الرسالة التي حملتها السفيرة "ريما" الى قصر اليمامة!!
[حسن العمري]
كشف مصدر في الديوان الملكي أن السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأمريكية "ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود" قدمت على عجالة من أمرها الى العاصمة الرياض قبل يومين تحمل معها رسالة من لجنة كبار مستشاري الرئيس الأمريكي الجديد "جو بايدن" تتضمن شروطاً من إدارة البيت الأبيض الجديدة القادمة بخصوص العلاقات الأمريكية السعودية، وقد أثارت تلك الرسالة غضباً شديداً لدى الملك "سلمان بن عبدالعزيز" وولي عهده "محمد بن سلمان" الذي لا يزال ومنذ بدء الانتخابات الأمريكية يلتزم قصره ولا يكلم أحداً وهو في أشد الغضب والقلق على مصير عرشه المتزلزل من تحت قدميه عما قريب.
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية كشفت النقاب من إن "محمد بن سلمان راهن كثيراً سياسياً ومالياً على إعادة انتخاب ترامب، ووعد معلمه "محمد بن زايد" بالتطبيع وتوقيع اتفاق سلام مع الكيان الإسرائيلي، لكن هذا لن يجديه نفعاً ولم يتمكن من إنقاذ المنقذ وحصوله على فترة رئاسية ثانية".. الرياح بدأت بعاصفة قوية أزالت الراعي "الفيل" من البيت الأبيض وأدخلت "الحمار" الذي لطالما توعد بإعادة النظر في العلاقات الأمريكية السعودية بوجود "المنشار" إلى جانب التعامل الجيد مع إيران وعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي؛ وهو ما يشكل خطر كبير على عرش نجل سلمان.
الرئيس الأمريكي الـ46 لطالما وصف "العهد السلماني" بأنه منبوذ ووعد بالتعامل مع المملكة على هذا الأساس، كما أيد النتائج التي توصلت إليها وكالة المخابرات المركزية بشأن القتل الوحشي للصحفي المعارض "جمال خاشقجي"، التي أشارت أنه كان بأمر من محمد بن سلمان؛ فيما صحيفة "إندبندنت" البريطانية حذرت من رهان نجل سلمان على الدعم الأمريكي مستقبلاً، خاصة فيما يخص خطر الاستيلاء على الأصول السعودية في الولايات المتحدة بموجب قانون "جاستا" الذي أقره الكونغرس مع دخول جو بايدن الخصم الى البيت الأبيض.
مواقع التواصل الاجتماعي في بلاد الحرمين نشرت قبل يومين مقطعا مصورا لأشخاص يترجلون من سيارتهم، ويطلقون النار من أسلحة رشاشة بكثافة قالوا أنه لهجوم مسلح على قصر ولي العهد في الرياض، وذلك بهدف إحداث تغيير في الحكم واعتراضا على سياساته؛ سرعان ما أنكره الرائد خالد الكريديس مساعد المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض قائلا: أنه تم القبض على شخصين ظهرا في المقطع المصور وهما يطلقان الرصاص في الهواء داخل أحد الأحياء وفي الطرق العامة.. فيما أعتبره البعض أنه أول رسالة تحذيرية من الشيف الأمريكي الجديد للرياض.
المراقبون للشأن السعودي رسموا صورة قائمة جداً لمستقبل العلاقات بين واشنطن والرياض ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية الأخيرة ما جعل الوضع في القصور الملكية أكثر قلقاً وترقباً، وأن وعودة بالتوقيع على اتفاقيات جديدة بقيمة عشرات المليارات من الدولارات لشراء أسلحة أمريكية والهرولة دون خجل أو وجل نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يجديه نفعاً مع بلوغ بايدن الرئاسة الأمريكية، ما يعني إعادة تقييم العلاقة بين البلدين إلى جانب انتهاء عهد الحصانة، وفتح سجل حقوق الإنسان داخل المملكة والحرب على اليمن، وكذا الحصار على قطر.
شبكة "بلومبيرغ" الإخبارية وفي تقرير لها بعنوان "كيف وصل محمد بن سلمان الى طريق مسدود في واشنطن" بقلم "بوبي غوش"، كشف النقاب من أن اعتماد ولي العهد السعودي على البيت الأبيض قد جعله عرضة بشدة لأساليب "لَيّ الذراع" الرئاسية على الدوام، فهو لم ولن يتخذ أي خطوة دون إستشارة واشنطن وأبوظبي.. فيما رأى موقع "ديبكا" الاسرائيلي أن حياة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وخططه قد أضحت في خطر كبير، وأن الحملة الكاسحة التي بها "مذبحة الأمراء" تعكس في طياتها وجود معارضة واسعة لسياساته الصبيانية الطائشة على المستويين الداخلي والإقليمي.
الرسالة التي تسلمتها السفيرة ريما من كبار مستشاري بايدن وحملتها الى قصر اليمامة، كانت تحتوي على عدة شروط كانت وضعتها "كالاما هاريس" عضوة مجلس الشيوخ والمدعية العامة في ولاية كاليفورنيا ونائبة الرئيس الأمريكي القادم، تلك التي سلمتها، سنكشف عن بعض تفاصيلها في مقالنا القادم بعد الإطمئنان على صحة ما نقل إلينا من مصدر رفيع في اللجنة المذكورة.. تزامن ذلك مع الحملة الواسعة التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتصريحات سابقة للمرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن، الذي توعد فيها بمحاسبة ابن سلمان، على جرائمه البشعة وخاصة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي وتقطيعه، وكذلك قتل الأطفال والأبرياء في اليمن لتنفيذ مخطط سياسي.
ووعد بايدن بإلغاء ما يعتبره الكثيرون عنصراً أساسياً في سياسة ترامب الخارجية، بدعم "MBS" والحد من غض الطرف عن الأوتوقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان لصالح السياسة الواقعية الفضة.. تلك السياسة التي أسقطت أمريكا مظهرها في دعم الديمقراطية في منطقة يطغى عليها رجال أقوياء مدعومون من الإدارة الأمريكية ونهج رئيسها المخبول باستعارة سلطوية ودعمه القمع ضد النشطاء والمطالبين بحقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي القابعين في سجون الأنظمة الموروثية، ما أزعج حتى أكثر المراقبين تشاؤماً.
طيلة تسعة عقود من تاريخ الدويلة آل سعود الثالثة تقريباً وبلاد الحرمين لم تشهد هذا الكم الهائل من الأحداث المرتبكة والتغيرات الجذرية والطيش السياسي ما قلب المملكة رأساً على عقب منذ تولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، ليثير الجدل في الأوساط السياسية والأمنية حتى لدى الدول الحليفة، ووسائل الإعلام الغربية والأمريكية تطلق عليه تسميات عديدة عليه منها "المتهور" و"الطائش" و"الغبي" و"المنشار"، بسبب سياسته الإجرامية في قمع خصومه بتقطيعهم أو حز رؤوسهم بحد الحرابة، الى جانب الحرب العشوائية الإجرامية على الجار اليمن الفقير المسالم ناهيك عن دعمه المتواصل للجماعات الإرهابية المسلحة التي تعيث الفساد في الأرض والحرث بالمنطقة.
موقع "نيوز ري" الروسي كشف النقاب في تقرير له عن تشكيل حركة معارضة قوية في صفوف أمراء آل سعود ضد ولي عهد سلمان، مشيرة الى فشل الحملات التي شنها لتطهير المعارضين في البلاد بغية تحييد المعارضين بلوغه العرش، مشيرة الى إن مصادر مقربة من القصور الملكية أكدت أن حملات التطهير التي استهدفت المعارضين في المملكة، لم تبلغ المطلوب في تحييد مشاعر رفض لنظام الحكم الحالي في صفوف الأسرة الحاكمة تشبه أجواء الحرب، حيث لا يزال أبناء عمومته يرفضون الاعتراف بشرعيته كولي للعهد، وعزل ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف من موقعه عام 2017 واعتقاله له وكذا عمه الأمير أحمد بن عبدالعزيز وآخرين مما زاد الطين بلة وتفاقمت الأزمة أكثر فأكثر.
المتابعون للشأن السعودي يؤكدون أن قوى المعارضة داخل فروع عائلة آل سعود لا تزال موجودة وبدأت منذ عامين بإجراء اتصالات مع الحلفاء الغربيين خاصة داخل الإدارة الأمريكية لعزل "المنشار" ووالده المصاب بالزهايمر العضال والإتيان بخصية ذو حكمة وحنكة لإنقاذ عرش آل سعود من ورطة الزوال حيث من المرجح أن يتم الأمر إلى الأمير أحمد بن عبدالعزيز وفق المعطيات والمؤشرات التي بدأت منذ عشرة أشهر تظهر على الحلقة الأولى المقربة من الرئيس الأمريكية المنتخب جو بايدن.
"سأجعل بن سلمان يندم على ما فعله على اغتيال الصحافي جمال خاشقجي وتقطيعه، وكذلك قتل الأطفال والأبرياء في اليمن، و..." ـ من بيانٍ لجو بايدن في أكتوبر الماضي.
ارسال التعليق