وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ
[حسن العمري]
* حسن العمري
الكثير الكثير يمر مرور الكرام حول ما يجري في الجزيرة العربية بقيادة محمد بن سلمان من استهتار بالدين الإسلامي وقيمه ومعتقدات شعبنا وتقاليدنا الاجتماعية والاخلاقية والخلقية التي ربانا عليها آباءنا وأجدادنا وتعلمناها من ديننا الحنيف وثقافتنا الدينية والاجتماعية التي كنا ولا يزال الكثير منا على هذا العهد.. العجب كل العجب هو صمت ما تطلق على نفسها "هيئة كبار العلماء" بقيادة آل الشيخ لما يجري من فواحش وتدمير لمبادئنا وقيمنا الاسلامية والشرقية، وما "أسبوع الموضة في البحر الأحمر" والذي أقيم على جزيرة "أمهات" السعودية على البحر الأحمر، ولأول مرة في بلاد الحرمين الشريفين والي باتت تشهد مؤخرا انفتاحا تفسخياً منحطاً خلقياً سريعاً بذريعة "سياسة الانفتاح" التي يقودها ولي عهد سلمان منذ العام 2017 بعد توليه.
الرئيس التنفيذي للهيئة المقيمة لهذا العرض المنحط بوراك شاكماك، يدعي أن "هيئة الأزياء تسعى من خلال تنظيم أسبوع الأزياء الأول في البحر الأحمر الى صياغة منصة تجسد التواصل بين الثقافات وتحتفي بالإبداع".. فيما الحقيقة تشير الى ذهاب بلادنا نحو هاوية السقوط الديني والخلقي والاجتماعي حيث بات هذا الأمر جلياً وواضحاً لا يمكن لأحد إنكاره، والعالم يشاهد عارضات أزياء أجنبية عاريات يتمرقصن بأرجلهن وصدورهن أمام الرواد على شاطئ البحر بلباس فاضح وغير مستور.. ولفت شاكماك الانتباه إلى "الاستراتيجيات والخطط التي تعمل الهيئة وفقها، الهادفة بشكل أساسي إلى تنمية المواهب المحلية ودمجها مع الساحة الدولية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030"، وهنا بيت القصيد حيث رؤية تدفع بأبنائنا وعوائلنا وجمهورنا نحو الإنحطاط الخلقي والديني والمعتقد والتقاليد.
الحدث المؤسف والمؤلم هذا أقيم على أرض قبلة المسلمين في (17 مايو/ أيار 2024م)، عرضن فيه أزياء خاصة بملابس البحر، في حدث غير مسبوق في الدولة الخليجية برمتها، حيث ارتدت عارضات الأزياء خلال الحدث ملابس سباحة كشفن خلالها عن أذرعهنّ وأرجلهنّ، ضمن العرض الذي نُظّم قرب حوض سباحة - وفق وكالة “فرانس برس” التي كتبت تقول: “عندما حضرنا الى هنا، أدركنا أن عرض أزياء لملابس البحر في السعودية يمثّل حدثاً تاريخياً في هذا البلد”، والذي أقيم في فندق فخم كبير في جزيرة "أمهات الشيخ" الواقعة قبالة الساحل الغربي للسعودية.. ودعاة إراقة دماء المسلمين لبعضهم البعض وتجويز تدمير البلدان الاسلامية بدعم الجماعات الارهابية المسلحة، وحرق الأبيض واليابس بذريعة أنهم ليسوا منا "وهابيون" وجب قتلهم وسلبهم وحرق أراضيهم وسبي أعراضهم، يلتزمون الصمت على هذا الكفر في بلادنا.
الخبير والمؤثر اليهودي الصهيوني الفرنسي "رافاييل سيمبكورب" الذي حضر هذا الانقلاب الخلقي والديني على معتقداتنا وتقاليدنا، كتب يقول "أن هذا الحدث نجاح كبير لمحمد بن سلمان وشجاعة كبيرة منه أن ينظّم حدثاً كهذا على أرض السعودية التي عاشت قرون طويلة محافظة على معتقداتها وتقاليدها!!".. فيما قال آخرون "نتوقع بشدة أن يقوم ولي العهد محمد بن سلمان بتغييرات كبيرة تشمل كافة انشطة الدولة وتعديلات في القوانين واللوائح والنظم التعليمية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في المملكة -بإستثناء السياسية-، بشعار توسيع دائرة حقوق المواطنين ورفاهيتهم، لكنه سوف لن يسمح بالرأي الآخر وهو سياسته القائمة بقطع أعناق المخالفين له أيا كان.
دعاة قيادة العالم الاسلامي يقرون بأن ليس لهم أدنى صلة بالاسلام والنبي الأكرم لا من قريب ولا من بعيد بل هم قبيلة سيطروا على شبه الجزيرة العربية بقوة السلاح، ناكرين دعم الاستعمار البريطاني لهم بالمال والسلاح وإعداد العدة الدينية آنذاك عبر اتفاق بن سعود ومحمد عبد الوهاب ومساعدة "جيش الأخوان" بفتاوى دينية سمحت لهم بإراقة دماء المسلمين في شبه الجزيرة العربية حتى في المساجد وأثناء الصلاة.. هاهو سفيرهم "خالد بن بندر" أقرها قبل سنوات بأن "إن قيادة المملكة ليست دينية، وإنها وصلت إلى الحكم بعد انتصارها على قبائل أخرى.. أن القيادة السعودية لا تستمد شرعيتها في الحكم من منطلق ديني، مثل الدول التي يرتبط نسب حكامها بالنبي محمد.. لكننا مركز العالم الإسلامي".
الصمت المطبق لما تسمى "هيئة كبار العلماء" الذراع الديني لسطوة أل سعود على الجزيرة العربية منذ اتفاق "محمد عبد الوهاب" و"محمد بن سعود" عام 1158هـ/1745م، على ما يجري من انتهاكات صارخة وفاضحة للدين الإسلامي الحنيف ومعتقدات الأمة الإسلامية وتعاليم السماء، وهم يفتون بما يشتهي السلطان الظالم الفاجر طمعا بالدرهم والدينار حتى باتوا كالحمار يحمل أسفاراُ لا دور لهم في قرارات السلطة سوى تمجيدها ودعمها بعد أن أخصاهم وأقصاهم وقطع أذرعهم ولي عهد سلمان، وهم من هيئة الأرضية هذه له عندما صمتوا على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي آنذاك "ريكس تيلرسون" في حديث صحفي له يوم الثلاثاء (11 ديسمبر 2017)، أن "السعودية بدأت بمواجهة الدعاية المتطرّفة (الوهابية السلفية) من خلال إدراج مواد جديدة وسحب أخرى من المناهج الدراسية في المدارس والمساجد تناهض الفكر المتطرّف" تمهيداً لحذف كل ما له صلة بالدين الإسلامي وأحكامه ومعتقداته.
محمد بن سلمان وتأييداً لما قاله وزير خارجية أمريكا، شدد وفي لقاء له مع شبكة سي بي إس نيوز في 16 مارس 2018م ضمن برنامج 60 دقيقة للإعلامية نورا أودونيل، قائلا: "إننا قطعنا شوطًا طويلًا للغاية ولم يتبقَّ إلا طريق قصير لنقطعه، في معرض ردّه على سؤال حول إلغاء نظام الولاية ، واصفًا المدافعين عن هذا النظام ومن يعارضون اختلاط الجنسين في العمل بـ«التطرّف».. كاشفا عن قرب السماح للمرأة السعودية بعدم ارتداء «العباءة السوداء»، قائلًا: لا يوجد نص شرعي يوجب أن تكون العباءة سوداء أو الحجاب أسودًا"، ذريعة لكشف الحجاب والتعري في الشوارع الذي تم فعلياً وعلى أرض الواقع في بلاد الحرمين الشريفين بفضله.. أضيفوا اليها قراره بالسماح للفتاة والمرأة السعودية الخروج والمبيت خارج المنزل دون رضا زوجها أو والدها أو ولي أمرها لتكتمل حلقة الانحطاط والانهيار الخلقي والديني في بلادنا.
"كير ستارمر" عضو مجلس العموم وزعيم حزب العمال البريطاني الجديد قالها بكل صراحة "علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، وواضحين في نفس الوقت حيال علاقتنا بالعالم العربي والإسلامي، ونقول الحقيقة لأبنائنا حتى لا نتصادم معهم يوما، أو أن يشعروا بالاضطراب الفكري ومتلازمة التناقضات النفسية، بين إيمانهم بالقيم الليبرالية واحتياجات أمننا القومي.. خلافاتنا في الحقيقة ليست مع الشعوب الإسلامية ولا الأنظمة الحاكمة، لأن الأنظمة تدور في فلكنا وتستمد بقاءها من جانبنا، وتنفذ سياساتنا التي تخدم الأمن القومي الغربي بغض النظر عن أمنها القومي..مشكلتنا الحقيقة تكمن في (الإسلام ذاته ومع محمد نبي الإسلام نفسه) لأنه دين حضاري يمتلك الإجابات التفصيلية لكل الأسئلة الوجودية والحضارية وهو منافس عنيد للحضارة الغربية التي بدأت تفقد ألقها، بينما الإسلام ومحمد يزداد ألقا حتى داخل مجتمعاتنا الأوربية التي أتاحت لها القيم الليبرالية حرية التفكير، وأضعفت سلطة الكنيسة، وهذا التفكير الحر المجرد قاد الكثير من النخب والشباب إلى اعتناق الإسلام، لأنهم وجدوا فيه كل الإجابات عن احتياجاتهم النفسية والروحية والوجودية والاجتماعية التي أغرقتهم فيها حضارتنا المتناقضة".
كل هذا السكوت من قبل "هيئة كبار العلماء" خاصة خلال السنوات الأخيرة على هذا الإبتذال وتفسخ القيم الاسلامية والتقاليد الاجتماعية لمجتمعنا الاسلامي المحافظ، أبهر المجتمع الاسلامي خاصة اولئك الذين جعلوا من وعاظ السلاطين هؤلاء رمزاً لهم في الدين والمعتقد وهم لا يعلمون أنهم حفنة كاذبة زائفة مزورة خادعة متلونة ذكرهم الله سبحانه وتعالي في كتابه الحكيم " وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ، ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ" – سورة البقرة الآية 14و15.. والأمة نائمة غافلة عنهم طيلة العقود والقرون الماضية، ملتزمة بنهجهم التكفيري الدموي بكل سذاجة منصاعين لهم بما يفتون ويشرعون دون تحقيق أو أدنى خوف من الله جل وعلا ويشترون رضى المخلوق بسخط الخالق وكما يقال "الناس على دين ملوكهم".. كل هذه المسيرة المدعومة بفتاوى وعاظ البلاط السعودي ومن لف لفهم، إنما قامت لدعم الفكرة الصهيونية في الإسلاموفوبيا والذي تعهد "بن سلمان" تطبيقها شيئا فشيئا، خاصة وأن الاستعمار البريطاني العجوز هو من أوجد هذه الفكرة وهو من جاء بآل سعود ونصبهم على أعناق شعب الجزيرة العربية وجعلهم سرطاناً للأمة الاسلامية لتفتيتها وتمزيقها، وتقتيل بعضها البعض، وتدمير بلدانهم بأنفسهم.
ارسال التعليق