الخلاف السعودي- الإماراتي...يتفجر ويظهر للعلن..وخيبة جديدة للنظام السعودي!!
[عبد العزيز المكي]
وأخيراً طفح الكيل، وتفجر الخلاف بين السعودية والإمارات، بعد فترة طويلة ظّلا يتستران عليه، ويزعمان أنه مجرد تمنيات وأوهام تخالج أذهان أعداء البلدين، بل إن رجالات الأمارات ومغرديهم صدعوا رؤوسنا بمثل هذه المقولات التي أنكروا فيها هذا الخلاف، الذي تفجر بعد أن بلغ السيل الزبى، في اجتماع أوبك بلاس، الأخير، الذي ضم وزراء نفط دول منظمة أوبك بالإضافة إلى وزير النفط الروسي، فقد أفشلت الأمارات هذا الاجتماع، برفضها الاتفاق الجديد لتحديد حصص الإنتاج اعتباراً من الشهر المقبل، وينص الاتفاق على الاستمرار باتفاق التخفيض السابق، مع زيادة تدريجية بمقدار 400 ألف برميل يومياً، خلال الشهر، ابتداءاً من شهر اغسطس المقبل، لتكون الزيادة حتى ديسمبر مليوني برميل يومياً، غير ان الأمارات رفضت هذا الاتفاق وأصرت على زيادة انتاجها بمقدار 600 ألف برميل يومياً، وهو ما أفشل الاجتماع رغم استمرار المداولات والنقاشات لعدة ايام، الأمر الذي أزعج السعوديين، ودفعهم الى انتقاد الأمارات علناً، اذ صرح وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان آل سعود قائلاً: ان " المقترح السعودي الروسي- الاتفاق الجديد- بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج حظي بقبول الجميع، ما عدا الأمارات، واذا كانت هناك تحفظات لدى أي دولة فلماذا سكتت عنها سابقاً؟". مؤكداً: " ان شيئاً من التنازل وشيئا من العقلانية هما المخلص الحقيقي لنا" منتقداً دولة الأمارات بشكل غير مسبوق!
وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي سارع الى الرد على نظيره السعودي قائلاً:" ان مطلب بلاده هو العدالة والإنصاف، وان بلاده تريد المعاملة بالمثل كبقية الدول، ولا يمكن أن نقبل باستمرار الظلم والتضحية، اكثر مما صبرنا وضعينا".
ولم تتوقف الأمور عند هذه الحدود، إنما سارع النظام السعودي الى اتخاذ خطوات تصعيدية ضد الأمارات مستهدفاً اقتصادها، حيث أوقف السفر الجوي من والى الأمارات، والحق هذا القرار بقرار آخر تمثل بإسقاط الإعفاء الجمركي على بضائع الأمارات ومنتجاتها التي تدخل الى السوق السعودية والتي كانت تتمتع بهذا الإعفاء أسوة بمنتجات بقية دول مجلس التعاون الخليجي...
و على أثر هذا التصعيد، امتد التلاسن بين الطرفين الى وسائل اعلامهما، انتقاداً ونيلاً من مواقف كل منهما للآخر. ففي هذا السياق علق المحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي قائلاً: " ألم تعلن وزارة الصحة الاماراتية مشكورة وبكل شفافية، ان المتحورات الثلاث (ألفا بيتا دلتا) متفشية بالبلاد؟، والكل يعرف ان الوضع عندكم خطير جداً خاصة في دبي". مضيفاً: " عافية شعبنا مقدمة على تعافي سياحتكم" في إشارة الى تبرير القرار السعودي بوقف السفر الى الأمارات. فيما اعتبر عضو مجلس إدارة مؤسسة دبي للإعلام جمال بن حويرب: " ان القرارات التي اتخذتها السعودية بعد الجهود الكبرى التي تقوم بها دولة الأمارات لمكافحة كورونا ومتحوراتها لن نصدق أن سبباً صحياً وراء حظر السفر، بل أسباب أخرى ولابد". أي انه يريد القول ان هذا القرار مسيس. أما الأمين العام لصندوق الزكاة بالأمارات، عبد الله بن عقيدة المهيري، فقد ابدى استغرابه من " تسييس القرارات، وتراهم يتراشقون في الاتهامات وترتفع التوترات بين الشعوب العربية" أما ضاحي خلفان رئيس شرطة دبي السابق فقد غرد عبر تويتر قائلاً: هذا زمن لايعرف الصداقة أو الأخوة، انه زمن المصالح المادية" في اشارة الى ان الامارات تضع مصلحتها فوق مصالح الآخرين، حتى لو كانوا من الأخوة السعوديين! على أي حال، ومثلما أشرنا في بداية هذه السطور، فأن الخلاف النفطي، السعودي الاماراتي، ما هو الّا تجلي للخلاف الممتد بين الطرفين الى زمن نشوء هذه الكيانات الخليجية بواسطة المستعمر البريطاني، أو حتى الى أبعد من ذلك فالبعض من المؤرخين يٌرجع هذا الخلاف الى ما قبل اكثر من 250 سنة!!
و حتى تتضح لنا صورة هذا الخلاف النفطي الأخير، وانعكاساته على" الحلف السعودي الاماراتي" كما على المنطقة الخليجية برمتها، إسمحوا لنا بالعودة الى جذور الخلاف بين النظامين السعودي والإماراتي، وأجندات كل منهما. فمما هو معروف ان مؤسس المملكة السعودية ( عبد العزيز آل سعود) وبعد نجاحه في إخضاع نجد والحجاز وملحقاتهما بواسطة البريطانيين، والتوسع على حساب جغرافيا الآخرين ورمزيتهم القبلية والسياسية.. لم يخف أطماعه في التوسع والتمدد الجغرافي لالتهام المشيخات الخليجية المجاورة، خصوصاً الأمارات وقطر والكويت، وحتى اليمن، ولولا معارضة المستعمر البريطاني يومذاك الذي رسم حدود المملكة السعودية، وباقي المشيخات، لابتلع عبدالعزيز آل سعود تلك المشيخات. غير أنه، وبالرغم من الممانعة البريطانية، ووقوف الحكومة البريطانية بوجه أطماع بن سعود، الّا ان الأخير نجح في قضم أجزاء من تلك المشيخات، كما هو معروف، فقد قضم منطقة الشيبة من الإمارات والتي تضم حقل الشيبة النفطي الذي يضم احتياطي نفطي يقدر بـ10 مليار برميل ويتمتع بطاقة انتاج 500 ألف برميل يومياً، مقابل منح الامارات سبع قرى من وادي بريم الذي هو الآخر منطقة إماراتية تدعي السعودية بعائداتها لها. أما اليمن فقد قضم منه بن سعود ثلاثة محافظات هي عسير وجيزان ونجران تقدر مساحتها، بمساحة لبنان كله!!
في معاهدة جدة 1974 فرض النظام السعودي على الشيخ زايد التنازل عن حقل شيبة والقبول بالاتفاق!! وقبله مرغماً خوفاً من التهديد الذي يمثله النظام السعودي على الامارات!!
ورغم ان الحدود بين هذه الكيانات استقرت على ما هو عليه الآن، الّا ان تلك الاطماع السعودية، والحروب التي خاضها السعوديون، ضد زعماء المشيخات المجاورة طيلة سبعة عقود قبل الاستقرار، ثم استمرار التحرشات السعودية أو التهديد باحتلال هذه المشيخات كلما تفعل الخلاف معها، كل هذه الأمور وغيرها كرست الخوف والتوجس عند زعماء تلك المشيخات من " الأخ السعودي الاكبر" وكرست ثقافة التطلع عندهم للانعتاق من هذه السطوة السعودية واستغلال أية فرصة للاستقواء على النظام السعودي أو محاولة إضعافه والتقليل من خطره عليهم.
أما بالنسبة للنظام السعودي فأن تلك الأطماع وفكرة الاستعلاء على تلك المشيخات شكلت رصيداً أساسياً لسياسته تجاه تلك المشيخات، بحيث انه ينظر الى ان وظيفة هذه المشيخات الصغيرة إطاعة المملكة السعودية، ودعم سياساتها والسير ورائها بدون إعتراض أو نقاش، حتى لو تعارض ذلك مع مصالح تلك المشيخات!
هذه الجذور شكلت ومازالت حتى الآن الأسس والمرتكزات والنظريات التي صُيغت بموجبها العلاقات السعودية مع هذه الأمارات او المشيخات الخليجية، وحتى حينما تأسس مجلس التعاون الخليجي بعيد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، جعلت منه السعودية تكريساً وتعزيزاً للرؤية الانفة، ولذلك سئمت بعض هذه المشيخات من تلك الهيمنة، وتمردت في بعض الأحيان، مثل قطر وحتى الأمارات نفسها، لكنها تُهدد بالحرب والاحتلال، او بالتدخل المباشر والمجئ بشخصيات موالية للنظام السعودي كما حصل في البحرين مثلاً!
و أيضاً في المقابل، فأن المشيخات، أو الامارات، النموذج الذي نتحدث عنه، بنت هي الأخرى سياساتها ومواقفها من " الأخ السعودي الاكبر" إنطلاقاً من تلك الجذور، واذا أردنا أن نشخص بعض الشواخص لهذه السياسة والمواقف، نشير الى مرتكزات التالية:-
1- ان أي تقارب مع النظام السعودي، او اعلان التحالف معه، او التظاهر بوجود علاقات تعاون وأخوية، أو مهادنة أو ما شابه ذلك، كل ذلك لايبنى على التكامل والتعاون الخالص بين الطرفين الذي يعود بالنفع على كليهما، إنما يبنى على ما يلي:
*-مجاراة النظام السعودي وتجنب شروره ريثما تتم الفرصة المناسبة للانعتاق من سطوة هذا النظام، في وثيقة سربتها ويكيليكس في تشرين الثاني 2010 نُقل عن محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي قوله 31/تموز2006 إن " الأمارات وقطر خاضتا حروباً ضد السعوديين، والأمارات وحدها خاضت 57 معركة ضد السعودية خلال الـ 250 سنة الماضية. السعوديون ليسوا أصدقائي الأعزاء وإنما نحتاج لأن نتفاهم معهم فقط".
*-الاستفادة من هذه المهادنة في تقوية الذات لتوفر هذه القوة فيما بعد الاستقلالية والانعتاق من الهيمنة السعودية في وثيقة مرسلة من السفارة الأمريكية في الإمارات، بتاريخ 15/تشرين الاول 2009 ومدونة تحت بند السرية وعدم الصلاحية بالنشر، يتحدث المرسل( غير معروف على وجه الدقة) عن ان الخلفاء الإماراتيين الأصغر سنا يجدون أنفسهم على خلاف متزايد مع ما يعتبرونه القيادة السعودية العجوز، وهم يحاولون الخروج من سطوة جارتهم العملاقة، وبناء هوية إماراتية فريدة، والسعي الى إيجاد فرص قيادية سواء في المنطقة أو في المجتمع الدولي". وهذا ما تجلّى في مشاركة الأمارات في ما يسمى التحالف السعودي الذي قادته السعودية في العدوان على اليمن، فمنذ البداية كانت الأجندة الإماراتية بعيدة أو متعارضة مع تلك الأجندة السعودية، ففيما ركزت الأمارات على احتلال الموانئ والجزر والسواحل البحرية للمدن الجنوبية التي إنسحبت منها القوات اليمنية التابعة لأنصار الله والرئيس علي عبد الله صالح قبل خلافه مع الحوثيين، وأسست جيشاً يمنياً من القوى الجنوبية بمسميات مختلفة " أحزمة أمنية، ومجلس انتقالي" وما الى ذلك، وبعد احكام سيطرتها على أغلب الموانئ اليمنية الجنوبية، كرست الأمارات وجودها العسكري والأمني في أهم الجزر الاستراتيجية اليمنية، مثل سقطري وميون، ولم تقف عند هذا الحد بل وجهت طعنة " للحليف السعودي" بإعلان الانسحاب من الحرب في عام 2019، وهو اعلان صوري فقط الغرض منه عدم مشاركة القوات الإماراتية في المواجهات مع أنصار الله، لأنه كما قال مستشار محمد بن زايد، عبد الخالق عبد الله، تركت الإمارات جيشاً من 90 ألف عسكري من الموالين للإمارات في اليمن، وسبب ذلك وما يزال، احراجاً للنظام السعودي، لان تلك الخطوة صعّبت خروج بن سلمان من مستنقع اليمن من جهة ومن جهة أخرى ضعّفت جبهة العدوان السعودي، ضد أنصار الله، بل أخطر من ذلك، اذ تفجرت الصراعات عبر أدوات الطرفين في المحافظات الجنوبية إلى مواجهات وحروب دامية متقطعة تحصل بين الحين والآخر، فالسعوديون أدركوا ان حليفهم الإماراتي، في الوقت الذي ورطهم وشجعهم على العدوان على اليمن، واستحوذ على حصة الأسد من ناحية تحقيق الأطماع الإماراتية في اليمن كما اشرنا بهدف التوسع والاستقواء على حساب الحليف السعودي، فأنه يسعى- أي هذا الحليف- الى إضعاف النظام السعودي وأدواته من خلال التحرك المباشر أو غير المباشر عبر الأدوات هو الآخر، وبإمكان اي مراقب متابعة الحرب الكلامية والعسكرية بين الحليفين في الساحة اليمنية وكذلك بين أدواتهما يجد أنها كانت مستعرة منذ البداية، ولعل القصف الجوي المتبادل الأدوات كل طرف للطرف الآخر، وقتل المئات من جيوش الأدوات وتسويق ذلك بالأخطاء غير المقصودة او بالنيران الصديقة.. لعل ذلك كان باكورة تجلى هذا الصراع بين الطرفين!
وفيما كان النظام السعودي يخفي معاناته وامتعاضه من تصرفات حليفه الإماراتي في اليمن فأنه اليوم بعد تفجر الصراع بين الطرفين بدأت أوساطه السياسية والإعلامية تصرح بالإشارة إلى الأطماع الإماراتية في اليمن، فاضحة حقيقة أهداف هذا العدوان، فعلى سبيل المثال غرد في 10/تموز2021 رئيس الهيئة العليا الاتحاد الإعلاميين العرب الكاتب السعودي د.خالد السبيعي قائلا: " عندما استجار رئيس اليمن بخادم الحرمين الشريفين تدخلت المملكة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لإنقاذ الشعب اليمني من ايران" وهناك دول طلبت من السعودية التحالف معها في هذه المهمة وهذا شئ عظيم، ولكن الأيام كشفت ان هدف هؤلاء الهيمنة على جنوب اليمن واحتلال موانئه وجزره"!! وكان السياسي السعودي سلمان العقيلي قد سبق وان غرد على تويتر قائلا: " قاعدة جوية غامضة يتم بناؤها في جزيرة ميون اليمنية التي تقع عند باب المندب" تعليقا على ما ذكرته وكالة أسوشيتيدبرس الأمريكية بهذا الخصوص، مضيفاً:" لا غامضة ولا يحزنون! هناك دولة تزعم أنها انسحبت من اليمن، وتقول أنها ليست مسؤولة عن ما يحدث فيه، وتلقي بمسؤولية أفعالها المنتهكة للسيادة اليمنية على الآخرين! هذه كل القصة"
2- التحريض ضد النظام السعودي وراء الكواليس وفي الخفايا، ومحاولة الانتقاص من هذا النظام وتخلفه وخطورة وهابيته وأفكار مدارسه التكفيرية، وخطورتها على المنطقة والعالم، وذلك في المجالس الخاصة مع الأمريكيين والصهاينة وحتى مع الغربيين، وهذا ما كشفته وثائق ويكيليكس! ذلك من أجل تضعيف الدور السعودي، ومن ثم محاولة القفز عليه من خلال هز ثقة الأسياد الاميركان والصهاينة بهذا الدور الذي يعتبره النظام السعودي " حقاً مسلماً له" بحكم كبر دولته وضخامة ثروته النفطية، ويعتبره حكراً له أيضاً يُعاقب من ينافسه عليه من أصدقائه في مجلس التعاون الخليجي!! وفي سياق ما كشفته وثائق ويكيليكس في الإطار المشار إليه كشفت وثيقة تاريخها يعود الى 25 حزيران 2008 ان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد كان يحاول تحريض الأمريكيين ضد نظام الحكم في السعودية وان موقفه من الملك عبد الله بن عبد العزيز بالغ السلبية حيث قال لمسؤول أمريكي انه لا يرى في الأمراء السعوديين الأصغر سناً أي وجوه واعدة، مردفاً: النظام السعودي لا يسمح إلا للفاسدين وأولئك المتحالفين مع شيوخ الدين بالوصول الى القمة وتتحدث وثيقة أخرى عن سخرية محمد بن زايد من ولي العهد السعودي الأسبق نايف بن عبد العزيز خلال لقاءاته بالمسؤولين الأمريكيين، وقذفه بالأوصاف والألقاب المسيئة والمحِطّة للقدر والمكانة، كما أورد ذلك أيضاً في كتاب " الدم والنفط" الذي صدر عام 2020 حيث يقول ولي عهد أبو ظبي لمسؤول أمريكي أيضاً: "90% من الشعب السعودي ينتظر الأمريكيين بعد انتهائهم من العراق ليغير لهم آل سعود" وذلك طبقاً لما نقله موقع عربي بوست في 8/تموز 2021. اذن المبدأ الأساسي للتعاطي الحقيقي لنظام الأمارات مع آل سعود هو محاولة إضعافهم والنيل منهم، خلافاً لما هو ظاهر من تعاطي الود والحميمة في العلاقات، وفي اللقاءات وما شابه ذلك.
3- و لأن الخوف من الأخ الأكبر السعودي، والتوجس أيضاً من استيطان افكار ومشاريع التوسع الجغرافي والسياسي على حساب المشيخات الصغيرة، فأن هذا الأخيرة جعلت من التحالف والاتكاء على قوة أخرى مبدءاً اساسياً من مبادئ سياساتها الخارجية، فكانت قد تحالفت مع المستعمر البريطاني، ثم انتقلت الى التحالف مع المستعمر الأمريكي، وأخيراً عند ما تراجعت الحماية الامريكية لجأت قطر إلى التحالف مع تركيا، بينما الأمارات لجأت الى الكيان الصهيوني، واليوم يشهد التحالف الصهيوني- الإماراتي مراحل متقدمة وخطيرة بدأ النظام السعودي نفسه حليف الصهاينة يستشعر خطورتها، لأن النظام الإماراتي لم يتوقف عند حد التطبيع، ومن الاحتماء بالعدو، ظنا منه ان الاخير يدافع عنه، وحسب، وانما مكن العدو من النفوذ والاستقواء واقامة القواعد في اليمن وفي الأمارات لكي يفرض واقع الوجود والتفوق على النظام السعودي في تلك المواقع الاستراتيجية، وليضمن عدم إقدام النظام السعودي على مهاجمة هذا الوجود، لأنه لا يجرأ على مهاجمة مواقع استحكم فيها العدو الصهيوني!! هذا من جهة ومن جهة أخرى فأن تمكين النظام الإماراتي العدو من الاستحكام واستحداث القواعد العسكرية في تلك المواقع يوفر له فرصة تقوية الدور الذي تلعبه الإمارات إقليميا وعلى حساب الدور السعودي!! وهذا ما يتجلى اليوم بوضوح في اليمن!
4- لم تتوقف مساعي السلطات الإماراتية لأن تكون الإمارات قوة سياسية وعسكرية إقليمية وحسب، وإنما تعدت إلى محاولاتها لأن تكون قوة اقتصادية جاذبة للاستثمارات الخارجية ومحطة اقتصادية تلعب دوراً فاعلاً في الاقتصاد العالمي ولتحقيق ذلك، ذهبت السلطات الإماراتية بعيداً في عقد المعاهدات الاقتصادية والاتفاقات الاقتصادية والتجارية الكثيرة والمتسارعة مع العدو الصهيوني، للقفز نحو الوصول الى الهدف المذكور ظنا منها، اي تلك السلطات الإماراتية، أن ذلك يوصلها بسرعة إلى ذلك الهدف!! وذلك ما أغاض النظام السعودي وسارع الى توجيه الضربات الاقتصادية الأخيرة المتلاحقة للنظام الإماراتي الذي بات من وجهة نظرها لا يعرف حدوده وحجمه، فلا بد من إعادته إلى حجمه الحقيقي!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق