم قلب الموازين وغير المعادلات في المنطقة لصالح المقاومة والأمة، إذ حقق انجازات كثر ذكرها الكتاب والمحللون ومنها ان ايران
1- حسمت الردع الاقليمي لصالحها وصالح المقاومة
2- كشفت ضعف العدو وضعف امريكا والغرب
3- تطور اسلحة ايران ومنافستها لاسلحة القوى العظمى
4- تعميق وتعزيز الظاهرة ترك المستوطنين للارض المحتلة، نحو الولايات المتحدة والدول الغربية للاستقرار فيها
5- تأكيد ان العدو الذي تريده أمريكا حاميا للدول المطبعة غير قادر على حماية نفسه.
6- تعزيز ثقة الشعوب العربية بالقضاء على العدو، وانهاء يأسها وهزيمتها النفسية.
7- كشف عمالة بعض الأنظمة العربية وخيانتها لقضايا الأمة
واللافت انه رغم كل هذه الحقائق وهذه الاعترافات للصهاينة والغربيين والاميركان وجدنا ان هناك من المطبعين العرب - المقصود الانظمة - من اعتبر الهجوم الأيراني عبارة عن "مسرحية" أو جري في إطار توافق اسرائيلي ايراني أمريكي، أو ان السلاح الإيراني سلاح بدائي".. وما الى ذلك من الاعتبارات والتوصيفات المسيئة. للهجوم ولايران ولاسلحتها ولكل فصائل المقاومة، لدرجة ان الامر وصل بقناة العربية السعودية لأن تنشر تحليلاً زعمت فيه أن الهجوم الإيراني على اسرائيل كشف أن الأخيرة لإتزال هي القوة العسكرية العظمى في المنطقة العربية تقول هذا على الرغم من ان الاميركان والغربيين والصهاينة أنفسهم او بعضهم يقرون بأن أسرائيل دولة "لا تستطيع حماية نفسها ، وان كل السلاح الأمريكي والغربي المنتشر في المنطقة هو من عمل على التصدي للهجوم الايراني، بالاضافة الى الأردن وحتى السعودية نفسها، ومع ذلك بالرغم من كل هذا الاستنفار العسكري لحماية العدو، فأنه فشل - اي هذا التصدي - في وقف الصواريخ الإيرانية من الوصول إلى أهدافها .. ففي تقرير لها تقول صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية الشهيرة ، ان نطاق الهجوم الإيراني يجعله من بين اكبر الهجمات التي شوهدت في الحروب الحديثة واشارت الى ان قدرة اسرائيل على الدفاع عن نفسها من دون مساعدة خارجية باتت سؤالا مفتوحاً. ما جاء في قناة العربية السعودية، هو مثال لماجاء في وسائل الاعلام السعودية الاخرى ، ونظيرتها الاردنية والاماراتية، وفي كل الدول العربية المطبعة والمتعاطفة مع العدو والمتامرة على القضية الفلسطينية، وقد انبرى الكثير من الكتاب المحللين العرب وغير العرب للرد على هؤلاء ولذلك نكتفى بهذا القدر، وفقط نشير بشكل سريع الى دوافع هذا الانحياز للعدو ومحاولة تضليل الأمة وحجب الحقيقة عنها فما هي دوافع هذا التضليل ؟ هناك الكثير. لكننا نشير فقط إلى مايلي :
1- للتغطية على خيانة هذه الانظمة للشعب الفلسطيني وانحيازها للكيان الصهيوني، وهذا ما إتضح من خلال وقوف تلك الانظمة صفاً الى جانب امريكا تدافع عن العدو، في مواجهة المسيرات والصواريخ الإيرانية لدرجة أن المسؤولين الصهاينة أثنوا على هذه الدول وعلى دفاعها عن كيان الاحتلال!! 2- لتبرير تقاعسها وخيانتها أمام شعوبها التي تغلي غضباً وتحركاً نصرة للفلسطينيين فهذا التقاعس جعلها موضع تساؤل أمام هذه الشعوب !! -3- للتغطية على عمالتها للولايات المتحدة، فهذه الانظمة رغم انها تدعي الاستقلال الا أنها في الواقع ادوات بيد السيدين الامريكي والصهيوني وهذا ما تأكد ميدانياً من خلال وقوف هذه الانظمة تدافع عن العدو الى جانب الغرب والولايات المتحدة بعد الهجوم الإيراني.
4- محاولة لمنع هذا الانتصار من التأثير على الأمة وعلى الشعوب العربية بالذات لانه عزز الأمل لديها بالتخلص من العدو وعزز القناعة لديها بذلك، ويرد اليأسس والاحباط الذي كانت هذه الانظمة بعمالتها وهزيمتها أمام العدو قد كرسته في واقع الأمة.
٥ - للتغطية على مشاركة هذه الانظمة في الدفاع عن الكيان الصهيوني،لأن هذه المشاركة فضحت الانظمة من ناحية خيانتها و عمالتها لاميركا وللعدو الصهيوني فهذه الفضيحة جعلتها مكشوفة تماما أمام الشعوب ولعل ما حصل في الساحة الأردنية خير دليل على ذلك.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق