استفحال الفساد ودور الاعلام (السعودية انموذج)
[علي ال غراش]
بقلم: علي ال غراش الإعلام هو مرآة عاكسة لنقل الواقع وكشف الحقائق كما هي، وتسليط الضوء على الفساد والتقصير والمشاكل والازمات والإستبداد في الوطن، ليتم معالجة تلك الأخطاء والمشاكل، وهو بذلك قوة مؤثرة ولذلك يسمى - الإعلام - بالسلطة الرابعة في الدولة الحضارية التي تحترم القوانين وتحترم الحرية الإعلامية.
وللاعلام والإعلاميين والكتاب دور في تعزيز جهود مكافحة الفساد ومنع استفحاله وانتشاره في مؤسسات الوطن، وتطبيق النزاهة في الدول الحضارية والمحترمة التي تحترم فيها الحريات ومنها الحرية الإعلامية.
لليوم العالمي لمكافحة الفساد - 9 ديسمبر - أهمية للقضاء على الفساد والمفسدين - فالفساد مستحفل في جسد مؤسسات الحكومات العربية -، ومن المفترض أن تلتزم كافة حكومات دول العالم بمبادئ إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وتمكين وسائل الإعلام والصحفيين من التحقيق في جرائم الفساد بحرية ودون ملاحقة واعتقال للانتقام.
ولكن في الدول التي لا تحترم الحريات ومنها الحرية الإعلامية، يتحول الإعلام إلى وسيلة وأداة من أدوات السلطة المفسدة للتغطية على فسادها الرسمي مما يؤدى إلى انتشار الفساد إلى انحاء جسد مؤسسات الدولة كما يحدث في معظم الدول العربية ومنها السعودية التي تسمى بمملكة الصمت والفساد؛ حيث يتعرض الإعلاميون المخلصون للملاحقة والاختفاء الاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب كما حدث مع الإعلامي الصحفي صالح الشحي الذي تم اعتقاله بعد ظهوره على وسائل الإعلام المرئي وحديثه حول الفساد في مؤسسات الدولة وبالخصوص في الديوان الملكي. وهناك العشرات من الصحفيين والإعلاميين في سجون السلطة بسبب التعبير عن الرأي ورفض الفساد كالكاتب عصام الزامل الذي انتقد بيع شركة أرامكو وغيرهم.
من المسؤول عن الفساد؟ من علامات الفساد في الوطن سرقة الثروة من قبل السلطة والمسؤولين لعدم وجود قانون محاسبة من اين لك هذا، وتمكن الحاكم بصرف الميزانية حسب مزاجه كما حدث عبر دفع مئات مليارات الدولارات إلى الرئيس الأمريكي ترامب، وهدر الثروة الوطنية بشراء القصور واليخوت واللوحات وغيرها كما فعل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتخصيص مبالغ خيالية لأفراد الأسرة الحاكمة وعددهم بالآلاف، في ظل الوضع الاقتصادي السيء للبلاد والشعب حيث قامت الحكومة مؤخرا بفرض ضرائب عالية ورفع الأسعار للمواد الاساسية، رغم صعوبة المعيشة وانتشار البطالة وزيادة نسبة عدد الذين لا يملكون منازل في بلادهم الى نحو 80 % من المواطنين رغم المساحات الشاسعة لأراضي الوطن والثروة الهائلة!.
السلطة وبالخصوص العائلة الحاكمة التي تسيطر على البلاد والعباد، في ظل غياب دولة القانون والمؤسسات، هي التي تتحمل المسؤولية في عدم تشييد وطن حقيقي يمثل إرادة الشعب، وانتشار الفساد في ارجاء مؤسسات الدولة، وبروز الفكر المتشدد والتكفير، وصناعة جيل من الشباب العاشق للانتحار والتدمير، من خلال مؤسساتها الدينية والتعليمية والإعلامية، والاعتقالات التعسفية الواسعة للصحفيين والحقوقيين والمعارضين السلميين للرجال والنساء والأطفال، والقادم أسوأ في ظل أستمرار هذه السياسة الخطيرة للسلطة التي تحاول قمع الأصوات للمواطنين المخلصين وبالذات الصحفيين، وجعل كل صوت إعلامي في الوطن للتطبيل والتمجيد للسلطة فقط لا مكأن لنقد الفساد والأخطاء.
غياب الإعلام الحر وانتشار الفساد
غياب الإعلام الحر القادر على الكشف والتحقيق في قضايا الفساد والمفسدين سبب رئيس في استفحال الفساد والاستبداد والدمار، بالإضافة لسيطرة الحكومة على وسائل الإعلام ليصبح مجرد بوق لصوت الحكومة وقيام اغلب الصحفيين بدور التطبيل والتمجيد وتقديم الشكر للسلطة وللمسؤولين رغم مسؤوليتهم عن كافة المشاكل والأزمات والحروب وانتشار التكفير والكراهية وضياع الثروة وتشويه سمعة الوطن والمواطنين، واعتقال الاف الحقوقيين والنشطاء السلميين والصحفيين بسبب تغطية جرائم الفساد، وهي الجهة المسؤولة كذلك عن انتشار الفساد في إرجاء الوطن، وسرقة الاراضي بأسم منح خاصة لأفراد الأسرة الحاكمة بحيث أصبح نحو 80 % من الشعب لا يملكون منازل!.
إن قيام ولي العهد الامير بن سلمان باعتقال بعض الأمراء المتنفذين وبعض كبار رجال الأعمال والمال بتهمة الفساد، والتحقيق معهم وتعرض بعضهم للتعذيب الوحشي لإجبارهم بالتنازل عن بعض ما يملكونه له (الأمير ابن سلمان) هو عين الفساد والابتزاز لانه قد جرى كل شيء في الخفاء بعيدا عن وسائل الإعلام والشفافية، ولهذا لا يمكن تصديق ما نشر وما قام به الأمير ابن سلمان، كما لا يمكن اعتبار الإفراج عنهم باتفاق مع الامير محمد ابن سلمان أنهم أبرياء من تهمة الفساد الموجهة ضدهم بل مازالت تهمة الفساد تطاردهم ومن حق الشعب معرفة كل شيء بشفافية ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر السماح لوسائل الإعلام بالتغطية لتفاصيل جرائم الفساد، كما لا يمكن لمن هو متهم بالفساد بالتحقيق مع لمفسدين، كما يوجد في البلد شخصيات معروفة ومشهورة بالفساد كابناء الملك فهد بن عبدالعزيز ومنهم الأمير محمد بن فهد فهو مشهور بأمير الشراكة، وأبناء الأمير سلطان بن عبدالعزيز ومنهم خالد بن سلطان، وأبناء الأمير مشعل بن عبدالعزيز حيث كان مشهور بأنه أمير الشبوك، وامراء المناطق الذين سيطروا على الاراضي والمشاريع في المناطق التي تحت ادارتهم، وبذلك يصبح معظم أفراد العائلة الحاكمة متهمين بالفساد فينبغي التحقيق معهم بشكل قانوني وشفاف والسماح لوسائل الإعلام الحرة بالتغطية الحرة، وليس التحقيق فقط مع بعض الامراء مثل بعض أبناء الملك عبدالله بن عبدالعزيز مثل الأمير متعب بن عبدالله الذي تم اعفاؤه من منصب وزير الحرس الوطني واعتقال أخيه الأمير تركي بن عبدالله، والأمير الوليد بن طلال، والأمير عبدالعزيز بن فهد وغيرهم من شخصيات مثل خالد التويجري رئيس ديوان الملك عبدالله ووزير المالية السابق ابراهيم العساف وغيرهم.
لا يمكن أن يتحقق الإصلاح الحقيقي والاعمار وبناء الوطن كدولة حضارية، إلا بوجود دستور يمثل الشعب واحترام القوانين والتشريعات ومنها العدالة والمحاسبة والحرية ومنها الحرية الإعلامية وقيام الإعلام بدوره بالكشف والتحقيق في جرائم الفساد والمفسدين بشفافية وبدون اعتقال وانتقام، وبتسمية الأشياء باسمائها وتحميل السلطة مسؤولية وجود وانتشار الفساد والفتنة والدمار بشكل مباشر وصريح، وضرورة معالجة تلك الأخطاء بحكمة وشفافية، وينبغي على الشعب عدم السكوت عن الفساد والمفسدين، وعمن يقصر او يستغل منصبه. بل لابد من المطالبة باحترام قوانين الدستور الذي يمثل إرادة الشعب، ورفض اعتقال النشطاء السلميين، وكذلك رفض الاعتقال والانتقام من الصحفيين الذين يكشفون الفساد ويفضحون المفسدين، ورفض اعتقال من يعبر عن رأيه. ان السكوت عن الفساد والمفسدين جريمة بحق الوطن والمواطنين.
ارسال التعليق