"إسرائيل" تشارك محمد بن سلمان القلق بخصوص تحرير مأرب
[حسن العمري]
* حسن العمري
كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إن السعودية تدخلت في اليمن لإيقاف "أنصار الله" من السيطرة على مدن رئيسية، لكنها غرقت في وحل اليمن منذ اللحظة الاولى التي تبنت فكرة الدفاع عن حكومة مستقيلة".. فيما مراقبون يؤكدون أن الرياض تواجه تهديدات مختلفة على طول آلاف الكيلومترات بسبب سياستها التدخلية في شؤون البلدان الاخرى، وهذا ما يقلق قادة واشنطن وتل أبيب.. في الوقت ذاته تقترب قوات صنعاء من جيش ولجان نحو مركز مدينة مأرب الاستراتيجية وتحريرها بالكامل والسيطرة على مصادر الطاقة فيها، ما يشكل تهديداً كبيراً جداً للتحالف السعودي في الحرب على اليمن.
الموقف اليمني بات أكثر من محرج لأبن سلمان الذي لم ولن يفقع من الحرب حتى كلمتها - كما وصفه وزير الدفاع الأمريكي السابق كولن باول، ما دفعه الى ترك طاولة الحوار مع ايران الى دون رجعة بعد عدة جولات أقيمت في كل من مسقط وبغداد اعلن فيها كلا الطرفين عن تقدم ملموس حتى ذهبت بعض الوكالات الى الاعلان عن قرب افتتاح السعودية لسفارتها في طهران، فيما نحن كنا قد تنبئنا بأن الأمور لن تسير وفق ما تشتهيه سفن العدوان على بلاد سبأ بعد أن رفض المفاوض الايراني التوسط لدى أنصار الله لوقف التقدم العسكري نحو مأرب، مشدداً أن الأمر يعود لليمنيين ذاتهم وهو ما أكده رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام ايضاً؛ فيما الحرب الضروس على اليمن تقترب من نقطة مفصلية حتمية.
الرياض باتت اليوم تلمس على الأرض وترى كيف يخسر حلفائها معركة رئيسة على أبواب مأرب ستحسم مستقبل اليمن بكل ترابه وتشكل هزيمة نكراء كبيرة للمحتل السعودي وحلفائه في الداخل اليمني وخارجه خاصة الكيان الاسرائيلي الذي يرى أن "حرب انصار الله ضد العدو السعودي جزء من حربهم الشاملة على إسرائيل والولايات المتحدة، وأن مأرب مجرد حجر أساس"- وفق"جيروزاليم بوست" الإسرائيلية ، مشيرة الى إن "إسرائيل" ترى في التهديد هذا مصدر قلق جدي على وجودها منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة الشعبية ضد الديكتاتور في اليمن انعكس جلياً في مئات التقارير لمراكز الدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية المؤسساتية في داخل كيان الاحتلال حول التهديدات القادمة من اليمن، والذي يزداد سوءاً يوماً بعد آخر مع انقلاب المشهد الميداني في ضوء الإنجازات والمعادلات التي قلبها الجيش اليمني و"أنصار الله" لمصلحتهم في الأشهر الأخيرة، ومديات الصواريخ والمسيّرات اليمنية التي أصابت مواقع حساسة بدقّة على بعد مئات الكيلومترات في الداخل السعودي.
الكاتب الإسرائيلي يوسي ميلمان كشف وفي مقاله على موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن الكيان الاسرائيلي مهتماً جداً ومنذ عقود طويلة باليمن لموقعه الجغرافي الإستراتيجي الاستثنائي، والذي يطل على الممرات المائية للمحيط الهندي والبحر الأحمر، الى جانب قربه من إثيوبيا والقرن الأفريقي.. ففي ستينيات القرن الماضي شارك سلاح الجو الإسرائيلي في الحرب الداخلية وذلك بطلب من جهاز الاستخبارات البريطاني "أم آي 6" وقائد القوة الجوية الخاصة السابق ديفيد ستيرلنغ من وكالة الموساد., مشيراً الى أنه رغم المسافة الطويلة بين اليمن والأراضي المحتلة تتجاوز ألفي كيلومتر مع ذلك، يمثل تهديد صواريخ الحوثيين موضوعا لا مفر منه، حيث صرح الجنرال ووزيردفاع اليمن محمد العاطفي قبل أسابيع بأن قواته حددت مجموعة من الأهداف العسكرية الإسرائيلية التي من الممكن أن يهاجموها. وقال العاطفي "لن نتردد ولو دقيقة واحدة في تدمير هذه الأهداف"، وذلك رداً على مشاركة تل أبيب في حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين.
"عاصفة الحزم" التي أطلقها محمد بن سلمان على عدوانه على اليمن قبل حوالي سبع سنين والتي ولدت ميتة منذ لحظتها الأولى وفق الحليف الأمريكي الذي كشف أن عويل السعوديين وصراخهم سمعناه في واشنطن بعد مضي ستة أشهر على الحرب التي وعدنا كل من سلمان ونجله بإنهائها خلال عشرة أيام في أقصى مدة ودخول قوات تحالف العدوان السعودي الى صنعاء، والتي كلفت الرياض مئات مليارات الدولارات دون ثمر يذكر غير الخسائر البشرية وتدمير البنى التحتية في كل من اليمن والسعودية، وما لحق بشركة أرامكو من أضرار كبيرة جراء المسيرات والصواريخ البالستية اليمنية التي عجزت منظومات الدفاع الجوية الامريكية "باتريوت" و"ثاد"؛ هي اليوم "عاصفة حزم" لأنصار الله على أبواب مأرب لينقلب السحر على الساحر والهزيمة النكراء باتت قاب قوسين أو أدنى لابن سلمان وحلفائه في اليمن العزيز.
"..وذلكم في عز اليمن" التي قالها جدهم ومؤسس دويلتهم الثالثة عبد العزيز باتت اليوم أقرب من حبل الوريد لرقاب آل سعود بسبب سفاهة وطيش عرشهم الذي يسيطر عليه مخرف ومصاب بجنون العظمة لا يفقهان للسياسة معنى لا من قريب ولا من بعيد سوى الخضوع والركون للاستحلاب كبقرة مطيعة لا حول لها ولا قوة كما وصفهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأبتزهم بطريق مذلة ورخيصة، وجدها بايدن خير مسلك ليواصله دون اعتناء لما يهدد ملكهم في الداخل والخارج من انزلاق نحو الهاوية، حتى دفع بنجل سلمان الى شراء المزيد من أسلحة الخردة الأمريكية وادخارها في عنابر القوات الأمريكية المتواجدة على أرض المقدسات، فابتاع صواريخ أمرام "جو - جو" ومنصات إطلاق متطورة بقيمة أكثر من 650 مليون دولار.
"عوزي روبين" أحد كبار القادة الأمنيين العسكريين في الكيان الصهيوني العسكري الأمني نشر مقالًا مطولًا في "معهد القدس للاستراتيجية والأمن" حول معركة تحرير مأرب قائلا "إن سيطرة الحوثيين على مأرب يعني سيطرتهم على اليمن بأكمله.. أن عواقب هذه الحرب ستكون مصيرية على مستقبل الشرق الأوسط بأسره، إذ ستسيطر إيران على ممر الشحن البحري في مضيق باب المندب، طريق إسرائيل الجنوبية للتجارة العالمية. فيما أشار "أولريش" الباحث في معهد جيمس بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس كريستيان بالقول: إن "التصورات مهمة سواء كانت متجذرة في واقع بارد أم لا.. والتصور واضح جدا بأن الولايات المتحدة ليست ملتزمة تجاه السعودية وأخواتها كما كانت في السابق.. من وجهة النظر الرياض، ترى أوباما وترامب وبايدن - ثلاثة رؤساء متعاقبين - يتخذون قرارات تدل الى حد ما على التخلي".
"محمد بن سلمان غير مقبول لدى إدارة بايدن لمسؤوليته عن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وانتهاك ممنهج لحقوق الإنسان في السعودية، وتورطه في قضية التخطيط لانقلاب ضد الملك الأردني عبدالله، ناهيك من أن حربه على اليمن أضحت أكثر تعقيدًا وباتت تشكل تهديدا قويا للمصالح الأمريكية والاسرائيلية في المنطقة بعد مرور أكثر من 6 سنوات دون حسم مع تفوق واضح للحوثيين، وتحولت الحرب إلى كابوس داخلي ويومي في السعودية ذاتها"- يوني بن مناحيم من كبار الإعلاميين الإسرائيليين المقربين من الوساد في مقال له على موقع نيوز وان الإسرائيلي.. مضيفاً "إن إسرائيل وواشنطن اتفقتا على تكوين فريق مشترك للعمل سوياً؛ لبلورة سبل التعامل مع خطر الصواريخ الدقيقة، والطائرات المسيّرة التي تستخدمها جماعة الحوثيين وتستهدف بها المناطق العسكرية والبنى التحتية السعودية، ما يقلق كثيراً تل أبيب وواشنطن من احتمال استخدامها ضد الكيان الاسرائيلي مستقبلاً".
سيطرة صنعاء بقيادة الحوثي على مدينة مأرب وتحريرها، سيكون نصرا استراتيجيا حقيقيا يقربها من الانتصار في العدوان السعودي على اليمن، ويوفر لها موارد الطاقة؛ وسيبعث هذا الإنجاز العسكري رسالة قوة لا توصف يمكن أن تزعزع استقرار الداخل السعودي وهذا ما تخافه تل أبيب.. ثم أنه سيفتح المجال أمام الحوثيين لتحرير اليمن بأكملها، وسيلقي بظلاله على جميع التحركات الدبلوماسية في المنطقة سواء على مستقبل اليمن أو على القضايا الإقليمية الأخرى وفي مقدمتها مسيرة التطبيع الخليجي الاسرائيلي الآخذة نحو التقدم بشكل كبير ليتم وأدها بعد هذا النصر ويقلم أظافر الكيان الاسرائيلي ويميت أحلامه في السيطرة على مصادر الطاقة الخليجية.
ارسال التعليق