ال سعود على خطى الصهاينة في التمعن بالإجرام
[جمال حسن]
حقيقة بشعة ومروعة جداً يجب أن لا تبقى طي الكتمان ويتجاهلها الشارع السعودي ولا الرأي العام العالمي، لكنها واقعاً لا يمكن أنكاره يعكس تمعن الأسرة السعودية الحاكمة خاصة خلال الحقبة السلمانية الحالية، التمعن بالجريمة وبابشع صورها ما تقشعر لها الأبدان وتصدم الضمير الانساني بشكل كبير يستدعي تحرك شعبي وأممي وتنظيمي للتنديد به بكل الأشكال.
فقد أفصحت مصادر مقربة من القرار الملكي السعودي عن مواصلة السلطات الحاكمة احتجازها لجثامين أكثر من 90 شهيداً من خيرة أبناء الحجاز من علماء ومفكرين ودعاة ونشطاء ومتظاهرين مسالمين أطفالاً وشباباً وشيوخاً تمت تصفيتهم وقتلهم بطرق مختلفة، غالبيتهم طالهم "سيف الحرابة بالخروج على الولي" ظلماً وزوراً وبهتانا.
تعلم آل سعود درس التمعن بالجريمة والبطش بالمعارضة من أشقائهم الصهاينة الذين ينتهجون ذات السياسة في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ أكثر من سبعة عقود، حيث كشفت مصادر فلسطينية وأخرى دولية عن استمرار إحتجاز تل أبيب لجثامين أكثر من 250 شهيداً فلسطينياً وتمتنع من تسليمها الى ذويهم، خاصة اولئك الذين قامت بتصفيتهم في الشوارع أمام أنظار المارة خلال الفترة الزمنية القريبة بتهمة "محاولة الطعن".
ويقول مراقبون "أن الاحتلال الإسرائيلي والسلطات السعودية هما الأنظمة الوحيدة التي تشرع لبقائها قوانين إحتجاز الجثامين، متذرعة بأن تسليم الجثامين يشكل خطراً على أمنها، فيما القانون الدولي يعاقب على هذه العملية الإجرامية البشعة ويعتبرها إنتهاك لحقوق الموتى بأبشع الأشكال".
الأمر في المملكة لم يتوقف عند هذا الحد بل وتواصل وزارة داخلية محمد بن سلمان سياسة تضييق الخناق على أتباع المذاهب الاسلامية الاخرى في بلاد الحرمين الشريفين وتشدد من سياسة الترهيب والتهديد والقمع لذوي الضحايا، وتمنع أهاليهم حتى من فتح منازلهم لإقامة مراسم العزاء على أبنائهم الشهداء خصوصا في المنطقة الشرقية والمدينة المنورة.
كما منعت سلطات آل سعود أهالي المنطقة من تقديم واجب العزاء الى عوائل الضحايا الأبرياء، حتى عبر اتصالاتهم الهاتفية أو القيام بزيارتهم في منازلهم؛ وهددتهم بالملاحقة الأمنية في حال القيام بذلك أو إقامة مجالس العزاء وإن كانت مختصرة على أبناء العائلة الواحدة على أرواح الشهداء دون أيّ مبررات قانونية أو أخلاقية.
وقال مسؤولون ونشطاء فلسطينيون إن سلطات الاحتلال الصهيوني ما زالت تحتجز 253 شهيدا فلسطينيا في مقابر الأرقام وترفض تسليم جثامينهم لذويهم. وهو ما تفعله سلطات الرياض حيث تمتنع من تسليم جثث الضحايا الى عوائلهم ولايعرف أين تحتجزهم.
من جانبه قال عضو الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء سالم خلة، إن الحملة نجحت في تحرير 121 جثمانا من مقابر الأرقام الإسرائيلية، وما يزيد على 180 جثمان آخر من "ثلاجات الاحتلال" فيما هناك مئات آخرين لن يتم الإفراج عنهم حتى الآن.
كما وإن هناك جثامين شهداء تحتجزهم سلطات آل سعود منذ حوالي 25 عاماً ومنهم محمد علي القروص، وخالد عبد الحميد العلق، وأزهر علي الحجاج، وعلي عبد الله الخاتم وغيرهم؛ وهناك من له عدة سنوات أو أشهر ومنهم رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر الذي أعدمته السلطات في يناير 2016، وكذا الشيخ محمد عبد الغني العطية ضمن مجموعة السبع والثلاثين (33 منهم من المنطقة الشرقية) الذين أعدموا بتاريخ 23 أبريل/نيسان 2019 في ست مناطق هي، الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والشرقية والقصيم وعسير.
وقد حطمت سلطات آل سعود الرقم القياسي في حملات الإعدام ضد المواطنين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى المطالبة بالعدالة والمساواة وفرص العمل وحرية التعبير ورفضهم للتمييز الطائفي والأسري والقبلي - وفق ما نشرته مجلة "بيزنس إنسايدر" الأمريكية كاشفة عن إعدام 80 مواطناً سعودياً بتهم واهية خلال الأشهر الأولى من العام الماضي.
ولا تزال منظمة العفو الدولية ومفوضية حقوق الانسان وهيومن ووتش رايتس وعشرات المنظمات الدولية الناشطة في مجال حقوق الانسان، تندد في بياناتها بالإعدامات الجماعية التي تشهدها المملكة مشيرة الى أن المحاكمات ليست نزيهة والاعترافات تنتزع تحت التعذيب.
والأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية الذراع الديني الداعم لسلطة آل سعود على بلاد الحجاز تدعم على الدوام هذه الأحكام الإجرامية على الدوام، وتعتبرها تنفيذ الأحكام القضائية (الاعدام الوحشي بحد السيف) بحق المتهمين هو "تطبيق لأحكام الشريعة"، وأن أحكام الإعدام "تحقق مصالح العباد، وتصون أمنهم واستقرارهم، وتردع المفسدين في الأرض"- على حد تعبيرها.
هذا وتداول مغردون مقاطع فيديو تظهر بعض من تم إعدامهم ظلماً وفرعنة ومنهم عبد الله سلمان صالح آل سريح، وهم يشرحون أسباب مشاركتهم في الاحتجاجات "السلمية" اعتراضاً على ظروف الحياة الصعبة، قبل اعتقالهم وإعدامهم من قبل سلطات ال سعود.
وفي قائمة أكثر دول في العالم تنفيذاً لعقوبة الإعدام عام 2019 جاءت السعودية في المرتبة الثانية بأكثر من 190 شخصاً، تعرض غالبيتهم للضرب بعصي كهربائية وغيرها من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي وحتى التحرش الجنسي، كما قالت "أمنستي" مشيرة الى أن حسين المسلم أحد الذين أُعدموا في 23 نيسان/أبريل 2019 والذي لحقت به إصابات متعددة، منها كسر في الأنف وكسر في عظمة العنق وكسر في الرجل، أثناء احتجازه في الحبس الانفرادي.
من جانبها أشارت المنظمة "الأوروبية السعودية لحقوق الانسان" الى مخالفة سياسة احتجاز الجثامين للقانون الدولي، وتعاليم الدين الإسلامي التي تزعم سلطات ال سعود أنها تستقي منه أنظمتها، تاركت أسر الضحايا في عذابات نفسية لا انفكاك منها ولا مهرب من الخروج من دائرتها.
وسبق أن نبهت منظمات عديدة ناشطة في مجال حقوق الانسان وحرية التعبير، من أن الرياض لم تستجب للكثير من النداءات والمطالب التي تدعوها لإيقاف عقوبة الإعدام، أو التخفيف منها، غير أن سلوكها المشين باحتجاز الجثامين يفصح عن إستهتارها البالغ بالحدود الإنسانية والقانونية، ويكشف عن عمق اضطهاد شعب بلاد الحجاز وما يعانوه من إنتهاكات خطيرة للحق في الحياة.
وكشفت مصادر سعودية أنه من بين الجثامين المحتجزة لدى السلطات السعودية هناك مجموعة من الشهداء الذين تم اغتيالهم في شوارع وأزقة ومنازل المنطقة الشرقية والرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة، بسبب تعبيرهم عن رأيهم وممارستهم بحقهم في حرية التعبير السلمية.
كما اشارت المصادر الى وجود العديد من جثامين الأطفال من بين الجثامين المحتجزة لدى سلطات الرياض، منهم الطفل مصطفى أبكر، ومشعل الفراج، وعبد العزيز الغامدي؛ وكذلك الطفل المتظاهر علي آل ربح، والمتظاهر محمد الشيوخ. وكذا الطفل محمد الصويمل الذي لم توجه له أي تهمة فيها قتل أو دم، وكذلك المعاق ذهنياً عبد العزيز الطويلعي.
وأضف الى هؤلاء جثت المواطن عبدالرحيم الحويطي الذي قتلته بلطجية محمد بن سلمان (فجر 15/4/2020) بدم بارد في وضح النهار وأمام أعين الناس في قرية الخريبة شمال غربي البلاد، حيث مقرر أن يقام مشروع نيوم لتحقيق أحلام "المنشار"، بعد أن رفض التهجير القسري والتنازل عن منزله، حيث سحبت جثته من قبل قوات الأمن التي قتلته، ومن ثم تم إخفاء الجثة لترتفع أعداد الجثامين المحتجزة في لدى النظام السعودي الى أكثر من 90 جثماناً.
ارسال التعليق