أخبث ما فعله آل سعود في أمة إقرأ التي لا تزال لا تقرأ 2-2
[حسن العمري]
* حسن العمري
" كثفت حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة برئاسة "بنيامين نتنياهو"، مساعيها في المحادثات ومبادلة الوفود لتطبيع العلاقات مع السعودية، وخلق نوع من الشراكة الأمنية والاستخباراتية، تحت عنوان "درء الخطر الإيراني".. حيث عقد مسؤولون إسرائيليون وسعوديون اجتماعات متعددة مؤخرا منها ما تم قبل اجتماع مجموعة عمل مجلس التعاون الأمريكي الخليجي الأخير حول الدفاع والأمن في الرياض، فيما عقدت اجتماعات مماثلة في براغ بالتزامن مع مؤتمر ميونيخ للأمن"- وفق "وكالة بلومبيرغ" نقلاً عن دبلوماسيين مطلعين من كلا الطرفين وأمريكان.. فيما وجه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان كلاماً يعكس تطلعات محمد بن سلمان بهذا الخصوص الى "نتنياهو" خلال ندوة تحت عنوان: "الشرق الأوسط: منطقة تقارب أو ساحة نزاع"، قائلا: "حل الصراع سيكون في مصلحة "إسرائيل" والمنطقة ككل".. كلام لم يأت من فراغ أو مجرد تعليق بل هو رسائل للتوصل الى نقطة تلاقٍ يمكن من خلالها أن يجنح "بن سلمان" نحو تطبيع علنيّ يعبر عما ترفعه من شروط تتعلق بالفلسطينيين، ونظامه فتح أجواء بلاد الحرمين الشريفين للطائرات الإسرائيلية!!.
ذكرنا في القسم الأول من مقالنا هذا البعض مما فعله آل سعود في إماتة القضية الفلسطينية قضية الأمة المركزية، من المؤسس الى الأرعن محمد بن سلمان الذي يشدد المقربون منه بأنه "ينتشي كثيراً من مديح يشبهه بجده عبدالعزيز"، حيث يجتمع الجد والحفيد على أمور كانت عاقبتها فادحة على بعض جيران نجد، فضلا عن العداء لبعض دول الإقليم، وفي مقدمتها الموقف من قضية الأمة التي لا تقرأ حتى يومنا هذا وهي فلسطين حيث نقاط التشابه الصارخة بين الجد والحفيد وفق ما تؤكده الوثائق البريطانية والأمريكية السرية وشواهد العصر.. "لا تنظر لإسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول الى ذلك"- من مقابلة لمجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية أجرتها مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في المملكة، نشرت في شهر أبريل/ نيسان 2022.
بعد إقرار عبد العزيز للسيد برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى في رسالته الشهيرة بأنه "لا مانع عندي من أعطاء فلسطين للمساكين اليهود، ولن يخرج عن رأي بريطانيا حتى تصيح الساعة"، تعهد رأس الفتنة وهبلها للرئيس الأمريكي آنذاك روزفلت بخط مكتوب "أنه في حال تشريد عدد كبير من الفلسطينيين بعد إعلان إسرائيل في فلسطين. سيتم تشغيل قسم كبير من اللاجئين في شركة أرامكو, وبعض الأعمال الأخرى, وحفر آبار جوفية في صحراء قرية, الواقعة بين الكويت والسعودية لمن يريد الاستيطان.. بالرغم من أنني لا أخفيكم مخاوفي من أن ينقل الفلسطينيون بذور الفتنة لرعايانا فيثيروا الرعية. لكنه ما عندي لهم إلا السيف وأنا معكم في كل شيء إلى يوم القيامة".. ومن هنا بدأ التعاون الوثيق بين كياني الشر ومحتلي بلاد المسلمين بني سعود وبني صهيون أكثر وأكثر
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كشفت النقاب عن تعاون سري دبلوماسي واستخباراتي بين الرياض وتل أبيب، إذ ذكرت أن السعودية ستسمح للقوات الجوية الإسرائيلية بعبور مجالها الجوي لقصف إيران.. في الوقت ذاته نشر موقع "هيئة البث الإسرائيلي باللغة العربية"، خبرا يقول إن "أميراً من البلاط الملكي السعودي زار البلاد سراً خلال الأسابيع الأخيرة وبحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع السلام الإقليمي الى الأمام"، وهو نفس الموقع الذي كشف النقاب عن قيام أمير سعودي رفيع المستوى بزيارة سرية يرجح أن يكون محمد بن سلمان ولقائه نتنياهو في سبتمبر 2017.. هذا ما يبرر تغريدة أحد أبرز أذرع ذباب بن سلمان الالكتروني الكاتب السعودي السبيعي معتبراً فيها "أن من مفاخر آل سعود انهم اول من وضع التطبيع مع إسرائيل على طاولة المفاوضات!!!".
الكاتب الصهيوني "جوناثان توبن" كتب في مقال له نشرته وكالة أنباء اليهود "JNS": "يقدّر محمد بن سلمان وأسرته الحاكمة علاقتهم بإسرائيل ويعتبرونها الآن ضرورية لأمنهم، لكن ما زال هناك فرق كبير بينهم وبين الدول العربية الأخرى، آل سعود لطالما كانت كذلك منذ تأسيس دولتهم ولن يتراجعوا عن ذلك"، في اشارة منه الى مسيرة الدعم التي حظى بها الكيان الصهيوني لقيام دويلته على أرض القبلة الأولى للمسلمين حيث التنازلات تلو الاخرى واتفاقيات مساومة دون مقابل فرضها قادة المملكة على الفلسطينيين والأمة برمتها لتنحصر فلسطين في غزة وأريحا ضحكاً على الذقون.. الصحافي السعودي عبد الرحمن الراشد المعروف بمدى قربه من محمد بن سلمان عكس من خلال كتاباته ميول الأخير في هذا الإطار في مقال نشرته "الشرق الأوسط" في أيار/مايو الماضي أن "الحكومة قادرة على إصلاح وإفساد أي علاقة، مهما كانت العداوة أو الصداقة، وقد اعتدنا تقلبات اللغة الرسمية عند الخلافات والمصالحات؛ وإسرائيل لن تكون استثناء".
آل سعود قدموا الكثير الكثير لاستحكام الدويلة الاسرائيلية على أرض فلسطين المغتصبة من خيانتهم الثورة الفلسطينية عام 1936 على يد فيصل والذي ذكرناه في القسم الأول، حتى أول مبادرة للسلام مع الكيان الاسرائيلي الذي قدمها فهد بن عبد العزيز آل سعود خلال مؤتمر قمة فاس عام 1982، ورفضتها تل أبيب ، ليعيد عبدالله بن عبد العزيز الكرة ثانية خلال قمة بيروت عام 2002، ولم يستجب الاسرائيليون لها ايضاً كعادتهم، بل أنها زادت في استخدام القوة ضد الشعب الفلسطيني وتوسعت في أراضي الضفة الغربية حتى بلغنا صفقة القرن ونقل السفارات الى القدس المحتلة والاعتراف بها رسمياً عاصمة للكيان الغاصب من قبل العديد من الدول حتى العربية منها!!.. ".. نتنياهو كان محقاً، فالسعودية في عهد بن سلمان، لم تعد تطرح حل القضية الفلسطينية كشرط لتطوير العلاقة الثنائية مع تل أبيب"- تحقيق تلفزيوني أعدته القناة الـ13 الإسرائيلية مؤخراً.
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي وصف الحكومات الخليجية بانها "بقرات" وخص السعودية بذلك، أعاد كلامه مرة اخرى قبل أيام مع أحدى الشبكات الأمريكية قائلا: "إذا لم يكن لدينا السعودية ما كان لدينا قاعدة كبيرة في الشرق الأوسط.. وإسرائيل ستكون في ورطة كبيرة بدون السعودية".. الكلام هذا ذكرني بما كتبه فيصل بن عبد العزيز وفي ديسمبر عام 1966 الى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون خطابا قال فيه "إن على إسرائيل احتلال سيناء لتخرج مصر من اليمن، ولابد من الاستيلاء على بقية فلسطين حتى ينتهي حلم الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم، وأنه يجب اقتطاع جزء من سوريا حتى تنشغل بنفسها بعيداً عنا، ولابد من إنشاء دولة كردية في شمال العراق لإشغال أي حكم عربي ينادي بالوحدة العربية".
مجلة "ذي سبكتاتور" البريطانية اشارت الى أن أشهراً من عمليات التفاوض السري بين تل أبيب والرياض أفضت الى "اتفاق يبدي الإسرائيليون رغبة جامحة للالتزام به، مقابل الحصول فقط على توقيع سعودي على الخط المنقط، قد يناله الإسرائيليون في أي لحظة.. ثمة حسابات تحفز ولي العهد السعودي الإقدام على الخطوة، أن الرجل يتطلع الى تقديم "اتفاق التطبيع" كهدية للرئيس الأميركي بايدن، مقابل ضمان أمريكي لحصوله على العرش والحصول على مقعد على طاولة المفاوضات مع ايران في أي اتفاق نووي جديد" - نقلاً عن مصادر مقربة من البلاط السعودي؛ ووضعت المجلة البريطانية مدة الأشهر الستة كسقف زمني للإعلان عن اتفاق بين الجانب السعودي والإسرائيلي، وهو ما يبرر إعادة دعم محمد بن سلمان حملة نتنياهو الانتخابية هذه المرة على شاكلة عام 2015.
الأمر لم ولن ينتهي الى هذا الحد فالقادم سيكشف الكثير من المستور.. فاختيار "بن سلمان" منطقة عبادة العجل في التاريخ الصهيوني كموقع لمشروع "نيوم" وسلب الأراضي من أصحابها الأصليين الحويطات وقتل واعتقال المعارضين لربط مصر والسعودية والكيان الاسرائيلي في نقطة تجمع واحدة، تلتها اتفاقية "صفقة القرن" التي سترحل الفلسطينيين قسراً من غزة إلى منطقة التيه في صحراء سيناء التي عانى منها اليهود في تاريخهم القديم.. ومن ثم مشاريع مختلفة اخرى ستعمل على تطبيع العلاقات بين تل أبيب والعواصم العربية الخليجية، وفي مقدمتها إنشاء وتمويل خطة «سكة قطار السلام الإقليمي» الذي يربط الكيان الاسرائيلي بالأردن ومنها الى السعودية عبر شبكة سكك حديد تسمح للبلدان الخليجية بمنفذ الى البحر المتوسط،و....
ارسال التعليق