إرشاء كوشنر وتطميع اوردوغان، هل يضمنا العرش لابن سلمان؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
كشفت وسائل اعلام امريكية مقربة من البيت الأبيض عن حجم الخلافات القائمة بين واشنطن والرياض بسبب محمد بن سلمان وسجله ، موضحة أن الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لا زال مصراً حتى هذه اللحظة عدم قبول أي اتصال من جهة ولي العهد السعودي أو أي طرف آخر من جانبه، مشدداً أن الرابط الوحيد في العلاقات بين البلدين الحليفين هو الملك سلمان لا غير، ما يؤكد إصرار بايدن على توبيخ وتنبيه ولي العهد الذي دفع نحو الإفصاح عن نيته الارتماء في حضن الكيان الاسرائيلي عبر التطبيع الشامل لانقاذ نفسه من ورطة السقوط، خلال حواره مع مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية قبل فترة.
صحيفة "التايمز" نشرت تحليلا بقلم مراسلها لشؤون الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر، أكد إن بعض القائمين الحاليين على السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن منزعجين كثيراً من السعودية، ويذكّرون الجميع بأن الرياض ليست حليفة للولايات المتحدة وإنما مجرد "شريكة"، وذلك خلاف لما يراه السعوديون الذين يعتبرون أنفسهم أكبر الحلفاء لواشنطن في المنطقة.. فيما كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية أن “أهم المعارضين لتخفيف التوتر مع السعودية في الإدارة الأميركية هما الرئيس بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن”، وهو ما يجعل قادة السعودية يشعرون بالاستياء جراء عدم الاهتمام هذا من قبل إدارة بايدن التي تشدد انها تتصل بالرياض حينما تريد منها شيئا فقط.
موقع “ميدل إيست آي” البريطاني كتب يقول، إن الأصوات المطالبة بـ “إعادة تقويم” العلاقات الأمريكية السعودية تتصاعد في واحدة من أشد الانتقادات الموجهة للمملكة حتى الآن، حيث إن طيف من مجلس النواب يرى آن دعم أمريكا للنظام الملكي يوجد تعارضًا مع المصالح الأمريكية، ويضر بمصداقية قيمها؛ مشيرين الى تعزيز الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط؛ كما أن البعض من النواب الديمقراطيين يواصل ارسال الرسائل الى الرئيس بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن برفض استمرار دعم السعودية، حيث حملت رسائلهم توقيع قادة لجنتي الشؤون الخارجية والاستخبارات في مجلس النواب، وعشرات نواب آخرين.
مجلة “بلومبيرغ” الأمريكية كشفت النقاب من إن “جاريد كوشنر”، صهر الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” زار السعودية بشكلٍ سري عدة مرات خلال الأشهر الماضية والتقى ولي العهد محمد بن سلمان، لطمأنة الأخير بدعم اللوبي الصهيوني له نحو العرش شريطة الدفع أكثر والإسراع في عملية التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، ما دفع بولي العهد الى تقديم ملياري دولار على طبق من ذهب الى العراب الصهيوني ملتمساً إياه تبييض صورته لدى الجانب الأمريكي وانهاء قضية قتل وتنشير الصحافي جمال خاشقجي، مشدداً أنه عند قوله من إنّ بلاده لا تنظر الى إسرائيل "كعدو" بل "كحليف محتمل"، وذلك خلال حواره الأخير مع مجلة "ذي أتلانتيك" الأميركية.
الصحفية الاستقصائية الأمريكية "فيكي وارد"، نشرت تحقيقا تناول "السبب الحقيقي" لإعطاء محمد بن سلمان ملياري دولار لجاريد كوشنر، تحدثت فيه عن سببين، هما: "امتنان" ابن سلمان لدور كوشنر في التقارب السعودي الأمريكي خلال عهد ترامب، والمراهنة على أن الأخير سيعود الى البيت الأبيض في انتخابات الرئاسة المقبلة.. موضحة أن هناك سبب أكبر حقيقي ايضاً دفع بولي العهد السعودي الى أن لا يتردد في دفع هذا المبلغ لكوشنر رغم معارضة كبار مستشاريه الاقتصاديين ومدراء الصندوق السيادي السعودي الذي يرأسه هو، وهو مكافأته على دوره في إزاحة محمد بن نايف من طريق ابن سلمان.
زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفاجئة الى الرياض جاءت بإيعاز من اللوبي الصهيوني لإعطاء دفعة من الدعم الى أبن سلمان نحو إنهاء الصراع القائم بين النظامين بخصوص قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018 وتنشيره، لتكون الخطوة الأولى نحو عملية تبييض صورة محمد بن سلمان في وقت تعيش تركيا أزمة مالية كبيرة والتضخم فيها أقترب من 70%، ما دفع بأردوغان القيام بجهود اقليمية واسعة لتحسين علاقات بلاده مع عدد من الدول في المنطقة، على رأسها مصر، والإمارات، وإسرائيل، في مواجهة عزلة دبلوماسية متزايدة، أدت إلى تراجع كبير في الاستثمارات الأجنبية، وأثرت سلبا على الاقتصاد المحلي- وفق بي بي سي.
صحيفة "واشنطن بوست" كتبت، أن "كوشنر يُعرف بأنه المحامي الخاص لابن سلمان داخل البيت الأبيض خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب في السلطة. واستمرت رعاية كوشنر لبن سلمان، حتى بعد أن أصبح واضحا أن الأخير أمر بالقتل الشنيع للصحفي السعودي جمال خاشقجي، واعتبرت أن "التقليل من شأن هذه الجريمة، وتستر نظام بن سلمان، وإدارة ترامب لاحقا عليها، أعاقت جهودا في الأمم المتحدة والكونجرس للحد من التجاوزات السعودية في حربها بالوكالة مع إيران، بشأن اليمن. وبدلا من ذلك، عزز ترامب مبيعات الأسلحة الأمريكية الى الرياض". مضيفة أن المكافأة "تخلق انطباعا إضافيا، بأن ما يستثمر فيه بن سلمان حقا ليس مشروعا عقاريا، بل المستقبل السياسي لعائلة ترامب، أي العودة المحتملة الى البيت الأبيض للرئيس السابق حال ترشحه وفوزه في انتخابات 2024 الرئاسية"؛ لكن الرياح لن تسير كما تشتهي السفن.
المراقبون للشأن السعودي يؤكدون أن العلاقات الأميركية السعودية وطوال تاريخها، لم تشهد من تشنّجات حادة كهذه القائمة حالياً، حيث كان الملوك السعوديون يعبّرون عن انزعاجهم من الرؤساء الأميركيين، إنّما عبر القنوات الخلفية، أو على الأكثر على شكل حَرد سعودي يَظهر في بروتوكولات الاستقبال، لكن أن يستخدم حاكم السعودية «المزاح الثقيل»، سلاحاً ضدّ رئيس أميركي، فهذا يعني أنه قد يكون تجاوز نقطة اللاعودة في العلاقة معه، بحيث لم يَعُد من الممكن إصلاح الأمور بينهما.. الأمر يتجاوز قضية شخصية بين زعيمَين، على رغم أن ابن سلمان معروف بـ«شخصنة» الأمور إلى حدّ كبير، إذ يأتي الخلاف الشخصي على خلفية ازدياد التباعد بين البلدين، في المصالح والرهانات والتحالفات.
وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية كتبت إن الشارع الأمريكي بات يرى في السعودية بأنها شريك استراتيجي سيء للولايات المتحدة، وأن حراكا واسعا يقوده المشرعون الأمريكيون في الكونغرس للضغط على إدارة الرئيس جو بايدن للتعامل أكثر صرامة مع الرياض. مشيرة الى أن الحملة يقودها النائب في لجنة الشؤون الخارجية للكونجرس Gerry Connolly ومعه 56 عضوا في مجلس النواب، حيث تحث الرسالة على دفع الإدارة الأمريكية بأن تصبح أكثر صرامة مع السعودية، واصفين السعودية بأنها “شريك استراتيجي سيء”؛ مؤكدة أن عدم قدرة السعودية بالدفاع عن القانون الدولي يجسد المخاطر قصيرة وطويلة المدى المرتبطة بحفظ الدعم الأمريكي غير النقدي لها”.
ملياري دولار قدمها محمد بن سلمان هدية الى العراب الصهيوني كوشنر، فيما وعد الرئيس التركي أردوغان بإستثمارات سعودية قيمتها أكثر من 10 مليارات دولار في القريب العاجل؛ كل ذلك يوحي بالمخاوف التي يعيشها محمد بن سلمان من مستقبله الغامض في ظل تصاعد الخلافات بين واشنطن والرياض واستمرار عزلته وإهانته من قبل الإدارة الأمريكية الحالية.. فها ياترى هل سيتم تبييض وجه ولي العهد القبيح بهذه الرشاوى ويتعبد طريقه نحو العرش، أم يتطلب منه المزيد من الدفع حتى يجف ضرعه ومن ثم يتم نحره في مسلخ المصالح القومية الأمريكية وعودة السلطة الى أبن نايف أو عمه أحمد؟!، لننتظر المستقبل القريب.
ارسال التعليق