"مشروع سلام" بوابة سعودية نحو التطبيع الوقح لايفقهها السذج
[حسن العمري]
* حسن العمري
دشنت السعودية قبل ايام منصة (رابطة خريجي سلام) ضمن "مشروع سلام للتواصل الحضاري"، والتي تهدف الى مواصلة دعم وتمكين خريجي "برامج سلام" لتفعيل دورهم في المشاركة بالمحافل الدولية وذلك بعد استكمال أربع نسخ من برنامج تأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي، تخرّج منه (240) شاباً وشابة، شاركوا في أكثر من (110) محفل دولي في (36) دولة، شملت (5) قارات بواقع (500) ساعة دولية، حيث تم تقديم أكثر من (20) ورشة عمل دولية بواقع (11) تعاوناً دولياً- وفق المشرف العام على المنصة فيصل بن معمر، مشيراً الى إقامة زيارات ميدانية لاطلاع الآخرين على حقيقة جهود ومنجزات المملكة الحضارية ولقاءات التواصل بهدف تحقيق المعرفة والتعارف بأبعاد التنوع والمشتركات الإنسانية بين أبناء الثقافات الأخرى.
محمد بن سلمان ركب موجة سلام "للتواصل الحضاري" الذي تم تأسيسه عام 2015، ليعمل ضمن تحقيق رؤية السعودية 2030 التي يسعى لتحقيقها بكل الوسائل تلك الرؤية التي أكد قسم كبير من المراقبين والخبراء على أنها "ولدت ميتة" فيما أرعن سلمان يواصل المضي بها بإهدار عشرات المليارات من بيت المال العام ما تسبب في تدني وتدهور الوضع الاقتصادي لأكبر بلد مصدر للبترول في العالم، فباتت نسب الفقر والبطالة تتصاعد بشكل مخيف ومهول بين طبقات المجتمع السعودي سحقت بموجبه الطبقة المتوسطة وبات الفاصل بين طبقة الأغنياء والفقراء يتسع شرخاً أكثر فأكثر يوماً بعد آخر، شاغلاً الشارع السعودي بالبحث في المزابل عن قوته اليومي ليتسنى له المضي قدماً في مشاريعه ومنها التطبيع الوقح مع الكيان الاسرائيلي المحتل.
المدير التنفيذي لمشروع سلام للتواصل الحضاري الدكتور فهد السلطان، شدد أن المشروع يهدف الى دراسة وتحليل واقع الصورة الذهنية للسعودية، وإبراز مظاهر التعايش والتسامح والتواصل الحضاري، وتقديم المنجز الحضاري والتنموي الذي حققته السعودية.. مضيفاً: أن "سلام" يمثل منصة هادفة ومفيدة للحوار والتواصل المفتوح والتفاهم الإيجابي بين السعوديين وغيرهم من المجتمعات للتعرف على المشتركات الإنسانية والثقافية بين الجميع، وفتح باب الحوار حول القضايا التي لا تكون واضحة لدى المجتمعات والثقافات الأخرى، وقد تؤثر على الصورة الذهنية لدى أفراد تلك المجتمعات.. وأن مشروع سلام يهدف الى تعليم السعوديين احترام ثقافات الشعوب الأخرى وأنماط حياتها ومعتقداتها، وتبادل الأفكار ومناقشة الآراء بشفافية وموضوعية و...
علينا أن نتوقف هنا عند هذه الشعارات الملونة الخاوية من المحتوى على الصعيد الداخلي في البلاد حيث منهجية التكفير الوهابي السعودي لا تزال تحكم المجتمع وتقسمه الى "معي وضدي" رغم ان جميع الشعب مسلم ويصلي على القبلة ذاتها، لكن دماء البعض منهم مباحة لأتباع الوهابية السلفية و آلاف المعتقلين في سجون آل سعود طيلة العقود الماضية والتي تضاعف أعدادهم خلال السنوات الستة الماضية، شاهد وبرهان حقيقي على نفاق السلطة وكذبها ومدعاها بمظاهر التعايش السلمي والتسامح والتواصل الحضاري الذي ترفع شعاره بين الحين والآخر كلما أقتربت زيارة لرئيس أمريكي للرياض سعياً منها لخفض الضغوط الخارجية على حقيقة التمييز الطائفي الذي تعيشه بلاد الحرمين الشريفين بما يستهدف قسم كبير من أبنائها بفتاوى وعاظ البلاط المزيفون بقيادة آل الشيخ.
المؤسسة الدينية الحاكمة هي الاخرى تهيء الأرضية اللازمة من فتاوى وأطروحات دينية وأحاديث كاذبة ومزورة وتفاسير لآيات الذكر الحكيم على هوى النفس الأمارة بالسوء خدمة لمن يحكم قبضته على العرش وبيت المال ويغدقها بترفه المنهوب من مستقبل ابناء البلد واقتصاده وخدماته ليضعه في جيب هبل ثم يدفع بالات الى البكاء على ضحايا المحرقة وذرف الدموع على قتلاهم بينما الوطن والمواطن تأن من وطأة الحاكم المستبد والمتفرعن وسواقي الدماء بسبب الضحايا الأبرياء الذين يقدمون قرابين على مسلخ "سيف الحرابة" كونهم طالبوا بالتعايش السلمي ونبذ التمييز الطائفي المقيت الذي يسرق أرواح آلاف شبابهم وعلمائهم ومفكريهم ونشطائهم واعلامييهم و... دون أن تنبس المؤسسة الدينية بنسبة واحدة وتدعو للكف عن إراقة الدماء البريئة.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية المعنية بحقوق الانسان، أكدت مراراً إن المناهج الدراسية الدينية في السعودية، "تحتوي على لغة تحض على الكراهية والتحريض تجاه الأديان والتقاليد الإسلامية التي لا تلتزم بتفسيرها للإسلام الوهابي.. وأن نصوصاً في المناهج السعودية تحطّ من قدر الممارسات الدينية للصوفية والشيعة، وتنعتهم بالخارجين عن الدين يستوجب قتلهم وسبي نسائهم ومصادرة أموالهم".. وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن: "في المدارس السعودية، يتعلم الطلاب منذ الصف الأول وحتى المتوسطة والثانوية (بعد مراجعتها 45 كتاباً مدرسياً) أن يكرهوا كل من يُنظر إليهم على أنهم ينتمون الى دين أو مدرسة فكرية مختلفة عن المدرسة الوهابية السلفية، وتزيد الكراهية في الدروس كل سنة عن سابقتها".
مجموعة IMPACT-se اليهودية ومقرها القدس المحتلة، كشفت عن انخفاض ملحوظ في المحتوى المعادي للسامية والصهيونية في الكتب المدرسية السعودية خلال العامين الماضيين، ما يشير الى نوايا محمد بن سلمان المضي قدماً وبالعلن نحو التطبيع الشامل مع الكيان الاسرائيلي بناءاً على توصيات من كبير مستشاري ترامب جاريد كوشنر، وهو ما أكدته صحيفة وموقع "تايمز أوف إسرائيل"، مضيفاً أن الكتب الدراسية في السعودية لم تعد تتضمن نبوءة دينية بحرب يقتل فيها المسلمون كل اليهود، كما تم إزالة الادعاء المعادي للسامية الذي يقول إن اليهود، الذين يوصفون بـ”القوات الصهيونية”، يستخدمون أساليب دنيئة، بما في ذلك المال والنساء والمخدرات، للسيطرة على العالم.. وقال ماركوس شيف، الرئيس التنفيذي لمجموعة IMPACT-se: “من خلال دراسة تقاريرنا لعام 2002 وحتى 2019 عن المناهج السعودية، من الواضح أن هذه الكتب المدرسية الجديدة لعام 2020 تمثل جهدا مؤسسيا لتحديث المناهج الدراسية في المملكة. بدأت السلطات السعودية عملية استئصال الكراهية ضد اليهود”.
“معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي” الصهيوني الذي يعمل من تل أبيب، أكد إن السعودية، أزالت من المناهج الدراسية في طبعاتها الجديدة، نصوصا تحض على الكراهية تجاه الديانة اليهودية والصهيونية وإسرائيل، والمثلية الجنسية.. مشيراً الى أن هنالك تلميحات في المناهج الجديدة عن “الهولوكوست” والتي باتت تسعى الى التعاطف مع ضحاياها وتكتب عن “ترحيل وإبادة بعض الأقليات من الدول مثل طرد اليهود من أوروبا”؛ في الوقت ذاته طالب دانييل مارك رئيس اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية السعودية بمعالجة هذه القضية بجدية أكبر.
مراقبون للشأن السعودي أكدوا أن "مشروع سلام للتواصل الحضاري" يراد منه تمهيد الشارع السعودي خاصة الطبقة الشبابية لإعلان ولي العهد الاتفاق على تطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي بأقرب فرصة يتسنى له ضمان العرش، وإسقاط قبح عمله هذا تحت يافطة "التواصل الحضاري" فيما الداخل السعودي يفتقد أبسط أسس ذلك على مختلف المستويات والتمييز الطائفي القبلي قائم على قدم وساق لا يمكن لأي أحد إنكاره، والدول الغربية المتشدقة بحقوق الإنسان ومنظماتها التي أصمت آذاننا بما يجري في أوكرانيا نراها تلتزم الصمت عما يدور داخل المملكة من مسلسلات إعدامات بالجملة وقطع رؤوس بسيف الحرابة دون مبرر أو واعز.
صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية كشفت قبل ايام وفي صدر صفحتها الأولى عن لقاءات سرية واتصالات مكثفة بين مسؤولين إسرائيليين وسعوديين عُقدت مؤخرا، مما يدل على المساعي الحميمة القائمة بين تل أبيب والرياض برعاية أمريكية، حيث تسعى الأخيرة لتشكيل محور أمني إقليمي بين دول المنطقة للتصدي لإيران ومشروعها النووي.. فيما كشفت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية أن العشرات من رجال الأعمال الاسرائيليين قاموا مؤخرا بزيارات عمل للعربية السعودية، لعقد صفقات كبيرة، جاء ذلك بعد أن ألغت المملكة الحظر الذي كانت قد فرضته على دخول حاملي جوازات سفر اسرائيلية.
ارسال التعليق