من سفاح الى دائم.. حقيقة العلاقة السعودية الصهيونية
[حسن العمري]
كثيراً ما كتب عن تاريخ آل سعود الدموي لكنه الحقيقة التي لا يمكن الإستغناء عنها، فقد قامت دويلاتهم الثلاث في شبه الجزيرة العربية على "سياسة الحديد والبطش والغدر والقتل والنار" ضد أبناء جلدتهم وهم لن ينكروا ذلك بل يتفاخرون به ويرددون على الدوام مقولتهم "لقد أخذناها بقوة السيف".. ثم إنه تاريخ خياني نفاقي إنبطاحي عميل أرتبط منذ قيامه في القرن السابع عشر ميلادي بالحركة الوهابية السلفية التكفيرية التي شوهت الإسلام وجعلت منه حصان طروادة لتمرير مآربهم ومخططات أعداء الأمة والدين، سبقه ارتباطهم بعلاقات تبعية للاستعمار البريطاني الخبيث.
بين الحفيد والجد ثمة تشابهات كثيرة مثيرة للاهتمام تدفعنا للغوص أكثر لمعرفة حقائقها وأسبابها، لنرى أن الشخصين اجتمعا على أمور بعينها كانت عاقبتها أليمة وفادحة على الشعوب الاسلامية والعربية خاصة دول الجوار التي عانت ولا تزال تعاني الويلات من حروبهما بالوكالة وفي مقدمتها اليمن الشقيق والعدوان الغاشم عليه، وكذا سوريا والعراق لما يتم من تقديمه مالاً وتسليحاً وأفراداً للجماعات الارهابية التكفيرية الناشطة هناك، فضلا عن العداء لبعض دول الإقليم، ثم لسياستيهما في الداخل حيث القمع والقبضة الحديدة والبطش بالآخر؛ فكيف كانت التشابهات؟ وكيف تعاملا معها؟!
بالأمس.. عبد العزيز الجد وفي رسالة كتبها عام 1915 الى المندوب البريطاني في الشرق الأوسط آنذاك “بيرسي كوكس” كتب يقول فيها وبكل وقاحة " “أنا السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل ال سعود أقر وأعترف ألف مرة، للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم وكما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها, حتى تصيح الساعة”.
"جاريد كوشنر" صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كشف وبعد يومين من اعلان "اتفاق العار" بين الامارات والكيان الصهيوني قائلا: أن تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" ومملكة آل سعود قادم، وأنه "أمر حتمي".. "أنه من المحتم أن يكون للسعودية وإسرائيل علاقات طبيعية تماماً، وأنهما ستكونان قادرتين على تحقيق الكثير من الأعمال العظيمة معاً".."مملكة آل سعود كانت رائدة في صنع التجديد، ولكن لا يمكنك قلب بارجة بين عشية وضحاها". وهو ما أشارت اليه كل من صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية مضيفة: أن "الولايات المتحدة يمكن أن تمارس نفوذاً كبيراً في هذا الإطار؛ بالنظر الى دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثابت لمحمد بن سلمان"؛ في اشارة الى ضمان صعود ولي عهد سلمان الى العرش عبر هذا المخطط.
"جون فيلبي" الجاسوس البريطاني في مذكراته «أن تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا الأسبق) قال لحاييم وايزمن زعيم المنظمة الصهيونية العالمية و أول رئيس اسرائيلي، أريد أن أرى ابن سعود سيداً على الشرق الأوسط، وكبير كبراء هذا الشرق على أن يتفق معكم أولاً، ومن ثم عليكم أن تأخذوا ما تريدون أخذه». وهو ما ذكره "وايزمان" في مذكراته مضيفاً أنه تشرشل وفي 11/3/1932 قال لي ايضاً «إنشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الأول… والمشروع الثاني من بعده إنشاء الكيان الاسرائيلي بواسطته».
اليوم... محمد بن سلمان الحفيد يسبق الزمن كجده ليصرح في مقابلة أجراها معه رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية جيفري غولدبرغ يوم الاثنين (02/04/2018) بأن «للإسرائيليين كما للفلسطينيين "الحق" في أن تكون لهم أرضهم».. وأنه ليس هناك أي "اعتراض ديني" على وجود دولة "إسرائيل". ومراسل "القناة 13" الإسرائيلية ينقل عن أرعن سلمان قوله: "خلال العقود القليلة الماضية، ضيع المسؤولون الفلسطينيون الفرص واحدة تلو الأخرى ورفضوا جميع مقترحات السلام. وقد حان الوقت للفلسطينيين إما قبول مقترحات السلام وقبول الحضور إلى طاولة المفاوضات، وإلا فليصمتوا وليتوقفوا عن التذمر".
صحيفة "الغارديان" البريطانية وفي مقال لمراسلها في الشرق الأوسط "مارتن شولوف"، تناولت توقعاتها بشأن ما أسمته "قطار التطبيع" مع "إسرائيل" من دول خليجية بعد الإمارات، مشيرة الى أن الأسبقية ستكون الى السعودية طبعاً بعد "الرتويت البحريني"، ومشيرة لقد "كان عبد الله بن عبد العزيز من دعاة الاعتراف العربي الجماعي بإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967، فيما صار يعرف بالمبادرة العربية، 2002". ويرى "شولوف" أن اتفاق الإمارات و"إسرائيل" أبعد كثيراً عن حق تقرير المصير للفلسطينيين، وسيكون له زخم مثل بقية الأحداث منذ إعلان دولة إسرائيل عام 1948، ومن بينها اتفاق كامب ديفيد، 1979 وأوسلو، 1993 واتفاق وادي عربة، 1994 والآن هذا الاتفاق.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وخلال إعلانه الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي، قصد عامداً مملكة آل سعود بقوله: إن هناك "مزيداً من الدول العربية والمسلمة ستحذو حذو الامارات بعد “كسر الجليد” مع "إسرائيل". لأنه يعرف جيداً أن نجل سلمان مستعد كامل الاستعداد لذبح القضية الفلسطينية من الوريد الى الوريد كي يعتلي العرش بعد أو بحضور والده المخرف، وهو يخطو خطواته تبعاً لاستاذه محمد بن زايد كما خطى من قبل في الحرب على اليمن واستمرار دعم جماعات الارهاب التكفيري هنا وهناك، ورفع راية العداء ضد دول الجوار وهي رغبة إسرائيلية قبل أن تكون سعودية.
تغطية وسائل الإعلام بمملكة المنشار لخبر التطبيع الرسمي الإماراتي الصهيوني يكشف مدى استساغة النظام السعودي لهذا الإعلان، والتمهيد لاقتفاء نفس الأثر وإعلان تطبيع سعودي مع الاحتلال الغاصب قريبا. حيث عادت موجة هجوم ذباب نجل سلمان الالكتروني ضد فلسطين وشعبها، من قبل أقلام البلاط ومرتهنيه وهو ما شهدناه خلال السنوات الأخيرة الماضية، مروراً باعتقالات واسعة شنتها سلطات ال سعود ضد عشرات الفلسطينيين ممن يوجدون على أراضيها.
يعيش الشاب الغربي مع صاحبته ويخلف منها عدة أولاد، وبعد كم سنة من العلاقة غير الشرعية يتفق الاثنان على عقد زواج وسط مباركة من الأهل والأصدقاء ومشاركة مميزة من أولاد الحرام للعروسين وهم يمسكوا لأمهم وأبوهم الشموع وأذيال الفستان، لكن هذا الإشهار لن يحول أولاد العروسين من أولاد حرام لأولاد حلال... أنه "زواج سفاح".. هذا الإشهار بالضبط هو نفسه الذي حدث بين الكيان الصهيوني ودويلة المؤامرات لآل نقصان، لكن ما يميزه إن هذه العلاقة قبل وبعد الإشهار ستبقى الى قيام الساعة علاقة آثمة ومحرمة وغير شرعية !!!.
"بن ناقص" برر اتفاقه الخياني مع العدو بأنه حصل على ضمانات بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، فيما مسؤولون صهاينة كبار نفوا ذلك جملة وتفصيلاً، وصحيفة "الإندبندنت" البريطانينة نقلت عن مسؤولين إماراتيين قولهم: الإمارات لم تحصل على أي ضمانات بوقف "إسرائيل" ضم أراض بالضفة الغربية.
الهجوم الكاسح للذباب الالكتروني السعودي ضد المنتقدين لاتفاق العار الاماراتي الصهيوني نشر بشكل واسع عبر وسم "#ابوك_لابو_كضيتك" (في إشارة القضية الفلسطينية)، ووسم (#بالحريقه_انت_وكضيتك) ليتصدران الترند في "تويتر"؛ لم يأتيا عن فراغً بل جاءا متماهيان لحديث لولي العهد في مارس 2018 بثته "القناة الإسرائيلية العاشرة" خلال لقائه بزعماء منظمات يمينية يهودية أمريكية عُقد في نيويورك، قال فيه: "لدينا قضايا أكثر أهميّة من القضية الفلسطينية التي لم تعد من أولوياتنا.. القيادة الفلسطينية تفوّت فُرص السلام منذ 40 عاماً.. لقد حان الوقت ليقبلوا بعروض التفاوض، وإلا فليصمتوا ويتوقفوا عن التذمّر والشكوى"!!.
ختاماً، قصيدة الشاعر العربي الشهير أحمد مطر بعد توقيع "السادات" لاتفاق "كامب ديفيد" عام 1979..
الثور فر من حظيرة البقر،
الثور فر ،
فثارت العجول في الحظيرة ،
تبكي فرار قائد المسيرة ،
وشكلت على الأثر ،
محكمةً ومؤتمر ،
فقائلٌ قال: قضاء وقدر،
وقائلٌ: لقد كفر
وقائلٌ: الى سقـر،
وبعضهم قال: امنحوه فرصةً أخيرة،
لعله يعود للحظيرة؛
وفي ختام المؤتمر،
تقاسموا مربطه،
وجمّدوا شعيره
وبعد عام وقعت حادثةٌ مثيرة
لم يرجع الثورُ،
ولكن ذهبت وراءه الحظيرة.
ارسال التعليق