حدث وتحليل
اعتقال الشيخ الحوالي.. لا صوت يعلو فوق صوت الحاكم
[ادارة الموقع]
تجدد الحديث عن مسألة الحريات في السعودية بعد عودة الاعتقالات بشكل مفضوح وفظ الى الساحة مع اقدام الاجهزة الامنية التابعة لآل سعود على اعتقال الشيخ سفر الحوالي مع عدد من افراد عائلته على خلفية تسريب معلومات عن كتاب يؤلفه حول العلاقة بين المجتمعات الاسلامية والغرب، تحت مسمى "المسلمون والحضارة الغربية" ينتقد فيه طريقة حكم آل سعود في الجزيرة العربية وكيفية تصرف الحاكم بأمره ولي العهد محمد بن سلمان الذي ينقل البلاد من مجتمع تحكمه الاعراف والتقاليد الى بلد تشيع فيه الحفلات الغنائية والراقصة في ضرب لكل القيم والمبادئ الوطنية وبث الثقافة الغربية فيه بدون اي اعتبار للنتائج التي ستترتب على ذلك في المستقبل القريب والبعيد، لا سيما انها تستهدف بشكل مباشر جيل الشباب الذي يشكل الركيزة الاساسية لمستقبل أي وطن.
ومسألة اعتقال الشيخ الحوالي تظهر بوضوح ضيق صدر الحاكم ابن سلمان الذي لا يقبل توجيه اي نقد له وينقض بنفسه كل الادعاءات والشعارات المزيفة التي يسوقها عن فتح الباب امام الحريات وايصال الحقوق لاصحابها عبر رفع راية السماح للمرأة بقيادة السيارة او جلب بعض المغنيين العرب والاجانب الى بعض المدن السعودية لإحياء حفلات تساهم بنشر الفاحشة بين الناس بدون أي حدود فاصلة او أي اعتبار للاحكام الشرعية في هذا المجال وفي كيفية اقامة هذه الفعاليات.
محاولة لملمة الموضوع..
وقد عمدت السلطات السعودية الى اعتقال الشيخ الحوالي قبل نشره لكتابه في محاولة للملمة الموضوع الذي جاء كصرخة واضحة على كل ما فعله محمد بن سلمان بحق المؤسسة الدينية ومشايخ السلفية و"هيئة الامر والنهي عن المنكر" واعتقال عشرات المشايخ الذين قد يشكلون خطرا على سياسة الملك سلمان ونجله الحالم بكرسي الملك لعشرات السنين في السعودية، فحديث الحوالي عما يجري في السجون والبلاد من كم للافواه واعتقالات تهدف لتغيير وجه المجتمع وغيرها من الانتهاكات، كلها ذرائع اكيدة سيتمسك بها ابن سلمان واجهزته الامنية لاعتقال الحوالي وكل من له علاقة بالرجل او بالكتاب الذي يؤلفه، والزج بهم لفترات طويلة في غياهب المعتقلات.
ولكن هل اعتقال صاحب هذا الكتاب يعني ان هذه المسائل ستغيب عن عقول الناس وعن يومياتهم؟ هل الاعتقالات ستلغي التجاوزات والممارسات اللاقانونية والقمعية بحق مختلف الفئات والتي لم توفر حتى أبناء عمومة محمد بن سلمان؟ وأين كل الحديث عن الانفتاح والحريات ودولة القانون التي يتم من خلالها الترويج لابن سلمان ومستقبل السعودية على يديه؟ وأي مستقبل لهذه البلاد لو فعلا وصل واستلم محمد بن سلمان الحكم؟
ثبات آل سعود.. في قمع الناس!!
الاكيد ان ممارسات آل سعود لم تتغير اليوم عما كانت في الماضي بل تتواصل الممارسات التعسفية والقمعية من اعتقالات وتعذيب بالسجون وغيرها من قطع للرؤوس وانتهاك لحقوق الدفاع، إلا ان ما يجري اليوم مع ابن سلمان انه رفع لواء الحقوق والحريات المزيفة بينما حكام آل سعود في السابق كانوا يلتزمون الصمت ولا يقبلون الحديث عن رأي آخر او حقوق مختلفة، في حين ان آل سعود اليوم وبالامس لا يؤمنون بوجود رأي آخر ولا يقبلون بوجوده بل يعملون على سحق اي كان قد يشكل خطرا عليهم وعلى حكمهم سواء كان ذلك من رجال الدين او رجال الاعمال او من ابناء آل سعود، ولذلك لم ينفع الشيخ الحوالي إعطاء انتقاداته تعبير "نصائح" لاقناع الاجهزة الامنية بنواياه تجاه آل سعود، فالرجل بمجرد التعبير عن مواقفه المعارضة لأداء السلطة فإن السجن سيكون بانتظاره.
والحقيقة ان أسلوب وطريقة اعتقال الشيخ الحوالي وهو رجل سبعيني، يحمل في طياته الطريقة التي تفكر بها السلطة السعودية التي لا تقيم اي وزن او احترام للشخصيات الثقافية او الدينية من اي مذهب كانت ولاي فئة انتمت، كما لا تقيم اي اعتبار لعمر الانسان وظروفه الصحية والاجتماعية، فكل ما يهم الحاكم في السعودية ان يكون الفرد منصاعا لاوامره ورغباته وسياساته ايا كان هذا الفرد سواء من رجال الدين او غيرهم، ففي الانظمة الديكتاتورية لا مجال للحديث إلا عن السلطة المطلقة للحاكم الذي تصبح ارادته هي القانون والقضاء ويلعب بذات الوقت دور الشرطي والجلاد، فلا صوت في السعودية يعلو فوق صوت ابن سلمان.
ارسال التعليق