الأنظمة العربية: تاريخ من الفساد وسفك الدماء
[علي ال غراش]
بقلم: علي ال غراش هناك قلق شديد نتيجة غياب الحكمة في الإدارة السياسية، في ظل إصرار بعض الأنظمة العربية على مواصلة سياسة التخبط والتأزيم، واستخدام أسلوب العنف والقمع والاعتقالات التعسفية وسفك الدماء وقطع رؤوس كل من يطالب بالإصلاح .. وذلك لترهيب وتخويف المواطنين والتمسك بالحكم، والفساد لسرقة أكثر ما يمكن، وهدر المال العام للحصول على الدعم الغربي والأمريكي بشكل خاص لحماية عروشها. إن من أسوأ الأساليب التي استخدمت لإجهاض حراك الشعوب العربية هو التخوين وتشويه سمعة كل من يشارك في الحراك والمظاهرات والاعتصامات السلمية، والترويج للعنف والفوضى والتجييش الطائفي البغيض والتفرقة والاعتداء وشن الحروب من قبل بعض الأنظمة الحاكمة الرافضة للحراك الشعبي للتغيير والإصلاح في البلاد التي تحكمه أو في الدول المجاروة.
والأخطر من ذلك إشعال نار الكراهية والعنف والتحريض والتجييش عبر الزج بالشعوب المهمشة والمحرومة من حقوقها ليكونوا حطبا لتلك النار، وحتما من يلعب بالنار لن يسلم منها فإنها ستحرقه عاجلا أو آجلا فهي لا تميز بين الأشخاص ومكون وآخر، وبالخصوص عندما يشعل النار صبيان يفتقدون للحكمة والخبرة والحلم والعلم والدراية.
لقد ارتكبت بعض الحكومات العربية جرائم فادحة من خلال استخدامها للعنف في مواجهة اي حراك مطلب وإصلاحي، وتشويه سمعة المتظاهرين السلميين كما حدث في البحرين حيث ارتكبت حكومة المنامة جريمة وحشية بالهجوم على المعتصمين في ميدان دوار اللؤلؤة فجر يوم الخميس الأسود 2011 ، وللاسف الشديد لم يقم الإعلام وبالخصوص العربي بتسليط الضوء حول حقيقة ما حدث ليعرف العالم حقيقة المجزرة الدموية على أيدي عسكر السلطة، بل على العكس وسائل الإعلام تبنت الروايات الحكومية الكاذبة والمزيفة ..، ولكن بعد أكثر من 8 سنوات على الجريمة تم كشف بعض الحقائق عبر برنامج ما خفي أعظم على قناة الجزيرة!. ومن يريد معرفة البسيط مما حدث ودور السلطة في المجزرة ليشاهد تلك الحلقة.
وبنفس السيناريو قام المجلس العسكري في السودان بقيادة البرهان وحميدتي بارتكاب جريمة وحشية لفض اعتصام المتظاهرين السلميين أمام القيادة العامة بالاعتداء على المعتصمين في ليلة عيد رمضان 2019 وإستهداف النساء بالخصوص وانتهاك الأعراض (..) وسقوط عدد من الشهداء والمصابين.
إنها مذابح وحشية رسمية نفذت بتخطيط ومساندة من الحكومات العربية الرافضة لأي حراك شعبي في أي دولة عربية حيث انها دعمت بالمال والاعلام وإرسال قوات ومركبات وأسلحة للانظمة المجرمة القاتلة لتنفيذ الجرائم ضد الشعوب.
هناك حكومات عربية مستبدة ومفسدة تدعم العنف والتسلح والحروب في الأقطار العربية لضرب واجهاض اي حراك وثورة شعبية، ولتحقيق مصالحها، لقد تم هدر المال العربي وسفك الدم الوطني والعربي وتدمير بلدان عربية وتهجير الملايين من العرب من أوطانهم! وأشارت إحصائيات دولية بأن قيمة ما يشتريه العرب من أسلحة كل عام يزيد عن 100 مليار دولار سنويا. وقالت شركة متخصصة إن السعودية تدفع واحدا من سبعة دولارات تنفق على شراء الأسلحة في العالم. ولو تم صرف جزء من هذه المبالغ على التنمية في العالم العربي لجعله أفضل بيئة للعمل والاستقرار.
لا شك أن السلطات الحاكمة المستبدة والمفسدة في المنطقة هي سبب ما يحدث في المنطقة العربية من مشاكل وأزمات وحروب عبثية وإشعال الأزمات وإثارة للفتن بشعارات وطنية ودينية وطائفية بغيضة، واستهداف للنشطاء والحقوقيين الإصلاحيين السلميين بالاعتقال والقتل. وتلك لعبة خبيثة وخطيرة من قبل الأنظمة الحاكمة التي تحاول استغلال الوطن والقومية والدين والقمم العربية لمصالحها السياسية. والحقيقة أن الأديان والمذاهب والطوائف بريئة لا علاقة لها بما يحدث. كما إن الحكومات التي تنصب نفسها مقام الرب الأعلى وتستغل الدين لفرض سيطرتها، وتنفذ كل ما تريد من فساد وقتل باسم الشرع، هي الأسوأ لأنها تشوه سمعة الدين.
من يثير الأزمات والحروب والخلافات ويدعم الاستبداد والقمع، ويزج بالشعب العربي في وطنه ضد الشعوب العربية في الدول الاخرى لا يهمه الدين ولا مصلحة البشر ولا الأمة ولا الوطن ولا المواطن ولا نجاح القمم العربية، بل هو يستغل الدين كما حدث مؤخرا خلال قمة مكة المكرمة، ويستخدمه لتحقيق مآربه وأهدافه الخاصة التي هي ضد أهداف رسالات الأديان السماوية الحقيقية التي نزلت لمصلحة الناس من كل الأديان والألوان.
من يراقب وضع الدول العربية يرى ان بعض الأنظمة العربية الحاكمة تتجه نحو المزيد من القمع والاعتقال وسفك الدماء، والمزيد من الفساد وهدر المال العام، والاعتماد على المرتزقة وحماية الدول الأجنبية مما يدل على ان تلك الأنظمة ضعيفة وخائفة من الشعب، ولكن استمرار هذه السياسة القمعية ستؤدي إلى احتقان ثم انفجار الشعوب، ومهما طال القمع والقيد والتعذيب والقتل .. فان إرادة الشعب ستنتصر.وإن الجكومات التي تتعامل بالقبضة الحديدية والدموية وملاحقة واعتقال وتعذيب وسجن أو تصفية كل من ينتقد ويعارض حكمها أو يخرج في مظاهرات ..، ورفضها لسياسة الحوار الوطني وتفهم مطالب الشعب وحل المشاكل بطريقة سلمية ..، سينمي روح الانتقام وسيؤدي لبرك من الدماء.. فالدم يجر الدم.
السلطات الحاكمة بسبب سياستها المستبدة والمفسدة هي المسؤولة عن مشاكل وازمات الأوطان والمواطنين والفشل بناء دول حضارية ناحجة وعالم عربي مستقر، كما ان فشل القمم العربية هو نتيجة غياب المشروع العربي الحقيقي الذي يمثل إرادة الأمة العربية، وغياب المعاملة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، وغياب الحقوق والمشاركة الحقيقية للشعوب في تقرير المصير واختيار النظام والدستور حسب إرادتها عبر صناديق الانتخابات المباشرة، وغياب الحرية واحترام التعددية والتنوع وانتقال السلطة بسلمية.
إن سجل الحكومات العربية وبالخصوص في التاريخ الحديث مليء بالفساد والاستبداد والقمع للشعوب العربية المقهورة والمهمشة التي مازالت تحلم بالعيش في وطن عربي ينعم الجميع فيه بالعدالة والحرية والكرامة والديمقراطية.
ارسال التعليق