التطبيع الإماراتي يتحرك بسرعة فائقة!! ومقولة بيريز تتحقق!!
[عبد العزيز المكي]
لعل البعض يتذكر مقولة المقبور الصهيوني "شيمون بيريز" أحد ابرز القيادات الصهيونية في القرن العشرين، التي أطلقها بعد اتفاق "أوسلو" الذي وقعه مع "ياسر عرفات" رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في اوسلو في بداية عقد التسعينات، والتي طالب فيها (بالسلام) الاقتصادي، أي ان يكون التطبيع الاقتصادي بين الكيان والدول العربية بما فيها مناطق السلطة الذانية الفلسطينية، ركنا أساسياً من أركان الاتفاقات "السلمية" مع العدو، ومن التطبيع مع الدول العربية، وحينها قال ان إسرائيل ستصبح سنغافورة الشرق الأوسط، لأن الدول العربية لديها الأموال، ولدينا التكنولوجيا المتطورة، وما يخلق ذلك طفرة اقتصادية في "إسرائيل" وفي المنطقة العربية بحسب زعمه، ورغم انه لم يسمِّ الدول العربية المشار اليها، لكنه بدون شك كان يؤشر الى الدول العربية الخليجية، لان هذه الدول وحدها مَنْ تمتلك رؤوس الأموال الطائلة!
وفيما اعتبر البعض من المحللين العرب يومذاك مقولات بيريز مجرد هراء وأوهام لا تتحقق، فأنها اليوم تتحقق، ولو كان بيريز حيّاً لأقام الاحتفالات ولرقص طرباً، لما يحصل اليوم من هرولة متسارعة وبحماس منقطع النظير نحو التطبيع الاقتصادي من جانب الإمارات مع العدو، كدرجة حتى ان بعض مسؤولي هذا العدو وبعض صحفييه ومعلقيه أعربوا عن ذهولهم من هذا الحماس الإماراتي لتوطيد العلاقات الاقتصادية ولفتح كل أبواب التعاون والاتفاقات والمعاهدات الاقتصادية مع الجانب الصهيوني، لانهم لم يكنوا يتصوروا يوماً أن يهرول الإماراتيون بهذه السرعة الفائقة نحو توطيد آفاق التعاون الاقتصادي، مع العدو دون أن يقدم العدو أية مغريات تجعل هؤلاء كذلك، او تبرر لهم هرولتهم المخزية، ما دفع بهؤلاء المسؤولين وعلى رأسهم نتنياهو وبعض الاعلاميين والمعلقين الى القول ان المناخ تغير في هذه الدول لصالح الكيان، وفسر نتنياهو ذلك بما اسماه "قوة إسرائيل" وفسر آخرون، بخوف الانظمة من ايران!! وما الى ذلك..
على أي حال، منذ الاعلان عن توقيع الاتفاق التطبيعي الإماراتي الصهيوني في واشنطن قبل أقل من شهرين، ونشاط التعاون الاقتصادي بين الطرفين الإماراتي والصهيوني لم يتوقف، فوكالات الأنباء الإماراتية والصهيونية تنقل لنا تباعاً أخبار اللقاءات بين مسؤولي الطرفين، وزيارات وندوات وما الى ذلك، واخبار توقيع الاتفاقات والمعاهدات، وفي كل المناحي والمجالات الاقتصادية، مع ملاحظة ان العدو هو الآخر يسابق الزمن في التجاوب مع الحماس الإماراتي في عقد هذه لاتفاقات وفي متابعتها، من منطلق استراتيجية واضحة المعالم والاهداف بعكس الإمارات التي تتعامل بالانفعاليات وردات الفعل وغياب الأفق الاستراتيجي!
الاستراتيجية الصهيونية التي يرتكز عليها النشاط والتحرك الصهيوني على الصعيد الاقتصادي مع الجانب الإماراتي لم تكن وليدة اليوم وأ أنها وضعت بعد التطبيع الرسمي مع الإمارات وبقية الدول العربية المطبعة حديثا، ونما هي كانت موضوعة ومرسومة منذ عهد بيريز، لأنها ترتبط ارتباطاً جدلياً بمنظومة المفاهيم والقواعد التوراتية والوعود بإقامة ما يسمى "إسرائيل الكبرى" بحسب التوراة، وبحسب واضعي الاستراتيجيات الحديثة من المفكرين والسياسيين الصهاينة، يشكل النشاط والتمدد الاقتصاديين للعدو في الدول الخليجية حلقة أساسية ومفصلية لتحقيق الأهداف التوراتية في اقامة الكيان اليهودي، أو توسيع هذا الكيان بعبارة أدق ليمتد من النيل الى الفرات!!
ومن مفردات هذه الإستراتيجية نشير الى ما يلي:
1ـ الاستحواذ على أموال الدول النفطية الخليجية الغنية وتوظيفها في تطوير المشاريع الصناعية والاقتصادية للعدو، فهذا الأخير لا يمتلك الأموال ويعتمد على المساعدات الامريكية السنوية والفصلية، والتي هي بالاساس أموال متقطعة من مدخرات السعودية والإمارات النفطية في البنوك الأمريكية، ولذلك فأن تأخر او إنقطاع هذه المساعدات سوف يؤدي الى أزمة والى تعطيل كل المشاريع الاقتصادية والأمنية والعسكرية وما اليها في الكيان الصهيوني، ومنذ عقود وضع المفكرون الصهاينة وقضية الاستغناء عن المساعدات الامريكية بايجاد بدائل عنها، ولذلك او لهذا السبب نلاحظ التهالك الصهيوني نحو الاستحواذ على اكثر ما يستطيعه الصهاينة من جلب الأموال الإماراتية النفطية وتوظيفها في مجالات التنمية داخل الكيان والتطوير أيضاً وبكل أشكالها ومناحيها. ذلك بكل الوسائل المتاحة، ومنها ربط البنوك الإماراتية بالبنوك الصهيونية وفي هذا السياق قال "بنك أبوظبي الاول" انه شرع بنقاشات مع بنكي "هبوعليم" و"لئومي" الصهيونيين، لتأسيس علاقات مصرفية تعزز التعاون المالي والاقتصادي بين الطرفين الإمارات والكيان الصهيوني"!! وفي 8 سبتمبر وصلت بعثة اقتصادية إسرائيلية، برئاسة مدير بنك "هبوعليم" وبمشاركة رجال أعمال الى الإمارات، لتبحث مع رجال أعمال ومسؤولين إماراتيين سبل الاستثمار والتعاون الأقتصادي". وفي "15 سبتمبر" وقع بنك "لئومي" الإسرائيلي مذكرتي تفاهم للتعاون مع كل بنك "أبوظبي الأول" الاكبر في الإمارات، وبنك "الإمارات الوطني"، بل ان هذا الأخير وقع اتفاق تعاون مع البنك الصهيوني المذكور الذي هو أكبر بنك في الكيان المحتل!! وفي السياق ذاته قال مصرف أبوظبي الاسلامي، المدرج بسوق أبوظبي المالي، انه وقعّ مذكرة تفاهم مع بنك لئومي الصهيوني ثاني اكبر بنك في الكيان الغاصب، لاستكشاف مجالات التعاون بين الطرفين واسواق دولية أخرى!! وللأشارة فأن رئيس بنك "هبوعليم دوف كوتلر" كان قد وصف زيارة وفد البنك الصهيوني المشار اليه للإمارات بأنها فرصة فريدة لاقامة علاقات وتعاون حد اقتصادي بين "بلدينا" وانظمتهما المالية مما سيحقق النمو الاقتصادي للطرفين" على حد زعمه وأضاف أن "ثمة رغبة ثنائية عاجلة لاقامة علاقات إقتصادية قوية"! والى ذلك فإن الاستثمار وسيلة أخرى من وسائل العدو لجلب الأموال الإماراتية والاستفادة منها في تطوير وتنمية الاقتصاد الصهيوني ففي هذا وقع الطرفان إتفاقاً على تشجيع وتأمين الاستثمارات بينهما، بعدما توصلت وزارتا المالية فيهما الى هذا الاتفاق، وكشفت وسائل الاعلام الصهيونية بأن هذا الاتفاق "أحد أهم الاتفاقات الأولية بين الدولتين.." وقالت وسائل الأعلام تلك، ان هذا لاتفاق هو الأول من نوعه تتوصل اليه "إسرائيل" مع دولة من دول المنطقة، واشارت المصادر الصهيونية الى أنه، اي الاتفاق، يكرس آليات تطوير الاستثمارات وتأمين المستثمرين "الإسرائيليين" الذين يعملون في الإمارات، والمستثمرين الإماراتيين الذين يعملون في الكيان الصهيوني واضافت تلك المصادر الصهيونية ان الاتفاق "يمثل إطاراً قانونياً ملزماً للجانبين ويهدف الى تكريس بيئة استثمارية مريحة ويشجع على القيام بانشطة إقتصادية متبادلة عبر منح سلة من الأدوات والالتزامات للمستثمرين"! اكثر من ذلك ان وزير المالية الصهيوني "يسرائيل كاتس" قال معلقاً على هذا الاتفاق: "حقيقة ان هذا الاتفاق الاقتصادي المهم كان أول الاتفاقات التي تم توقيعها ويدل على قوة العلاقات الاقتصادية التي تم ارساؤها بين "الدولتين"، علاوة على انه يعكس الأهمية الاستراتيجية للعلاقة مع الإمارات ودول المنطقة، وهذا يمثل جزءاً من سياسة واسعة نركز عليها في وزارة المالية والحكومة لتطوير التعاون الاقتصادي والدولي" على حد قوله، والذي أضاف قائلاً: "هذا الاتفاق سيمثل حجر الاساس لمأسسة العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، مع التركيز على زيادة الاستثمارات والتعاون بين القطاع الخاص"!!
من جهته نائب وزير المالية الإماراتي "يونس حاجي الخوري" علق هو الآخر قائلا، ومؤيداً ما أشار اليه وزير المالية الصهيوني: "الإمارات وقعت على 99 إتفاقاً لتشجيع الاستثمارات وتأمينها مع شركائها الاستراتيجيين، ونحن فخورون بتوسيع شبكة اتفاقات التعاون. ونحن نتوقع أن نكون الدولة العربية الأولى التي تتوصل الاتفاق لتشجيع وتأمين الاستثمارات مع إسرائيل وهذا سيعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدولتين ويشجع التنافس ويغري بالاستثمار في الدولتين جزءاً من خارطة الاستثمارات العالمية! على حد قوله وزعمه هذا، وشهدت الحركة النشطة بين الطرفين توقيع اتفاقات جديدة وفي مجالات اقتصادية مختلفة ومتنوعة من أجل تعزيز فرص الاستثمار، حيث كان رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" قد علق على هذه الاتفاقيات بانشراح وسعادة قائلاً: "هذه الاتفاقيات ستوحد السلام الدبلوماسي مع السلام الاقتصادي، وستضخ المليارات في اقتصادنا من خلال الاستثمارات"!
ولتعزيز هذه الاستثمارات بتوظيف الكيان الصهيوني الأموال الإماراتية تم الاتفاق على تأسيس أو إنشاء ما يسمى بـ "الصندوق الابراهيمي" للاستثمار والتنمية وتعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق الازدهار في الشرق الاوسط وخارجه"!! وبقيمة ثلاثة مليارات دولار كمرحلة أولى، وهذا ما اعلنت عنه الإمارات والكيان الصهيوني والولايات المتحدة. وبخصوص هذا الصندوق يصرح المدير العام لمكتب رئيس الوزراء الصهيوني "روئين بيرتيز": "بأن الصندوق الإبراهيمي هو أداة لتحقيق رؤية القادة من أجل تعزيز التعاون الاقليمي، وبأنه سيدعم براعة رواد الأعمال وينتج قائمة من الأدوات المالية اللازمة، كما يوفر التسهيلات من الحكومات الثلاث- الأمريكية والصهيونية والإماراتية- والدعم في إنشاء المشاريع على أرض الواقع" على حد قوله.. وفيما يحاول المحللون والمسؤولون الإماراتيون التضليل على الهدف الحقيقي من وراء إنشاء هذا الصندوق بالادعاء انه سيحقق العوائد الكبيرة لكل الاطراف الثلاثة الأمريكان والصهاينة والإماراتيون، فأن الباحث الروسي في الدراسات العربية والاسلامية في معهد الدراسات الشرقية "بوريس دولغوف" يرى أن ثمة هدفا آخر غير ما ذكره الإماراتيون بالقول: "من الضروري أن نضع في اعتبارنا وقبل كل شيء سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، واذا نظرنا الى نطاق أوسع قليلاً، فأن الغرض من هذه المشاريع هو تشجيع الدول العربية على التعاون مع إسرائيل، على الأقل في المجال الاقتصادي"! ويذهب هذا الباحث الروسي الى اكثر من ذلك في التوضيح بقوله بأنه يرى بأن الفائدة من هذا الصندوق والصناديق الأخرى المماثلة التي وعد بانشائها وزير الدولة الإماراتي أحمد الصايغ، مختلفة بين الاطراف المشاركة ويقول: "يمكن تنفيذ هذا الصندوق جزئياً على الأقل، وسيكون مربحاً لدول الخليج كونها تتطلع الى تبادل الاستثمارات مع إسرائيل وإقامة تجارة معها!! لكن شتان بين الربح المادي المحدد الذي ستحصل عليه بحسب ما يراه هذا الخبير، والربح الكبير الذي تطمح اليه دويلة الاحتلال من خلال توظيفها الأموال الإماراتية في مشاريعها الصناعية والبحثية، اذ يتابع الخبير الروسي دولغوف بالقول بهذا الصدد: " أما بالنسبة الى إسرائيل فهي تحاول أن تتقدم جيو سياسياً في المنطقة، وهذا المشروع سيساعدها بشكل كبير، وسيحقق تقدما إيجابياً في هذا المجال"!! بمعنى ان الكيان الصهيوني يتقدم هذه الدول المطبعة في المجالات الزراعية والصناعية والبحثية لكنه يفتقر الى الأموال، إلى رؤوس الأموال اللازمة لمواصلة هذا التقدم وهنا تأتي الأموال الإماراتية لتكون "هبة للعدو" كما قال أكثر من صهيوني سياسي وإعلامي لتشغيل المصانع الصهيونية ولتحقيق الأرباح وتوفير القوة المالية والاقتصادية التي تعتبر بنظر المنظرين الاستراتيجيين أحد أركان وقوائم المشروع الصهيوني المهيمن والممتد من النيل الى الفرات! وهذا ما يفسر سبب هجوم أصحاب الشركات والمصانع في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والتطوير وما الى ذلك على الإمارات ما دامت رؤوس الأموال اللازمة باتت متوفرة بوفرة لان الإمارات كما يقول أحد المسؤولين الصهاينة تمتلك اكبر احتياطي سيادي من النقد في المنطقة برمتها.. "فيوناتان بن حموزغ" رجل الاعمال الصهيوني والرئيس التنفيذي لشركة "أعرينت" المتخصصة في أجهزة الاستشعار الزلزالية لاكتشاف الحشرات التي تأكل أو تدمر أشجار النخيل من الداخل، سافر برفقة 13 من رجال الاعمال الصهاينة الآخرين الى الإمارات في رحلة إستغرقت أربعة أيام نظمتها شركة "جيروزاليم فينتشر بارتيزر"!! كما ان "أريل مارغليت" مؤسس الشركة المذكورة، وهو واحد من كبار أصحاب رؤؤس الأموال في الكيان الصهيوني ويدعم 150 شركة صهيونية ناشة في مجال التكنولوجيا يصر على ان الشراكات الاقتصادية مع الإمارات في قطاعات المال والتكنولوجيا والغذاء، ستكون ذات مردود كبير على إسرائيل ويتوقع ان تكون الإمارات بوابة إسرائيل الى الاسواق العربية التي لا تزال بعيدة عن الكيان العبري!! ويقول مارغليت "يمكن لإسرائيل" لنا مضيفاً: "نريد إستخدام هذا الاختراق لبدء مرحلة جديدة في المنطقة"!!
2ـ المرتكز الآخر الاستراتيجية العدو الذي يقوم عليه المشروع التوراتي الصهيوني في شقه الاقتصادي، هو ربط دول الخليج العربية بشبكة طرق بحرية وبرية وجوية، عبر شق الطرق وشق القنوات المائية وبعد سلك الحديد وربط الموانئ الصهيونية بموانئ تلك الدول، ولقد شرع العدو بتنفيذ تفاصيل هذه الاستراتيجية إنطلاقاً من الإمارات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم الاعلان في 1 أكتوبر 2020 عن اتفاق ثلاثي بين الكيان الصهيوني والإمارات ومعهما الولايات المتحدة بهدف تطوير استراتيجية مشتركة في مجال الطاقة، من بينها المتعلقة بتطوير البنى التحتية، إقامة انبوب "ايلات" جنوب الارض المحتلة على البحر الاحمر وعسقلان، ويهدف الى تحويل خط سير نقل النفط والغاز لدول الخليج العربية الى اسواق الاستهلاك في أوربا من "قناة السويس" الى الاراضي المحتلة!! ويشمل هذا الانبوب خطين أحدهما للنفط والآخر للغاز، ويصل طول المتعلق بنقل الغاز 254 كم وقطره 42 بوصة، يوازيه خط آخر لنقل بقطر 16 بوصة وتصل طاقته التصديرية الى 2/1 مليون برميل يومياً وعسقلان في الاتجاهين!! ما يشكل ذلك ضربة اقتصادية لمصر!! وهناك العشرات من المشاريع المماثلة في هذه المجالات وفي مجالات اخرى مختلفة تم التوقيع عليها، كما مر بنا، بحسب ما ذكره واكده المسؤول الإماراتيون والصهاينة!
كما اعلنت وزارة النقل والمواصلات الصهيونية يوم 18 اكتوبر 2020 ان إسرائيل والإمارات اتفقتا على تسيير 28 رحلة جوية اسبوعياً بين تل أبيب وكل من أبوظبي ودبي!!
وبالعودة الى خط أنابيب النفط المشار اليه، فهو من الخطورة بمكان بحيث ان صحيفة "فورين بوليسي" (السياسة الخارجية) علقت على اهمية بالنسبة الى الكيان الصهيوني في 5 سبتمبر 2020 قائلة "إن خط أنابيب النفط الصحراوي الذي يربط بين ميناء إيلات ومحطة ناقلات النفط بعسقلان والذي كانت إسرائيل تعمل به كمشروع مشترك سري مع ايران قبل الثورة الإيرانية، سيكون المستفيد الرئيسي من الاتفاق الإسرائيلي- الإماراتي وسيجعل إسرائيل تلعب دوراً اكبر بكثير في تجارة الطاقة في المنطقة وسياسات البترول والاعمال الكبيرة واستثمارات النفط"!
3ـ التجارة وجعل السوق الخليجية سوقاً لتصريف المنتجات الزراعية والصناعيى الصهيونية، وهذا ما اشار اليه الصهاينة بكل حماس، لانهم الآن يعانون من تصريف منتجاتهم الى الدول الأوربية، حيث كلفة النقل والتحويل عالية جداً، بالاضافة الى ان هناك منافسة شديدة، لأن المصانع والمزارع الأوربية تنتج ما هو اكثر جودة من المنتجات الصهيونية، فيما توفر السوق الخليجية للعدو إنخفاض كلفة النقل لقرب هذه السوق من الأرض المحتلة وتوفر كل الطرق الجوية والبرية والبحرية لعملية النقل هذا أولاً: وثانياً، لا توجد في هذه السوق منتجات منافسة وثالثاً: ان عملية التسويق تتم بايدي إماراتية وعملية الانتاج تتم باموال إماراتية، كل ما هنا لك يكتب على هذه المنتجات صُنع في الإمارات او انتج في هذا البلد وهذا لا يضر العدو، لأنه الآن يسوق منتجاته الزراعية من الفاكهة والخضار بعد اعادة تعبئها وتغليفها في الأردن، باسماء شركات اردنية وسعودية وما الى ذلك.
وفي هذا الإطار بحيث ان وزير المخابرات الصهيوني "إيلي كوهين" قال لاذاعة "ريشيت بيت الإسرائيلية" أنه "في غضون 3 الى 5 سنوات سيصل حجم التجارة بين إسرائيل والإمارات الى 4 مليارات دولار"!! أما القيادي في حزب اللكيود "أوفير أو كنيوس" فقد أبلغ اذاعة "كان" الرسمية قائلاً "أن وزارته شرعت في عقد لقاءات مع ممثلي الشركات الإسرائيلية المختلفة لبحث فرص الاستثمار في الدول الخليجية"!! وحسب أو كينوس فأن التقديرات الأولية لحجم المردود الاقتصادي السنوي لفتح السوق الإماراتي فقط أمام الشركات "الإسرائيلية" يقدر بـ500 مليون دولار، في المرحلة الأولى! بينما يقدر خبراء صهاينة آخرون هذا المردود بعدة مليارات من الدولارات!!
ذلك الى جانب نشاط شركات السلاح والشركات المتخصصة بصناعة الاجهزة الأمنية، وفي مقالاتنا السابقة تعرضنا الى هذا التعاون بين الطرفين، ونكتفي باشارة رئيس قطاع الاعمال في الكيان الصهيوني "دوبي أميتاي" في تحليل له نشرته صحيفة "كلكيست" الاقتصادية مؤخراً الى ان الصناعات العسكرية الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج منظومات السلاح والتقنيات القتالية سُتمنح الفرصة الأكبر للاندماج في السوق الإماراتي، وضمنها الشركات المتخصصة في انتاج منظومات الدفاع الجوي، تقنيات الفضاء، التحصينات والدفاع، والشركات السيبرانية"!
نستنتج من كل ما سبق إذن، وبعبارة واحدة ان التطبيع الصهيوني مع الإمارات وبقية الدول العربية الخليجية الأخرى رافعة للاقتصاد الصهيوني! وبالتالي تقوية هذا الكيان وتوفير كل امكانات الهيمنة والتمدد والنفوذ في البلدان العربية الخليجية وحتى في المنطقة للأسف!
ارسال التعليق